إيمان منير.. “رحلة صحفية القضايا البيئية من الدلتا إلى العالمية
صحفية مستقلة متخصصة في البيئة والمناخ، ركزت عملها على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. منذ تخرجها عام 2017، كرّست جهودها لتسليط الضوء على التغيرات المناخية وتأثيرها على الفئات الأكثر تضررًا. بأسلوب يجمع بين تحليل البيانات والروايات الإنسانية.
أنجزت إيمان تحقيقات صحفية معمقة تركت بصمة قوية، مثل “شواطئ سود”، “الموت القادم من البحر”، “الدلتا تحت التهديد”، “ثمن الماء العذب في الخليج العربي”، “أزمة الملوحة في الواحات البحرية”، و*”التكسير الهيدروليكي في الشمال الأفريقي”.
البداية: من الصحافة النسوية إلى البيئة والمناخ
بدأت إيمان مشوارها الصحفي مباشرة بعد التخرج، حيث ركزت في البداية على القضايا النسوية. إلا أن عام 2019 شهد نقطة تحول حين أطلقت تحقيقها الأول “شواطئ سود”. تناول التحقيق التسريبات النفطية المستمرة في البحر الأحمر وتأثيرها على المجتمعات المحلية، وأحدث صدى واسعًا، حيث أدّى إلى تقديم طلبات إحاطة في البرلمان وترشيحه لخمس جوائز دولية.
كانت نشأتها في دلتا النيل الدافع الأساسي لتخصصها في الصحافة البيئية. فتجربتها الحياتية هناك منحتها القدرة على فهم عميق لمعاناة المتضررين/ات، ما انعكس على كتاباتها التي تدمج بين المعرفة العلمية والقصص الواقعية.
تحديات الاستقلال والإنجازات العالمية
رغم صعوبة العمل كصحفية مستقلة في مجال غير مدعوم بالشكل الكافي في العالم العربي، حققت إيمان إنجازات لافتة. أبرزها حصولها على زمالة مؤسسة البوليتزر لتغطية المحيطات (2023-2024)، لتكون أول صحفية عربية تحصل على هذه الزمالة المرموقة. كما حصلت على زمالة ناشيونال جيوجرافيك عام 2024، وشراكتها مع شبكة صحافة الأرض في مشاريع متعددة.
إيمان تؤمن بأن الصحافة المستقلة هي طريقها لتحقيق التميز، رغم ما تحمله من تحديات تتطلب شجاعة واستقلالية.
دعم الأسرة… البداية التي كسرت التوقعات
كفتاة نشأت في بيئة ريفية، كان المتوقع أن تكون خياراتها محدودة. إلا أن عائلتها قدمت لها دعمًا استثنائيًا، آمنت بطموحاتها ومنحتها حرية اتخاذ قراراتها المهنية، ما شكل ركيزة أساسية في نجاحها، ولا تزال تقدم الدعم والمشاركة في فرحة النجاح والوصول إلى تلك التكريمات.
أبرز التكريمات والجوائز العالمية والعربية:
1- جائزة تغطية المناخ الآن – Covering climate Now عن فئة الصحفي الناشئ- واشنطن 2024
2- جائزة الإعلام الجديد NEW Media Prize – المملكة المتحدة 2021 من جامعة بورنموث الدولية للصحافة الرقمية
عن التحقيق: شواطئ سود.
3- جائزة الصحافة العلمية – ألمانيا 2020
جائزة الصحافة العلمية من معهد جوته الألماني عن تحقيق: “نساء MRKH” بدون أرحام أو أعضاء تناسلية.
4- جوائز حوض النيل للإعلام – أوغندا 2023
فازت بجائزتين من جوائز حوض النيل للإعلام في عام 2023 وهما: جائزة “الرقمية” وجائزة “أفضل مشاركة نسائية” عن تحقيق “الموت القادم من البحر”.
5- تم ترشيح إيمان للقائمة النهائية لجائزة True Story Award – سويسرا 2021- كما ترشيحها لجائزة القصة الحقيقية عن تحقيقي عن شواطئ سود
6- تم ترشيحها لجائزة One World Media Award – المملكة المتحدة 2021
تم ترشيحها لجائزة OWM في فئة التأثير البيئي عن تحقيق عن شواطئ سود.
7- تم ترشيحها لجائزة Thomson Foundation Young Journalist Award – المملكة المتحدة
تم ترشيحها لجائزة Thomson Award عن عملها الصحفي في عام 2020.
9- جائزة Covering climate Now المرشح النهائي لجوائز 2022
تم ترشيحها للقائمة النهائية لفئة الصحفيين الناشئين عن
تحقيقاتها وتقاريرها الموسعة في مجال البيئة والمناخ في مصر والشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
10- المرشح النهائي لجوائز Fetisov Journalism Awards 2022
المرشح النهائي لجوائز فيتيسوف عن سلسلة تحقيقات “الموت القادم من البحر”. في
التميز في الصحافة البيئية:
وكان السبب في تخصص إيمان في القضايا البيئية هو كونها ترتبط بحياة الناس اليومية، مثل المياه، الزراعة، والطاقة. فتحقيقاتها ليست فقط سردًا للواقع، بل تمثل شهادة حية على تأثير التغيرات البيئية على المجتمعات.
تقول في حديثها للمرصد: في الحقيقة، هناك تحقيقان أثّرا بشكل كبير في حياتي وشكّلا مسيرتي المهنية:
الأول هو ‘شواطئ سود’، الذي عملت عليه لمدة عام كامل. كان هذا التحقيق بمثابة باب دخولي إلى عالم الصحافة المناخية والبيئية. لم أكن أتوقع أن يحقق هذا النجاح الكبير، ولكنه كان نقطة تحول في مسيرتي. كل ما وصلت إليه الآن هو بفضل هذا التحقيق، الذي علّمني الكثير عن البحث العميق وأهمية القضايا البيئية في منطقتنا.
أما الثاني فهو ‘الدلتا تحت التهديد’، الذي عملت عليه العام الماضي. استخدمت فيه أدوات جديدة بالنسبة لي، مثل نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، مما أضاف بُعدًا مختلفًا لتقاريري. بعد نشره، تمت دعوتي للحديث عنه في اليوم العالمي للمحيطات في الأمم المتحدة. كانت تلك لحظة فخر شخصي ومهني، وشعرت أن صوت القضايا التي أعمل عليها قد وصل إلى منصة عالمية.
التحديات المهنية.. نقص البيانات والمعرفة المتخصصة
واجهت إيمان تحدي نقص البيانات، خاصة في القضايا المناخية. لكن بفضل دعم الباحثين العرب وتعاونها معهم، تمكنت من تجاوز هذه العقبة. تعتبر الصحافة المناخية بالنسبة لها تقاطعًا بين العلوم المختلفة، ما يضيف بُعدًا بحثيًا لكل مشروع تعمل عليه.
التأثير الإنساني: الصحافة كرسالة قبل أن تكون مهنة
إيمان تأثرت بشخصيتين تركتا بصمة في حياتها المهنية: الأستاذ محمد أبو الغيط، والأستاذ أحمد شوقي العطار. تقول: “منهما تعلمت أن الصحافة ليست مجرد نقل للخبر، بل رسالة إنسانية تهدف للتأثير الإيجابي في حياة الآخرين.
وأخيرًا.. تحلم إيمان بإطلاق مشروع يدعم الصحفيين المتخصصين في البيئة والمناخ بالمنطقة العربية، ويساهم في إيصال أصوات المتضررين للعالم. ترى أن التخصص هو مفتاح النجاح، ورسالتها للجيل الجديد من الصحفيين هي الغوص بعمق في مجال يحبونه ليصنعوا فرقًا حقيقيًا.
تقول: “هناك نقص واضح في عدد الصحفيين المتخصصين/ات في العمل على تحقيقات ومشروعات مطولة في هذا المجال، وأتفهم ذلك بسبب طول مدة العمل وقلة العائد المادي أحيانًا. لذلك، أحلم ببناء مشروع خاص يساهم في نشر هذه الثقافة، ويدعم الصحفيين/ات، ويساعد المتضررين،ات في مختلف الأماكن على إيصال أصواتهم/ن إلى العالم.
وتوجه إيمان رسالة إلى الجيل الجديد من الصحفيين/ات، بأهمية التخصص في ملف صحفي، تقول: ” دائمًا ما أقول لكل أصدقائي إنه يجب على الصحفي/ة أن يتخصص. من المهم أن نعرف شيئًا عن كل شيء، ولكن التخصص هو بوابة الصحفي/ة للتميز والعمق. الصحافة ليست فقط نقل الأخبار، بل هي البحث والفهم والتحليل، والتخصص يمنح الصحفي/ة الأدوات اللازمة لفعل ذلك بإتقان. لذلك، اختر مجالًا تحبه واغمر نفسك فيه، فهذا هو مفتاح النجاح والاستمرارية.