أسامة عبدالنبي.. مصور يمتلك عدسة مبدع وعين صقر

المصور الرياضي أسامة عبد النبي، ليس مجرد مصور صحفي “صف أول”، ولكنه فنان يمتلك عدسة مبدع وعين صقر، اختار أصعب أنواع التصوير، وراح يسجل المشاعر الحقيقية المفعمة بالحيوية كروح الفريق، والنضال التنافسي، ومرارة الهزيمة، وفرحة الانتصار.. لتصبح صوره الرياضية أمثلة حية لأقوى المشاعر الإنسانية، وعلامة فارقة في خريطة عمالقة التصوير الصحفي في مصر.

التصوير الرياضي من أصعب أنواع التصوير، ﻷنه يعتمد على الأهداف السريعة والحركة، لذا فإن المصور الرياضي يكون أمام امتحان صعب قبل أن يحصل على صور رياضية احترافية. فكل رياضة تختلف عن غيرها، لهذا يجب على المصور الممارس لهذا النوع من التصوير أن يفهم حركات الرياضة التى يقوم بتصويرها ليستطيع توقع القادم، وبالطبع يتمتع عبد النبي بالموهبة التي تمكنه من القيام بعمله على أكمل وجه، فهو دائما يبحث عن الحركات والانتقالات التى تبدو أكثر ديناميكية وإثارة للاهتمام من غيرها فى كل حدث رياضي يقوم بتغطيته.

دور حسام دياب فى حياته
وُلد أسامة عبدالنبي محمد، بمحافظة القاهرة، يوم 22 فبراير 1968، وبعد حصوله على الثانوية العامة التحق بقسم التنمية الاجتماعية بكلية الآداب جامعة عين شمس، وبعد أربع سنوات حصل على درجة الليسانس، بعدها قام بأداء الخدمة العسكرية، وقبل أن يحترف مهنة التصوير عمل فى معمل شهير بمنطقة المهندسين لطباعة الصور وتكبيرها، واستمر فيه 4 سنوات تعرف خلال هذه الفترة على معظم المصورين الصحفيين فى مصر، وعلى رأسهم حسام دياب الذي يمثل علامة بارزة فى حياة عبدالنبي المهنية والخاصة، وتربطهما علاقة صداقة منذ أكثر من 30 عامًا.

تعلم عبدالنبي التصوير من حسام دياب، حيث حوله من مجرد فني معمل ألوان إلى مصور صحفي، وأخذه معه بمجلة الأهرام الرياضي فى فبراير 1996، وعندما تولى دياب رئاسة قسم التصوير بجريدة المصري اليوم عام 2004 عمل معه عبدالنبي حتى عام 2015، وكان نائبًا لرئيس القسم.

عمل أسامة عبد النبي فى العديد من المؤسسات الصحفية، بداية من الأهرام الرياضي مرورًا بجريدة الرياض السعودية مكتب القاهرة، ثم الدستور، وجريدة الجيل مع محمد عبد القدوس، والمصري اليوم، ومجلة زد الكويتية، ومجلة كلمتنا ، وحاليا يعمل فى موقع “يلا كورة” مع حسام دياب.

يحب أسامة عبدالنبي التصوير الرياضي، لعدة أسباب، أولها: حبه للرياضة بصفة عامة و ممارسته لرياضة كرة القدم والتايكواندو فى الماضي، ثانيها: أن هذا النوع من التصوير كله حركه وآثاره وتجميد الحركة يحتاج تكنيك معين في التصوير وهو من الأشخاص التى تجيد تجميد الحركة، إضافة إلي أنه مجال غير تقليدي ويجعله يسافر إلي بلاد كثيرة لتغطية فعاليات عدة.

أبرز أحداث رياضية صورها
شارك عبدالنبي، فى تغطية العديد من الأحداث الرياضية الهامة داخل مصر وخارجها، منها على سبيل المثال لا الحصر؛ نهائي كأس أفريقيا للأندية أبطال الدوري بمسماه القديم الذي أقيم في الكاميرون عام 2000، ووقتها توج الزمالك بالبطولة، كما غطى كأس العالم للأندية مرتين مع الأهلى المرة الأولى فى اليابان والثانية فى المغرب، وكأس العالم فى روسيا، وبطولة كأس الأمم الأفريقية 2006 و2019، و نهائي الكونفدرالية عام 2014، ووقتها التقط صورة رائعة للاعب عماد متعب بعد الهدف الذي سجله فى الثواني الأخيرة، و نهائي الكونفدرالية مع الزمالك عام 2019 فى استاد برج العرب، كما كلفته جريدة المصري اليوم عام 2010 بتغطية المباراة الودية التى جمعت بين المنتخب الإنجليزي والمنتخب المصري على أرض ملعب ويمبلي بلندن، وانتهت بفوز إنجلترا بثلاثة أهداف لهدف واحد، إلى جانب هذا قام بتغطية دورة الألعاب الأفريقية بالجزائر عام 2007.

موقف صعب
على مدار حياته المهنية مر أسامة عبدالنبي، بالعديد من المواقف الخطيرة، إلا أن أصعبها على الإطلاق من وجهة نظره، ما حدث له فى أواخر أبريل 2012، عندما التقى النادي الأهلى مع نظيره الملعب المالي في إطار بطولة دوري أبطال أفريقيا، بالعاصمة المالية باماكو، وفى اليوم التالى وقع انقلابًا عسكريًا هناك، واُحتجزت بعثة الأهلي والوفد الإعلامي المرافق لها لعدة أيام، وكان عبدالنبي أحد أفراد الوفد الإعلامي إلى أن تدخل المشير حسين طنطاوي، القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة آنذاك، وأصدر توجيهاته بإقلاع طائرة عسكرية من طراز «سي 130»، إلى جمهورية مالي لنقل بعثة النادي الأهلى والوفد الإعلامي المرافق للبعثة إلى مصر.

وعن هذه الواقعة يقول أسامة عبدالنبي، للمرصد المصري للصحافة والإعلام:”كُلفت من الأهرام الرياضي عام 2012 بالسفر مع بعثة النادي الأهلى لتغطية مباراته الحاسمة مع نادي الملعب المالي فى دور الثمانية من دوري أبطال أفريقيا، وفي يوم المباراة حدثت عاصفة ترابية حجبت الرؤية تماما، وهُزم الأهلى فى الوقت بدل الضائع، وبعد المباراة تعذر إقلاع الطائرة بسبب سوء الأحوال الجوية، فطلبوا منا الانتظار إلى اليوم التالي”.

ويضيف: “في اليوم التالي وقع انقلابًا عسكريًا في مالي، وعمت الفوضى فى البلاد، ولسهولة تأميننا صدرت الأوامر بنقل الوفد الإعلامي إلى فندق إقامة بعثة فريق الأهلي، وأثناء تحركنا استوقفتنا قوات الأمن المنتشرة فى الشوارع بالأسلحة الثقيلة أكثر من مرة، وفى كل مرة كنا ننطق الشهادة بسبب حالة الرعب والفزع التى كنا فيها، وبعد وصولنا إلى الفندق بدأت محاولات السفر واستقرينا على إرسال طائرة حربية، وحصلت اتصالات وأرسلت طائرة حربية، وخرجنا من الأجواء المالية فى أمان واستغرقت الرحلة 12 ساعة كانت أصعب ساعات فى حياتي”.

صوره المحببة
على مدار مسيرته المهنية التقط أسامة عبد النبي، مئات الصور المتميزة، ولكن أبرز الصور المحببة إلى قلبه تلك الصورة التى التقطها لزعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا عام 2004 خلال مشاركته فى قرعة كأس العالم التي فازت بلاده بتنظيمها عام 2010.

ومن الصور المحببة إلى قلبه أيضًا، صورة يوم النصر التى التقطها للمتظاهرين فى ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير، بعد تنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم، ففى هذا اليوم صعد أسامة عبد النبي فوق إحدي العمارات والتقط صورة للميدان وهو مكتظ بالجماهير، ونُشرت هذه الصورة فى جريدة الأهرام صفحة أولى.

ومن الصور المفضلة لدية أيضًا، صورة فرحة عماد متعب فى نهائي الكونفدرالية عام 2014 بالهدف الذى أحرزه فى الثواني الأخيرة، والصور التى التقطها في آخر مباراة لعبها محمد أبو تريكة، وكان يومًا صعبًا وحدثت فيه اشتباكات بين الأمن وألتراس أهلاوي ، وحي أبو تريكة الجماهير بشكل معين، بالإضافة إلى صورة فرحة ميسي عندما فازت بلاده على نيجيريا فى الوقت القاتل، وقتها فرح ميسي فرحة هيستيرية وجرى فى اتجاه تمركز عبدالنبي داخل الاستاد وتمكن من التقاط صورة ترصد فرحة النجم العالمي، وكانت عروقه متفجرة فى الصورة.

حصل أسامة عبد النبي على العديد من الجوائز والتكريمات، منها فوزه بالجائزة الأولى لشعبة المصورين عام 2009، والجائزة الثالثة عام 2010، ونال العديد من الجوائز التشجيعية، وفى عام 2019 حصل على المركز الأول فى مسابقة شعبة المصورين.

رغم تواجد أسامة عبدالنبي، على ساحة الإعلام الرياضي لأكثر من ربع قرن، إلا أنه مازال شغوفًا بالمهنة يحبها ويخلص لها، ويمارس عمله بكل نشاط وحيوية إلى يومنا هذا، وكأنه شاب فى العشرين من عمره، ويتعامل بتركيز مع كل حدث رياضي يقوم بتصويره وكأنها المرة الأولى له.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى