مارينا ميلاد.. صحفية تتقن فنون الصحافة العصرية  

ابنة كلية الإعلام جامعة القاهرة، التي تميّزت في السرد القصصي بالصحافة، ونجحت في القفز درجات سريعة نحو التميّز، وحققت في وقت قصير، الكثير من النجاحات المختلفة رغم صِغر سنها، وأنتجت عشرات القصص الصحفية خلال سنوات عملها، نالت عنها العديد من الجوائز، وترشّحت لأخرى.

هي مارينا ميلاد، صاحبة الـ29 عامًا، التي وُلدت في القاهرة، التي بدأت عملها الصحفي خلال عامها الجامعي الأول 2013، في جريدة المصري اليوم، والتي بدأت كمتدرّبة، ثم انتقلت لتصبح محررة بجريدة روزاليوسف.

كان هدفها الأسمى هو الالتحاق بكلية الإعلام، والعمل بالتلفزيون، تحقيقًا لحُلم طاردها في الطفولة، بأن تكون مذيعة، وكانت دائمًا ما تلعب مع أصدقائها هذا الدور، ولكن سرعان ما خطفتها “ندّاهة” صاحبة الجلالة، وأصبحت صحفية ناجحة ومختلفة.

بداية القصة

تغيّر حُلم “مارينا” من الالتحاق بالتلفزيون، بعدما قضت عامها الأول بكلية الإعلام، لتدرك وقتها أنها عشقت الصحافة والكتابة، وبدأت تغزل الكلمات على صدور الصحف المختلفة، وتخلق لنفسها مساحة، أثبتت فيها أن صحفية باقتدار.

في تجربتها الأولى بالصحافة، التحقت “مارينا” بالعمل في “وكالة أونا للأنباء”، كمراسلة عام 2014، ثم أدركت سريعًا التطوّر الذي يلاحق الصحافة، فلاحقته هي الأخرى بالانضمام إلى مجال الصحافة الرقمية، من خلال “موقع دوت مصر”، الذي عملت فيه بقسم الأخبار عام 2015، تلاه العمل بموقع وجريدة التحرير، وفي هذه الفترة، تلقّت عشرات الورش والتدريبات لتعلّم مهارات جديدة، كصحافة الفيديو، وإنتاج التحقيقات، وصحافة البيانات، وغيرها.

كما نجحت في إعداد دليلٍ للسرد القصصي الرقمي، والذي قدّمته بعِدة مؤسسات وجامعات؛ وهو دليل لكيفية استخدام استراتيجية السرد القصصي في الصحافة.

نقطة التحوّل

ربما كانت هذه النجاحات التي حققتها “مارينا” بالنسبة لها شيئًا عاديًا؛ فقد اعتادت أن تكون متفوّقة ومختلفة دائمًا، ولكن لاحقتها نقطة تحوّل أثّرت في مشوارها الصحفي بشكل كبير، وذلك حين انضمّت إلى فريق عمل “موقع مصراوي” عام 2017، ركّزت خلالها بشكل أكبر على إنتاج تحقيقات وقصص مُعمّقة متعددة الوسائط، تعتمد على طرق عرض مختلفة.

تعمل “مارينا” كـone-man-crew صحفية متعددة المهارات؛ حيث تكتب، وتصوّر، وتعمل على مونتاج القصص وصناعة الإنفوجرافات والتصميمات، وكان ذلك نقطة تحوّل في مسيرتها الصحفية على مستوى المادة المُقدّمة، وعلى مستوى التعلّم وتنمية المهارات.

تعاونت “مارينا” خلال تلك السنوات مع عِدة مؤسسات، مثل وكالة الأسوشيتدبرس الأمريكية، كما تتعاون كصحفية فيديو مستقلّة مع التلفزيون الألماني “دويتشه فيله DW”. 

جوائز وتكريمات

مسيرة صحفية مختلفة وقوية، لابد وأن تتكلل بعددٍ من الجوائز والتكريمات؛ وهذا ما فعلته “مارينا”، التي حصدت عددًا من الجوائز الصحفية المختلفة، منذ أن بدأت عملها بالصحافة إلى الآن، ومنها جائزة هيكل للصحافة العربية عام 2018، وجائزة المركز الدولي للصحفيين عام 2023، وترشّحت لجوائز أخرى كجائزة الصحافة العربية عام 2021، وجائزة الاتحاد الأوروبي عام 2022، وجائزة True Story العالمية عام 2023.

تلقّت “مارينا” عِدة تدريبات هامة، كالتدريب على إدارة وسائل الإعلام مع مؤسسة WAN IFRA، وكلّية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأميركية عام 2018، والتدريب على إعداد التقارير عن الفئات الضعيفة مع منظمة تومسون رويترز في كينيا، فضلًا عن استكمال برنامج مطوّل حول إنتاج التحقيقات مع مؤسسة أريج في الأردن عام 2017. 

وحصلت أيضًا على عددٍ من المِنح والزمالات الصحفية، مثل “منحة برنامج باسم صبري”  في باريس عام 2019، وأخرى في النمسا لزيارة الصحف النمساوية والتلفزيون الرسمي عام 2017.

قصص صحفية فارقة

“يأخذني من أماكن جديدة، ويدخلني في عوالم مختلفة، ويُعرّني على شخصيات من مختلف الطبقات والخلفيات، فأتأثّر وأتعلّم طوال الوقت”، هذا ما قالته “مارينا” في حديثها لـ”المرصد” حول رحلة 10 سنوات في مهنة الصحافة، من تقديم الشكل التقليدي للمحتوى الصحفي، إلى إنتاج القصص ثم العمل على عرضها بأساليب جذّابة.كان أبرز تلك القصص، كانت قصة “السفينة مباحث”، والتي عرفتها من خبر قصير عن ذكرى أول سفينة علمية مصرية تعبر المحيط الهندي، لتكتشف قصة فريدة من نوعها لم يتناولها أحد، وهي القصة المُرشّحة حاليًا للفوز بجائزة True story العالمية للصحافة.

وأيضًا قصة “تراث محذوف”، التي تكشف ما تتعّرض له المباني التراثية في مصر من إزالة أو إهمال، وقصة “سيدات كرة الجرس”، وهي اللعبة الشعبية الأولى عند فاقدي البصر، بالإضافة إلى “قصة الحرب على الأرزاق”، التي تحكي بطريقة مُبسّطة تأثير تغيّر المناخ على حياتنا.

التحدّيات التي تواجهها

الاختلاف ليس فقط أن تُحقق نجاحًا، ولكن هو أن تتغلّب على التحدّيات التي تواجهك، وتخلق منها نجاحات حقيقية، وهذا ما فعلته “مارينا”.تقول “مارينا” إن هذه التحدّيات تختلف حسب كل قصة؛ فمثلًا قصة “السفينة مباحث” كانت نُدرة المعلومات هي الحاجز الأكبر، خاصة وأن جميع شخصياتها ليسوا على قيد الحياة، في حين يكون التحدي بقصص أخرى، هو التعامل مع الشخصيات أو مكان إجراء القصة، أو التواصل مع المصادر عن بُعد، مثلما حدث في قصص تغطية حرب غزة؛ فتسبب انقطاع الإنترنت في شُح المعلومات، وجعل جمعها أمرًا صعبًا جدًا.

وتُعد المرحلة التالية من إعداد القصة وشكل العرض تحدٍ آخر؛ حيث تتطلّب كتابة القصة جهدًا كبيرًا كما وصفت “مارينا”، حتى تكون جذّابة ومشوّقة، وتؤثّر في القارئ، فلابد أن يشعر بشخصيات القصة، ويعيش معها تفاصيلها، ذلك بجانب اختيار تصميم مناسب، والجمع بين المواد البصرية والسمعية والنصية، وذلك بطريقة ذكية تدمج فيما بينهم.

خطط مستقبلية

دائمًا كانت “مارينا” طموحة، وتحلّم بالمستقبل؛ فعملت دائمًا على تطوير مهاراتها المختلفة، فضلًا عن تعلّم أساليب وتقنيات جديدة، بجانب دراسة القيادة والابتكار الصحفي بجامعة University of Central Lancashire (سنترال لانكشاير) البريطانية، للحصول على شهادة الدراسات العليا.

وفي الوقت نفسه، تقدّم “مارينا” تدريبات ومحاضرات لصالح عددٍ من المؤسسات والجامعات، مثل كلية الإعلام بجامعة القاهرة، والجامعة الأمريكية بالقاهرة، ونقابة الصحفيين المصرية، وغيرها.

كما تقدّم خلال تلك التدريبات، دليل السرد القصصي الرقمي، الذي أعدّته عام 2021، وتعمل الآن على إعداد الجزء الثاني منه، ليشمل آليات وأدوات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في السرد القصصي.

وتقول: “إن الاستمرار في تقديم صحافة جيدة تصل إلى الجمهور، وسط ظروف صعبة وإمكانيات ضعيفة، هو تحدّي كبير، يتطلّب جهد، ومثابرة، وتمسّك بأصول المهنة، ومواكبة كل ما هو جديد، وتطويعه لخدمة المحتوى الصحفي، وجعله جذابًا ومؤثرًا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى