حنان عبد العزيز.. مصورة عابرة المؤسسات والقلوب

حنان عبد العزيز.. مصورة عابرة المؤسسات والقلوب
في كل صورة التقطتها كانت هناك حكاية.. وبين كل لقطة وأخرى، كانت حنان عبد العزيز تبحث عن الإنسان، وليس الإطار. لم تكن الكاميرا بالنسبة لها مجرد آلة، بل امتدادًا لقلب يرى قبل أن يلتقط، وأذن تسمع نبض الشارع قبل أن تضغط على زر التصوير.
بدأت رحلتها مع الضوء والظل مبكرًا، مدفوعة بشغف طفلة اكتشفت العالم من خلال عدسة، ومن مقاعد الدراسة في المعهد العالي للسينما إلى صالات التحرير، ومن شوارع القرى النائية إلى بلاط القنوات الرسمية، ظلت عيناها تلتقطان ما لا يُرى، وتسردان قصص الناس بلغة بصرية صادقة.
نبذة شخصية ومسار مهني:
بدأت حنان رحلتها مع عالم الإعلام والصورة مبكرًا، منذ دخولها المعهد العالي للسينما، وتخرجت عام 1995 بتقدير عام جيد جدًا، واستكملت دبلوم الدراسات العليا ثم التحقت بالعمل في المجلس القومي للسكان في ديسمبر عام 1990، وهي لا تزال في السنة الأولى من الدراسة، واستمرت في هذا العمل حتى يناير 1992.
لم تكن تخطط للعمل بالصحافة، لكن الصدفة لعبت دورها، حين طلبت الصحفية فاطمة دياب -وكانت صديقة لزوج أختها- مصورًا فوتوغرافيًا لمرافقتها في تغطية موضوعاتها مقابل مبلغ رمزي، مع كتابة اسمه على الصور. وقد رُشحت حنان لهذا الدور، وكانت في نهاية العام الثاني من المعهد، بالتزامن مع تنظيم معارض لأعمال الطلبة. شاهدت فاطمة أحد أعمالها الفوتوغرافية في المعرض، وأُعجبت بها، فعرضت عليها العمل فورًا، فوافقت حنان دون تردد، لتبدأ رحلتها دون أن تهتم كثيرًا بأسماء الجرائد والمجلات التي كانت فاطمة تتعامل معها داخل مصر وخارجها.
لاحقًا، تعرّفت على الصحفي الكبير أسامة الدليل، الذي كان يشغل منصب رئيس تحرير جريدة “المحرر”، وطلب منها التنازل عن بعض الصور، فتقابل معها وبدأت في العمل بالجريدة، حتى خُصصت صفحة كاملة للصور فقط. بعدها، انتقلت إلى مؤسسة “أخبار اليوم”، حيث عملت مع الأستاذ حسن دياب، ثم التحقت بمكتب الدكتور رمسيس مرزوق، أحد رواد التصوير السينمائي في مصر.
في مرحلة لاحقة، عملت بوزارة التربية والتعليم، أولًا في مركز التطوير التكنولوجي كوحدة تصوير فيديو، ثم كمصورة لوزير التربية والتعليم. بعدها، انضمت للعمل بالتلفزيون المصري، حيث تواصل عطاؤها حتى اليوم، كما تعمل مصورة بالهيئة الوطنية للإعلام – بدرجة “كبير مصورين”.
الجوائز والتكريمات:
حصلت حنان على العديد من التكريمات في مسيرتها، منها مشاركتها في معارض “صالون الشباب”، وجمعية التصوير الفوتوغرافي المصرية، كما نالت الجائزة الكبرى في معرض الجمعية المصرية للتصوير عام 1994. إلى جانب ذلك، تم تكريمها عن مشاركاتها في بعض الأعمال الفنية المتميزة.
الدعم الأسري:
كان لأسرتها دور محوري في نجاحها، وعلى وجه الخصوص والدها – رحمه الله – الذي كان أكبر داعم لها في مسيرتها، وهو ما مكنها من الاستمرار والتفوق في مواجهة الصعوبات.
نقطة التحول:
تعتبر حنان أن العمل مع الدكتور رمسيس مرزوق كان أكثر المحطات المهنية تأثيرًا في حياتها، حيث مثّل لها لحظة تحوّل فارقة، خرجت خلالها من عالم الطفولة البريئة إلى واقع الناس الحقيقي، بما فيه من معاناة وألم، خصوصًا في المناطق النائية والمهمشة.
تقول في حديثها للمرصد: “فتحت هذه التجربة عينيً على الشارع المصري لأول مرة، واستطعت من خلالها زيارة وتصوير كل شبر في جمهورية مصر العربية”، واصفة التجربة بأنها بمثابة “ولادة جديدة”.
العلاقة بالكاميرا:
ترتبط حنان بالكاميرا بعلاقة حب شديدة، فهي “العين” التي ترى بها العالم، و”الإحساس” الذي تعيش من خلاله اللحظة. لم تكن الكاميرا بالنسبة لها مجرد أداة عمل، بل جزء من كيانها.
التحديات المهنية:
واجهت حنان تحديات طبيعية في مجال عملها، أبرزها اضطراب مواعيد العمل وصعوبة الالتزام مع الأهل أو الأصدقاء في المناسبات والأعياد. لكنها استطاعت تخطي تلك العقبات بفضل دعم أسرتها المستمر، الذي مثّل صمام الأمان في حياتها المهنية والشخصية.
البرامج الحالية:
تشارك حنان حاليًا في تقديم عدد من البرامج المهمة، منها:
كنوز الوطن، بقطاع الأخبار.
تياترو، في القناة الثانية.
جسور، وهو برنامج معني بمد التواصل بين البلدان، تقدمه الدكتورة تغريد عرفه.
طموحات مستقبلية:
رغم سنوات الخبرة الطويلة والإنجازات المتعددة، لا تزال حنان تملك شغفًا بالتعلم. فهي تطمح خلال الفترة المقبلة إلى استكمال دراستها العليا والحصول على درجة الماجستير، وهو الحلم الذي تعثر سابقًا بسبب مسؤوليات الزواج وتربية الأبناء. واليوم، بعد أن كبر أبناؤها وأصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم، أصبحت لديها المساحة الزمنية والطاقة النفسية لمواصلة الدراسة، والتعرف على كل جديد في عالم التصوير، الذي لا يزال يمثل جوهر شغفها.