بين الادعاء والنفي.. أزمة جريدة “الطريق” تُهدر أحلام الصحفيين بعضوية النقابة
أزمة اندلعت داخل جريدة الطريق، بعد قرار مدحت بركات رئيس مجلس الإدارة بفصل 6 من الصحفيين المُعينين، ووقف تعيين 40 زميلًا من المتدربين، وهو القرار الذي أثار أزمة داخل المؤسسة ومجلس نقابة الصحفيين.
حاولت نقابة الصحفيين على مدار أسابيع، الوصول إلى حل مع رئيس مجلس الإدارة، دون التنازل عن أيٍ من حقوق الصحفيين المُعينين وغير المُعينين، ولكن رفض “بركات” جميع الحلول المطروحة، فاتخذ مجلس النقابة قرارًا بوقف القيد.
غياب بيئة العمل الآمنة
استنكر الصحفيون غياب بيئة العمل الآمنة داخل المؤسسة؛ حيث أكدت الصحفية بالجريدة رضوى ناصر، أن مقر العمل لم يكن مؤهلًا لاستقبالهم، ولا يتوفّر به أماكن صالحة للعمل، مع عدم وجود باقات إنترنت شهرية، وكانوا مضطرين لشحن باقات الإنترنت بأموالهم الذاتية من أجل الانتهاء من أعمالهم.
صحفيون بدون مستحقات مالية
على الرغم من محاولات نقابة الصحفيين المستمرّة، لتطبيق الحد الأدنى للأجور بالمؤسسات الصحفية المختلفة، ولكن كان الأمر في جريدة الطريق مختلفًا؛ حيث أكد علي الحمداوي الصحفي بالجريدة، أنهم لم يتقاضوا أي رواتب منذ عام 2020، لأكثر من 3 سنوات لم يحصلوا على أي مستحقات مالية.
كل ذلك بالإضافة إلى إجبار المؤسسة الزملاء، على دفع تأميناتهم الشهرية، بحِجة أن الجريدة تتعرّض لأزمة مالية، وغير قادرة على الالتزام بمستحقات التأمينات، ووجود مديونيات عليها، ما دفع الزملاء إلى الالتزام بدفعها، خوفًا على مستقبلهم واستمرار عضويتهم بالنقابة.
أكدت الصحفي بالجريدة رامي نادي الصحفي بالجريدة، أنهم استمرّوا في العمل من المنزل لفترات طويلة؛ نظرًا لعدم صرف أي رواتب، وذلك لتقليل النفقات، حيث أكدوا أن رئيس مجلس الإدارة استغلّهم لسنوات عملوا فيها فوق ساعات العمل، وبدون رواتب، وبأجهزتهم الشخصية، في مقابل وعود بالتعيين والقيد بنقابة الصحفيين.
“انتوا فجرتوا”.. إهدار الحقوق الأدبية للصحفيين
طالب الصحفيون بإنهاء الأزمة، ومحاولة الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، بالإضافة إلى إعادة فتح المقر، والعودة للعمل، رد رئيس مجلس الإدارة على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي للزملاء قائلًا: “انتوا فجرتوا”.
واعترضت إحدى الصحفيات على طريقة وأسلوب الحديث الذي وصله الحوار المشترك مع رئيس مجلس الإدارة، قائلة: “دي كلمة تتقال لصحفيين محترمين!”، وأكد الزملاء أن مستوى الحوار من رئيس مجلس الإدارة تدنّى بشكل كبير، وهو ما يُهدر حقوقهم الأدبية، بالإضافة إلى حذف أي صحفي يعترض على ذلك، من المجموعات الرسمية للجريدة بتطبيقات التواصل.
التحايل لإسقاط المديونيات
توجّه الصحفيون بعد الأزمة إلى مقر الجريدة لعمل محاضر إثبات، وشكاوى بمكتب العمل، ليُفاجئوا أنها أصبحت “شقة سكنية”، ولم تعد مقرًا لها، بالإضافة إلى تغيير المقر سابقًا من الدقي إلى المهندسين دون إخطارٍ لأي جهة رسمية.
وأكدوا أن مدحت بركات رئيس مجلس إدارة الجريدة، أخطر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بوقف طباعة العدد الورقي مؤقتًا، والذي لم يُطبع منذ شهر أكتوبر، بالإضافة إلى إخطار النقابة بغلق المؤسسة، في محاولة للتحايل على هيئة التأمينات الاجتماعية، وذلك لإسقاط المديونية، والتي بلغت نحو نصف مليون جنيهٍ.
شكاوى ومحاضر بقسم العجوزة
تقدّم نحو 50 من الصحفيين بالجريدة، بشكاوى فردية إلى مكتب العمل، مُختصمين مدحت بركات رئيس مجلس إدارة الجريدة، وهو رئيس حزب أبناء مصر، لفصله تعسفيًا 6 الصحفيين المُعينين بالجريدة.
وحرر الصحفيون 50 محاضر بقسم شرطة العجوزة، بالإضافة إلى تقديم شكاوى في رئاسة الجمهورية، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة العليا للأحزاب، وغيرها من الجهات ذات الصِلة.
وقال الصحفيون في محاضرهم وشكاواهم، إن “بركات” أغلق مقر العمل دون إخطار الجهات المختصّة، وأوقف لوحات عمل باقي الصحفيين، ومنعهم من ممارسة عملهم، وهددهم بالفصل هم أيضًا إذا لم يدفعوا تأميناتهم بالمخالفة لقوانين العمل، غير امتناعه عن إعطائهم حقوقهم المادية منذ أشهر.
ولفتوا إلى رفض رئيس مجلس الإدارة، الوفاء بوعوده بمنح عقود للصحفيين غير المُعينين في المكان، أو منح خطابات ترشح لنقابة الصحفيين، لمن حل عليهم الدور، وجاءت الخطوة الأخيرة، بإعفاء رئيس التحرير من منصبه لوقوفه مع الصحفيين.
وهدد الصحفيون العاملون بالجريدة، بتصعيد إجراءاتهم وخطواتهم المقبلة، ضد رئيس مجلس الإدارة، حتى الحصول على كامل مستحقاتهم المالية والمعنوية أيضًا، وإعادة المفصولين، وتعيين المتدربين.
الجريدة تخاطب النقابة بانتهاء الأزمة.. والصحفيون: ليس حقيقيًا
حصل المرصد على صورة من خطاب أرسلته الجريدة إلى نقابة الصحفيين، يوم 6 نوفمبر 2023، أكدت خلاله عقد جلسة تسوية ودية بين النقابة والإدارة، يوم 5 نوفمبر 2023، وقررت شركة “الصفوة للصحافة والطباعة والنشر” المالكة للجريدة، الاستجابة للآتي:
– إرسال خطاب للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بالرجوع عن التوقّف المؤقت.
– استدعاء المؤجلين، لتسليمهم خطابات الترشيح للجنة القيد بالنقابة.
– النظر في تعيين دفعة جديدة.
– مطالبة أي زميل تقدّم بشكوى لعدم استلام راتب، يقوم بمراجعة الشركة، ويقدّم خطابًا بأيام الحضور، وأرشيف بعدد الأخبار الشهرية، وسيتم مراجعتها من قِبل الإدارة، وتحويلها إلى مبالغ نقدية، وتسليمها لهم.
وأكدت الزملاء في حديثهم للمرصد، أن الجريدة لم تُبد أي نية، لتنفيذ ما رد بخطابها إلى النقابة، وأنها لم تخاطب أيًا من غير المُعينين لتعيينهم، ولم تُبدِ أي نية للتعيين من الأساس، في حين طالبت خطاب بأيم الحضور إلى مقر المؤسسة للعمل، والمقر مغلق وتم تحويله إلى شقة سكنية، وهو ما تم إثباته في محضر بقسم العجوزة.
*
نقابة الصحفيين تتخذ قرارًا بوقف قيد الجريدة والزملاء يعترضون
دخلت نقابة الصحفيين، في مفاوضات مع الجريدة، انتهت بقرار المجلس في اجتماعه يوم 7 نوفمبر 2023، وقف قيد الصحيفة، مع ثلاث صحف أخرى؛ وذلك نظرًا لتكرر حالات الفصل التعسفي التي قامت بها المؤسسات بحق الزملاء الصحفيين.
وأوقف مجلس النقابة قبول أوراق الزملاء بلجة القيد لجدول تحت التمرين الحالية، وستقبل فقط الزملاء المؤجلين من اللجنة السابقة، وذلك لحين إنهاء أزماتها، وإعادة قيد الزملاء المفصولين، والتعهّد بعدم فصل أي زملاء جدد.
ولاقى قرار نقابة الصحفيين رفضًا من الزملاء؛ حيث أكدوا أن وقف القيد أهدر حُلمهم بالالتحاق إلى صاحبة الجلالة، وذبح أحلامهم، وتضييع مجهودهم لسنوات طويلة.
مصدر بإدارة التحرير: نعمل على اتخاذ قرارات تزيل أسباب الوقف
وكشف مصدر -رفض ذكر اسمه- بإدارة تحرير الجريدة، عن نية مدحت بركات رئيس مجلس الإدارة حل الأزمة، وإعادة قيد الصحيفة، خاصة وأنه بدأ في إجراءات إعادة فتح الملفات التأمينية للصحفيين الـ6 المفصولين، لافتًا إلى توجّه الزملاء إلى مكتب التأمينات للسير في إجراءات إعادة فتح الملف التأميني لهم، وذلك قبل قرار مجلس النقابة بوقف قيد الجريدة.
وقال في حديثه للمرصد، إن تعيين عدد الزملاء غير المُعينين بالجريدة مرة واحدة، هو أكبر من طاقة المؤسسة، خاصة وأنها مدينة لهيئة التأمينات الاجتماعية بمبلغ كبير، مؤكدًا أن رئيس مجلس الإدارة كان قد اتخذ قرارًا أخطر به الزملاء المُعينين بالنظر في الرواتب بالالتزام بالحد الأدنى المذكور في المعقود المُبرمة معهم، كجزء من حل الأزمة.
وأضاف: “يعمل رئيس مجلس الإدارة، على اتخاذ قرارات تزيل أسباب الوقف خلال الفترة المقبلة، وحل الأزمة”.
رئيس التحرير: خضت معركة منفردًا لإعادة الترخيص.. واليوم كل ذلك ينهار!
وتواصل المرصد المصري للصحافة والإعلام مع محمد عبدالجليل رئيس التحرير، والذي قال إن رئيس مجلس الإدارة أعفاه من منصبه، وأخطر بذلك نقابة الصحفيين، بالإضافة إلى إخطارهم والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بوقف إصدار وطباعة الجريدة مؤقتًا، وهو ما يضعها في أزمة حقيقية من إلغاء الترخيص من جديد.
وأضاف أنه خاض معركة كبيرة “منفردًا”، من إعادة ترخيص الصحيفة بعد أن كان ترخيصها ملغيًا لدى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وقيدها مُعطّل من النقابة، وجاء رئيس مجلس الإدارة الآن ليهدم كل الجهود التي قام بها خلال الأشهر الماضية، ويُعرّض الجريدة للتوقّف.
وأكد “عبدالجليل” أن الأزمة لها أكثر من شَق، وليست فقط إعادة المفصولين للعمل، ولكن أيضًا تعيين الزملاء غير المُعينين، وأزمة رواتب أيضًا مستمرّة لسنوات، لافتًا إلى أن حل الأزمة يكون بحل جميع المشكلات وليس جزءًا منها.
وتابع: “ما يقوم به رئيس مجلس الإدارة هو مجرد مسكنات للأزمة ، وليس حلًا جذريًا، فوجئنا بفصل الزملاء قبل انعقاد لجنة القيد مباشرة، وهو ما كان قرارًا غريبًا بالنسبة لنا جميعًا، وما حدث من قبول أوراق الزملاء باللجنة هو قرار من مجلس النقابة، وليس جهوجًا من رئيس مجلس الإدارة، بالتالي هو لم يُقدّم شيئًا للأزمة”.
وأعرب رئيس التحرير عن اندهاشه من خطاب رئيس مجلس الإدارة، الذي أرسله إلى النقابة -والذي حصل المرصد على صورة منه- للتأكيد على حل الأزمة، لافتًا إلى أن الخطاب طلب من الصحفيين تسليم كشف حضور انصراف لصرف رواتبهم المتأخّرة، على الرغم من أن مقر الجريدة غير موجود من الأساس، وكان قد أرسل مدحت بركات رئيس مجلس الإدارة تسجيلًا صوتيًا على أحد مجموعات التواصل، أكد خلاله للزملاء أن الجريدة ليس بها “بصمة” أو كشوف حضور وانصراف.
واستكمل قائلًا: “عندما حرر الزملاء محاضرًا بقسم شرطة الدقي، ومحاضرًا بمكتب العمل، توجّهت قوة من مكتب العمل والقسم لمقر الجريدة، وفوجئوا أن المقر أصبح شقطة سكنية، بالتالي لا يوجد مقر للجريدة الآن، هيكل المؤسسة أصبح بدون مقر أو طباعة أو رئيس تحرير”.
وأشار رئيس التحرير إلى قيام “بركات” بفصل الزملاء، اعتقادًا منه أن ذلك سيُسقط مديونية التأمينات، ويصبح قادرًا على غلق الرابط التأميني بشكل كامل، ولكنه فوجئ بغير ذلك، وطالبته التأمينات اتخاذ خطوات مُعينة، مثل غلق الملف الضريبي، وتسليمه، وتصفية الشركة، والتسوية مع العاملين، وهو ما دمّر خطته في فصل جميع المُعينين بالصحيفة، واعتقاده بأن مجلس نقابة الصحفيين لن يكون قادرًا على اتخاذ موقف ضد الجريدة أو وقف القيد، وبعد ذلك حاول سحب خطاب وقف طباعة الصحيفة من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ونقابة الصحفيين، ولم ينجح في ذلك.
وطالب “عبدالجليل” بتعيين الزملاء غير المُعينين بالجريدة، تحت إشراف لجنة يُشكّلها مجلس النقابة، لضمان تعيين الزملاء وإنهاء الأزمة، أنا حزين لوقف القيد، وهو قرار قاسي؛ وذلك لأن إعادة قيد الصحيفة ليسًا أمرًا سهلًا، ولكن كان يجب على مجلس النقابة التحرّك من أجل حماية الزملاء وحقوقهم.
ووجّه “عبدالجليل” الشكر لمجلس نقابة الصحفيين، برئاسة خالد البلشي، مؤكدًا أنها كان لها موقف حازم وقوي في تلك الأزمة، ووقفت بجوار الزملاء حتى تحصل على كامل حقوقهم دون انتقاص.
وكيل النقابة للتسويات: قرار النقابة له أسانيد قانونية صحيحة
كشف محمد سعد عبدالحفيظ وكيل نقابة الصحفيين للتسويات، أن قرار المجلس بوقف قيد الصحيفة، جاء استنادًا لعدد من الأُسس، أهمها تعدد حالات الفصل التعسفي بحق الزملاء، ووقف تأمينات 6 منهم دون الرجوع إليهم أو إلى النقابة، والتحقيق معهم وفقًا للقانون.
وقال في حديثه للمرصد، إن رئيس مجلس إدارة المؤسسة مدحت بركات أخطر النقابة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بوقف طباعة الجريدة، وأعفى رئيس التحرير من منصبه، ولن يستبدله بآخر، بالتالي القانون أصبح لا يسمح في هذه الحالة بدخول صحفيين من مؤسسات ليس لها إصدارات ورقية، وليس لها رئيس تحرير وهيكلها التحرير مكتمل.
وأكد أن قرار مجلس النقابة سليم، وله أسانيده القانونية الصحيحة، وأُخطر به رئيس مجلس الإدارة، وفي حالة تم حل كل الأزمات التي اتخذ مجلس النقابة القرار على أساسها، والنقابة تتحقق من ذلك، سيُعاد النظر في القرار، وإعادة قيد الصحيفة.
الفصل التعسفي في القانون ودور النقابة
وخاضت النقابة مشوارًا في أزمات الفصل التعسفي، سواءً على مستوى إدارات الصحف المختلفة، أو من خلال الجهات المعنية بالدولة؛ حيث لا تُعد هذه المرة هي الأولى التي يتخذ فيها مجلس النقابة قرارًا بوقف قيد صحيفة بسبب حالة فصل تعسفي.
وخاطبت نقابة الصحفيين برئاسة خالد البلشي، وزارة التضامن الاجتماعي، بتفعيل القرار الوزاري بمنع فصل أي صحفي بدون العودة إلى النقابة.
كما خاطبت النقابة مكتب تأمينات الدقي، بتفعيل المادة رقم 16 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 180 لسنة 2018، والتي تنص على الآتي: “لا يجوز فصل الصحفي أو الإعلامي من عمله، إلا بعد التحقيق معه، وإخطار النقابة المعنية بمبررات الفصل، وانقضاء 60 يومًا من تاريخ هذا الإصدار، تقوم خلالها النقابة بالتوفيق بين جهة عمله، فإذا استنفذت النقابة مرحلة التوفيق دون نجاح، تُطبَق الأحكام الواردة في قانون العمل في شأن فصل العامل، ولا يجوز وقف راتبه أو ملحقاته خلال مدة التوفيق.