بروفايلسلايدر رئيسي

محمد الدسوقي رشدي.. إعلامي يشتبك مع القضايا المسكوت عنها 

يتحدث بجرأة تدرب عليها مع أساطين الإعلام والصحافة دامغًا بصمته على قضاياه التي يوليها جل اهتمامه، فتصبح مقاطع من برامجه من وقت لآخر حديث منصات التواصل الاجتماعي، مُذكرًا بهذا الجميع بدور الإعلامي الحقيقي الذي يقود مجتمعه نحو النقاش الحر لقضايا تارة شائكة وأخرى هادئة، وفي كلتا الحالتين يبتعد عن إعلام جلسات المنادمة والدردشات السطحية، بطرحه أسئلة دون إجابات، فما يهمه خلق الحوار والقول الحق.. 

هو الإعلامي والصحفي محمد الدسوقي رشدي، ابن قرية شرباص بمحافظة دمياط، وخريج كلية الإعلام -قسم صحافة-. 

في البدء كانت القراءة: 

ارتبط بالقراءة والكتابة بسبب والده الراحل، وإصراره على تقريبه من الكتب بداية من إحضاره مجلة ميكي، ثم قصص الأنبياء، ومرورًا بالصحف اليومية، وكتابات كبار الأدباء.

طالما دارت النقاشات بين الابن وأبيه فى فلك الثقافة والأدب والفنون، لا تخلو حواراتهم من ذكر قامات لامعة في مثل نجيب محفوظ، وحسنين هيكل، والفلاسفة شبنهاور، وكانط، ورموز الفن فريد الأطرش وعبد الحليم، وغيرهم الكثير، ليترجم محمد هذا بحبه للغة العربية، واهتمامه بالإذاعة المدرسية والمشاركة في كتابة مجلات الحائط، يتذكر: “لا أنسى أستاذ اللغة العربية الذي كان يشجعني على قراءة موضوعاتي التعبيرية أمام الطلاب بالفصل”.

التشجيع نفسه تلقاه من والده الذي دفعه للعمل بمهنة الصحافة والكتابة دون النظر لمسار العائلة في الكليات العلمية. 

 

مسارات التدريب والعمل:

بدأ محمد الدسوقي التدريب في عامه الأول من دراسته الجامعية، سواء فى صحيفة صوت الجامعة الصادرة عن الكلية أو فى بعض الصحف المصرية مثل الأخبار والأهرام ومجلة أكتوبر، لكن محطته يدين فيها بالفضل للكاتب الصحفي أشرف عبد الشافي، وبعد أشهر من تخرجه الجامعي عمل في جريدة الدستور، برئاسة تحرير الأستاذ إبراهيم عيسى، يقول لـ”المرصد” عن هذه الخطوة: “كان صاحب شجاعة كبيرة حين اتخذ قرارًا بترقيتي سكرتير تحرير جريدة الدستور من بداية عددها الأول، كنت وقتها 21 عامًا وهو سن صغير بالنسبة إلى المنصب”.

 

 تلك الفترة تقرب فيها “الدسوقي” من كبار وأساتذة عالم الصحافة، وكان تلميذًا نجيبًا بحضور جلساتهم الثقافية وصالوناتهم الأدبية التي كانت بمثابة أكاديمية للتدريب، ثم ألحقها بتدريبات عربية ودولية متعلقة بالصحافة حصل فيها على خبرات مهنية مختلفة، ومنها ثم انطلق للعمل في موقع وجريدة اليوم السابع منذ انطلاقته الأولى.

 

سار الدسوقي نحو خطوة جديدة من خلال عمله بالتلفزيون في الإعداد التلفزيوني، وتنقل بين عدد من البرامج الكبرى فى محطات مختلفة، بخلاف مقاله اليومي الثابت في جريدة السابع، الذي كان بعنوان “عمومًا” وساهم فى تقديمه للناس كضيف فى البرامج التلفزيونية والإذاعية، وهنا يذكر مساندة الدكتورة هالة سرحان التى كانت حريصة على استضافته فى برنامج القاهرة اليوم بشكل دوري، كان يقدمه الفنان الراحل عزت أبو عوف، والإعلامية شافكي المنيري.

وهنا، لعبت الصدفة دورًا لصالح الصحفي الشاب، حين تعرض الدكتور عزت أبو عوف لوعكة صحية فظهر محمد الدسوقي لأول مرة مذيعًا بصحبة شافكي المنيري، يقول: “لن أنسى يومها مكالمة الدكتورة هالة سرحان من أمريكا وهي تخبرني بأني سأكون أحسن مذيع فى مصر.. ضحكت وقتها ولم أصدق”.

 

ثم جاء دور الأستاذ علاء الكحكي مالك شبكة قنوات النهار، وفتح الباب أمام الإعلامي الشاب بفرصة كبيرة بتقديم برنامج الصحافة اليوم على قناة النهار اليوم، لينجح خلال فترة وجيزة في تقديم برنامج حقق نجاحًا وانتشارًا كبيرًا، وكان سببًا فى ترشيحه لتقديم برنامج آخر النهار، ثم قصر الكلام، ثم آخر النهار مرة أخرى، بالإضافة إلى تقديم عدد من البرامج الإذاعية فى راديو النيل.

 

جذب مفهوم الصحفي والإعلامي الشامل محمد الدسوقي، فكان حريصًا على مذاكرة جميع الملفات سواء الفن أو الرياضة أو السياسة، لكن ما اهتم به لفترة كبيرة كان ملف الإسلام السياسي، بسبب طبيعة عمله مع إبراهيم عيسى كمحرر ثم سكرتير تحرير، ومدير تحرير.

 

إنجازات مهنية:

لدى الصحفي محمد الدسوقي كتابين هما “ثورة الخل والبصل”، و”نهاية زمن الشيوخ”، الذي كان مرشحًا لجائزة منتدى دبي عام 2020 وحقق نجاحًا وانتشارًا واسعًا على المستويين المحلي والعربي على السواء.

وعلى مستوى الصحافة، يعتز بطل أسبوعنا بمجموعة كبيرة من التحقيقات في جريدتي الدستور، واليوم السابع، يتذكر منها سلسلة تحقيقات نشرت عام 2007 مع بداية ظهور الفيس بوك، تناول فيها المنصة الجديدة كساحة للمعارضة، وتنبأ بتحويل فيسبوك لسلاح في وجه نظام الرئيس الراحل حسني مبارك، وختم هذه السلسلة بندوة كان ضيوفها شباب بارزين على منصة فيسبوك أصبحوا فيما بعد مؤسسي حركات سياسية شهيرة، ووجوه لامعة لفترة ثورة الخامس والعشرين من يناير.

ويعتز أيضًا بسلسلة تحقيقات نُشرت في اليوم السابع عن نهاية زمن الشيوخ والتي حولها لكتاب فيما بعد، ثم تحقيق عن التنمية البشرية السلفية، وغيرها من التحقيقات في شأن الإسلام السياسي وتأثير الخطابات الدينية على التلاعب بعقول الشباب وتجنيدهم في حركات إرهابية ومن ثم توريطهم في أعمال عنف.

 

أما على مستوى التلفزيون، فقد غير برنامجه قصر الكلام من مفهوم التوك شو، لينقله من النميمة إلى الأحاديث الجادة ومناقشة القضايا المسكوت عنها، حتى فاز بجائزة أفضل برنامج فى بعض المهرجانات باختيار النقاد وكذا باستفتاءات الطلبة فى الجامعات.

 

كما يعتز بتقديمه سلسلة المقاتل مصري، وانفراده وفريق عمله برحلة “جبل الحلال” وقت الحرب على الإرهاب، ثم سلسلة “روح مصر” يقول عنها: “أعتقد كنا البرنامج الوحيد الذي نجح في تصوير تاريخ وثقافات متنوعة بانفرادات من قلب أكثر من 12 محافظة مصرية، وأتمنى استكمال باقى السلسلة”.

 

كما انفرد من خلال برنامجه بالتصوير في ستاد بورسعيد بعد المجزرة الشهيرة، وأيضًا قاد حملة كبيرة ضد “جروبات” تجارة العملة، بخلاف سلسلة حوارات مع عدد كبير من القامات الثقافية والفنية في مصر مثل بهاء طاهر، وسيد حجاب، ومحمد خان، وصنع الله إبراهيم، وحمدى قنديل وغيرهم .. ولكن يبقى الانفراد الأبرز الذي يعتز به هو حواره التلفزيونى مع المبدع الكبير سمير خفاجي الذي تكلم فيه لأول مرة بعد غياب أكثر من 15 عامًا، ويكشف: “كان هذا الحوار السبب فى خروج الفنانة شيريهان عن صمتها والتحدث لبرنامج تلفزيوني”.

 

تحدي الإعلام الصادق:

يرى محمد الدسوقي رشدي أن مهمة الصحفي والإعلامي الصادقة هي الإخلاص لمهنته، ويقدم ما يقتنع به، بعد دراسة وتحقق وتدقيق وبشكل منطقي ومعلوماتي، يقول: “الإعلامي الخائف من الاشتباك مع القضايا ودفع ثمن هذا الاشتباك أو يخاف على بدلته من تراب الانتقادات وهجوم الناس لا يستحق أن يكون صحفي، فالصحافة والإعلام مهنة الاشتباك وليس الترند”.

 

وعن تصدره للترند بسبب تناوله الشجاع للعديد من القضايا يقول: “صناعة الترند أسهل شئ لكن ما يدوم الشغل المهني الحقيقي والقيمة المقدمة للناس، فالمهم هو أن تكون صحفيًا صادقًا وليس صحفي ومذيع مشهور”.

كما يرى أن الإعلام جزء من الحياة التي نعيشها، تعثره أحيانًا هو انعكاس لتعثر الحياة نفسها، لكن فى نفس الوقت يرى نقاط مضيئة جدًا فى الإعلام المصري، ودماء جديدة تضخ في كافة المجالات الإعلامية يتابعها بإعجاب وتقدير.

 

 وأخيرًا.. يطمح محمد الدسوقي بتقديم المزيد من الموضوعات ذات القيمة للمجتمع، يقول: “أحلامي استكمال مشروعي التلفزيوني، وخصوصا سلسلة “روح مصر”، من خلال منصة “تايم لاين” التي تقدم شكلًا جديدًا لصناعة المحتوى، ومنها بودكاست “النقطة العميا” الذي نسعى من خلاله لتقديم محتوى متفرد بعيدًا عن شغل اللهث وراء الترندات الفارغة”.

 

ويستكمل: “ما يشغلني الفترة الحالية مسألة الوعي، وتجديد الخطاب الديني أو الخطاب الفكري عمومًا، لأنني واحد من المؤمنين تمامًا بأن قوة الدولة المصرية وسلاحها الأقوى على مدار العصور هو ناسها، مجتمعها، شعبها، لأن كل المطبات الصعبة فى تاريخها دائمًا كان الرهان وطوق النجاة الوحيد هو وعي المصريين”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى