شهرت أبو المكارم.. نجمة ظل خلف الكيبورد

تعلق قلبها بمهنة البحث عن المتاعب منذ نعومة أظافرها، وحال مجموعها فى الثانوية العامة دون تحقيق حلمها، لكنها أبت ورفضت الاستسلام للظروف، وبحثت عن حلمها الذي لم تعرف ملامحه إلا بعد رحلة شاقة من السعي، وما إن وصلت له حتى تمكنت الصحفية شهرت أبو المكارم من حفر اسمها بأحرف من ذهب كونها واحدة من أبرز محرري السوشيال ميديا فى مصر.

محرر السوشيال ميديا..
تكمن قوة المؤسسات الصحفية على منصات التواصل الإجتماعي في قوة فريق عمل الديجيتال الخاص بها، فـ محرر السوشيال ميديا هو الواجهة الأولى لأي منصة في التواصل المباشر مع الجمهور، وحلقة الوصل بين صالة التحرير والجمهور، والعكس، ولا يقل دوره وأهميته عن أي زميل صحفي في صالات التحرير، فهو في الأصل صحفي، لكن يتمتع بمواصفات ومهارات خاصة، منها الكتابة اللغوية السليمة، والإلمام بمنصات التواصل والتسويق الرقمي، وبرامج التحرير للديجيتال وبرامج الجرافيك، ومثلما يقدم الصحفي مادة خبرية على لوحة نشر موقعه الإلكتروني، يقدم محرر السوشيال ميديا مادة خبرية مصغرة مدعومة بمادة ديجيتال سواء صورة أو فيديو جراف أو إنفوجراف للجمهور مباشرة.

هذا النوع من التخصص إذا لم تكن شغوفًا به ومقتنعًا بتأثيره فلن تبدع، والعاملون فى هذا المجال هم حقًا نجوم الظل خلف الكيبورد وأصحاب مهارات السرعة في التغطية الخبرية، وقد أبدعت شهرت أبو المكارم فى هذا التخصص وتميزت فيه بمرور الوقت.

بداية الشغف
وُلدت شهرت أبو المكارم فى محافظة القاهرة وتحديدًا بمنطقة الظاهر، وهى صعيدية الأصل والجذور تنتمي إلى محافظة المنيا وتحديدًا مركز أبو قرقاص، بدأت تتعلق بالصحافة فى سن العاشرة، حيث كانت شغوفة بشراء الجرائد وتجميع الموضوعات المتميزة، كان قلبها معلقًا بالأخبار والأهرام والجمهورية، وكانت عندما تمر هي ووالدتها أمام مباني هذه الصحف تردد عبارة “يومًا ما سأكون صحفية في هذا المكان”، وقت انتفاضة الأقصى أعدت مجلة حائط كاملة (صورًا وكتابةً وتخطيطًا) عن الانتفاضة الفلسطينية واستشهاد الطفل محمد الدرة، فكانت هذه أول تجربة صحفية لها تحت إشراف مدرسي، وبمجهود شخصي ودعم من أسرتها، خاصة والدتها التى آمنت بحلمها ودعمتها.

لم يمكنها مجموعها فى الثانوية العامة من تحقيق حلم الالتحاق بكلية الإعلام. فى البداية حاولت الالتحاق بأحد معاهد الإعلام التى كانت قليلة فى ذلك الوقت، لكنها اصطدمت برفض أسرتها، بسبب بُعد المكان ومرورها بأزمة صحية تستدعي نقلها للمستشفى في حال حدوثها، ووقتها كان من الصعب على والدها أن يصل إليها سريعا، فـ التحقت بكلية النظم والمعلومات وتخصصت فى البرمجة الهيكلية، وظل قلبها معلقا بالصحافة والورق والقلم لدرجة أنها كانت تحضر محاضرات إعلام جامعة القاهرة مع أصدقائها طوال 4 سنوات وكانت تستعير كتبهم لتتعلم منها.

بداية شهرت الفعلية فى بلاط صاحبة الجلالة كانت عام 2008، عبر دورة تدريبية مدفوعة نظمتها صحيفة الرأي الحر، بعدها تدربت فى وكالة أنباء الشرق الأوسط (بوابة الشباب)، وحصلت على دورة تدريبية بنقابة الصحفيين الإلكترونيين وكانت بداية احترافية مع الصحفي أحمد أبو القاسم، ثم التقت سامح عبدالله مدير معهد الأهرام الإقليمي للصحافة، وتدربت معه.

وبعد تدريب معهد الأهرام الإقليمي للصحافة، خاضت شهرت فى جريدة الفجر تجربة المزج بين الصحافة والإعلام الرقمي على منصات التواصل الإجتماعي، وعملت بصحيفة المدينة السعودية، وشاركت في تأسيس صحيفة المدار الكويتية بالتعاون مع الدكتور خالد العنزي. إضافة إلى تواجدها ضمن فريق عمل “روتانا خليجية” لأكثر من 5 سنوات للتغطية الصحفية للبث المباشر على تطبيقات الإعلام الجديد، وكانت “روتانا خليجية”، هي بوابتها لإتقان التغطية الصحفية لمنصات التواصل الإجتماعي والإعلام الرقمي.

وكانت هناك محاولات للانضمام إلي صحيفتي الشروق والمصري اليوم ولكن لم يحالفها الحظ، وعملت في جريدة الوسط الإلكترونية، ثم موقع مصر العربية الإخباري، لتعود مرة أخرى إلى جريدة الفجر، وبعد ثماني سنوات من العمل الشاق والدؤوب في موقع الفجر، كللت إدارة المؤسسة جهودها وتميزها بتعيينها وانتسابها إلى نقابة الصحفيين.

تركي آل الشيخ وأبو هشيمة
إلى جانب هذا شاركت شهرت أبو المكارم، في تأسيس حسابات المستشار تركي آل الشيخ على السوشيال ميديا، ثم تغطية أول بطولة “بلاي ستيشن” في مصر تحت رعاية تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه. كما شاركت في إدارة الحملة الإنتخابية لرجل الأعمال والنائب بمجلس الشيوخ أحمد أبو هشيمة على السوشيال ميديا وعدد من المرشحين الآخرين، وقد أضافت هذه التجربة لها الكثير من الخبرة والطموح وتوافرت لها فرصة التعاون مرة أخرى مع أبو هشيمة، الذى دعاها إلى مكتبه لبحث تطوير حساباته على منصات التواصل الإجتماعي ولازلت على تواصل معه الآن (وقت كتابة هذه السطور)

وتقود شهرت فى الوقت الراهن تجربة صحفية فريدة بموقع القاهرة 24، وتشغل حاليا منصب مدير إدارة السوشيال ميديا والديجيتال بمؤسسة القاهرة 24، بالإضافة لوجودها ضمن تجارب صحفية ناشئة.

وخاضت شهرت تجربة التدريب، بعدما رشحتها إدارة القاهرة 24 لتقديم محاضرات تدريبية معهد الأهرام الإقليمي للصحافة لـ 50 مشتركًا من أكتر من 10 دول قدمت خصيصا لـ الإتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات عن ” النشر وكسب التأييد على “السوشيال ميديا” ضمن محاضرات دبلوم الإعلام والتسويق الكشفي الذي يقيمه الاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات بالتعاون مع معهد الأهرام خلال الفترة من 14 مارس 2021 وحتى 4 أبريل 2021 ، عن بُعد، وكانت هذه التجربة الاحترافية الأولى، ولكن خلال الخمس سنوات حرصت شهرت على مساعدة وتقديم العون لكل الزملاء المهتمين بتطوير مهاراتهم في دمج الصحافة مع التسويق الرقمي الاحترافي على مواقع النشر للتواصل الاجتماعي.

مواقف محرجة
لم تكن بدايات شهرت فى مجال الصحافة سهلة على الإطلاق، ففي بداية مشوارها فى مهنة البحث عن المتاعب تعرضت بطلتنا إلى العديد من المواقف المحرجة، ونذكر منها موقفين فقط، الموقف الأول: حضرت مقابلة شخصية مع مدير تحرير أحد المواقع الإخبارية الكبرى، بتوصية من أحد أساتذتها، وكانت مقابلته لها تحمل قدرًا من السخرية والاستهانة، وجرى تكليفها بتقرير صحفي جلست لإنهائه “على سلم العقار” نظرا لعدم سماحه بتواجدها داخل المكتب، وبعد أيام تفاجأت بنشر التقرير بالعدد الورقي ويحمل اسم زميل آخر.

والموقف الثاني الذي تعرضت له بطلة حكايتنا: أنها تقدمت لوظيفة شاغرة بأحد المواقع الكبرى و استوفت جميع الشروط الخاصة بالخبرة، ومر وقت وانتظرت الرد وتفاجأت بقولهم “مينفعش محرر يكون فاهم أكتر من رئيس قسمه”.

أما أصعب لحظات الضعف والإنكسار التى مرت بها شهرت في المهنة، فـ هي الأزمة التي تعرضت لها بوابة جريدة الفجر، والمتمثلة في إغلاق كافة حسابات المؤسسة على منصات التواصل الإجتماعي، حيث ضاع مجهود سنوات من العمل الشاق فى لحظة واحدة.

لم تكن تجربة شهرت أبو المكارم سهلة على الإطلاق، فبرغم صعوبات المهنة، فقد كانت تعاني منذ صغرها من متلازمة أسبرجر إحدى اضطرابات طيف التوحد، وفي بداية مشوارها المهني، أصيبت بكهرباء زائدة في المخ ومنعها الأطباء من استخدام الهاتف المحمول أو جهاز الكمبيوتر لخطورتهما على حالتها الصحية، واستمرت فترة العلاج أكثر من ثلاث سنوات ولا تزال تتابع حالتها مع طبيب متخصص حتى الآن، بالإضافة إلى هذا فقد تجاوزت صعوبات اكتئاب ثنائي القطب واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ومؤخرا مرت بأزمة صحية جديدة وتم تشخيصها بمرض في القلب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى