من حريق محطة مصر إلى وجع الأمهات الفلسطينيات.. “يسرا” صحفية تكتب بعيون إنسانية

من حريق محطة مصر إلى وجع الأمهات الفلسطينيات.. “يسرا” صحفية تكتب بعيون إنسانية
وسط زخم الأخبار اليومية وصخب الأحداث، اختارت يسرا الصحفي، أن تجعل من الصحافة جسرًا لعبور الحكايات إلى النور. فمنذ أيامها الأولى في الجامعة، وهي تحمل الكاميرا والقلم بحثًا عن صوت منسي، أو وجع يستحق أن يُروى، أو حلم صغير ينتظر من يحميه من الانكسار؛ وعلى مدار 12 عامًا، لم تكن مجرد شاهدة على الأحداث الكبرى، بل كانت في قلبها، تبحث عن التفاصيل التي تجعل الخبر قصة نابضة بالحياة.
تركت يسرا بصمتها في قضايا شكلت نقاط فاصلة في المجتمع المصري، مثل حريق محطة مصر، والحديث عن وجع الأمهات الفلسطينيات، وابتسامة طفل هزم المرض، لتنسج مسيرة مهنية تضع الإنسان في قلب الحكاية، وتعيد للصحافة دورها الأصيل: أن تكون صوتًا لمن لا صوت له.
البدايات:
يسرا الصحفي، صحفية ومعدة برامج تلفزيونية، وخريجة كلية الإعلام بجامعة القاهرة دفعة 2015. بدأت مسيرتها المهنية مبكرًا خلال فترة دراستها الجامعية من خلال تدريب احترافي في مجلة الشباب التابعة لمؤسسة الأهرام، حيث استمرت لمدة أربع سنوات، قبل أن تعمل لفترة في إصدار الأهرام العربي.
تنقلت يسرا بين عدد من المؤسسات الإعلامية البارزة، منها: الأهرام، الوطن، البورصة، النهار، صدى البلد، كما تعاونت مع مؤسسة مصراوي لنشر تحقيقها المميز “سجناء الجسد”، الذي اعتبرته أهم خطوة في حياتها المهنية. ركّز التحقيق على جريمة خفية يرتكبها الاحتلال ضد مرضى حساسية الطعام ومرضى PKU، الذين يحتاجون إلى أطعمة خاصة للبقاء على قيد الحياة، ولا يُسمح لهم بتجاوز الحمية الغذائية الإجبارية المفروضة عليهم. هذا الحرمان يضعهم في حالة جوع مضاعف ويجعلهم عرضة لكوارث صحية، أبسطها سوء التغذية، وقد تصل إلى الوفاة.
الدعم الأسري وصدى القصص الصحفية:
تحظى يسرا بدعم كبير من أسرتها، الذين يشجعونها باستمرار على تطوير مهاراتها. وهي شغوفة بالقضايا الاجتماعية، خصوصًا تلك المتعلقة بالمرأة والطفل، وقدمت في هذا الإطار مجموعة واسعة من الموضوعات النوعية. تلقّت قصصها الصحفية العديد من الاستجابات المؤثرة، من بينها قصة كتبتها خلال فترة جائحة كورونا عن “مصطفى”، وهو مصاب بكورونا من ذوي الهمم، بعنوان “انتصر على 10 أمراض وسينهزم الفيروس”. بعد نشر القصة، تلقى مصطفى رسائل دعم من عدد من الفنانين والإعلاميين المفضلين لديه، مثل دينا الشربيني ورامي جمال، وظهر لاحقًا في برنامجه المفضل Inbox بعد شفائه.
على مدار 12 عامًا من العمل الصحفي، غطت يسرا أحداثًا كبرى، منها: حادث حريق محطة مصر الشهير في فبراير، حيث انفردت مع زميلها أحمد عصر بتفاصيل قصة الطفلة المصابة التي شغلت الرأي العام؛ الحادث الإرهابي في الدرب الأحمر، وكانت أول من وصل إلى أسرة السيدة المصابة، ونقلت تصريحاتها لمواقع عربية؛ عودة الضابط محمد الحايس إلى مصر بعد معركة الواحات؛ قضية مقتل شاب في منزل الفنانة نانسي عجرم؛ وقضية مقتل الفلسطينية إسراء غريب على يد أسرتها نتيجة العنف الأسري.
نجاحات مهنية:
أجرت يسرا حوارات نوعية مع شخصيات بارزة، من بينها فريال سالم، مستشارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لشؤون المرأة، حول المعتقلات في سجون الاحتلال وقضايا العنف ضد المرأة، وحوار مع والدة عهد التميمي وقت الإفراج عنها، حيث روت تفاصيل مختلفة عن ابنتها وعن تجربتهما مع الحبس الانفرادي وكيف كانت تتواصل معها للاطمئنان عليها. كما قدّمت حوارات وقصصًا مع ضحايا ومصابين على يد الاحتلال في هجمات متفرقة عام 2019، بينهم فتاة فقدت عينها في مسيرات مناهضة للاحتلال، وقصة فستان زفاف وُجد وسط الركام.
قدّمت يسرا أيضًا العديد من القصص الإنسانية الملهمة، منها قصة شابة بوجه عجوز وصوت طفلة، وشابة كفيفة احترفت التصوير، كما ناقشت قضايا الختان والعنف القائم على النوع والتحرش من خلال قصص إنسانية مؤثرة، من بينها قصة شابة تعرضت لعنف أسري شديد على يد والدها، وصل إلى الضرب بآلات حادة، لكنها قررت بدء حياة جديدة تعلمت فيها حرفة ساعدتها على الاستقلال المادي، وبدأت في تقديم الدعم النفسي والمساعدات لضحايا العنف الأسري.
نُقلت تصريحات يسرا وقصصها في العديد من المنصات العربية والدولية، منها سكاي نيوز عربية، روسيا اليوم، والنهار اللبنانية.
تحديات وطموحات مستقبلية:
واجهت يسرا تحديات عديدة تشبه ما يواجهه قطاع كبير من الصحفيين، أبرزها تأخر التعيينات وانخفاض الرواتب، لكنها اختارت تجاهل هذه العقبات والتركيز على تطوير ذاتها ومهاراتها، خاصة في ظل التطورات السريعة في مجال الصحافة والإعلام. تؤكد أنها تضع هدف بناء اسمها المهني وتقديم أعمال تحبها في المقام الأول، وتركز حاليًا على إنتاج قصص معمقة متخصصة في قضايا المرأة والفئات المهمشة على مستوى الوطن العربي. تعمل حاليًا على تحقيق يتناول قضية نسوية في إحدى مناطق النزاع، وتأمل أن تواصل إنتاج قصص وتحقيقات مؤثرة، لا تقتصر على الرصد فحسب، بل تمتد لطرح حلول واقعية وفعالة.