بروفايلسلايدر رئيسي
المصور الصحفي مجدي إبراهيم.. عندما تصبح الصورة أبلغ من الكلمات
ليس لكل حدثٍ حديثٌ فقط، ولكن لكل حدثٍ صورةٌ، عند المصوّر الصحفي الكبير مجدي إبراهيم، المُحاضر ورئيس شُعبة المصورين الصحفيين، الذي دائمًا ما تجده مُميّزًا ومختلفًا، وحاضرًا في كل الأحداث الهامة، حريصٌ على أن تلتقط كاميراته كل ما تراه، وتشارك في توثيق تاريخٍ كبيرٍ لمصر، وتجده دائمًا مهذّب الخُلق، وعلى الرغم من تميّزه واختلافه، إلا أنك تجده هادئًا، على الرغم من أنه مليءٌ بالكثير من الذكريات.
هو المصور الصحفي مجدي إبراهيم، ذو الـ56 ربيعًا، ابن حي شبرا مصر، الذي وُلد لأسرة متوسطة، وتوفّي والده وهو في الصف الأول الإعدادي، ثم تولّى مسؤولية نفسه، حتى نجح في التخرّج في كلية الإعلام جامعة القاهرة، وبدأ منذ ذلك الوقت، حياته المهنية والعملية الناجحة.
بداية القصة.. وأول كاميرا يحصل عليها
“ياشيكا” كانت أول كاميرا يحصل عليها مجدي إبراهيم، وهي كاميرا قديمة بها فلاش داخلي، والتي كان لها إحساسٌ مختلف لديه؛ فعندما لمسها بأنامله، شعر وكأنه ملك العالم، واكتشف في تلك اللحظات حبه الكبير للتصوير، وبدأ بالفعل في تصوير اللحظات العائلية، مثل الأفراح والرحلات وغير ذلك، وكان يعمل على تحميض تلك الصور، وإهدائها للأسرة، ووقتها كان يرى ابتسامة على وجوههم، تزيد من حبه للصورة.
يقول مجدي إبراهيم في حديثه لنا: “لم أفهم ما تلك الآلة الصغيرة التي يمكن أن تأسرني داخلها، وكيف يمكن لها أن تحفظ اللحظات السعيدة طوال تلك السنوات، دائمًا كانت تنشط ذاكرتي كلّما أعدت النظر للصور التي التقطتها قديمًا، وهذا يشكّل فارقًا كبيرًا في حياتي”.
أول حدث صحفي صوّره
أحب “إبراهيم” الصحافة، عندما سمع “ندّاهة” صاحبة الجلالة، وبالفعل بدأ في العمل بأول صحيفة وهي الأحرار، منذ عام 1995 حتى 1997، ولم ينسَ يومًا أول مأمورية عمل له، والتي كانت تكليف بتصوير سوق البلح مع اقتراب شهر رمضان المبارك.
“كان هذا السوق قريبًا من منزلي، فلم أشعر بالخوف أو الرهبة في أول صورة صحفية لي، وكان إحساسًا من نوعٍ آخر لا يمكن وصفه، عندما رأيت اسمي على موضوع صحفي بجريدة الأحرار”، هكذا قال لنا مجدي إبراهيم، حينما سألناه على مشاعره حيال أول صورة صحفية له، لافتًا إلى إحساسه الغارم بالسعادة، الذي لم يتكرر.
مؤسسات عمل بها
عمل مجدي إبراهيم في بداية حياته المهنة مصورًا بصحيفة الأحرار، منذ عام 1995 حتى 1997، ثم عمل بجريدة الأسبوع، منذ صدورها عام 1997 إلى 2008، كما عمل أيضًا مصورًا ومراسلًا لمجلة الصدى، منذ صدورها عام 1998 إلى 2003، ثم مصورًا مراسلًا بمجلة دبي الثقافية، وأيضًا مصورًا ورئيسًا لقسم التصوير بجريدة الشروق.
كما عمل أيضًا مدرسًا لمادة التصوير الصحفى بجامعة الأهرام الكندية من عام 2012 إلى الآن، ومحاضرًا لمادة التصوير الصحفي بأكاديمية الشروق، ومحاضرًا لمادة التصوير الصحفى بالاكاديمية الحديثة MTI، بالإضافة إلى تدريب مهارات التصوير باتحاد إعلاميات مصر بالجريك كامبس ، وتدريب مهارات التصوير بالجامعة الكندية بالتجمع CIC، وأيضًا محاضرًا بدورة مهارات التصوير الصحفي بأسوان، ضمن برنامج التعليم الفني والتدريب المهنى بنقابة الصحفيين.
وشغل مجدي إبراهيم منصب عضو لجنة تحكيم مسابقة مصر 2016 لأفضل صورة صحفية، ورئيس لجنة تحكيم مسابقة أجمل سيلفي في مصر.
جوائز حصل عليها
أرشيف مليء بالصور الصحفية المُميّزة، التي خلّدت الكثير من تفاصيل الأحداث الهامة التي مرّت على مصر، يجب أن يكن حافلًا بالتكريمات والجوائز المختلفة؛ حيث حصل مجدي إبراهيم على العديد من الجوائز، أبرزها الجائزة الثالثة مصر 2008 من شُعبة المصورين الصحفيين بفرع الفنون ،جوائزة لجنة التحكيم مصر 2009 من شُعبة المصورين الصحفيين بفرع القصة المصوّرة، وأيضًا الجائزة الأولى من مسابقة الساقية للتصوير الفوتوغرافي 2010 بفرع اللقطة الفنية الحرة.
كما حصل على الجائزة الثالثة من برنامج تطوير الإعلام بفرع الناس 2011 ، وجائزة أفضل المشاركين من وزارة الثقافة، للمشاركة بمعرض سجل يا تاريخ المُقام بدار الأوبرا المصرية، عن توثيق أحداث ثورة 25 يناير خلال شهر مارس 2011.
ونجح “إبراهيم” أيضًا في الحصول على جائزة تشجيعية من مسابقة مصر 2012 لافضل صورة صحفية خبري، عن القطار العائد من بورسعيد، وأيضًا الجائزة الثانية من مركز شفافية، عن صورة العشوائيات في مصر، وآخرهم حصد جائزة الصورة الصحفية بجوائز الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين 2023-2024.
تحدّيات واجهته خلال سنوات العمل
“الصحافة مهنة البحث عن المتاعب، وأنا قررت أن أبحث عن المتاعب”، هكذا قال مجدي إبراهيم، في محاولة لوصف التحدّيات التي واجهته خلال سنوات عمله الطويلة بالصحافة، ولكن لم ينجح أي تحدٍ في تغيير حبه للتصوير الصحفي، أو حتى إيقافه عن ممارسة حُبه وشغفه الأول.
ويقول: “أشعر بالامتنان دائمًا لأن الله وفّقني لشيء دائمًا كنت أحبه، أنا مؤمن دائمًا بمقولة حب ما تعمل حتى تعمل مع تحب، وأنا الآن أعمل ما أحب”.
أسرته هي داعمه الأول
غيّر مجدي إبراهيم دفّة حياته، من قرارٍ بالسفر للعمل في إحدى الدول العربية بعد التخرّج، إلا العمل في التصوير الصحفي، وكان هذا أقوى قرارٍ يتخذّه في حياته، وكانت أسرته داعمةً له بشكل كبير في بداية عمله بالصحافة، ودعمته والدته في قراره بالعمل في هذه المهنة، على الرغم من المتاعب الكبيرة التي تسببها، ولكنها آثرت أن تعطيه دَفعة قوية في اتجاه أحلامه.
ربما أكثر التحدّيات التي تواجه الصحفيين هي التوفيق بين الأسرة والعمل، في مهنة كثيرة المتاعب والانشغال، ولكن يشعر مجدي إبراهيم بالامتنان الكبير لأسرته، ولزوجته بشكل خاص؛ لأنها نجحت في استيعاب ذلك، وتقدير كل اللحظات الصعبة التي مرّ بها خلال سنوات عمله.
أشخاص تأثّر بهم في حياته الشخصية والعملية
بطل قصة مجدي إبراهيم هو شقيقه، أستاذ اللغة العربية، الذي كان ولازال داعمًا له طوال الوقت في حياته الشخصية، ومثلًا يُحتذى به خلال السنوات الطويلة، ومستشاره الذي يثق به.
يقول مجدي إبراهيم: “هو أستاذي ووالدي، ومثلي الأعلى، ودائمًا اعتبره مستشاري الأول، وأطمئن في وجوده”.
وعلى مستوى الحياة العملية، اكتسب مجدي إبراهيم الكثير من الخبرات، من المصور الصحفي الكبير حسام دياب، والذي على الرغم من أنه لم يزامله في مكان واحد بشكل مباشر، إلا أنه كان دائمًا قدوة ومثل أعلى له، ودفعه إلى مزيدٍ من حب المهنة والتصوير.
أهم الأحداث التي صوّرها
على الرغم من تغطيته للكثير من الأحداث الهام والفارقة في مصر، إلا أن بعضها ظلّ عالقًا في ذهنه، مثل تغطيته لأحداث موجة الإرهاب الأولى، التي اندلعت في التسعينات، وخاصة أحداث الفتنة الطائفية؛ ففي عام 1997 كان يعمل بجريدة الأسبوع، وقام بتغطية حادث هجوم إرهابي على كنيسة المنيا، والذي راح ضحيته العشرات من المواطنين، وهي التغطية التي نالت تقديرًا كبيرًا من رئيس تحريره آنذاك، وخصص له مكافأة وقتها، قدرها نحو 37 جنيهًا، وتم تخصيص مساحة كبيرة له بالجريدة، لنشر تلك الصور.
“لم أنسَ أي حدثٍ قمت بتصويره في حياتي، كل صورة التقطتها بكاميراتي أخذت قطعةً من ذاكرتي، وأثّرت في حياتي بشكلٍ كبير”، هذا ما قاله مجدي إبراهيم، الذي أكد أن أكثر الأحداث التي صنعت فارقًا في حياته العملية، هو تغطيته استقبال الأهالي لقطار بورسعيد العائد من الحادث المعروف إعلاميًا بـ”مذبحة بورسعيد”، والتي حصل على جائزة بإحدى تلك الصور، وأيضًا ثورة 25 يناير، وتظاهرات طلبة الجامعات وقت الغزو الأمريكي للعراق، وأيضًا الاعتصامات المختلفة، على مدار السنوات.
تأسيس شُعبة المصورين الصحفيين
كشف مجدي إبراهيم عن تفاصيل رئاسته لشُعبة المصورين الصحفيين بالنقابة، والتي بدأت بفكرة من المصور الصحفي الكبير حسام دياب، ثم المصور الصحفي الكبير عمرو نبيل، وذلك عند إصابة الثاني خلال تغطية أحداث انتخابات البرلمان عام 2015، وفقد عينه اليُمنى.
وقال: “كنت مع الزميل عمرو نبيل قبل ثوانٍ من إصابته، وقتها كثّف المصورون الصحفيون جهودهم لتأسيس الشُعبة؛ لتكون ظهير حماية للزملاء في كل وقت، وبالفعل تم تأسيسها، وتكوّن أول مكتب لها من الزملاء حسام دياب، وعمرو نبيل، وأيمن إبراهيم، وصلاح إبراهيم، وأحمد يوسف، وبعد عامين طلب مني المصور الكبير حسام دياب أن أشارك في انتخابات الشُعبة، وكانت مفاجئة بالنسبة لي أن يطلب مني ذلك، أن أشعر بالقلق من تحمّل المسؤولية، ولكنني أخذت على عاتقي أن أظلّ أتعلّم من جميع الزملاء، وكل الصحف”.
وأضاف: “وصلت اليوم لرئاسة الشُعبة، بدعم من جميع زملائي، وأحرص دائمًا على الانضباط، وحاولت أن أسير على نهج أساتذتي الكِبار، وأن تكون روح التعاون هي السائد الأول في الشُعبة بين الزملاء، سواءً نقابيين أو غير نقابيين، ونحرص دائمًا على المساواة بين الجميع”.
وعن التطوير داخل الشُعبة، كشف عن تنظيم مسابقات دورية كل عام بين المصورين؛ بهدف إثراء المحتوى الذي يقدّمونه، وفي محاولة لتنميّة مهاراتهم، متابعًا: “كل عام يكون لدينا أحلام جديدة نحققها للشُعبة، ودائمًا لدينا المزيد”.
مستقبل التصوير الصحفي
دائمًا كان وظلّ المصور الصحفي الكبير مجدي إبراهيم مليئًا بالطموح، ودائمًا ما ذهب إليه المصورون الصحفيون الصِغار والكِبار؛ ليحصلوا على شُحنة ودَفعة من ذلك الأمل، الذي ظلّ ملازمًا له طوال السنوات الطويلة من العمل.
يتوقّع مجدي إبراهيم أن يكون مستقبل التصوير الصحفي في مصر “مُبهرًا للغاية”، على الرغم من أن الفترة الحالية ليست البيئة الأكثر دعمًا وتشجيعًا لذلك، سواءً في مصر أو الوطن العربي بشكل عام؛ وذلك نظرًا للقيود المفروضة على التصوير الصحفي خلال السنوات الماضية، وما يتعرّض له المصورون الصحفيون من تقييد بشكل أو بآخر.
ويرى “إبراهيم” أنه رغم التطوّر الهائل الذي تشهده معدات التصوير، إلا أن المصور الصحفي يظلّ هو الأساس؛ لقياس مستوى تطوّر التصوير أو انحداره.
نصيحة للمصورين الصحفيين
ووجّه رسالة لشباب المصورين الصحفيين قائلًا: “النصيحة الوحيدة التي أستطيع تقدّيمها لشباب المصورين، هي أن تحافظوا على شغفكم الدائم في التعلّم، وأن تدركوا قيمة ثقافة التغذية البصرية في تطوير إمكانيتكم التصويرية، والأهم هو التحلّي بالخُلق الذي يؤهلكم أن ترتقوا”.