آخر تطورات أزمة معاشات العاملين فى ماسبيرو
بعد أن أفنى أصحاب المعاشات 36 عامًا من عمرهم فى التليفزيون المصري، لم تصرف الهيئة الوطنية للإعلام، مستحقاتهم من رصيد الإجازات ومكافأة نهاية الخدمة منذ أكتوبر 2018 وحتى الآن، الأمر الذى أثر على ظروفهم المعيشية خاصة، وإن منهم من يعاني أمراض مزمنة وسرطانية وأبناء فى مراحل تعليم ومستقبلهم مهدد لعدم قدرتهم على دفع مصاريف الدراسة.
هكذا عبر العاملون فى ماسبيرو، عن معاناتهم مع الهيئة الوطنية للإعلام منذ وصولهم لسن التقاعد، الأمر الذى دفع بعضهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمس الأربعاء 10 نوفمبر 2021 داخل مبنى الهيئة الوطنية، للمطالبة بالحصول على مستحقاتهم المالية المتأخرة منذ عام 2018، مرددين هتافات متعددة منها:” عايزين حقوق… حقنا فين يا حسين يا زين”، (شاهد جانب من الوقفة)
لم تكن هذه هى الوقفة الاحتجاجية الأولى لأصحاب أزمة المعاشات فى ماسبيرو، فقد نظموا عدة وقفات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم فى أوقات متفرقة من العام الحالي، منها وقفة كانت منذ أسبوعين، ووقفة ثالثة في شهر يوليو الماضي، و رابعة فى شهر يونيو الماضي.
المرصد المصري للصحافة والإعلام تواصل مع 6 موظفين من أصحاب المعاشات فى ماسبيرو، بعد الوقفة الاحتجاجية الأخيرة للحديث عن أزمتهم، ونظرًا لتشابه الكلام يكتفي المرصد بذكر تصريحات 3 موظفين في هذا التقرير.
وأكد موظفو الهيئة الذين شاركوا فى الوقفة، أنهم لم يسيئوا إلى أحد من قيادات الهيئة الوطنية، ولم يقوموا بأي أعمال تخريبية خلال وقفتهم أمس الأربعاء، وإنما هتفوا فقط للمطالبة بالحصول على مستحقاتهم المالية المتأخرة منذ عام 2018، موضحين أن لديهم التزامات كثيرة، وتأخر الحصول على هذه المستحقات يسبب لهم أزمات كبيرة في حياتهم المعيشية، لذا فقد طالب الجميع بتدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيًا لحل أزمتهم الذى يعجز حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام ووزير المالية محمد معيط عن حلها (شاهد جانب من الوقفة)
أصحاب المعاشات يصرخون
البداية مع الأستاذة منال أبو زيد، إحدي الموظفات المحالين لسن التقاعد، حيث قالت للمرصد المصري: “المحالين على المعاش فى ماسبيرو وأنا واحدة منهم لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية من عام 2018 ، المتمثلة فى مكافأة نهاية الخدمة ورصيد الإجازات و فروق العلاوات التي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2017 “.
وعن المعوقات التى تمنع المسئولين فى الهيئة الوطنية من صرف مستحقاتهم المالية، قالت منال أبو زيد :”مفيش فلوس.. وزارة المالية كانت تمول نهاية الخدمة حتى أكتوبر 2018.. بعدها تولى ماسبيرو عملية التمويل من صندوق تأميني مقابل خصم نسبة 9.5 %.. ومسئولي الهيئة الوطنية قالوا لنا إن أموال ما بعد 2018 موجودة، لكن لابد أن تنتهي وزارة المالية أولا من دفع مستحقات الشهور الأخيرة من 2018 أولًا.. و وزير المالية مش عايز يمولهم لازم حد يضغط عليه”.
وأضافت: “المهم كل اللي باقي في سنة 2018 حوالي شهر ونص ونخلص منها ونشوف الصندوق التأميني ده هيصرف لنا ولا ﻷ.. “، وكشفت منال فى الوقت ذاته عن وجود محسوبية ووساطة داخل الهيئة فى عملية صرف المستحقات قائلة :”حتى رصيد الاجازات مش بيصرفوها إلا للحبايب .. أنا على سبيل المثال خرجت معاش فى أبريل 2020 ونائب رئيس القطاع الاقتصادي خرج بعدي في ديسمبر 2020 صرف رصيد الإجازات.. بيعملوا استثناءات على مزاجهم”.
وطالبت منال بتدخل الرئيس السيسي فى حل الأزمة قائلة: ” لو الرئيس السيسي جاب واحد عسكرى للمبنى ده.. الدنيا هتمشي حلو.. كان عندنا اللواء طارق المهدى وعمل إصلاحات كويسة جدا.. والعاملين كلهم كانوا بيحبوه.. لكن للأسف القيادات حاربته لأنه وقف لهم.. ياريته يرجع تاني.. ﻷن الناس تعبانة و المعاش لا يكفي أساسيات الحياة.. الناس عايزة تعيش بس.. والله عندنا حالات كتيرة صعبة وأغلب اللي معانا ماسكين عكاكيز ومنتظرين ياخدوا مستحقاتهم تسند مع المعاش.. وناس ولادهم لسه في التعليم محتاجين فلوس.. وفيه ناس عاوزة تزوج أولادها مش معاها فلوس وناس تانية عاوزة تعمل عمليات جراحية قلب مفتوح ومش لاقية فلوس”.
وأشارت منال أبوزيد إلى عدم قيامهم بتنظيم وقفة احتجاجية اليوم الخميس، موضحة أن أصحاب المعاشات يجتمعون يوم الأحد المقبل لعمل مذكرة تتضمن مقترحات لحل الأزمة، و يقدموها إلى حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام”.
وافقها الرأي الأستاذ رفعت طه، الذى أشار إلى أن الهيئة لم تصرف حتى الآن مستحقات الموظفين الذين تقاعدوا في نوفمبر 2018، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن المكافأة كانت تسد مع المعاش الهزيل الذى يتراوح ما بين 1500 إلى 2000 جنيه
وقال رفعت طه :” منذ أن تحولت من وزارة أعلام الى هيئه وطنيه أصبح التمويل المالى ذاتى من الهيئة.. والهيئة انخفض الدخل المالى لها نتيجه قيادات لم تحسن إدارة التليفزيون المصري إلى أن أصبح عبئًا على الدولة.. وعندما نطالب بحقوقنا.. يقول رئيس الهيئة عندما يتوفر التمويل اللازم للصرف”
وتتمثل المستحقات وفقا لقول رفعت طه كالتالي:
- مكافأة نهاية الخدمة وهي 150 شهر على آخر أساسى
- الإجازات الوجوبية (الإجازات مرفوع بها قضية وحصلنا حكم بالصرف ولم ينفذ)
- علاوات لم تصرف أثناء الخدمة
فى السياق ذاته قال الأستاذ جمال منير : ” أنا طالع معاش 11 نوفمبر 2019، وحتى الآن لم احصل علي مكافأة نهاية الخدمة، وآخر من حصل عليها كان يوم 18 نوفمبر 2018.. بمعنى أن الذين لم يحصلوا على المكافأة حتى الآن هم من خرجوا فى نوفمبر وديسمبر 2018، وجميع من خرج فى سنوات 2019 ، و2020، و2021… هل هذا يرضي المولى عز وجل.. هل يعقل بعد أن قضينا في ماسبيرو 35 عاما من العمل والاجتهاد يتم منعنا من دخول المبنى؟!.. نحن نطالب بحقوقنا ولا نتسول من أحد ولن نركع لأحد سوي المولي عز وجل وسنظل نطالب بحقوقنا المهدرة حتى يأذن الله بأمر كان مفعولا
وأشار جمال منير إلى عدم وجود مقابلات بين الموظفين المحالين لسن التقاعد والمسئولين فى الهيئة الوطنية قائلا: “لا تتم مقابلات وإن تمت تكون كلام فضلك مجالس”.
موقف الهيئة الوطنية
وكانت الهيئة الوطنية للإعلام، أصدرت بيانًا فى شهر يونيو 2021، كشفت فيه بعض تفاصيل أزمة مستحقات أصحاب المعاشات بالهيئة، وأشارت الهيئة فى بيانها المنشور فى “بوابة الأهرام“، إلى أنها لا تألوا بجهد لتحقيق مطالب العاملين وتحترم وتقدر جميع العاملين بها ولم يتم إغلاق أبواب أمامهم”.
وأوضح بيان الهيئة، أنه لا يوجد صندوق لنهاية الخدمة أو اشتراكات تدفع قبل ١ / ١ / ٢٠١٩ ، لذلك ظهرت المشكلة وهو ما تم حلها من قبل الهيئة الوطنية للإعلام بإنشاء الصندوق التأميني للعاملين، وبعد دراسة من خلال خبير أكتوارى كان نتيجتها أن الصندوق سيمنح شهرا واحدا فقط للعاملين عن كل سنة اشتراك بالصندوق بداية من ١ / ١ / ٢٠١٩ مكافأة نهاية الخدمة وهو أقل بكثير جدا عن المستحقات السابقة وهو ما رفضته الوطنية للإعلام وقامت بتدبير مبالغ مالية من مواردها الذاتية لكى يصرف العاملون المحالون على المعاش مستحقاتهم كاملة”.
وذكرت الهيئة فى بيانها أن ما تم سداده من مستحقات نهاية الخدمة عن عام ٢٠١٧ هو ١٣٥ مليون جنيه ، وما تم صرفه حتى ١٧ أكتوبر ٢٠١٨ مبلغ ١٢٧ مليون جنيه بإجمالي ٢٦٢ مليون جنيه متراكمات سابقة قبل قرار إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام، وأن مخصصات الوطنية للإعلام بدون بنود إضافية للصرف علي مكافأة نهاية الخدمة ومقابل الإجازات الوجوبية أو الصادرة بحكم قضائي، أو للصرف على الترقيات والتسويات وتنفيذ ذلك يحتاج إلي تمويل مالي من وزارة المالية والتي تطالب به الهيئة الوطنية للإعلام لمواجهة العجز والصرف على مختلف البنود، وأيضا العلاوات التي تم صرفها حتى الآن ما تقارب ٧٤٤ مليون جنيه من موارد الهيئة وما يتم صرفه من مبالغ مالية على تحديث الأجهزة بعدد من الاستوديوهات وتحديث مراكز البث والإرسال بمختلف المحافظات وتكاليف نقل وبث مختلف الأحداث المهمة والمؤتمرات والخدمة الإعلامية المؤداة لمختلف وزارات وهيئات الدولة.
وفى يوم الثلاثاء الماضي 9 نوفمبر، نشر موقع “المصري اليوم“، خبرًا أشار فيها إلى حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، عقد اجتماعًا مع مجلس إدارة الصندوق التأميني للعاملين بالهيئة المنوط به صرف مستحقات نهاية الخدمة، والذي تم إشهاره في أول يناير 2019، للوقوف على كيفية الصرف ومتابعة عمل الصندوق، ومناقشة حلول سريعة وعاجلة لصرف مستحقات العاملين المحالين على المعاش.
وطلب رئيس الهيئة من مجلس إدارة الصندوق التأميني التواصل مع كل الأعضاء وعدد من المشتركين لعقد جمعية عمومية للصندوق للتوصل لحلول عاجلة لإنهاء معاناة الزملاء من تأخر صرف مستحقات نهاية الخدمة، كما طلب في الاجتماع من رئيس القطاع الاقتصادى العمل على سرعة تدبير الموارد المالية اللازمة لصرف المستحقات للمتبقي من عام 2018.
وفى نهاية الاجتماع، أكد زين على أعضاء المجلس سرعة تقديم الحلول المناسبة على أن يتم عقد لقاء يوم الأحد القادم لمتابعة الإجراءات التي اتخذها الصندوق في سبيل حل أزمة تأخر صرف مستحقات نهاية الخدمة للمحالين على المعاش.
وبدور، حاول المرصد المصري للصحافة والإعلام، التواصل مع اثنين من قيادات الهيئة الوطنية للإعلام، للتعرف على مقترحات وأفكار تنمية موارد الصندوق التأميني، التي تمت مناقشتها فى اجتماع رئيس الهيئة الأخير، والتي ستمكنهم من سداد المستحقات كاملة، إلا أنهم لم يردوا على اتصالات المرصد.