أسماء جمال.. مخرجة منشغلة بحكايات الصعيد الجواني
بطلة حكاية اليوم، واحدة من أشهر المصورات في مصر، تحتل منذ سنوات مركز الصدارة بين مصورين/ات الوثائقيات، نُشرت صورها فى العديد من المجلات العالمية مثل “ناشيونال جيوغرافيك”، كصانعة أفلام مستقلة، تهتم بقضايا وهموم أهالي الصعيد، ولكونها فتاة صعيدية الأصل لديها مخزون كبير من الحكايات التي يمكنها معالجتها سينمائيًا.. فتعالوا بنا نتعرف على السيرة الذاتية لمخرجة الأفلام الوثائقية والمصورة الصحفية أسماء جمال.
البداية
وُلدت أسماء جمال فى محافظة القاهرة عام 1991، وفى طفولتها كانت تهوى كتابة القصص القصيرة وتشارك بها فى المسابقات وهى في المرحلة الإعدادية، فنما داخلها حب الصحافة والإعلام، وبعد إتمام المرحلة الثانوية التحقت بقسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الآداب جامعة حلوان، وتخرجت فيه سنة 2012.
درست التصوير الفوتوغرافي على “كاميرا فيلم” داخل الكلية، ونظرًا لقلة الإمكانيات والمعدات داخل الكلية كانت تحاول تطبيق المعلومات النظرية التي تعرفها عن التصوير عبر الهاتف الخاص بوالدها، وبعد التخرج تعلمت التصوير بطريقة المراقبة، فخلال فترة عملها كمراسلة كانت تراقب زملائها المصورين في أماكن التصوير وترى كيف يعملون، ويرسمون لقطات وزوايا التصوير الخاصة بهم؟، كما تعلمت التصوير بعد ظهور الكاميرات الديجيتال عن طريق بعض الفيديوهات المنتشرة على الانترنت.
و كانت أسماء ولا تزال حريصة على المشاركة فى الورشة والتدريبات، وترى أن مثل هذه الفعاليات فرصة كبيرة للتجمع وترتيب الأفكار والتعلم، وهى الآن تعطي ورشة تصوير لشباب المصورين.
خلال مشوارها تأثرت أسماء جمال بالعديد من الشخصيات على الصعيد المهني، ومن بين هؤلاء الكاتب الصحفي السوري ثائر زعزوع، وهو كاتب دراما سوري جاء إلى مصر بعد الثورة السورية ويقيم حاليا فى فرنسا، عملت معه بطلتنا فى قناة سورية، لم يكن زعزوع – على حد قوله أسماء- يتعامل مع فريق العمل الخاص به كمدير وإنما كانت لدية القدرة على اكتشاف نقاط القوة فى كل فرد داخل الفريق الذى يعمل معه ، ومن ثم يوجه إلى كيفية استغلاله نقطة قوته لصالح الفريق والعمل على تطوير موهبته.
كتب مصورة
علمت أسماء بالتعاون مع مصور أمريكي على فكرة كتاب مصور وثقت فيه “السبوع”، باعتباره أحد العادات المصرية العريقة، وطُبع الكتاب تحت اسم The Seven Seeds (السبع حبات)، كما نُشر على منصات إعلامية كبيرة كـ”ناشنوال جيوغرافيك”.
وبعد نشر كتابها الأول للتصوير الفوتوغرافي، تم اختيارها كمصورة فوتوغرافية عربية، للعمل على كتاب مصور (الأرض التي لا تنسى) Unforgettable Land للتعبير عن تايلاند بعيون عربية، وخاضت بطلتنا رحلة شاقة زارت خلالها تايلاند في 15 يومًا، والكتاب موجود حاليا فى العديد من الجامعات.
ورشة «قافلة بين سينمائيات»
خلال عملها بمجال صناعة المحتوى البصري (الفيديو)، شعرت أسماء جمال بانجذاب شديد تجاه عالم الأفلام الوثائقية وصناعتها، ودخلت هذا المجال، عبر ورشة «قافلة بين سينمائيات» للإخراج، التى اكتسبت منها مهارات عديدة جعلتها قادرة على إنتاج فيلم من الألف إلى الياء، بدءًا من اختيار الفكرة وتطوير السيناريو، ثم التصوير، وتنفيذ المونتاج، وإتمام مختلف المراحل اللاحقة إلى أن يخرج الفيلم في نسخته النهائية.
وقد أثر التصوير الصحفي على عمل أسماء جمال، بصناعة الأفلام، حيث اكسبها خبرة عملية ضخمة في فهم الشارع وتجارب الناس المختلفة، كما تعلمت من التصوير الصحفي مبادئ إجراء المقابلات، الأمر الذى ساعدها في إنتاج أفلامها الوثائقية فيما بعد، ورغم محدودية الإمكانيات خرجت هذه الأفلام بجودة فنية أهلتها للمشاركة في مهرجانات محلية ودولية.
فيلم مصرية
في نهاية ورشة «قافلة بين سينمائيات»، كان على كل مخرجة من المشاركات فيها، اختيـار فكرة فيلم لتكون هي مشروع تخرجها، وعندها اقترحت المخرجة أمل رمسيس أن تجتمع ست مخرجات في عمل واحد، وأن تحكي كل واحدة منهن عن أمها في فيلم قصيـر، ليتم دمج هذه الأفلام في فيلم واحد طويل يحمل اسم «عن قرب»، وخرج فيلم «مصرية» من رحم هذه التجربة، ليحكي لنا قصة أم تعيش في بيت صغير داخل حي عشوائي في القاهرة.
المرسال اللى بعته
وبالإضافة إلى “مصرية”، أخرجت أسماء العديد من الأفلام القصيرة المستقلة مثل، “الأستروكس”، و”المرسال اللى بعته”، وتدور أحداث الفيلم الأخير حول قصة رجل يدعى “علي جلال” انتقل في ستينيات القرن الماضي أثناء طفولته من مدينة إسنا التابعة لمحافظة الأقصر إلى القاهرة ليقيم مع عمه، وظل حريصًا على زيارة أسرته، والقيام بتلك الرحلة الطويلة من العاصمة في الشمال إلى مدينته في الجنوب بشكل دوري حتى لا تنقطع الأواصر. واستمر على تلك الحال حتى تزوج واستقر تمامًا في القاهرة، فأصبح تبادل شرائط الكاسيت مع عائلته هو وسيلته الأساسية للمواظبة على التواصل معهم ومشاركتهم الأفراح، والحفاظ على اتصاله بثقافة مدينته عبر الموسيقى والأغاني.
صُنع فيلم «المرسال اللي بعته» بأيدي فريق عمل صغير للغاية، يتكون من منتج ومساعد إخراج ومخرجة، ومُنح جائزة حكام في مهرجان «مصر دوت بكرة» للأفلام، وكان من بين أكثر الأفلام حصولًا على المشاهدة والنقاش في أيام «سيما دِكّة» للفيلم القصير.
علاوة على ذلك، شاركت أسماء جمال بالظهور في الفيلم الوثائقي «آنسة حسنة المظهر» الذي يتطرق إلى معاناة أربع فتيات (هي إحداهن)، مع الافتراضات المجتمعية المُسبقة حول المظهر الخارجي للمرأة، وتأثير ذلك على العديد من خطواتهن وأحلامهن.
جوائز وتكريمات
عٌرضت أفلام أسماء جمال في مهرجانات محلية ودولية مثل مهرجان أفريكا السينمائي في بلجيكا، ومهرجان ماكاو الدولي للفيلم القصير، وحصدت أربع جوائز مثل جائزة مهرجان مينتور للفيلم العربي في الأردن، وجائزة بلاتينية من مهرجان الفيلم القصير المستقل في لوس أنجلوس، وجائزتي لجنة تحكيم من مهرجانات القاهرة للأفلام القصيرة ومصر دوت بكرة، وكانت أحد أعضاء فريق لجنة التحكيم في مهرجان ريل يوس في كندا لمدة عامين.
كما حازت أعمالها على جوائز في العديد من مسابقات التصوير العربية والدولية مثل جائزة النيل للإعلام. كما تم اختيارها لمنحه جائزة أنفو نايل للتصوير الوثائقي ، وشاركت في العديد من المعارض الدولية مثل معرض “فوتو اسطنبول” في تركيا، ثم “مهرجان كونتكت للتصوير الفوتوغرافي في تورنتو”، وكرمتها نقابة الصحفيين، هذا العام خلال حفل توزيع جوائز الصحافة المصرية لهذا العام، ضمن قائمة ضمت الزملاء النقابيين الحاصلين على درجتي الماجستير والدكتوراه، لحصولها على درجة الماجستير في الدراما والتلفزيون.