بياناتسلايدر رئيسي

المرصد المصري للصحافة والإعلام: بيان شعبة محرري الاتصالات يتضمن دعوة صريحة لمزيد من التضييق على الفضاء الرقمي

يعرب المرصد المصري للصحافة والإعلام، عن استيائه البالغ من البيان الصادر عن شُعبة محرري الاتصالات بنقابة الصحفيين، والصادر بعنوان “في إطار حملة تطهير المجتمع”، والذي تضمّن دعوات صريحة لإغلاق تطبيقات الدردشة، وتشديد الرقابة والعقوبات على المحتوى الرقمي، تحت ذريعة مكافحة “الدعارة الإلكترونية” و”الفجور” كما ورد بالنص.
يؤكد المرصد أن هذا الخطاب يمثّل انحرافًا خطيرًا عن الدور المفترض للصحافة، بوصفها حامية لحرية التعبير والحقوق الرقمية، ويدفع بها إلى الاصطفاف وراء أجندات رقابية وأبوية، تُعيد إنتاج مفردات تُستخدم تاريخيًا لتكميم الأفواه، وتقييد المجال العام، عبر عبارات فضفاضة من قبيل “تطهير المجتمع” و”النزيف الأخلاقي”، بدلًا من تبني خطاب يدافع عن الحريات، ويثق في وعي الجمهور، وحقه في الوصول إلى المعلومات، واختيار ما يناسبه، تبنّى البيان لهجة وصائية تُشيطن الفضاء الرقمي، وتروّج لإجراءات غلق وحجب، تستند إلى معايير أخلاقية مطاطة، دون تقديم بيانات موثّقة أو أدلة قانونية دامغة.
ويُحذّر المرصد من أن هذا النوع من الخطابات لا يُهدد فقط مستخدمي المنصات الرقمية، بل ينعكس بشكل مباشر على حرية الصحافة ذاتها، التي ترتكز على الانفتاح، والتعدد، والوصول الحر إلى المنصات والمصادر، فالدعوة إلى إغلاق منصات وتوسيع صلاحيات الرقابة تُهدد بيئة العمل الصحفي، وتُقوّض الأطر التي تتيح للصحفيين أداء مهامهم باستقلال وحرية.
كما يُحذّر المرصد من الخطاب الذي يزج بـ”الأخلاق العامة” و”الهوية المجتمعية” كأدوات تبريرية لقمع التنوع؛ إذ يُفرغ هذه المفاهيم من معناها الإنساني، ويُحوّلها إلى سلاح رقابي بيد السُلطة، وعندما تُطلق تعبيرات مثل “تهديد النسيج الاجتماعي” و”تفكيك القيم”، دون تحديد واضح، فنحن أمام خطاب يُكرّس الاستبداد باسم الفضيلة.
ويُعرب المرصد عن قلقه من اللغة التي تُجرّم الوجود الرقمي للنساء تحديدًا، بزعم مكافحة الفساد الأخلاقي؛ إذ تكرّس هذه المقاربات أنماطًا من التمييز، وتُضيّق على مشاركة النساء في المجال العام، وتُعيد إنتاج وصايات بالية، تُقصي الفئات الأضعف بدلًا من حمايتها.
ويُذكّر المرصد بأن الصحافة ليست جهة ضبط سلوكي، ولا منصة لإصدار الأحكام الأخلاقية، بل هي مساحة للتنوير، وتداول المعرفة، وتوثيق الانتهاكات، لا لتبريرها أو التواطؤ معها.
إن الصحافة مُطالبة بأن تكون حامية للحقوق، لا أداة للوصاية المجتمعية أو الترويج لعقوبات جماعية، تُفرغ القانون من جوهره.
ويُعيد المرصد التأكيد على أن مواجهة الجرائم الرقمية أمر مشروع، لكنه لا يجب أن يتحوّل إلى مبرر لإغلاق المنصات، أو فرض رقابة شاملة تُهدد الحريات الرقمية والصحفية، المطلوب هو مقاربة قانونية عادلة، تُميز بين الجريمة والمحتوى المختلف، وتُراعي مبادئ التناسب والشفافية.
في ضوء ذلك، يدعو المرصد شُعبةمحرري الاتصالات إلى مراجعة خطابها العام، وتغليب المسؤولية المهنية في الدفاع عن الحريات، بدلًا من الانزلاق إلى مواقع تُقوّض ما تبقى من فضاء حر، سواءً في الإعلام أو على الإنترنت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى