بروفايلسلايدر رئيسي

بشري عبد المؤمن.. مبدع في الصحافة الثقافية ويملك سر الصنعة

  1. بشري عبد المؤمن.. مبدع في الصحافة الثقافية ويملك سر الصنع

واحدة من بين العبارات التي أرست لأسباب النجاح في الصحافة هي ما صاغها هنري واترسون الصحفي وعضو الكونجرس الأمريكي، حين قال: “أساس النجاح في الصحافة هو العادات الجيدة، والعقل الفطن، والشواعر الصادقة، والتهذيب الكامل.. وبالتالي الثبات”.

هذه الخلطة بين الجهد العقلي والشعوري والعادات الجيدة، تمكن منها الصحفي والباحث بقناة الوثائقية بشري عبد المؤمن، بطل أسبوعنا اليوم، الذي تعلم المهنة من الاطلاع على جرائد وكتب زينت مكتبة والده، ودفعته للقراءة في سن مبكر، فعرف نُص كلمة لأحمد رجب، وكاريكاتير مصطفى حسين، ومقالات جلال عامر.

يقول بشري للمرصد المصري للصحافة والإعلام: “ضمت مكتبة أبي كتبًا متنوعة، ففي الدين وجدت تفسير ابن كثير وفي السياسة بدأت بقراءة «الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق» للجورنالجي الكبير محمد حسنين هيكل، واطلعت على ملف قضية اغتيال السادات في كتاب مجهول دون غلاف ولا اسم مؤلف.

الدراسة والبدايات

أنهى “بشري” دراسته الجامعية من كلية التجارة عام 2017، دفعته أسرته ليعمل بأحد البنوك، لكنهم سرعان ما انتبهوا إلى حماس الابن للصحافة، فشجعوه على المضي قدمًا نحوها بعد ما انتهى من فترة خدمته العسكرية، لينتقل بشكل كامل إلى القاهرة ويطرق باب البحث عن فرصة عمل.

ولأن دراسته بعيدة عن الصحافة، درب نفسه بالاطلاع كتب عن كواليس المهنة، يقول: “مع الوقت أصبحت أقرأ أكثر لأطور موهبتي بكتب عملية مثل كتاب «الصحفي العالمي أو الشامل»، وقرأت أغلب الكتب الصادرة عن مراكز الإعلام في مؤسسات صحفية كبرى مثل البي بي سي والجزيرة، كما حصلت على دورة English for journalism المعتمدة من جامعة بنسلفانيا وغيرت رؤيتي للصحافة وللأفعال المستخدمة وتوظيفها وأشياء عدة”.

لكنه يعد أهم تدريب هو العمل الصحفي اليومي نفسه، بالبحث عن فكرة، وطريقة سرد القصة، والتساؤل الدائم كيف أبدأ موضوعي؟ ما هي الكلمة الأنسب، والبحث عن إطار حاكم للقصة، هل ثمة دراما أم لا؟ ما الصورة المناسبة للقصة؟ من أفضل مصدر يتحدث؟ “البحث عن إجابات لكل هذه الأسئلة هو أفضل تدريب” وفق بشري.

خطوات مهنية:

تنقل بشري بين العديد من الجرائد والمواقع العربية والمحلية، مثل مجلة الهلال، وأخبار الأدب، وملحق الأهرام يوم الجمعة، وجريدة الطريق، والدستور، وعرب لايت، وأخيرًا المصري اليوم، أما عن المواقع العربية فكتب في موقع قناة الميادين اللبنانية، ورصيف 22، وإضاءات، كما عمل مراسلًا لسكاي نيوز بالقاهرة، وعمل لخمس سنوات بموقع منصة الاستقلال الثقافية الفلسطيني، وتولى الإشراف على مدونة دار «دون» للنشر، وترأس قسم الثقافة بجريدة «الطريق» ثم ترقى ليصبح سكرتير تحرير الجريدة مشرفًا على 6 صفحات فيها.

أوكل إليه الأستاذ زين العابدين خيري مهمة تولي منصب «سكرتير تحرير» لمجلة معرض القاهرة الدولي للكتاب، ثم «مديرا لتحريرها» في العام التالي، عطفًا على عمله في مجال الإعداد التلفزيوني في برنامجي «حديث القاهرة» للإعلاميين خيري رمضان وإبراهيم عيسى، و«حبر سري» وكلاهما في قناة «القاهرة والناس».

كما يعمل حاليا بجريدة «المصري اليوم» التي يمتن لها كثيرًا ويؤكد أنها فتحت له أبواب من التعاون والتفكير مع زملائه في إنتاج موضوعات تكسر صورة الصحافة التقليدية، وأخيرا فهو باحث بقناة «الوثائقية»، وموقع سبيسيالي الإماراتي.

لكن الصحافة الثقافية والتاريخية ظلت متربعة على عرش قلبه، يعود إلى الأرشيف وحكايات الماضي ليجدها كنزًا يحوي الكثير من القصص المدهشة، فيقدمها للقراء بشكل يجمع بين البحث والمعلومة والكتابة الأدبية الشيقة.

كل موضوع كتبه كان قريبا لقناعته وقلبه، لكنه يذكر منها موضوعات: مقتل الطفل «حسن أبو رمضان» في مباراة كرة قدم بالأردن بين الوحدات والفيصلي، أو الكتابة عن كسينجر في وفاته تحت عنوان «الثعلب يغادر».

البحث عن الحكاية:

تحرك عين الباحث بشري، فيلتفت لحكايات الناس في الماضي والحاضر، ويكتب عنها صانعًا ملفات مغزولة بالتنقيب عن زاوية مختلفة لكل قصة، ومنها ملف (صحافة الهامش) بجريدة «المصري اليوم»، عن صحافة من هم داخل الأسوار من «مساجين» و«مجانين»، ومجموعة من القصص الصحفية الأخرى مثل «منيو حكام مصر» عن طعام الرؤساء، أو «فهيمه التي أصبحت فهيم» عن أول عملية تحويل جنسي في مصر، أو قصة «الباش ريس أحمد» أشهر حارس بحديقة حيوان الجيزة الذي يتحدث 6 لغات، وقصة الطبيب النفسي المثالي بأمريكا، اليهودي الذي يعارض الصهيونية «تيري كوبرز» الذي تبرع من أجل إقامة دولة إسرائيل طفلا وفكر في محاربة مصر عام 67، ثم عاد ليرفض كل سياسات إسرائيل وخرج في مظاهرات تتضامن مع غزة وتتطالب بوقف إطلاق النار رغم تجاوزه الثمانين عامًا، وملف عن المظلوم «محمد حسن الشجاعي» الذي كان أحد أسباب التحاقه بـ«سكاي نيوز».

كما قدم مجموعة من الحوارات الصحفية التي يعتز بها وعلى رأسهم، حواره مع الأديب الفلسطيني إبراهيم جابر إبراهيم بعد 23 عامًا من آخر حواراته لصحيفة مصرية خصوصا في ظل الأحداث المأساوية الأخيرة التي تحدث في غزة، وملف «زيارة متأخرة لصديق» عن المخرج شادي عبدالسلام بجريدة «الدستور» وهي سلسلة من 10 حلقات.

يقول: “قدمت في «الدستور» سلسلة تقارير تحت عنوان «مستقبل الثقافة في مصر» كانت عبارة عن 15 حوارًا مع شخصيات عامة في مجالات مختلفة نتحدث فيها عن أزمة الثقافة وسٌبل حلها، وأخيرا ملف أعددته عن الشاعر محمود قرني قبل رحيله بأيام، لكني أعتز كثيرا وبشكل شخصي بمقالي عن والدي في «المصري اليوم».

رؤية جديدة للصحافة وسر الصنعة:

القصة المختلفة تحتاج لزاوية قراءة مختلفة، وكتابة كلمات طازجة غير مستهلكة، هذا ما يسعى إليه بشري في عمله..

يقول: “الكتابة عن مجدي مهنا تستلزم العودة للمعارك الصحفية التي خاضها دافعا ثمن عودة هيبة المقال الصحفي، ومقدمة لملف عن جلال عامر في رحيله تستدعي الكتابة بحس ساخر، أو البحث عن جوهر من أكتب عنهم، القرب منهم إنسانيا، فربما تصلح رواية «الشوك والقرنفل» للسنوار لقراءته داخليا”.

الكتابة الأدبية:

بخلاف تحرير بعض الكتب أو العمل كباحث تاريخي يساهم في جمع أرشيف صحفي لها وتدقيقها تاريخيًا، صدر لبشري كتابين، الأول بعنوان «أنا يوسف إدريس»، وهو محاولة لكتابة السيرة الذاتية معتمدا على مذكراته التي كتبها هو ثم تراجع عنها، والثاني بعنوان «صحافة الهامش.. خلف أسوار طره والسرايا الصفرا»، بتقديم الدكتور محمد المخزنجي ورسومات الأستاذ عمرو سليم، وهو مختلف نسبيا عن الملف الصحفي المنشور بـ«المصري اليوم»، وفيه محاولة جدية للبحث عن صحافة من هم داخل الأسوار من «مساجين» و«مجانين» مقابل صحافة من هم خارجها.

تحديات وطموحات:

تعاني الصحافة الورقية من أزمة وجودية في عصر المنصات الرقمية، وتغير شكل وآليات القراءة، لذا يحرص بشري على تطوير أدواته، والاستمرارية في قراءة الكتب التي تهتم بتطوير الصحافة وخصوصا الصادرة عن مراكز معتمدة أو صحفيين كبار، بخلاف متابعة أغلب القصص التي تحصد الجوائز سواء في مصر أو خارجها، للتعرف على الأشكال والأنماط الجديدة في الصحافة، وحضور الورش أو المحاضرات.

ويطمح الصحفي والباحث الشاب ب بالانتهاء من كتابه الثالث، وصناعة المزيد والمزيد من الأفلام الوثائقية التي يعمل عليها الآن، وتقديم أفكار كثيرة مؤجلة، ويذكر حلمه الأكبر هو خوض غمار كتابة السيناريو للسينما أولا ثم الدراما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى