عبدالوهاب شعبان.. صحفي بدرجة أديب

بطل الأسبوع الحالى، صحفي متعدد المواهب.. تتسيد روح الأديب أسلوبه فى الكتابة الصحفية، لذلك تخرج أغلب الموضوعات التي يكتبها مبللة بنكهة أدبية، تركز بالأساس على التفاصيل والوصف وما وراء الخبر.. فتعالوا بنا نتعرف على السيرة الذاتية الكاتب الصحفي عبد الوهاب شعبان.

وُلد عبد الوهاب شعبان بقرية منشأة سليمان التابعة لمركز أطفيح بمحافظة الجيزة، ورث حب الأدب عن والده.. أحب الإذاعة منذ نعومة أظافره، وعاش الونس مع القصائد، والأصوات الإذاعية البديعة، بعدما أنهى المرحلة الثانوية التحق بكلية التجارة جامعة حلوان، وكان يكتب الشعر أثناء فترة الجامعة وبعدها غير أنه لم ينشر ديوانًا لأنه يجد نفسي أكثر في الرواية. ﻷن الرواية بالنسبة له هي قصيدة شعر مفصلة، لشاعر لم يكتمل.

قبل دخوله مجال الصحافة كان بطلنا يدون يومياته في كشكول خاص، ويرسمها على هيئة موضوعات صحفية، لها عناوين، ومتن، و مذيلة باسمه، بجانب قصاصات صحف منتقاة، وفى عام 2006 ، دخل الصحافة من بوابة الشعر، بعد أن صادفته لافتة صحيفة “الصف العربي”، تعلو أحد العقارات الشاهقة بمدخل مدينة الصف بالجيزة، وقتها، صعد إلى المقر، وقابل مسئولًا، وطلب منه نشر قصيدة، فأخبره أن الصحيفة تصدر شهريًا، وعليه أن يترقب موعد الصدور، سلم قصيدته، وانتظر نحو 15 يومًا.

فيما بعد عمل عبدالوهاب بصحيفة “الصف العربي” الشهرية، لمدة عام ونصف، دون مقابل، وقد طلب منه رئيس تحريرها الانتقال من الشعر إلى العمل الصحفي.

في بداية مشواره تنقل عبدالوهاب شعبان، بين صحف شهرية، ونصف شهرية في محاولة لإشباع رغبة الكتابة بمقابل زهيد، حتى التحق بصحيفة البلاغ “الأسبوعية” في منتصف 2009، وكانت بالنسبة له نقلة نوعية من الهواية إلى الاحتراف. وبعد أسبوعين تقريبًا، حجز موقعه بما لا يقل عن صفحة كاملة أسبوعيًا، ما بين مواجهة حوارية، وتحقيق، أو ملف كامل عن قضية ما، وكان مدير تحريرها الكاتب الصحفي ياسر شورى، وذات مساء، وأثناء اجتماع في الأسبوع الثاني لعمله بالصحيفة، سأل ياسر شوري، عبد الوهاب عن عمله من قبل، فأجابه: “هذه أول تجربة مهنية احترافية في مسيرتي”، فأومأ الأول برأسه، ووعد بطلنا بتوفير فرصة عمل معه فى جريدة الوفد.

وفي “البلاغ” كان يتقاضى الأجر بكشف إنتاج شهري، وتقاضي في شهره الأول 120 جنيهًا. وبعد أن تضاعف إنتاجه لثلاثة أشهر، أو يزيد، أغلقت الصحيفة، وعاد عبد الوهاب إلى نقطة الصفر.

وفي 17 أكتوبر عام 2009، انتقل بطلنا إلى العمل فى جريدة الوفد، الناطقة باسم حزب الوفد الجديد، وهي المرحلة الأهم في تجربته، وهناك فتح عيناه على عالم آخر، صحيفة يومية متخمة بالرموز، والقمم المهنية، والأسماء اللامعة، وعليه أن يخوض معركة لأجل نشر خبر باسمه، وهناك قواعد صارمة، وأصول تأبى التغير، كأن تبقى 45 يومًا دون كتابة اسمك على خبر، ولا تصرف لك مكافأة خلال فترة لا تقل عن 3 أشهر تقريبًا.

وألقت به تجربة الوفد إلى تغطية “الملف القبطي”، وقتها كان تحديًا كبيرًا لوضع بصمة مهنية في ملف كهذا، إذ أن التواصل مع مصادره يعني مشقة بالغة، وقد تبوء المحاولات جميعها بخيبة أمل. قرأ، وتعلم، وطبق قاعدة:” إذا لم تقرأ صحف الغد في المساء، وترتب أفكارك، لا تذهب لعمل صحفي صباحًا”. وكان يمضي ليلًا طويلًا في قراءة الصحف، وتدوين الأفكار، وتعلم أساليب الصياغة الصحفية المختلفة، إلى جانب مداومته على تصفح المواقع القبطية المتخصصة بانتظام، وفي تغطيته الأولى لقداس عيد الميلاد المجيد بكاتدرائية العباسية عام 2010، شعر بأنه حقق انتصارًا عظيمًا حين نشرتها الصحيفة على صفحة كاملة. وبعدها حصل على أولى مكافآته في “الوفد”، وكانت 30 جنيهًا.

في مسيرته المهنية تأثر عبد الوهاب شعبان بكثير من الأساتذة، ولكن الأكثر تأثيرًا في تجربته على المستوى المهني كانوا : (ياسر شورى، وعادل صبري، والراحل عادل القاضي، وأسامة هيكل، وسليمان جودة، و عماد أبو صالح، وأكرم خميس) -مع حفظ الألقاب-، أما على المستوى الصحافي، والأدبي فأدهشه نموذج مصطفى عبيد، كأديب، وكاتب لا ينظر خلفه، ويمضي بتركيز شديد نحو هدفه.

كان غياب السكن بالقاهرة، أبرز الصعوبات التي واجهت عبدالوهاب في مسيرته المهنية، لأنه كان يتقاضى في بداية عمله بالوفد 200 جنيه، وبعد 2011 صارت 500 جنيه، وكان من الصعب أن يقيم بشقة، أو غرفة، وكان أحيانًا إذا تأخر الوقت لظروف الشغل يبيت على مقهى، أو في موقف ميكروباص حتى الصباح. وكان لأصدقائه ياسر إبراهيم، وإسلام جبارة، وأحمد أبوحجر، ومايكل فارس، بالغ الأثر في هذا الشأن، حيث انتبهوا لسفره المتكرر، من أطفيح للقاهرة، وأثر ذلك على غيابه عن الصحيفة، وفي الأوقات اللازمة كانوا يهونون هذا الأمر.

وفي تغطية الملف القبطي واجهته صعوبات عديدة في التعرف على أسماء الطقوس، والمناسبات، والشخصيات، وتغلب على هذه المعضلة بالإطلاع المتواصل، وسؤال الزملاء المتخصصين، وعلى رأسهم (عمرو بيومي، و باسنت موسى، و عماد خليل، و أحمد سعداوي، و شريف الدواخلي).

يحتاج العاملون فى مهنة البحث عن المتاعب، إلى عملية تنشيط وتجديد من وقت لآخر، ومن هنا تبرز أهمية التدريب لتخصيب عقول الصحفيين وتوسيع آفاقهم ومداركهم بما يساعد على تعميق الفكر ويكسبهم الإدراك المستنير، وإدراكًا منه بأهمية التدريب، حرص بطلنا على الحصول على العديد من الورش والدورات التدريبية أبرزها: دورة تغطية الأحداث الجارية بالتليفزيون الألماني، ودورة صحافة الموبايل بمركز كمال أدهم، ودورة التعليق الصوتي بنقابة الصحفيين، و دورة الكتابة الإبداعية بمكتبة البلد.

وبجانب الوفد، عمل عبدالوهاب في غرفة الأخبار بقناة “سي بي سي”، موقع “عناوين”، و موقع “مصر العربية”، وخلال مشواره أنتج العديد من الملفات التى أثارت قضايا هامة، منها على سبيل المثال لا الحصر الفتنة الطائفية”الأسباب والحلول” سلسلة حوارات في الوفد، حوار “مستشارة أوباما داليا مجاهد عام 2012″، ساعات الألم في معبر رفح (رصد معاناة أسر المجندين المختطفين عام 2013 )، وحوارات مرشحي البابوية في فترة ما بعد البابا شنودة، وتغطية أحداث فتنة قرية “أبو سويلم” ومقتل الرمز الشيعي عبد الله شحاتة عام 2013، وحوار البابا تواضروس في أول ليلة بابوية، والإقامة بالدير لرصد كواليس الاحتفال، و تفاصيل الليلة الأولى للبطريرك 118، وحوار الكاتب الراحل وديع فلسطين، وتغطية أحداث السيول بمدينة أطفيح عام 2020، وحوار الحفيدة المتبقية من أسرة حبيب جرجس مؤسس مدارس الأحد.

ومثلما كان لعبد الوهاب شعبان إسهامات صحفية، فإن مداد قلمه امتد للتأليف، لينتج لنا رواية واحدة اسماها ظل الأرامل، تنتمي هذه الرواية للأدب الاجتماعي وتعبر عن قضية مهمة من قضايا المجتمع.

وبالإضافة إلى رواية “ظل الأرملة”، لدى عبد الوهاب شعبان مئات الرباعيات العامية، وعشرات القصائد،إلى جانب كتاب ينتمي إلى لون “الرسائل الأدبية”، ويسعى في الفترة الراهنة إلى طباعة روايته الثانية.

حاز عبد الوهاب خلال مشواره على 3 جوائز صحفية؛ الأولى: جائزة التفوق الصحفي – فرع التغطية الميدانية عام 2014، والثانية: جائزة مصطفى وعلي أمين- في القصة الإنسانية عام 2016، والثالثة: جائزة نقابة الصحفيين- فرع التغطية الميدانية عام 2021، كما كرمته مدرسة أطفيح الابتدائية المشتركة عن مجمل مسيرته، وروايته “ظل الأرملة”، وهو من أهم، وأجمل اللحظات في مسيرته المهنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى