التقارير الإعلاميةسلايدر رئيسي

“منسيون” في جدول الانتساب لنقابة الصحفيين

 

محمود التهامي: 21 عامًا مع “كارنيه” بلا امتيازات.. وأحلم بإضافة الحماية الاجتماعية للمنتسبين

 

صفاء عبد الرازق: اشتريت كرامتي بـ “الانتساب” ورفضت عروض مالية وأخرى “لا أخلاقية” كطريق للنقابة 

 

فجرت نقابة الصحفيين نقاشًا غير مسبوق وسط المجتمع الصحفي، بعد قرارها بتفعيل المادة 12، من قانون النقابة المتعلق بفتح طلبات “القيد بجدول المنتسبين”، وبتشكيل لجنة لوضع لائحة للقيد بالجدول، لتضمن توفير مظلة نقابية لممارسي المهنة الحقيقيين، وحماية النقابة والمهنة من منتحلي الصفة.

 

المادة المثيرة للجدل تتيح للصحفيين التمتع بمظلة قانونية لحماية الصحفي/ة من تهمة انتحال الصفة، وتشترط تجديد العضوية سنويًا برسوم مدفوعة، وأمام هذه الميزة توجد إشكاليات أكبر، حيث أنها بلا أي امتيازات اجتماعية أو مادية. 

 

في السطور التالية نتناول نموذجين، لـ صحفي وصحفية، يختلفان في السن، وطريقة الانتساب إلى النقابة، وعدد سنوات الانتساب؛ ورغم ذلك يتفقان على التشبث بأمل تحسين أوضاع المنتسبين/ات للنقابة، بالحصول على أقل الامتيازات، وأمل آخر في تفهم النقابة لما يحدث بمجال الصحافة على أرض الواقع، من ضعف فرص التعيين بالجرائد ذات الإصدار الورقي المكودة “وهو شرط القيد بجداول النقابة”، وتقلص أعداد هذه الإصدارات، ومعها شبه انعدام لفرص التعيين في أحدها، أو يتم التعيين وفق شروط قاسية من ساعات عمل مضاعفة، والقبول بمرتبات هزيلة لا تتناسب ومقتضيات العصر الحالي. 

 

البداية كانت مع الصحفية صفاء عبد الرازق، التي تعمل في المجال الصحفي منذ 15 عامًا، تنقلت خلالها بين العديد من الملفات والجرائد منها البديل واليوم السابع، وتعمل في الوقت الحالي كصحفية مستقلة، وصانعة محتوى بملف الصحافة الفنية. 

 

في حديثها إلى “المرصد”، قالت إنها بعد قرار تركها جريدة اليوم السابع عام 2021، حصلت على كافة حقوقها من عقد العمل، وشهادة خبرة، وتعويض مادي، وكان لديها أرشيف كبير من الجريدة، يثبت ممارستها للمهنة.

 

بعدها اتخذت “صفاء” المسار القضائي كمحاولة للحصول على عضوية النقابة ومعها أوراقها ينقصها فقط جواب من الجريدة لترشيحها للنقابة، تقول: “اقترح القاضي الناظر القضية، أن يحكم حكمًا بعضويتي على جدول تحت التمرين، بعدما فحص أرشيفي جيدًا ووجد أنني استحق العضوية العاملة للنقابة، وكنت وقتها لازلت مُعينة مع اليوم السابع، ورغم ذلك تعنتت النقابة ضدي تحت قيادة النقيب ضياء رشوان، واقترح المحامي الحاضر عن النقابة بقبول أضعف الحلول “الانتساب”، خوفًا من خسارتي لكل شيء، وبالفعل حصلت على الحكم عام 2022”.

 

توضح صفاء أنها اكتفت بهذه الخطوة، ولم تحاول مجددًا خوض معركة تالية كمحاولة للنقل من جدول انتساب إلى تحت التدريب -كما نصحها البعض- تقول: “صممت على ذلك احترامًا لمهنتي ولأرشيفي الذي يؤهلني للعضوية، لكني لا أريدها إذا جاءت بخوض معارك أو  من باب خلفي”.

 

وتوضح صفاء أن العديد من الصحفيين/ات ينضمون  إلى النقابة بطرق غير مشروعة، منها دفع ثمن تعيينها مع بعض الجرائد تصل إلى 100 ألف جنيه من أجل الحصول على أرشيف وهمي، وجواب للترشيح للنقابة، تضيف: “هذا بخلاف العروض غير الأخلاقية التي تتلقاها الصحفيات من رؤساء تحرير، ومديري بعض الصحف مقابل التعيين، وكل هذه الطرق رفضتها جملة وتفصيلًا ولم أتفاوض في أي منها حفاظًا على اسمي ومبادئي”. 

 

وعن مميزات الانضمام إلى جدول الانتساب، تؤكد صفاء أن الكارنيه ليس له أي امتيازات سوى الحماية القانونية من الوقوع تحت طائلة القانون بانتحال صفة، بجانب التمتع بخصومات على شراء الكتب من بعض المنافذ مثل الهيئة العامة للكتاب، فيما عدا ذلك لم تستفد صفاء من أي امتيازات مادية أو تدريبية من النقابة أسوة بالأعضاء العاملين.

 

محمود التهامي: أتمنى إعادة النظر إلى “المنتسبين” خاصة في التأمين  الاجتماعي والصحي

 

على جانب آخر، تحدثنا مع الصحفي محمود التهامي، الذي يعمل في المهنة منذ 31 عامًا، وعضو منتسب بنقابة الصحفيين منذ 21 عامًا، وحصل على هذه العضوية بعد خوض معارك مع رفض صحفيين كبار في المهنة منهم الراحل صلاح عيسى الذي كان رافضًا لفكرة الانتساب بشكل قاطع. 

 

يقول لـ”المرصد”:  “كنت أعمل في جريدة الأحرار منذ عام 2000، والأهرام الاقتصادي لمدة 10 سنوات ومع ذلك لم يتم تعييني، كما تم حذف اسمي من جداول التعيين 4 مرات من أجل المحسوبية والأصدقاء”.

 

تنقل “التهامي” بين العديد من الجرائد والمنصات الإخبارية، منها دار التعاون، جريدة الرياض السعودية، والمدينة السعودية في مكتبهما في مصر، وكان مراسلًا لمجلة البيان اللبنانية في مصر، كما عمل مسؤول مكتب مصر في مجلة الاقتصاد والأعمال. 

 

وعاصر خلال سنوات عمله العديد من الأساتذة والأسماء الكبيرة، ومنهم محمد خراجة، ومحمود الشندويلي، وكافح في المهنة منذ كان مغتربًا من محافظته إلى القاهرة، ويستعين بساحة النقابة للاستراحة بها بين ساعات العمل التي تستمر على مدار اليوم، كما عاصر أيضًا بداية التعديلات القانونية للنقابة التي تشترط التعيين.

 

ومن هنا كان “التهامي” جزءًا من جرائد كثيرة في بدايتها، إلى أن تأتي أوقات التعيين ليجد نفسه خارج الأسماء المعينة، فيبدأ مع تجربة أخرى من جديد على أمل التعيين ومن ثم الحصول على عضوية النقابة. 

 

وحين فقد كافة الوسائل والفرص لم يبقى أمامه إلا باب الانتساب الذي كان يرفضه بشكل قاطع الصحفي صلاح عيسى، بينما يشجعه الصحفي إبراهيم نافع، وبالفعل استطاع أن ينضم للنقابة منتسبًا عام 2003. 

 

بعد هذه السنوات من الانتساب يؤكد الصحفي الكبير أنه لا ميزة في حمل هذا الكارنيه إلا ميزة نفسية فقط، يقول:  “الامتيازات نفسية لا أكثر،  لكن على أرض الواقع حين مرضت لم يعد هناك أي مجال سوى انتظار العلاج على نفقة الدولة لإجراء عملية قلب مفتوح، ﻷن النقابة لم تساعدني في شيء ماديًا أو معنويًا، رغم أن لديَ أرشيف كبير، وتاريخ من العمل الصحفي أخرها أنني رئيس تحرير لجريدة عربية، ومع ذلك فالنقابة لا تعترف بي عضوًا عاملًا، بسبب القصور الشديد في القانون الخاص بها”.

 

ويؤكد التهامي أن هناك عشرات الصحفيين -يعرف كثير منهم- لا يكتبون سطرًا واحدًا، وغيروا أعمالهم بعد سفرهم إلى بلد عربية أو أجنبية، ورغم ذلك هم أعضاء بجدول المشتغلين، ويحصلون على كافة الامتيازات، مثل بدل التدريب والتكنولوجيا، والعلاج المخفض لهم ولأسرهم، هذا في الوقت الذي أجدد فيه رسوم عضويتي بجدول المنتسبين -سنويًا- كان آخرها دفع 380 جنيهًا، بجانب وجود ما يثبت أنني لا زلت أمارس المهنة، وفي المقابل بلا امتيازات”.

 

ويشدد محمود التهامي، في حديثه على ضرورة إعادة النظر في كل هذه الأزمات الخاصة بعضوية الصحفيين للنقابة، وحل أزمة الأعضاء المنتسبين الذين لا يحصلون على أي امتيازات رغم عملهم الصحفي، يضيف: “حتى الصناديق الخاصة التي تتم باشتراكات مالية مثل العلاج والتكافل، حاولت الانضمام لها لكن النقابة  رفضت، رغم عدم وجود بند يقصرها على المشتغلين”.

 

ويرى أن هذه الفئة في أمس الحاجة إلى إعادة النظر إليها،  خاصة في ظل مجلس يحاول التقارب والتفاهم مع مشاكل الصحفيين، ويختتم حديثه قائلًا: “لا أريد الحصول على بدل أو حق الترشح والانتخاب، كل ما أريده أن المهنة التي أنتمي لها وأفخر بالعمل بها تقدم لي حماية اجتماعية وحق في التأمين الصحي حين أمرض أو يحدث لي مكروه”. 

 

جمال عبد الرحيم: لا امتيازات خاصة للمنتسبين

 

في وقت سابق أكد جمال عبد الرحيم، سكرتير عام نقابة الصحفيين،  على الإشكالية نفسها، وأجاب على تساؤل المرصد، عن الامتيازات المعطاة والممنوعة للصحفيين/ات المنتسبين/ات، وقال: إن جدول الانتساب يقدم حماية قانونية للصحفيين/ات من تهمة “انتحال صفة”.

لكن لا تضاف مهنة صحفي/ة إلى البطاقة الشخصية، ﻷن إضافتها تتم بعد توقيع من النقابة، والنقابة لا تعتبر المنتسبين/ات صحفيين/ات مهنيين.. فقط هم مواطنين/ات منتسبين/ات لها.

وأوضح أن الانتساب كان يقدم لكُتاب/ كاتبات المقالات بخاصة المتخصصين/ات في مجالات محددة يكتبون فيها، كنوع من التقدير لا أكثر.

كما لا يتمتع الصحفي/ة المنتسب/ة بأي من الحقوق والامتيازات التالية: حق الترشح، وحق الانتخاب، والخدمات النقابية من أنشطة، وبدل تكنولوجيا، ومشروع العلاج.

من جهته أكد نقيب الصحفيين خلال منشور على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك، أن المادة (13)من لائحة القيد: يقصد بعبارة “صحفي محترف” في المادة (5) من قانون نقابة الصحفيين أن يكون معينًا بموجب عقد عمل غير محدد المدة أو قابل للتجديد تلقائيًّا، وأن يكون مؤمنًا عليه بصفته الصحفية في التأمينات الاجتماعية، وألا يكون عاملًا بجهة أخرى عامة أو خاصة، أو مقيدًا عضوًا مشتغلًا أو ممارسًا بنقابة مهنية أخرى وألا يكون مالكًا أو مساهمًا في ملكية صحيفة أو وكالة أنباء تعمل في مصر، وأوضح أن المقصود بعبارة “مؤهل دراسي عال” الحصول على شهادة جامعية معترف بها من المجلس الأعلى للجامعات.

 

وتابع: “الإشارة فتتعلق بفلسفة نص المادة (12) من القانون.. حيث أن أي قراءة موضوعية وقانونية لنص المادة تشير بوضوح وجلاء تام إلى أن نية المشرع وقت صدور القانون عام 1970م، انصرفت لمد الحماية النقابية لكل ممارسي المهنة، ولكل مَن لم تصل لهم هذه الحماية على أرض مصر مهما كانت المعوقات، متجاوزًا عائق الجنسية، فمدها للصحفيين العرب، والأجانب الموجودين داخل مصر، عبر باب الانتساب، حدث ذلك عام 1970م، في وقت كان التعيين والاحتراف عبارة عن تكليف بالتعيين يأتي من الدولة لكل ممارسي المهنة فورًا، فقرر المشرع تقديرًا منه لأهمية مهنة الصحافة، وحماية كل ممارسيها أن يشمل بالحماية حتى الصحفيين الأجانب الموجودين داخل مصر عبر باب الانتساب”.

 

وفي الأخير يرى “البلشي” أن حماية الصحفيين قانونيًا من تهمة انتحال صفة صحفي هو أمر ضروري وواجب على النقابة، كما وجه الدعوة لجميع الزملاء للحضور بجلسات المؤتمر العام، لمناقشة تطوير لائحة القيد الحالية من خلال المقترحات المقدمة من الزملاء أعضاء الجمعية العمومية، لوضع اللائحة وضوابطها، واستكمال ما تم البدء من نقاشات لتطوير لوائح القيد الحالية بما يضمن مد الحماية القانونية لممارسي المهنة الحقيقيين، ووضع جميع الضوابط الصارمة، التي تَحُول بين انضمام منتحلي الصفة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى