اليوم الدولي للمساواة في الأجر
اليوم الدولي للمساواة في الأجر هو يوم عالمي يُحتفل به في 18 سبتمبر من كل عام، ويهدف إلى تسليط الضوء على قضية الفجوة في الأجور بين الجنسين، وهي مشكلة لا تزال قائمة في جميع أنحاء العالم رغم التقدم الكبير الذي تحقق في مجالات حقوق المرأة والمساواة، هذه الفجوة تعكس الفارق في الأجور بين الرجال والنساء الذين يقومون بالعمل نفسه أو بأعمال متشابهة، لكنها تتأثر أيضًا بعوامل متعددة مثل التمييز الهيكلي، والمسؤوليات الأسرية، والتمييز على أساس النوع الاجتماعي.
الفجوة في الأجور: مشكلة عالمية
تعتبر الفجوة في الأجور بين الجنسين مشكلة شائعة في معظم دول العالم، سواء كانت هذه الدول متقدمة أو نامية، وفقًا لتقارير منظمة العمل الدولية، تكسب النساء حوالي 77 سنتًا مقابل كل دولار يكسبه الرجل في العمل ذاته، هذا يعني أن الفجوة في الأجور تبلغ حوالي 23% على مستوى العالم. ورغم وجود اختلافات بين الدول والمناطق، إلا أن الفجوة لا تزال قائمة حتى في البلدان التي تتبنى سياسات تقدمية تجاه حقوق المرأة والمساواة.
في بعض المناطق، تكون الفجوة أكبر بسبب عوامل ثقافية واقتصادية، مثل التمييز على أساس الأمومة أو الأعراف الاجتماعية التي تمنع النساء من الوصول إلى وظائف ذات أجر مرتفع، وفي مناطق أخرى، قد تكون الفجوة أقل، لكنها لا تزال مشكلة تحتاج إلى معالجة جذرية.
أسباب الفجوة في الأجور
هناك عدة أسباب تسهم في استمرار الفجوة في الأجور بين الجنسين. من أبرز هذه الأسباب:
التمييز المباشر وغير المباشر: رغم أن العديد من البلدان قد أقرت قوانين تحظر التمييز في الأجور، إلا أن التمييز المباشر أو غير المباشر لا يزال منتشرًا. في بعض الأحيان، يُدفع للرجال أكثر ببساطة لأنهم يُعتبرون أكثر جدارة أو لأنهم يعملون في قطاعات تُعتبر تقليديًا “ذكورية”، حتى وإن كانت النساء يمتلكن المهارات والخبرات ذاتها.
تقسيم العمل القائم على النوع الاجتماعي: في كثير من المجتمعات، تكون هناك أدوار محددة لكل جنس، النساء غالبًا ما يتم توجيههن إلى وظائف ذات أجور أقل مثل التعليم والرعاية الصحية، بينما يُفضل الرجال في مجالات ذات أجور أعلى مثل التكنولوجيا والهندسة.
الأعمال غير المدفوعة: النساء يقمن بقدر كبير من العمل غير المدفوع مثل رعاية الأطفال والعمل المنزلي. هذه الأعباء المنزلية تقلل من فرصهن في الحصول على وظائف بدوام كامل أو تسلق السلم الوظيفي بشكل أسرع.
التمييز على أساس الأمومة: كثير من أصحاب العمل يفترضون أن النساء اللواتي لديهن أطفال أقل التزامًا بالعمل أو أقل كفاءة، مما يؤدي إلى تمييزهن عند التوظيف أو الترقيات، وهذا يشكل عائقًا كبيرًا أمام المرأة في الوصول إلى مناصب قيادية أو الحصول على زيادات في الرواتب.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية للفجوة في الأجور
الفجوة في الأجور لا تؤثر فقط على النساء بل تؤثر على الاقتصاد والمجتمع بشكل عام. عند تقليل الفجوة في الأجور، فإن النساء سيكنّ قادرات على تحقيق دخل أعلى، مما يعني أن الأسر بشكل عام ستحصل على مستوى معيشة أفضل. زيادة دخل النساء تعني أيضًا زيادة في الإنفاق الاستهلاكي، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.
على الجانب الاجتماعي، المساواة في الأجور تعزز من الشعور بالعدالة والمساواة داخل المجتمعات. عندما تكون هناك فجوة في الأجور، يشعر الأفراد بالظلم والتمييز، مما يؤدي إلى تقليل الحافز والإنتاجية. تحقيق المساواة في الأجور يسهم في بناء بيئة عمل أكثر عدالة وتكافؤًا، ويعزز من روح التعاون والإبداع.
الجهود الدولية لتحقيق المساواة في الأجور
على مدار العقود الماضية، شهد العالم جهودًا متزايدة لتحقيق المساواة في الأجور بين الجنسين، العديد من المنظمات الدولية، مثل منظمة العمل الدولية والأمم المتحدة، تعمل على رفع الوعي بأهمية هذه القضية وتشجيع الدول على اتخاذ خطوات جادة لتقليل الفجوة في الأجور.
اتفاقية المساواة في الأجور لعام 1951، التي اعتمدتها منظمة العمل الدولية، كانت إحدى أولى الخطوات الدولية نحو تحقيق المساواة في الأجور. وتلزم هذه الاتفاقية الدول الأعضاء بضمان تطبيق مبدأ “الأجر المتساوي للعمل المتساوي”. رغم أن العديد من الدول قد صدقت على هذه الاتفاقية، إلا أن تنفيذها الفعلي لا يزال يواجه تحديات كبيرة.
الحلول الممكنة لتقليل الفجوة في الأجور
تقليل الفجوة في الأجور يتطلب تضافر الجهود من الحكومات، الشركات، والمجتمع المدني. من بين الحلول الممكنة:
إصلاح السياسات والتشريعات: يجب أن تكون هناك قوانين صارمة تضمن تطبيق مبدأ المساواة في الأجور، مع فرض عقوبات على الشركات التي تتجاوز هذا المبدأ.
زيادة الوعي المجتمعي: التعليم والتوعية المجتمعية حول أهمية المساواة في الأجور يمكن أن يسهم في تغيير الأفكار النمطية المتعلقة بدور المرأة في سوق العمل.
تشجيع الشفافية في الأجور: يجب على الشركات أن تكون شفافة فيما يتعلق بهيكل الأجور لتجنب التمييز والظلم بين الجنسين.
تمكين النساء: يجب تعزيز قدرات النساء من خلال التعليم والتدريب المهني، مما يتيح لهن الوصول إلى وظائف ذات أجور أعلى ومسارات وظيفية أفضل.