برعت في البحث عن الحقيقة، واقتناص المعلومة من مصادرها، لم تمنعها نشأتها الريفية من المُضي قُدمًا في طريق حُلمها، إلا أنها رفضت الوقوف في موضع المتفرج الصامت، وقررت أن تنقل الواقع كما هو، دون تحيّز أو تشويه.
هي سارة أبو شادي صحفية بدرجة مُحققة، كل هدفها هو الكشف عن الحقيقة، وتسليط الضوء على المشكلات المختلفة، مهما كان الوصول لها مُرهقًا، كل ذلك بالنسبة لها مُتعة.
بدأت “سارة” حياتها المهنية من الصفر، ونجحت في تحدّي الكثير من عادات الريف المختلفة، التي ترفض سفر الفتيات، ولكن كانت أسرتها داعمةً لها طوال الوقت.
بداية القصة
تفوّقت “أبو شادي” خلال مرحلة الثانوية العامة، والتحقت بكلية الإعلام جامعة الأزهر، لتبدأ أول سُلمة في حُلمها الذي طالما راودها، وهو الوصول إلى بلاط صاحبة الجلالة.
انتقلت “أبو شادي” إلى محافظة القاهرة للالتحاق بكلية الإعلام، حتى تخرّجت عام 2016، ومن هنا بدأ مشوارها مع مهنة المتاعب، وانطلقت من جريدة “بلدنا اليوم”، والتي كانت أول محطة في رحلتها المهنية الطويلة، ونجحت في صناعة العديد من التحقيقات الصحفية المُميّزة، التي نقلت من خلالها أوجاع المواطنين، وكشفت الفساد.
كان أول تحقيق صحفي نجحت “أبو شادي” في صناعته، عن حادث غرق مركب رشيد عام 2016، والذي حقق صدى كبير في ذلك الوقت، وأثبتت من خلاله لكل المُحبطين أن قرار الاغتراب من أجل التعليم والطموح كان هو القرار الصحيح.
“في الكثير من الأوقات كنت أسافر على نفقتي الشخصية، من أجل الحصول على معلومة فقط، أو لقطة مُميّزة”، هكذا قالت سارة أبو شادي، التي خاضت مشوارًا طويلًا من التضحيات في سبيل العمل بالصحافة؛ حيث تخلّت عن الحياة وسط أهلها، وقررت أن تعيش بعيدًا بهدف تحقيق حُلمها فقط، وعلى الرغم من أنها لم تكن تتقاضَ مبالغ مُجزية، إلا أنها استمرت في البحث عن شغفها بالصحافة.
محطات في مسيرتها المهنية
بعد التخرج بنحو 4 سنوات، وتحديدًا خلال 2020، قدّمت سارة أبو شادي مجموعة قصص صحفية مُميّزة، بالتعاون مع موقع “ذات مصر”، وكانت هذه ثاني محطة من محطات مشوارها المهني، ونجحت خلال هذا الوقت، في لفت أنظار الكثير من العاملين بمجال الصحافة والإعلام، وذلك بمجموعة من القصص المُميّزة، والأفكار المختلفة التي قدّمتها.
التحقت “سارة” بموقع “المدار” عام 2021، والتي صنعت فيه العديد من التحقيقات الصحفية القوية، وطافت جميع المحافظات، فقط بحثًا عن الاختلاف، وأصل المعلومة في كل تحقيق، من الإسكندرية إلى أسوان.
اعتبرت “سارة” تحقيقها عام 2022 بعنوان “رحلة البحث عن أدهم صبري” هو الأهم في مسيرتها المهنية، والأقرب إلى قلبها، وهو تحقيق عن بطل سلسلة روايات للدكتور نبيل فاروق بعد وفاته، وعلى مدار عامٍ كاملٍ نجحت في الوصول لملامح الشخصية الحقيقية.
من هنا انتهت رحلة سارة أبو شادي موقع “المدار”، لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرتها المهنية عام 2022 مع موقع “مصراوي”، في قسم الشؤون الدولية والعربية، والتي مازالت تعمل به حتى اليوم، من خلال ملفات وتحقيقات وقصص من دول عربية مختلفة، بجانب قصص محلية مُميّزة، كان أبرزها تحقيق منشور في نوفمبر الماضي، بعنوان” أطباء السخرة.. محنة الأطباء المُقيمين في المستشفيات الجامعية”، نجحت من خلاله في الكشف تكشف عن أزمة كبيرة تواجه أطباء النيابة في المستشفيات الجامعية، والذين يتم استنزاف طاقاتهم في عدد ساعات عمل تفوق قدرتهم، مما ينتج عنه، وكشفت عن فاة بعضهم من شدة الإرهاق، وهو التحقيق الذي حقق صدر واسع، وبعدها بدأت وزارتا الصحة والتعليم العالي دراسة الحلو المناسبة للأزمة.
أحلام مؤجّلة
أحلامها لا حدود لها، تعبر جميع الخطوط مثل شعاع الشمس، رغم العقبات التي مرّت بها في حياتها المهنية، والتي يأتي بعضًا منها كجزء من التحديات التي تمر بها الصحافة في مصر والعالم.
تحلم سارة أبو شادي أن تعبر حدود البلاد، لتصنع فارقًا كبيرًا من خلال تحقيقات مختلفة في أماكن النزاعات، من فلسطين، مرورًا بسوريا، ثم إلى العراق، واليمن.
وقالت: “كل المؤشرات حول الصحفيين، تقول إن الصحافة تعاني أزمة، ولكن مازال لديّ أمل”.
وترى “سارة” أنه على الرغم من عدم حصولها على أي جائزة على موضوعاتها الصحفية، إلا أنها تعتبر أن الصدى الذي تحققه هذه الموضوعات هو أكبر نجاحٍ لها.