أمنية قلاوون.. صحفية تعشق الصحافة الطبية بنكهة إنسانية

 

بطلة هذا الأسبوع، أمنية قلاوون، صحفية متخصصة في الصحافة الطبية

 

البداية

 

في فترة التسعينات ونهاية الثمانينات تشكل وعي أمنية مع وجود الراديو الحاضر في كل بيت مصري كعادة هذه المرحلة، وبالتدريج أصبح الإعلام بشقيه المرئي والمسموع جزءً من ذكرياتها وثقافتها العامة، ثم تزامن مع مرحلتها الدراسية الإعدادية، إطلاق إذاعة نجوم إف أم، التي تعلقت بها كثيرًا، وارتبطت بمحتواها العصري  الذي يخاطب جيلها، هذا بخلاف تصفحها لمجلات فنية كان والدها يحضرها كل أسبوع بانتظام منها الكواكب وأخبار النجوم، ما ربط وعيها أكثر بالصور المصاحبة للتقارير الصحفية؛ كل هذه المشاهد جعلت الإعلام حلمًا ﻷمنية. 

 

درست في المرحلة الجامعية بكلية تربية قسم علم نفس كخضوع لفكرة مفادها ضرورة دراسة تخصص يضمن مهنة مستقرة مثل التدريس، لكنها ظلت متمسكة بحلمها.

 

بدايات العمل الصحفي

 

 وقت ثورة 25 يناير شعرت أمنية أن أحلام جيلها تتحقق على الأرض، فطرقت باب جريدة الأهرام، لتسأل على فرصة عمل أو تدريب، ولزم الأمر تركها محافظتها الزقازيق للتواجد في القاهرة، ما لم يكن في استطاعتها تحمله ماديًا وقتها، ورغم ذلك أثار داخلها شعور بالأمل في وجود فرصة. 

 

بدأت أمنية تعمل في جريدة الوفد بنسختها الشهرية من خلال مراسلة مكتبها في محافظة الشرقية، لتغطي الأخبار والموضوعات المحلية، لتتلقى تشجيع من أساتذة في المهنة أخبروها أن لديها حس صحفي عليها استغلاله، وقد كان. 

 

عملت في العديد من المواقع والجرائد الصغيرة التي لا تقدم مقابل مادي، دفعها ذلك لشغل مهن أخرى بجانب الصحافة كي تستكمل طريقها، وخلال هذه الفترة أثقلت مهاراتها بالتدريب في الصحافة بشكل مستقل، وتعلمت تكوين التقارير والتحقيقات الصحفية من خلال طرح الأسئلة والعمل على إنتاج مادة مقروءة وافية. 

 

حصلت على فرصة عمل من خلال “ويب سايت” مهتم بالصحافة الطبية: “كل يوم معلومة طبية”، ورغم أنه بعيد عن الصحافة بشكلها التقليدي، غير أنها أثقلت مهارتها من خلاله في فهم كافة ما يحيط بالبحث عن أصل المعلومة الطبية، لتحب هذا الملف وشعرت بأهميته في التواصل مع الناس وخدمة احتياجاتهم في المعرفة عن الأمراض والدواء. 

 

خلال الفترة من 2014 حتى 2016 راسلت أكثر من موقع عربي ودولي منه موقع  “مراسلون وجها لوجه” التابع لوزارة الخارجية الألمانية واهتمت بالكتابة الاجتماعية وحقوق النساء لاسيما الجنسية، وحقهن في الاختيار مع ما يتفق ورغباتهن دون التعرض للتعنيف أو الإكراه. 

 

تحديات المهنة 

 

قررت أمنية الاستقرار في القاهرة في 2018، بعد الحصول على فرصة عمل بـ”الشيفت” المسائي في جريدة الوطن، لتكون الفتاة الوحيدة في هذا التوقيت من اليوم تعمل بالجريدة، ومع صعوبة القرار إلا أنها عرفت أهمية الاستقلالية وقيمة الاعتماد بشكل كامل على نفسها. 

 

خبرات جديدة 

 

انطلقت في تجربة جديدة من خلال موقع كونسلتو الطبي التابع لموقع مصراوي، بعد خبرتها السابقة عن الموضوعات الطبية، هنا انطلقت أمنية بالكتابة في الموضوعات الأقرب إلى قلبها، لتجمع بين الكتابة عن الأمراض وتربطه بالأحداث العامة واهتمام الناس مثل موضوعات عن الاحتياطات التي يتخذها أصحاب الأمراض المزمنة أثناء العواصف الترابية، وغيرها من الأمراض التي وربطها بمشاكل الناس وقصصهم اليومية. 

 

تقول لـ”المرصد”: “أحببت فكرة الكتابة عن هموم الناس، ورؤية مرضهم بزاويتهم هم وليس مجرد معلومات جافة لا تحمل تفاصيل إنسانية، ﻷقدم خدمة للقراء وإثراء الصحافة في الوقت نفسه من خلال هذا الملف الذي يخشاه كثير من الصحفيين”. 

 

وتضيف: “أكثر ما كان يسعدني أن أتلقى رسائل من متابعين ومتابعات يخبرونني خلالها أن موضوعاتي أعانتهم/ن على فهم مرضهم/ن والتعبير عنه أمام الطبيب”. 

 

كتبت أمنية موضوعات حققت انتشارًا واسعًا ونافست في أعداد القراءة موضوعات رياضية وفنية وهو أمر غير معتاد في الصحافة الطبية، وتطرقت خلال عملها على مدار سنوات في الملف الطبي إلى ملفات تجمع بين القصة الإنسانية والبحث والتدقيق عن أصل المعلومة من خلال الاستعانة بأبحاث ودراسات علمية معتمدة، ومن ناحية أخرى تجمع بين الاهتمام بقضايا النساء، ومنها ملف عن نقص دواء كان غيابه يسبب الإجهاض للنساء الحوامل، وقدمت من خلال هذا الملف معلومات وافية عن كيفية الحصول على الدواء بعيدًا عن السوق السوداء، من خلال تواصلها مع مبادرات “صيدليات متنقلة” ساعدت على توفيره. 

 

 وتعتبر أمنية أن فترة انتشار كوفيد 19- كورونا، كانت الفترة الذهبية لهذا الملف، إذ جعلت الموضوعات الصحية على قائمة الأكثر متابعة وبحثًا حول العالم، اﻷمر الذي دفع القيادات الصحفية للدفع بالمحررين إلى الكتابة المتعجلة عن موضوعات طبية وخدمية لم تخلو من الأخطاء بسبب السعي نحو السرعة وملاحقة “الترند”.

 

تقول أمنية عن هذه المرحلة: “تعلمت السرعة في البحث والعمل تحت ضغط الترند ومع ذلك لم أتخلى عن الدقة، بحيث كان مبدأي اختيار الدقة إلى تعارضت مع السرعة، وهو أنصح به الصحفيين/ات الجدد الراغبين/ات في العمل على هذا الملف”. 

 

وأنجزت موضوعات حافظت فيها على القيمة من حيث دقة المعلومة والبحث، ومنها  حوار مع مدير رعاية طبية في ولاية سانفورد، وحوارات أخرى مع ناس تجنبوا الحصول على لقاحات بسبب تاريخهم المرضي، وتواصلت مع أطباء كبار وقيادات طبية في مصر وخارجها.

 

هذا، وأكملت عملها على موضوعات طبية تخص النساء وتقدم خدمات لهن، مثل تقرير تناولت فيه أهمية الإسورة الوردية التي تحمي النساء من عواقب أو الآثار الجانبية لسرطان الثدي، وآخر عن توفير الفوط الصحية وتأثير نقصها عند النساء محدودات الدخل، وكلها موضوعات تلقت بسببها تعليقات إيجابية من المتابعات اللواتي يحرصن على التواصل معها وشكرها لتقديم هذه المعلومات لهن، وهو ما تعتبره أمنية أهم إنجاز يمكن للصحفي/ة تقديم.

 

 

وتطمح أمنية أن يتم الاهتمام بشكل أكبر بمجال الصحافة الطبية التي لا تهتم فقط بالسرعة، ولكن تهتم بالتدقيق وتبسيط اللغة العلمية المعقدة إلى الناس العادية مع عدم الإخلال أو الإستخفاف بعقلية القراء والمتابعين/ات. 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى