أيمن عيسى.. حين تقود الصحافة للتغيير

أيمن عيسى.. حين تقود الصحافة للتغيير
بمنشورات خجولة في صحف ضعيفة الانتشار، بدأ الصحفي أيمن عيسى مسيرته للوصول إلى إعداد ملفات صحفية دفعت مؤسسات الدولة للتحرك، ومن صراع البدايات إلى حلم التقاعد الهادئ، ظل يحمل هم الناس، ويدافع عن دور الصحافة بوصفها ضميرًا حيًا وليست مجرد مهنة.
في كل محطة من رحلته، لم يكن يكتب ليملأ فراغًا على الورق، بل كان يطرق أبوابًا مغلقة، ويضيء عتمات طالما تجاهلها الآخرون.
البدايات والمسيرة المهنية:
صحفي مصري، يشغل حاليًا منصب مدير تحرير موقع “اليوم السابع”. تخرج في كلية الآداب بجامعة عين شمس، قسم علم الاجتماع. بدأت رحلته المهنية في عالم الصحافة عام 2007، حيث تنقّل بين عدد من الصحف والمواقع، من بينها: “البلاغ”، “النهار”، “شباب مصر”، “المال”، “المشهد”، “اليوم السابع”، و”دوت مصر”. كما خاض تجارب إعلامية تلفزيونية في قنوات “أون تي في” عام 2012، و”القاهرة والناس” عام 2021.
على مدار 13 عامًا، ظل يعمل داخل “اليوم السابع”، حيث ترأّس خلال تلك الفترة قسم المحافظات، واستحدث ملفًا أسبوعيًا بعنوان “مظاليم على باب المحافظ”، كان يُنشر من خلال مراسلي المحافظات، وينقل مشكلات المواطنين في أنحاء مصر. وقد حقق هذا الملف انتشارًا واسعًا دفع مؤسسة رئاسة الجمهورية للتدخل في عشرات الحالات، من بناء منازل، وتعديل قرارات، ومحاسبة مقصرين، ما جعله من أبرز المبادرات المهنية التي يعتز بها.
نجاحات صنعت فارقَا:
قاد قبل “عيسى” عشر سنوات، أثناء وجوده في قسم المحافظات، ملفًا صحفيًا موسّعًا بعنوان: “خريطة المستشفيات المتعطلة في مصر.. قلوب تتوقف بفعل الإهمال”، استغرق العمل عليه شهرين، وامتدّ عبر ثلاث حلقات، عارضًا بيانات تفصيلية لكل وحدة صحية متعطلة في القرى والنجوع والمراكز، مع شرح لأسباب التعطل وتاريخه. وقد شكّل هذا الملف جرس إنذار قويًا بشأن الوضع الصحي في مصر، ويُعد من الأعمال التي تعكس البُعد الخدمي والاجتماعي للصحافة.
يقول عنه في حديثه للمرصد: “أعتز بهذا الملف بالتحديد وبتأثيره القوي، وأفخر به كجزء مضيء في مسيرتي”.
قبل ثورة 2011، أنجز عددًا من التحقيقات الميدانية المهمة، مثل تحقيق عن حريق مجلس الشورى في 2007، وتحقيقات حول أنفلوانزا الخنازير، وإمبراطورية جبال الشيخ فضل في المنيا، تحت عنوان “المحكومون بالإعدام يسكنون جبل الشيخ فضل”، بالإضافة إلى ملف “الخنازير لا تزال في بيتي”، الذي وثّق استمرار تربية الخنازير في منشية ناصر رغم الوباء.
كما أثار قضايا شائكة في جريدة “شباب مصر”، منها ملف التوريث، وتغيير الديانات في مصر، وماذا يفعل الملحدون العرب، وغيرها من الموضوعات المثيرة التي ما زال يحتفظ بأرشيفها داخل منزله.
عمل كذلك كمدير عام التحرير في موقع “دوت مصر”، ومدير تحرير موقع “برلماني”، بالإضافة إلى أدواره التحريرية في “اليوم السابع”.
تحديات ومحطات فارقة:
لم تكن بداية رحلته سهلة؛ إذ لم تحظ بدعم من الأسرة، وعاش سنوات من الشك وعدم اليقين في النجاح. لكنه نال لاحقًا كامل الدعم بعد تحقيق بعض النجاحات الصغيرة التي منحته دفعة للاستمرار.
ومن أبرز المحطات المؤثرة في مسيرته المهنية، العلاقة التي جمعته بالأستاذ أشرف شوبك في صحيفة “الأهرام”، والذي يعتبره صاحب فضل كبير في استمراره بالصحافة، إذ دعمه معنويًا وماديًا، وكان له أثرًا حاسمًا في نقله من مراحل الشك إلى اليقين بنفسه وبمهنته.
يرى أيمن عيسى أن التحديات في مهنة الصحافة لا تُعد، لكن من أصعبها البدايات، خاصة لمن بدأ في مطلع الألفية، حين كانت فرص العمل قليلة، والصحف محدودة، والمواقع الإلكترونية في بداياتها، ما جعل الحصول على فرصة -حتى دون أجر- أمرًا شديد الصعوبة.
يركّز أيمن حاليًا على أن يكون مفيدًا لمن حوله بأي شكل ممكن، ويسعى إلى مساعدة الناس كلما استطاع. أما طموحه المستقبلي، فيتجلى في رغبته في عدم تحقيق كل طموحاته؛ إذ يرفض أن يظل أسير دوائر العمل والأحلام حتى تضيع الحياة، ويتمنى أن يتقاعد مبكرًا ليحيا سنوات هادئة، بلا ضغوط، بلا صراعات، بلا أحلام.. فقط حياة من أجل الحياة.
يختتم تجربته بنصيحة لمن بعده:
“اتعب وابذل أقصى مجهود لك في الصغر، فإن أنت أضعت طاقتك في الصغر دون مجهود، فلن يسعفك المجهود المتاح لك في الكبر.. فكل الأحلام يمكن تحقيقها شرط العمل والجهد.. ولا تقيس النتائج باستعجال، فقد تحصد ثمار مجهودات سنوات في إحدى المحاولات.. فقط استمرّ في الجهد.. فلن يضيع”.