بروفايلسلايدر رئيسي

منى عبيد.. صحفية تعشق الصحافة الحقوقية 

 

 

صحفية بدأت تجربتها مع بدايات ثورة 25 يناير التي أتاحت لها ولجيلها فرصًا كثيرة في التعرف على مفاهيم للحراك السياسي وتأثيره على الشارع المصري، ومن ثم وجود أحداث ساخنة كانت قادرة على خلق تجارب صحفية مبهرة، كانت هي من بينها. 

 

 تخرجت الصحفية منى عبيد من كلية الآداب جامعة عين شمس، وتستكمل دراستها كباحثة ماجستير في النزاعات الدولية، وهي صحفية بالقسم السياسي، مسؤولة عن الملف الحقوقي والصحفي بموقع وجريدة فيتو.

 

الانطلاقات الأولى

 

شاركت منى أثناء مرحلتي الدراسة الثانوية والجامعية في أنشطة عربية ودولية، وشاركت في العديد من نماذج المحاكاة التابعة لجامعة الدول العربية، والبرامج الشبابية التابعة لها أيضًا، كما شاركت مع وزارة الشباب في مؤتمرات عربية ودولية، وانطلقت بمجالات للالتقاء بنماذج الشبابية المؤثرة في الوطن العربي، لتكون واحدة من الكوادر المؤهلة للسفر في أكثر من دولة عربية ضمن أنشطة  هذه البرامج، تقول للمرصد: “أتاحت لي هذه الفرص للتفاعل مع كبار المسؤولين والشخصيات العامة في المنطقة العربية، بالإضافة إلى المشاركة في منتدى الشباب العربي الذي كانت تنظمة مكتبة الإسكندرية في أكثر من نسخة، أبرزها شباب نحو التغيير بعد ثورة يناير مباشرة، واشتركت في كثير من البرامج الثقافية والتثقيفية، وأيضًا شاركت في تنظيم كأس العالم للشباب في مصر والبطولة الدولية للخماسي الحديث”.

 

قررت منى الالتحاق بالصحافة منذ المرحلة الإعدادية،  وكانت تتلقى الكثير من الدعم من أسرتها خاصة أنها انغمست في الأنشطة السياسية والحقوقية بالتزامن مع مراحل دراستها الأولى، ومع تلك البرامج تعلمت كتابة التقارير الصحفية التي تلخص  تفاصيل الفعالية المشاركة فيها، ورصد أهم التوصيات التي خرجت عنها، تقول: “كان يتم اختياري لهذه المهمة ربما لأني كنت متحدثة جيدة ومتفاعلة داخل هذه الفعاليات بشكل ملحوظ، وهذه المرحلة كانت لها دورًا كبيرًا في الاستمرار لاستكمال حلم الصحافة”.

 

 بدأت العمل بالصحافة أثناء دراستها الجامعية، وكانت تكتب مقالات في جريدة نهضة مصر، وفي أكثر من جريدة شاركت ككاتبة مقال، وظهر الأمر بشكل أكثر مداومة بعد ثورة يناير، إلى أن التحقت كمحررة ميدانية في جريدة فيتو.

 

وتضيف منى: “في يونيو ٢٠١٤ التحقت بجريدة فيتو بدأت كمحررة ميدانية برغبة مني، أنجزت خلال عام ونصف العام الكثير من القصص الإنسانية، والأفلام التسجيلية، بمشاركة مجموعة من الزملاء الصحفيين والمصورين، وبعدها انتقلت إلى القسم السياسي، بدعم من مسؤولي الجريدة الذين آمنوا بي تمامًا، وتوليت في بداية الأمر الملف الحقوقي – حقوق سياسية ومدنية- وهو الملف الأقرب إلى قلبي، ثم أصبحت مسؤولة إلى جانب الملف الحقوقي عن الملف الصحفي ( نقابة الصحفيين- الهيئة العامة للاستعلامات- الهيئة الوطنية للصحافة- والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام) وبالإضافة تغطية أخبار نقابة المحامين”. 

 

إنجازات في مجال حقوق الإنسان

 

عشقت منى الملف الحقوقي، وبذلت فيه جهدًا كبيرًا فكانت المكافأة دعوة من المفوض السامي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى مقر مجلس حقوق الإنسان بجنيف لحضور الاستعراض الدوري الشامل أو المراجعة الدورية الشاملة للدول في نوفمبر ٢٠١٨، وبعدها دُعيت من قبل المفوض السامي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضًا، في أكتوبر ٢٠١٩ للسفر إلى تونس لتقييم الانتخابات الرئاسية التونسية. 

 

تنتمي منى إلى المدرسة الصحفية القائلة بضرورة تعلم الصحفي جميع الملفات، والتي ترفض حصر الصحفي في ملف بعينه، ومن هنا انتقلت إلى قسم جديد في بداياته، وهو صناعة القصص الإنسانية “الفيتشر”، تقول: ” الصحفي لا يمكن أن يكون حبيس ملف بعينه، ولذلك استكملت في تنفيذ العديد من القصص الإنسانية وانضميت إلى قسم الفيتشر منذ اللحظة الأولى لتأسيسه”.

 

ومن أكثر القصص الإنسانية التي تعتبرها منى مؤثرة في مسيرتها المهنية، قصة الطفلة راوية الطفلة الوحيدة بين ضحايا حريق قطار محطة مصر عام ٢٠١٩ كانت الفاجعة تصفحت الصور والفيديوهات، لفتت نظرها تلك الطفلة ووجدتها “تصرخ تيتا عايزة تيتا” في أحد الفيديوهات وجسدها يكاد يكون محترق تمامًا، تقول: “فورًا اتجهت إلى الشارع وهدفي البحث عن تلك الصغيرة، بدافع إنساني ثم بدافع صحفي  والتقيت بزميلتي المصورة، وذهبت أبحث عنها في كل المستشفيات إلى أن وجدت والدها المنفصل عن والدتها يبحث عنها في معهد ناصر، استكملنا معه رحلة البحث الشاقة لنجدها في قسم الحروق تحتضر اعتصر قلبي، وبعد يومين أعلنوا خبر وفاتها”.

 

وتضيف: “من القصص التي أعتز بها أيضًا قصة إنقاذ قطة المترو -نقلتها عنا الديلي ميل- كانت القطة حبيسة وراء أحد حوائط  محطة مترو الأوبرا منذ فترة طويلة، العاملين بالمترو الذين اكتشفوا أمرها كانوا يحاولوا إطعامها من خلال فتحات المياه أسفل الحائط، كشفنا أمرها ونشرنا عنها،  وتدخل المسؤولين على الفور وهدموا جزء من الحائط وخرجت القطة وتبنتها حينها جمعية معنية بحقوق الحيوان”. 

 

الصحافة الخدمية

 

من اللحظات السعيدة التي تتذكرها هي فترة عملها الميداني، تحكي عنها: “كنت أذهب بشكل مستمر أمام باب شكاوى المواطنين التابعة لمجلس رئاسة الوزراء، بشارع القصر العيني،  أرصد مآسي المواطنين المشتكين القادمين من مختلف محافظات مصر، ومع نشر كل قصة يتجاوب معها مسؤول ويتواصل معنا للوصول لصاحب القصة، أشعر بقيمة الصحافة وقيمة ما نفعه وأنا كل هذا العناء لم يذهب سدى”. 

 

وهناك قصة إنسانية أخرى تحتل مكانة كبيرة لدى منى، عن مراسل حرب تلفزيون فلسطين ودوره ليس فقط في رصد الواقع على الأرض، ولكن دوره الأهم  في إنقاذ الكثير من المتظاهرين في تظاهرات حق العودة عام في ٢٠١٩ من المستعربين حيث الأسر أو الموت، وحياته التي كاد أن يفقدها أكثر من مرة برصاص المحتل. 

 

أحلام لا تنتهي

 

تعتبر منى مهنة الصحافة مهنة متجددة والصحفي الحقيقي في حالة بحث ودراسة وتطوير لأدواته  طوال الوقت، وبالتالي “لا غنى عن الدراسة والاطلاع من خلال برامج ومنح ودورات تدريبية توفرها كبرى المؤسسات الصحفية ونقابة الصحفيين”. 

 

وتؤكد الصحفية الشابة أن الصحافة في مرحلة ركود قطاع كبير  من صانعيها فقدوا الشغف وهجروها، أما من تبقى فهو قابض على الجمر في ظل مناخ عام ضاغط على كافة الأصعدة، اختفى الصحفي الموسوعي والصحفي النجم، تلاشت المدارس الصحفية وغاب التنوع، هجر القاريء الصحف والمواقع في ظل تعاظم دور وسائل التواصل الاجتماعي، وضعف المحتوى المقدم للقاريء.

 

ورغم ذلك، لا يزال للحلم بقية، فعلى الصعيد العام تحلم منى بصحوة جديدة تفيق المهنة من ركودها، وتعيدها للجمهور مرة أخرى، كما تطمح في سقف أكبر من الحرية والتنوع للمهنة، وعلى الصعيد الشخصي تقول: “أحلم بأن أفقد شغفي تجاه مهنة عشقتها في ظل تحديات كبيرة تواجهنا، وأظل  احترم قلمي وأعتبر عن ما في ضميري، وأترك أثر طيبًا تفتخر به ابنتي”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى