منة عبد الرازق.. صحفية تمتلك أدوات الإعلام العصري
أدركت سريعًا أن الصحافة تبنت لغة جديدة لم تعهدها من قبل، لغة الأرقام والبيانات المتوائمة مع عصر الذكاء الاصطناعي، فتسابقت مع الوقت بالتعلم والإحاطة بمفردات الصحافة العصرية، ومع الوقت أصبحت منة عبد الرازق واحدة من أبرز الصحفيات المصريات في هذا صحافة البيانات والذكاء الاصطناعي.
البدايات:
ألهمت قصة من الأدب الإنجليزي -تتحدث عن 6 شخصيات مؤثرة حول العالم- منة في المرحلة الإعدادية، وتأثرت بحكاية ماري كوري وغاندي وابراهام لينكولن، بعدما قرأت القصة كاملة أثناء فترة إجازتها قبل موعد الدراسة الرسمية، وشعرت أنها تريد أن تعمل شيء لأجل مجتمعها، فكانت الصحافة وجهتها وحلمها لأنها مهنة تستطيع أن تتحدث عن أوجاع الناس وتساهم في خلق العدالة.
اختارت منة عبد الرازق دراسة الإعلام بجامعة عين شمس وتخرجت عام 2017، ومنذ العام الدراسي الأول بالجامعة تدربت في جريدة الصباح ضمن 60 متدرب/ة من طلاب/ طالبات الجامعة وتم اختيار 4 فقط كانت هي ضمنهم، بعدما أثبتت قدرتها على التعلم والتطور السريع وبعد تخرجها تم تعيينها لتكون أصغر المعينين/ات في الجريدة.
عملت في أقسام التحقيقات الاجتماعية وقضايا المرأة وحقوق الإنسان والطفل، حتى أصبحت مسؤولة قسم المرأة، وكانت تشرف على صفحة أسبوعية تختص بقضايا وهموم النساء.
بجانب عملها في جريدة الصباح، عملت في المصري اليوم، والبوابة نيوز، ونشر أول تحقيق لها بالمصري اليوم في صفحة كاملة عن أرشيف حفظ القضايا بعنوان: “أرشيف مصر القضائي في البدروم” وكانت خطوة مهنية مهمة لها شجعتها على استكمال الطريق.
إنجازات وجوائز دولية:
حصلت منة على تدريبات عن صحافة البيانات، في عام 2019 حصلت منة على تدريب في تونس مع “تومسون رويترز” عن التحقيقات الاقتصادية المتعلقة بالفساد المالي والتهرب الضريبي، وأنتجت من نتاج هذا التدريب تحقيق مدفوع بالبيانات نشر في موقع مصراوي عن التهرب الضريبي للفواتير الصينية، وكان التحقيق الاقتصادي الأول لها، وفاز بالجائزة الأولى للتفوق للصحافة في الصحافة الاقتصادية لعام 2020.
وحصلت على دبلومة من أريج لمدة 6 أشهر في 2021 ساعدتها على العمل بلغة برمجية وتقنيات متقدمة من خلال تحليل البيانات.
كما سافرت عمان لحضور ورشة تدريبية عن التحقيقات المتلفزة، وعملت مع موقع الأخبار الآن مراسلة تحقيقات متلفزة، وكانت تحقيقاتها تحصد على ملايين المشاهدات خاصة المتعلقة بالإرهاب والإسلام السياسي، لتبدأ محطة جديدة بالعمل كمعدة برامج في إذاعة نجوم إف إم على مدار ثلاث سنوات كانت فيها مسؤولة عن برنامجين الأول متخصص في التنمية وتحسين جودة الحياة، والثاني في السينما والدراما.
تقول في حديثها للمرصد عن هذه الخطوة: “العمل في الإذاعة أفادني كثيرًا وتعلمت كتابة سكربت وإعداد مصادر مناسبة لكل موضوع، وكانت من المحطات الجيدة جدا في مشواري المهني”.
أثناء كورونا نشرت منة تحقيق بعنوان: “لا أنام” عن الأشخاص المصابين باضطرابات النوم المزمنة، وتأثير كورونا عليهم، ونشر في موقع ذات مصر، وحصل على الجائزة الثالثة من الاتحاد الدولي للصحفيين.
وفي عام 2022 نشرت تحقيق عن الفجوة في الأجور بين النساء والرجال في القطاع الخاص والعام، واعتمدت على إحصائيات التعبئة والإحصاء في الأجور الشهرية، وشمل بيانات العديد من المحافظات والقطاعات وتتبع الأجور على مدار أكثر من 5 سنوات، وكان هذا التحقيق الوحيد من الشرق الأوسط وإفريقيا الذي وصل إلى القائمة القصيرة لصحافة سيجما ورث الدولية من ضمن 600 تحقيق من العالم تقدموا للجائزة وصل فقط 60 إلى القائمة القصيرة.
كما تم تقديمه لطلاب الماجستير في جامعة سيتي يونيفرستي في لندن، تقول: “كانت من المحطات الملهمة التي كشفت لي قدرة الصحفيين/ات المصريين/ات وإمكانية أن يكون لدينا صحافة تنافس دوليًا ويتعلم منها طلاب/ات في الجامعة في إنجلترا، فقط إذا أتيحت الفرصة وخلق المناخ العادل والقادر على توفير وإتاحة المعلومات”.
وفي الملف الاقتصادي، نشرت تحقيقات بموقع رؤية، مدفوعة ببيانات قائمة العمال الذين تم تسريحهم من سويفل، كما التحقت منة بالفريق المؤسس لمكتب سي إن إن في القاهرة، تقول: “كنت من أوائل الناس الموجودة في القاهرة، وهي محطة من أكبر الخطوات التي ساعدتني في التعرف على مستوى جديد من الاحترافية والمهنية، وعملت خلال هذه المرحلة على العديد من التحقيقات الاستقصائية، كما دربت الفريق في مكتب القاهرة على صحافة البيانات، ومن ضمن التحقيقات التي نشرتها تحقيق عن تحليل صور الأقمار الصناعية لحجم التخريب الذي حل على غزة بعد الحرب، كما تفخر منة بتحقيق عن مصنع أبو قير للأسمدة وتأثيره على صحة الأطفال.
ومن الخطوات المهمة أيضًا سفرها لأمريكا 6 شهور العام الماضي في جامعة ألاباما في الولايات المتحدة الأمريكية، وحصلت على دبلومة وكورسات في الكتابة الأكاديمية باللغة الأجنبية، وحضرت في 2023 مؤتمر دولي عن الذكاء الاصطناعي في الصحافة، وغطت بعض الموضوعات عن التقنيات الحديثة مثل التيك توك.
الصحافة والمستقبل:
لدى منة رؤية متفائلة تجاه الصحافة رغم اعترافها بما تمر به من تغيرات وتحديات كثيرة، تقول: “الصحافة في كل الأحوال لن تنتهي، فحين ظهر التلفزيون والراديو والإنترنت كل مرة كان يقال ستنتهي الصحافة، لكنها تستمر”.
وتوضح أنه من خلال سفرها إلى دول كثيرة تعرفت على صحفيين/ات من كبرى المنصات الإعلامية مثل سي إن إن، ورويترز، وجميع هذه الأماكن تطوع التقنيات الحديثة لخدمة الصحفيين/ات بحيث يتفرغ الصحفي/ة من أجل تغطية القضايا الكبرى بمزيد من التعمق، توضح: “الصحافة المتعمقة التي لا يجدها المواطن/ة على السوشيال ميديا، هي مستقبل المهنة”.
تكتب منة في الوقت الحالي باللغتين العربية والإنجليزية، وتكثف جهودها لدراسة تأثير التضليل المعلوماتي أو التزييف العميق للصور والوسائط المتعددة على الأحداث الدولية منها الانتخابات الأمريكية.
وتواصل منة رحلتها التي بدأتها منذ 2014 في تعلم التقنيات الحديثة مثل البرمجة وتقنيات الذكاء الاصطناعي لمواجهة ومكافحة تضليل المعلومات، هذا بجانب دراستها للبرمجة ودراستها الأكاديمية خارج مصر طامحة للوصول إلى درجة الدكتوراه.
كما تحلم باستكمال تأسيس شركة تساهم في تعليم وتدريب الصحفيين/ات والمؤسسات الصحفية بحيث تكون القرارات التحريرية مبنية على البيانات والمعلومات التي تمكنهم من رفع قيمة المادة الصحفية وفي نفس الوقت زيادة عدد عدد المشاهدات وتحويل البيانات إلى دخل مادي.