بروفايلسلايدر رئيسي

روبير الفارس.. فارس في عالم الصحافة والأدب

من قراءة كتاب مُلقى على الأرض في بلدته بصعيد مصر، ولج حب الكتب إلى قلب روبير الفارس، حتى باتت هواية الاطلاع ركيزته الأولى لامتهان الصحافة وعالم الأدب.

 

روبير الفارس في سطور:   

الصحفي والكاتب روبير الفارس 45 عامًا، يعمل حاليًا باحث في بوابة الحركات الإسلامية والأقليات الدينية بجريدة البوابة نيوز، صدر له 45 كتابًا، منهم كتابين مترجمين للإنجليزية، وهو عضو نقابة الصحفيين، وعضو الاتحاد العام للكُتاب، كما يعكف في الوقت الحالي على كتابة سيناريو لتحويله إلى عمل درامي من خلال كتاباته عن الأقليات، ويهتم بقضايا المواطنة والمرأة ودور الفن والأدب في رفع الوعي. 

 

بداية الرحلة: 

في مرحلة الدراسة الإعدادية تطلع على مجلة “صوت الراعي” التي كانت تصدر من الإسكندرية للفتيان وتحوي مجموعة من القصص والألغاز، وحكايات على طريقة سلسلة أعمال “المغامرون الخمسة”، كما كانت تنظم مسابقة سنوية باسم “الصحفي الصغير”، تفتح فيها المجال للمتابعين الشباب لكتابة أعمالهم، فقدم فيها روبير وفاز بنشر عمله مرتين. 

لكن ارتباطه بشكل حقيقي بالقراءة بدأ من خلال كتاب ملقى على الأرض؛ يتذكر مع المرصد هذه الواقعة، يقول: “تأثرت كثيرًا بسبب هذا الكتاب حتى بدأت أبحث عن أماكن لبيع الكتب، فتعرفت على بائعي الجرائد وما لديهم من الكتب والإصدارات الخاصة بالصحف، وأحببت قراءة الجرائد وإصداراتها، واقتنيت الكثير منها إلى أن تعرفت على كتب عمالقة الأدب مثل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وبدأت مرحلة جديدة من القراءة، ومنها ركزت كل جهدي لأكون صحفي وكاتب مثل هؤلاء من أقرأ لهم”. 

تحولت القراءة إلى روتينه اليومي الذي يقتصد من أجلها من مصروفه لشراء الكتب، إلى أن راسل الصحف في المرحلة الثانوية لتنشر في أبواب بريد القراء وتحمل توقيعه، ما شجعه أكثر على مواصلة رحلته. 

في المرحلة الجامعية كان الباب مفتوحًا أمامه للعمل بالصحافة بسبب كثرة الإصدارات الورقية وزخم العمل الثقافي بشكل عام، عاصر جيل من عمالقة الصحافة مثل صلاح عيسى في جريدة القاهرة، وأسامة سلامة، والذي كان رائدًا في صحافة المواطنة، وعبد الله كمال في جريدة روزاليوسف الذي كلفه عام 2006 بكتابة صفحة أسبوعية متخصصة عن الأقباط، ليصبح اسم روبير صاحب التجربة الأولى لكتابة صفحة منتظمة بهذا الملف، في وقت لم يكن من المعتاد صدور صفحة منتظمة تتحدث عن هموم الأقباط، إلى أن صدرت تجارب مشابهة في جرائد عدة منها الأهرام والأخبار وانتقلت بعدها إلى باقي الصحف والبوابات الإلكترونية ليكون الملف القبطي والأقليات الدينية حاضرًا بقوة بالعمل الصحفي. 

تنوعت كتابات روبير بين الملف القبطي والفني والأدبي والثقافي، يقول: “هذا نابع من قناعتي بأن الصحافة أكبر من مجرد خبر، هي أداة تنوير بالأساس، ولتعدد قراءاتي كتبت في هذه الملفات ولم أكتفي بالكتابة الأحادية لصالح قسم واحد”.

 

عاصر أيضًا روبير خلال عمله بجريدة وطني الأسبوعية الدكتور عادل كامل، المتخصص في الموسيقى، ومن خلال التعرف عليه والكتابة تحت إشرافه حصل على عضوية نقاد السينما لكتابته في مجال النقد الفني. 

موضوعات فارقة: 

ارتبط اسم روبير الفارس بالموضوعات الجدلية التي صنعت حراكًا كبيرًا في المجتمع المصري، منها تقريره للرد على كتاب دكتور محمد عمارة “فتنة التكفير بين السنة والشيعة”، الذي حمل العديد من الآراء المتطرفة، وكانت موضوعات روبير وقتها تتحدث عن المواطنة وخطورة الكتاب على وعي المصريين، ونتاج ذلك مصادرة وزارة الأوقاف الكتاب، وتقديم بيان اعتذار.

كما أجرى حوارًا مع اللواء فؤاد علام، تناول فيه عدم وجود أقباط  في جهاز أمن الدولة خلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وناقش أحوال الأقباط في عصر السادات وجمال عبد الناصر، وأثار هذا الحوار ضجة كبيرة، وترجم إلى اللغة الإنجليزية.

ومن الموضوعات التي يفخر بها هي كتابته وتصويره لتقرير عن منطقة أثرية وعن بعثات تنقيب وجص كان الأثريون المكلفون بها يتركون علامات إرشادية تعينهم على العودة للمكان، لكن هذه العلامات كانت تُسهل على اللصوص الإشارة إلى وجود آثار في المنطقة، وبعد التقرير تغير الحال ولم تعد ترسم هذه الإشارات، وحل الأمر بطرق مختلفة، 

 

إنجازات مهنية: 

عمل روبير في جامعة ساسكس البحثية البريطانية، وبدأت عمله  في بعدما قرأت الدكتورة ماريز تادرس كتابه “مبارك والأقباط”، ووقع اختيارها عليه لينضم إلى الفريق البحثي بالجامعة، يقول: “أفتخر بعملي في الجامعة، وأنتجت على مدار سنوات كتابات قيمة وأوراق بحثية أصبحت بمثابة مراجع في الشأن القبطي والتراثي والمرأة، ومنها  أوراق بحثية عن تراث المرأة والفلكلور الشعبي. 

 

كما أصدر روبير خلال هذه الفترة 3 كتب عن الفلكلور، أحدهم عن “الفلكلور القبطي” عام 2007 عن سلسلة الدراسات الشعبية الصادرة عن قصر الثقافة، وقدمه الكاتب الكبير الراحل خيري شلبي، والثاني عن الفلكلور السياسي للأقباط، أما الأخير عن السحر عند الأقباط، يقول: “جميع كتبي سلطت الضوء على مناطق مجهولة، وساهمت في نشر من الوعي وحقائق غائبة عن حياة مسيحيو مصر، خاصة وأن هذه الفترات كانت بيئة خصبة للكثير من الشائعات التي أججت فتن طائفية”. 

ويعتز كثيرًا بلقاءه مع الأديب العالمي نجيب محفوظ، يقول: “من أجمل أيام حياتي اليوم الذي التقيت فيه بالأديب المصري الكبير ففي عام 2006،  أصدرت كتيب عن رؤية مسيحية لرواية أولاد حارتنا، وبسببها طلبني للقائه، وأوضحت فكرتي لدلالة الأسماء والأنبياء في المسيحية وتشابهها مع الرواية، وطلب نسخة من الكتيب الذي وصفه بأنه واحد من الرؤى القريبة لقلبه التي قدمت عن روايته”.

ومن اللقاء أنتج روبير مشروع أدبي بعنوان “استعادة” هدفه البحث عن نقاط القوة المجهولة في عصر النهضة، وتسليط الضوء عليها من خلال إعادة قراءة كتب وروايات مثل كتابه رؤية مسيحية لأولاد حارتنا، وعبقرية المسيح… المعركة المجهولة بين العقاد والأقباط”، وغيرها من الكثب التي قدم خلالها رؤية مغايرة وبحث فيها عن زاوية اجتماعية جديدة. 

كما كتب عن رحلاته في إيران، وأجرى لقاءات مع قادة دينيين واجتماعيين في كل من ألمانيا وأمريكا، يحكي: “الصحافة جعلتنا نرى العالم بعين جديدة  ونبحث عن كل ما هو مختلف”.

تكريمات صحفية:

رحلة طويلة خاضها روبير ولا زال يقدم فيها الكثير، لكن أبرز التكريمات التي يشعر بسعادة تجاهها، حين يخبره أحد القراء عن تأثير كتاباته، يقول: “شعرت بفرحة كبيرة عندما قابلني قارئ في المنيا، يدرس بكلية الطب، وقدم لي كشكول به قصاصات من مقالاتي وأخبرني أنه مهتم بكل ما أكتبه ويحتفظ دائمًا به، ويضيف: “اعتبرت هذا الموقف بمثابة تكريم كبير”.

 وحصل على شهادة تقدير من الجائزة الثقافية لنقابة الصحفيين عن تقرير “الأقباط الممنوعون من الظهور على الفضائيات المسيحية”، كما خصصت له نقابة الصحفيين شهادة تقدير عام 2022 عن موضوع اسمه “غزوة عزيزة.. أسرار معركة مجهولة لطه حسين”، والذي تحول إلى كتاب قدمه وزير الثقافة الأسبق حلمي النمنم، وأشادت وقتها النقابة بالكتاب في الحفل الأخير. 

وأيضًا وصلت روايته “جريمة في دير الراهبات” إلى القائمة القصيرة لجائزة ساويرس الثقافية.

تحديات مهنية: 

لم يكن طريق روبير ممهدًا، فقد تعرض للعديد من الأزمات، ومنها التي يصفها برفض كل طرف من الأطراف المتشددة سواء في الجانب الإسلامي أو المسيحي لكتاباته غير المتفقة مع أفكارهم، وتعرضه للإهانة والترصد كل مرة يلقي فيها الضوء على التطرف سواء عند هذا الجانب أو ذاك، يقول: “تعرضت لمشاكل أنا وأسرتي لرفض  الأصوليين مناقشة إشكالياتهم”.

تحد آخر يواجه روبير بسبب تحول الصحافة من النمط الكلاسيكي الورقي إلى الإلكتروني ثم الذكاء الاصطناعي، ورغم أنه ينتمي إلى الصحافة الورقية، لكنه في الوقت نفسه يتعلم الكثير من أبناؤه والجيل الجديد عن الإيه آي، وصحافة الذكاء الاصطناعي ويؤمن أن التعلم المستمر هو الوسيلة الوحيدة أمام أي صحفي/ة يرغب/ترغب في التواجد ومواكبة التطور. 

 يشرح ذلك: “أعشق الورق بكل أشكاله، وأحتفظ بأعداد من جرائد فترة العشرينات والثلاثينات، وأعتبرها أكثر ألفة مع القراء/ات الذين-اللواتي اعتادوا التواصل مع الجرائد من خلال البريد، ومع ذلك أحب العصر الحديث بكل تقلباته، وأجده وسيلة لإعادة نشر كتاباتي التي أعتز بها، وإعادة تعريفي بجيل جديد من الصحفيين/ات”. 

 وأخيرًا يحلم روبير بوقت يتفرغ فيه للكتابة الأدبية، ويستكمل مشروعات درامية تؤخذ عن الكتابات الأدبية”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى