“إلغاء التوقيت الصيفي” أخرها.. لماذا تنتشر “المعلومة المضللة” أسرع في أوقات الأزمات؟
يستغل مروجو المعلومات المضللة فرصة الأزمات لبث معلومات أو صور أو مقاطع فيديو وصور مضللة على صفحات التواصل الاجتماعي، وسرعان ما يستقبلها الكثير ويتداولونها بسرعة شديدة دون التحقق من صحتها.
زيادة الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كقنوات معرفة، ساعد صانعي الشائعات والمعلومات المضللة على الوصول إلى شريحة عريضة من المستخدمين/ات دون قيود، بما يجعلها بيئة خصبة لانتشار الشائعات، خاصة مع طبيعة تلك الوسائل غير الخاضعة للإشراف، وهشاشة أنظمة الرقابة الموجهة لتلك المنصات، بما يؤدي إلى ظهور وانتشار الشائعات.
شائعة إلغاء التوقيت الصيفي
وفي ظل الأزمة الحالية المتعلقة بخطة تخفيف الأحمال وانقطاع التيار الكهربي، زاد انتشار الشائعات والمعلومات المضللة بأنماط مختلفة، حيث تداولت العديد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خبر بشأن صدور قرار بإلغاء التوقيت الصيفي بدءًا من غد الجمعة تزامنا مع تطبيق موعد غلق المحال التجارية الجديد، أعقبه حالة واسعة من السخرية والجدل بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي اليوم التالي، نفى مجلس الوزراء ذلك الخبر المتداول وأكد المجلس أنه لم يتم إصدار أي قرارات بهذا الشأن، مُوضحاً أن التوقيت الصيفي والشتوي لهما قانون ولا يحددهما قرار، وبالتالي يستمر سريان تطبيق التوقيت الصيفي دون إلغاء، وذلك وفقاً للقانون رقم 24 لسنة 2023، والذي ينص على أنه اعتبارًا من الجمعة الأخيرة من شهر أبريل حتى نهاية يوم الخميس الأخير من شهر أكتوبر من كل عام ميلادي، تكون الساعة القانونية في جمهورية مصر العربية هي الساعة بحسب التوقيت المتبع مقدمة بمقدار ستين دقيقة.
التحديات السابقة أدت إلى خلق تحديات هائلة تتعلق بضمان صحة تلك المعلومات والأخبار وتحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى حاضنة جديدة للشائعات.
في هذا الشأن علقت الدكتورة فاطمة فايز، أستاذ الإعلام الرقمي المساعد ورئيسة قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة بني سويف، بأنه مع التطور التكنولوجي أصبح انتشار المعلومات أسرع من الأوقات السابقة، فضلًا عن برامج الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الحديثة التي سهلّت على أي شخص غير مهني إنتاج محتوى وبثه عبر وسائل التواصل الاجتماعي للجمهور.
هذا فضلا عن ما يسمى بـ”إعلام الترافيك” الذي يسعى إلى تحقيق نسب مشاهدات عالية لتحقيق أرباح أكثر حتى لو عن طريق المعلومات الخاطئة.
وتابعت “فايز” في حديثها لمؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، بأن السبب في تصديق المعلومات المغلوطة يرجع أيضًا إلى عدم رغبة الجمهور في البحث عن أصل المعلومة كنوع من الاستسهال وعدم الوعي الكافي، وهو ما يستغله مروجي تلك المعلومات المغلوطة، خاصة في أوقات الأزمات الحالية.
التربية الإعلامية لمواجهة الشائعات
للحد من تلك الشائعات والمعلومات المغلوطة، أوصت أستاذ الإعلام الرقمي، بتكثيف نشر برامج التربية الإعلامية الرقمية عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وفي الجامعات والمدارس، والتي تتم على ثلاثة مستويات، وهي “تلقي المحتوى، وإنتاج المحتوى، وتقييم المحتوى”، وتهدف تلك البرامج إلى تعليم الجمهور كيفية تقييم المحتوى الإعلامي المقدم له، وعدم تصديق أي معلومة متداولة.
وأشارت”فايز” إلى أن المعلومات الخطأ والشائعات لن تنتهي تماما من أي مجتمع، ولكن من خلال برامج التربية الإعلامية نستطيع إيجاد مجتمع واعي ولديه مهارات النقد الإعلامي وبالتالي سيبحث عن أصل المعلومة ولن يصدق كل ما يراه على مواقع التواصل الاجتماعي.
شائعة إلغاء التوقيت الصيفي ليست الوحيدة خلال الأزمة الحالية المتعلقة بأزمة قطع الكهرباء، حيث تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي معلومات غير صحيحة تفيد باستثناء المحافظات الساحلية من خطة تخفيف الأحمال لكونها مناطق سياحة داخلية.
وبعدها بأيام قليلة، نفت الشركة القابضة لكهرباء مصر على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ما تم تداوله بخصوص استثناء المحافظات الساحلية من خطة تخفيف الأحمال.
لماذا تنتشر المعلومات المضللة بشكل أسرع؟
في السياق ذاته، فسّر أحمد جمال، الصحفي المتخصص في تدقيق المعلومات، سبب سرعة انتشار المعلومة الخطأ عن المعلومات الصحيحة، بأن المعلومة المضللة عادة تكون أكثر إثارة وجاذبية من الحقيقة، فالقصص المثيرة أو الصادمة تجذب انتباه الناس بسرعة وتدفعهم لمشاركتها مع الآخرين.
وأيضًا المعلومات المضللة تثير مشاعر قوية مثل الغضب أو الخوف أو الحزن، وهذه المشاعر تجعل الناس يرغبون في مشاركة هذه المعلومات مع أصدقائهم وعائلاتهم، وفي عصر السوشيال ميديا، يمكن لأي شخص نشر أي شيء في لحظات قليلة مستغلا أزمة حاصلة أو وضع صعب.
وبحسب حديث”جمال” لمؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، فإنه يميل الناس عادة إلى تصديق المعلومات المتوافقة مع معتقداتهم وآرائهم المسبقة دون التحقق منها، وكثير من الناس لا تتحقق من المصادر أو البحث عن صحة المعلومات قبل مشاركتها، ما يؤدي إلى انتشار المعلومات المضللة بسرعة.
كيفية التحقق من المعلومة
ومن أجل مواجهة تلك المعلومات المضللة، خاصة في أوقات الأزمات، أشار الصحفي المتخصص في تدقيق المعلومات، إلى أن المصادر الرسمية والموثقة هي الملاذ الآمن دائمًا للتأكد من صحة المعلومة، فمن الأفضل إذا كانت المعلومة المتداولة منسوبة لمصدر معين، الرجوع له للتأكد من مدى صحتها ومصداقيتها، أما إذا كانت المعلومة مٌرسلة وبدون أي مصدر، فهي بنسبة كبيرة قد تكون مضللة، لافتًا إلى أنه دائمًا يفضل الرجوع للجهة المنوط بها الإعلان عن تلك التفاصيل للتأكد من مدى صحتها قبل إعادة نشر المعلومة حتى لا تصل إلى عدد أكبر من الجمهور.