روان الضامن.. إعلامية رائدة في العمل الوثائقي
بطلة الأسبوع الحالي، إعلامية ومعدة ومخرجة وصانعة أفلام وثائقية.. فلسطينية الأصل أردنية المولد.. حملت همّ القضية الفلسطينية، وأفردت لها أفكارها وخبرتها العلمية والتقنية لإيصالها للآخرين بصورة إبداعية.حققت أعمالها تفاعلًا جماهيريًا كبيرًا وتأثيرًا واسع النطاق، ونالت عنها الكثير من التكريمات والجوائز.. فتعالوا بنا نتعرف على السيرة الذاتية لــ روان الضامن المديرة التنفيذية لشبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية “أريج”.
النشأة
وُلدت روان الضامن عام 1979، في عمان بالأردن.. وعاشت طفولة هانئة، برعاية خاصة من والدها جمال الضامن (مهندس مدني)، ووالدتها ريما كمال (باحثة اقتصادية وكاتبة)، وكان والداها يشجعها هي وأشقائها (ديما وأحمد) على النقد البناء واكتشاف الخطأ والصواب، الأمر الذى كان له أثر كبير فى تفكيرها لاحقا.
قرأت مئات الكتب فى مرحلة الطفولة والمراهقة بتشجيع من أبويها، ورغم تأثرها بكل الكتاب الذين قرأت لهم، إلا أن أديبها المفضل كان غسان كنفاني، حيث ترى أنه كاتب سبق عصره قدم فلسطين بطريقة إبداعية، وعندما كبرت قرأت للأديب إبراهيم نصر الله وتأثرت بكتاباته.
أحبت روان الكتابة منذ طفولتها، وكتبت في الصحف الأردنية، وهي في المرحلة الابتدائي مقالات في صفحات الأطفال، ومثلت مسلسلا للأطفال اسمه “أوراق الصغار – الكمان الحزين”، وهي في الثامنة من عمرها، وكانت لها ميول في البحث، خاصة في التاريخ الشفوي لفلسطين، حيث عملت مع شقيقتها ست سنوات أثناء المدرسة على ذلك، وشاركت في تأليفِ ثلاثة كتب وهم: “أطفال فلسطين أيام زمان”، و “التاريخ في ذاكرة الطفولة”، و “مدارسنا في قفص الاتهام”.
ورغم هذا، كانت روان تعشق الرياضيات والعلوم، أكثر من الأدب عموما، وكانت الفيزياء هي مادتها المفضلة، لذا عندما كبرت في الثانوية، دخلت التوجيهي العلمي (التوجيهي هو امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة في الأردن وفلسطين)، وكانت من العشرة الأوائل على دفعتها، وبعد إتمام المرحلة الثانوية وجدت نفسها تميل بقوة إلى دراسة علم الاجتماع والإعلام، وأصبح حلمها أن تقدم برامج إعلامية عن المجتمع وللمجتمع. واستغرب عدد من أقاربها وأصدقائها، من اختيارها الالتحاق بكلية الآداب، ورغم الانتقادات التى وُجهت إليها، إلا أنها كانت سعيدة لأنها اختارت تخصصًا تحبه.
البدايات
بعد التحاقها بجامعة بيرزيت لدراسة علم الاجتماع والإعلام، جربت روان الضامن، الكتابة الصحفية والعمل الإذاعي والعمل التلفزيوني، وأشكال العمل التلفزيوني المختلفة الأخبار، والتقارير، والبرامج المنوعة، وحتى الدراما، لكن أكثر ما استهواها هو “الوثائقيات”، وأنجزت بطلتنا أول وثائقي في حياتها (إعدادًا وتصويرًا)، وهي في السنة الرابعة من الجامعة، وكان عنوانه “في انتظار النور” ومدته 10 دقائق، وتناول قصة عائلة مسيحية في مدينة رام الله أثناء الانتفاضة الثانية، وشارك الوثائقي في مهرجان ميلانو في إيطاليا، وعُرض في الولايات المتحدة في عام 2001.
تخرجت روان في جامعة بيرزيت عام 2001 بعد حصولها على بكالوريوس في الإعلام التلفزيوني والإذاعي، وحصلت على دبلوم في إخراج الأفلام الوثائقية من مؤسسة Fogo السويدية للتدريب، وعلى درجة ماجستير (مع مرتبة الشرف) في الإعلام التلفزيوني والاتصال من جامعة ليدز في بريطانيا عام 2003، و حاضرت في جامعة بيرزيت في فلسطين والبترا بالأردن، وعينت مستشارة إعلامية لمكتب منظمة اليونيسيف الإقليمي.
مع شبكة الجزيرة
بدأت مسيرتها المهنية التلفزيونية عام 1999 في فلسطين ثم الأردن، وعملت في الأخير معدة ومقدمة برامج في التلفزيون الأردني فى الفترة من 2004 إلى 2006، بعدها التحقت بشبكة الجزيرة في الفترة من 2006 حتى 2016، وهناك تولت مسئولية برنامجي “تحت المجهر”، و”فلسطين تحت المجهر”، وأشرفت على أكثر من 250 وثائقيا ترجمت عشرات منها للإنجليزية، وبثت على قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية، أبرز هذه الوثائقيات كان رائدات (2008)، و”النكبة” (2008) و”أصحاب البلاد” (2009)، و”ثمن أوسلو” (2012).
في برنامج “رائدات” التى أعدته وقدمته بنفسها، عرفت روان الضامن، المشاهد العربي على باقة نسائية، هي نخبة النخبة في الوطن العربي مستعرضة شؤون رائداتها الإبداعية والفكرية وحتى العائلية منها في قالب برامجي متأمل ورائق هدفه أن تكون المرأة هي الرسالة.
وفي العام 2008 أيضًا أعدت وأخرجت “النكبة”، الذي تناول نكبة فلسطين منذ عام 1799 إلى عام 1947 وفيه كشفت الخطط الخفية لتحويل فلسطين إلى إسرائيل منذ حكم نابليون، وما قبل الحرب العالمية الأولى، ثم مرحلة الانتداب البريطاني والمؤتمر الصهيوني حتى عمليات التطهير العرقي في فلسطين وهو ما سمي بالنكبة.
واستند وثائقي”النكبة إلى العديد من المقابلات والتصوير الخارجيّ في فلسطين وأوروبّا وغيرها من الأماكن، ونالت روان الضامن على برنامجها أكثر من جائزة في أكثر من محفل إعلامي، ومنها جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل عن فلسطين في مهرجان الجزيرة الخامس للأفلام الوثائقية، وجائزة الجمهور في مهرجان آمال AMAL EUROARAB FILMFESTIVAL بإسبانيا، وترجم وثائقي النكبة لعشر لغات متاحة جميعا على اليوتيوب: https://bit.ly/2ghsa8z
بعد “النكبة” أخرجت الضامن برنامجًا آخر عن فلسطين هو “أصحاب البلاد”، اعتمد البرنامج على شهادات لشهود عيان منذ التهجير القسري، وعلى آراء لباحثين وأخصائيين في القانون والتاريخ والسياسة، وناشطين حقوقيين ومنكوبين وأصحاب ديار مستوطنة.
شاركت الضامن أيضًا في الإشرافِ على عمليّتي إنتاج وإخراج فيلمي “السلام المر” عام 2009، وفيلم الطريق إلى 25 يناير عام 2011. ويعتبر “السلام المرّ” هو أحبّ الأعمال إلى قلبها ﻷنه صُنِعَ من داخل المكتب واعتمد حصرًا على الأرشيف، دون أيّ مقابلات أو تصوير، أو أيّ شيء آخر، وقد قيل لها إنّ الوثائقيّ لا يمكن أن ينجح إذا اعتمد على الأرشيف فقط، وكان ذلك تحدّيًّا نجحت فيه، وكشف إمكانيّاتها في السرد الوثائقيّ. فيما كان “ثمن أوسلو”، مختلف تمامًا عن أعمال روان السابقة، فهو تحقيق استقصائيّ أكثر من كونه فيلمًا وثائقيًّا.
في معظم أعمالها الوثائقيّة خاصة تلك المتعلقة بفلسطين، تصرّ روان على أن تسرد القصّة بصوتها، ولكن كان فيلم “الطريق إلى 25 يناير” (2011) العمل الوحيد الّذي لم يظهر فيه صوتها الشخصيّ، ويرجع السبب في هذا إلى أنها أردت أن يكون الفيلم مصريًّا خالصًا.
وإلى جانب أعمالها الوثائقية سالفة الذكر، قادت وأطلقت عبر شبكة الجزيرة مشروع “ريمكس فلسطين”، وهو موقع تفاعلي باللغات العربية والانجليزية والتركية والبوسنية والإسبانية، يهدف إلى تمكين المستخدم من إنتاج قصص جديدة عن فلسطين من عشرات الوثائقيات المحترفة عن فلسطين، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وحازت على جائزة الإبداع الإعلامي من مؤسسة الفكر العربي في بيروت، عام 2015، وذلك عن جهدها في فكرة وتخطيط وتنفيذ وقيادة فريق إطلاق موقع “ريمكس فلسطين”.
ما بعد الجزيرة
بعد الجزيرة، انتقلت روان للعملِ عبر مختلف المنصات على الإنترنت؛ حيثُ قدّمت في منصة “إدراك للتعلم عن بعد” بالتعاون مع شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) مساقًا لتعلّم أساسيات السرد القصصي الرقمي، وشغلت منصب المدير التنفيذي لمؤسسة “ستريم” للاستشارات الإعلامية، المتخصصة في حملات التغيير والتأثير،كذلك شغلت عضوية جائزة الشارقة للاتصال الحكومي، والأمانة العامة لمنتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال، وأطلقت في أغسطس 2019 مبادرة «سفير فلسطين» التي تهدفُ إلى تمكين كل مهتم بالقضية الفلسطينية من تقديمها إلى محيطه بالشكل الأمثل و إمداده بالمعلومات والمهارات اللازمة لذلك.
قصة العمل مع أريج
فى أكتوبر 2017 كانت روان فى ورشة تدريبية فى بيروت، وبالصدفة قابلت الكاتبة الصحفية رنا صباغ على الطائرة العائدة من بيروت إلى عمان، وبعد حديث امتد لساعة كاملة، عرضت عليها رنا أن تعمل فى “أريج”، كمدربة سرد قصصي وإنتاج التحقيقات التليفزيونية، وافقت روان على العرض، وبعد عام واحد (2018) انضمت الضامن إلى مجلس إدارة المؤسسة، وترأست لجنة تحكيم جوائز أريج، و تم اختيارها كمدير تنفيذي للمؤسسة فى أواخر 2019، وتسلمت مهام منصبها الجديد في يناير 2020.
ورغم تحديات أعوام جائحة فيروس كورونا المستجد، استطاعت الضامن مضاعفة أعمال “أريج” من تحقيقات استقصائية ومشاريع، وميزانية وشركاء، وقادت فريقًا مكون من حوالي ٣٠ صحفيًا/ة في ثماني دول عربية للعمل مع مئات الصحفيات والصحفيين الاستقصائيين على امتداد الوطن العربي وخارجه، ومئات المحررين والمشرفين ومدققي الحقائق والمحامين.
تنويه هام: اعتمد البروفايل السابق بشكل كامل على حوارات صحفية أدلت بها روان الضامن إلى بعض المنصات الإعلامية وإلى تقارير إعلامية أخرى تناولت سيرتها الذاتية.
المصادر:
https://www.youtube.com/watch?v=7CmoGNUiAtI
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/11/18/214480.html
https://mediainaradicalizedworld.sched.com/speaker/rawan_damen.2097yjtc
https://istakteb.com/blogs/%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%85%D8%B9-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A7%D9%85%D9%86/