أحمد عاطف رمضان.. صحفي لا يهدأ

بطل الأسبوع الحالي، صحفي متمرس.. مزعج.. لا يهدأ..  لا يعرف الخوف.. ولا يبالي بالتهديدات.. لا تشبعه صحافة الأخبار.. يحب التفاصيل المهمَلة، ويتمتع بحاسة استقصائية لا مثيل لها.. يسابق الوقت ويزهد فى النوم لكي يحصل على معلومة تقوده إلى الحقيقة.. ينتهج الكثير من شباب الصحفيين في مصر نهجه في الاستقصاء وتتبع القصص المسكوت عنها وكشفها.. فتعالوا بنا نتعرف على السيرة الذاتية للكاتب الصحفي أحمد عاطف رمضان.

 

وُلد أحمد عاطف رمضان يوم 25 ديسمبر 1989 فى قرية ريفية تتبع مدينة بنها بمحافظة القليوبية اسمها “كفر سندنهور”، تطل على طريق مصر -إسكندرية الزراعي، بعد اتمام مرحلة الثانوية العامة التحق بكلية الأداب جامعة بنها، وحصل على ليسانس آداب قسم صحافة، وفى مرحلة لاحقة فى مسيرته المهنية حصل على دبلوم فى صحافة البيانات والسرد القصصي الرقمي.

 

بداية المسيرة 

دخل عالم الصحافة خلال فترة دراسته الجامعية من السنة الأولى تقريباً فى 2007- 2008، وكانت البداية فى صحف محلية مثل جريدة “القليوبية إلى جانب صحف محلية أخرى، وكان أحمد يدرس ويعمل ويتدرب فى نفس الوقت، وفى السنوات الأخيرة من دراسته الجامعية بدأ يعمل كمراسل لبعض الصحف بمحافظة القليوبية، بالتزامن من وجوده فى القاهرة التى انتقل إليها للحصول على تدريب مكثف فى وكالة أنباء الشرق الأوسط.

 

تزامنت البداية الفعلية لأحمد عاطف رمضان، في مهنة البحث عن المتاعب مع اندلاع ثورة 25 يناير 2011، حيث عمل فى الموقع الالكتروني لـ”راديو حريتنا”، فى كتابة التقارير الميدانية والتغطيات، ثم انتقل إلى بوابة الوفد الإلكترونية، وتخصص في كتابة التقارير والمتابعات الميدانية، إضافة إلى تغطية أخبار عدد من النقابات كنقابة المحامين والصيادلة والصحفيين، وخلال هذه الفترة أنتج حوارات مع عدد من النقباء، الأمر الذى ساعده فى تكوين شبكة كبيرة من المصادر الميدانية والنقابية.

 

بعد الوفد انتقل بطلنا إلى جريدة “الصباح” عام 2012، خلال فترة رئاسة تحرير الكاتب الصحفي وائل الإبراشي لها، وعمل فى قسم التحقيقات، وكانت أولى المهام التى أوكلت إليه فى “الصباح”، هى تغطية انتخابات مجلس الشعب المصري 2011-2012 التي فازت فيها جماعة الإخوان والتيار الإسلامي بأغلبية مقاعد المجلس، وخلال الانتخابات كشف أحمد عاطف في تقريره الأول بالجريدة الذى حمل عنوان “محرر الصباح يقضي ساعتين داخل أتوبيس الإخوان لحشد الناخبين للجان الاقتراع”، تخصيص الجماعة أتوبيسات للمواطنين لنقلهم من بيوتهم إلى مقرات الاقتراع، وتوجيههم إلى اختيار النائب التابع لهم، وقد أحدث هذا التقرير صدى كبيرًا بعد أن عرضه الإبراشي فى برنامجه الذى كان يقدمه على قناة “دريم”، الأمر الذى ساهم فى ظهور اسم أحمد عاطف وشهرته بين أبناء المهنة.

 

خلال تواجده كمحقق صحفي فى “الصباح”، انتج رمضان العديد من التحقيقات المعمقة، التي كانت بداية طريقه في مجال التحقيقات الاستقصائية، وشارك مع زميله محمد سليمان، فى إعداد سلسلة تحقيقات صحفية بعنوان “العائدون من الموت”، كانت عبارة عن حوارات بشكل غير مألوف يمكن تسميتها بكتابة المذكرات لأمراء التنظيمات الجهادية الذين ذهبوا إلى الجحيم بإرادتهم أو هرباً من الوضع الأمنى الذى شهدته مصر خلال عهد مبارك، وعادوا ليرووا تجربة عودتهم من الموت فى ساحات المعارك خارج الحدود وداخلها.

 

 وفي مرحلة لاحقة حول أحمد عاطف، نصيبه فيما كتبه من حلقات إلى كتاب. بعدها سلك درب التحقيقات الاستقصائية بأول تحقيق له عام 2014، وكان عنوانه “الموت يسكن علب دواء المصريين”، وترشح حينها لجائزة الصحافة العربية (دبي) فئة التحقيقات الاستقصائية، بعدها لم يخرج من دائرة التحقيقات الاستقصائية لحبه لها، إلى الآن، وانتج منها -حتى وقت كتابة هذا الموضوع- أكثر 10 تحقيقات استقصائية بأشكالها المختلفة التلفزيونية والمكتوبة، وتتبع المال والسلاح، وكذلك المعتمدة على صحافة البيانات، تلك التحقيقات العشر كل منهم كان يستغرق سنوات في إنتاجه لذلك يعتبرهم رصيده فى الدنيا.

اختار رمضان صحافة التحقيقات عامة والاستقصائية خاصة، ﻷن هذا النوع من الصحافة يصنع تغييرا فى حياة الناس، يصيب كبد الحقيقة بالأدلة التى لا يمكن دحضها، ولأن الصحفي فى التحقيقات لا تنتظر من يعطيه الأدلة ، وإنما يصنعها وينقب عنها ويكشفها ويواجه المسئولين بها.

 

محطاته المهنية 

تقلد أحمد عاطف رمضان، منصب رئيس الوحدة الاستقصائية فى “الصباح”، ثم رئيساً لقسم التحقيقات، ثم مساعداً لرئيس التحرير، بالإضافة إلى هذا، عمل كصحفي تحقيقات بالعديد من المواقع المصرية والعربية، على رأسها مبتدا ومحيط والعين الإخبارية، وكذلك مراسلاً لبعض الصحف العربية والأجنبية الشهيرة فى القاهرة على رأسها “الاتحاد” و”بلومبرج”، إضافة لعمله معداً فى العديد من البرامج التلفزيونية الخاصة بالصحافة الإنسانية والتحقيقات كقناة المحور و ten والحياة وسات 7، كما عمل مسئولاً ومديراً للتحرير لموقع “أمان” المتخصص فى جماعات الإسلام السياسي ومكافحة الإرهاب بجريدة الدستور، وكانت تجربة مهمة وممتعة له لأنه كان يتعامل مع الموضوعات بمنطق التحقيقات.

على خط النار 

عمل بطلنا كمراسل حربي وخاض تجربة العمر، عندما قام بتغطية بعض حملات “العملية الشاملة سيناء 2018 ” وهى العملية العسكرية التى قام بها الجيش المصري للقضاء على الجماعات التكفيريه في شمال سيناء، وخلال تجربته تعايش رمضان، مع قوات الصاعقة وكان يتناول الطعام الذي يتناولونه، وينام إلى جوار الجنود على سرائر استشهد أصحابها وأصبحت فارغة، حضر المداهمات، ويوميات الجنود والضباط على قمم الجبال فى وسط سيناء، وفى الكمائن الحدودية، وركز على العنصر الإنساني والمشاعر لدى المقاتلين في مواجهة من يكفرونهم. 

 

سافر أحمد شمال سيناء العديد من المرات، وكتب عن عودة الحياة فيها، وقام بتغطية الكثير من المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة، وشاهد كيف تتعامل الجيوش الأخرى مع الجيش المصري باحترام شديد للعسكرية المصرية، وأخر تلك التغطيات كانت بمعرض السلاح “ايديكس”، وكتب قصة كبيرة،  عنوانها “رحلة الى ايديكس.. هل حقاً يصنع السلاح سلاماً؟.

 

 تجربة الدستور

أما التجربة الأهم فى مسيرة أحمد عاطف الصحفية، فكانت عام 2018، بتأسيس قسم التحقيقات بجريدة الدستور، وفى هذه التجربة حاول لأول مرة تغيير شكل إدارة وعمل أقسام التحقيقات فى الصحافة المصرية عبر العمل كفريق على تحقيق واحد، أطلق عليه اسم (فريق سهم)، انتج هذا الفريق تحقيقات كبيرة ومؤثرة، بلغت في أول عامين نحو 18 تحقيقاً استقصائياً، فاز بعضهم بجوائز محلية ودولية، منهم على سبيل المثال لا الحصر، تحقيق “العالم السري لاستئصال قرنية الموتى”، و تحقيق”تجارة بطاقات الرقم القومي”، اللذين أحدثا تأثيرًا كبيرًا، وتطرقت إليهما صحف وقنوات إعلامية.

 

الآن يعمل أحمد عاطف، مديراً للتحرير بجريدة الدستور، ويشرف على أقسام التحقيقات والتقارير والمتابعات باعتبارها تقدم صحافة نوعية، كما يعمل محررًا عسكريًا ومراسلًا حربيًا، إضافة لإشرافه على النشرات البريدية في الجريدة.

 

شخصيات أثرت فيه

خلال مسيرته الصحفية تعامل وقابل أحمد عاطف رمضان، العديد من الشخصيات التى أثرت فيه على المستوى المهني وحببته فى الصحافة، أبرزهم الصحفي المخضرم وولتر “روبي” روبنسون رئيس الفريق الصحفي الاستقصائي المعروف ب “سبوت لايت”، أو “تحت دائرة الضوء” في صحيفة بوسطن غلوب الذي فضح تحرش كهنة الكنيسة الكاثوليكية بالأطفال في أبرشية بوسطن، والذي تحولت قصته إلى فيلم سينمائي حمل اسم “سبوت لايت” وفاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم. وتأثر أيضًا بالصحفي سيمور هيرش، رائد الاستقصاء الأمريكي في الشرق الأوسط خلال حرب الخليج الأولى. والكاتب الصحفي الراحل  ياسر رزق، والصحفي الراحل محمد أبوالغيط و الصحفي أحمد الدريني.

 

رادار نيوزليتر

في 25 أبريل 2022، أطلق أحمد عاطف، “رادار نيوزليتر”، لتكون أول نشرة بريدية للتحقق من صحة المحتوى الإعلامي فى مصر والمنطقة العربية، بهدف مساعدة الصحفيين والمدونين في الوصول إلى وسائل وأدوات التحقق من البيانات، وتزويدهم بأهم المقالات، والأبحاث، والشخصيات البارزة في هذا المجال بشكل شهري ومجاني.

 

التدريب وصقل المهارات

وخلال مشواره المهني سعى أحمد رمضان، إلى صقل مهاراته وتحسين أدائه، عبر التدريب المستمر لمواكبة التطور المتسارع الذي فرضه العالم الرقمي، حتى يؤدي واجبه المهني الذي أقسم باحترامه على أكمل وجه، ففي العام الماضي حصل على دبلوم صحافة البيانات بمنحة من المركز الدولي للصحفيين وأريج، ويدرس الآن داخل “مركز توجيه المبادرات الاعلامية” بالمركز الدولي للصحفيين بعدما تم اختيار مشروعه “رادار نيوزليتر” كأول نشرة بريدية للتحقق من المحتوى ومواجهة الخلل المعلوماتي فى مصر والمنطقة العربية.

 

كما حصل على تدريب مكثف فى صحافة الحلول البيئية وتتبع “سلاسل الإمداد” المدمرة للغابات من معهد ستوكهولم للبيئة، وقبلها تدرب على الـ fact-checking لكيفية التحقق من المعلومات عبر المصادر المفتوحة، وكشف الفبركات والتضليل فى الصور والفيديو من “دويتش فيله” و” Bellingcat” وعدد من المؤسسات الدولية.

 

وحصل على تدريبات كذلك فى صحافة الاستقصاء بأنواعها “تتبع المال والشركات” المعروفة الآن بصحافة التسريبات (leaks)، كتسريبات بنما، وسويس ليكس وغيرها، وانتج تحقيقاً مشتركاً هو وزميله الصحفي أحمد الشامي الذي يعمل الآن مسئولا عن التحقيقات فى “بي بي سي”، نُشر فى 4 منصات محلية ودولية تحت عنوان “العقل المدبر.. قضية فساد شغلت مصر”، ضمن تسريبات بنوك سويسرا لرجال مبارك. وتدرب أيضاً على التغطيات العسكرية، وإجراءات الأمن والسلامة العامة في المناطق الخطرة، إضافة لصحافة الموبايل و الديجيتال ميديا، وتغطية قضايا اللاجئين والتعامل مع ضحايا العنف.

 

 جوائز صحفية 

خلال مسيرته المهنية حصل أحمد عاطف على العديد من الجوائز الصحفية الدولية والمحلية، أبرزها جائزة الصحافة العربية (دبي) 2020، وجائزة الصحافة المصرية 2018 من نقابة الصحفيين عن جائزة الشهيد لأفضل تغطية عسكرية فى مصر عن العملية الشاملة فى سيناء بعد معايشة مع القوات المسلحة لأسبوعين فى سيناء، وجائزة”صبري غنيم” للصحافة الانسانية من نقابة الصحفيين 2021، والجائزة الأولى عن التحقيقات الاستقصائية بنقابة الصحفيين فى مصر 2017، وجائزة الصحافة والإعلام وقضايا تعليم الكبار عن تحقيق “نحو الأمية”، وجائزة “هنا صوتك” لمكافحة الفساد عن تحقيق “مافيا تأمينات حوادث الطرق تأكل حقوق الضحايا”، وجائزة خاصة من شبكة أريج للتحقيقات الاستقصائية، وتم اختياره ضمن قائمة تضم 12 صحفيًا حول العالم فى مسابقة أفضل صحفى شاب فى العالم تحت سن 30 سنة بمؤسسة تومسون فاوندشن 2016 عن 3 تحقيقات استقصائية .

 

ورغم حصوله على نحو 10 جوائز دولية ومحلية، إلا أنه يرى أن الجوائز لا تصنع صحفياً ولكنها تدله إلى أين يقف ممن حوله فى المهنة، وأسعد لحظات حياته عندما ينافسه زملائه -ممن دربهم فى أقسام التحقيقات- فى مسابقات جوائز الصحافة المصرية وبعض الجوائز العربية، فهذه المنافسة من وجهة نظره متعة ما بعدها متعة، تشعره أنه ترك أثراً طيبيا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى