بروفايلسلايدر رئيسي

مي سعودي.. صحفية تبحث عن قضايا المهمشين

آمنت بتأثير الصحافة ودورها في الحديث بلسان حال الفئات المهمشة والأقل حضورًا في المجتمعات، فأنتجت العديد من التحقيقات المؤثرة، وكان أخرها تحقيق عن أطفال اليمن بما يتعرضون له من فقر خدمات طبية تودي بحياة المئات منهم نتاج الحرب المستمرة منذ سنوات؛ ما أهلها لجائزة المركز الأول من مؤسسة هيكل للصحافة ونقابة الصحفيين، عن تغطية الحروب والنزاعات في عصر الصحافة الرقمية. 

البداية

بدأت الصحفية الاستقصائية مي سعودي، العمل الصحفي عام 2008، أثناء دراستها الجامعية، وقبل ذلك داومت على قراءة الصحف والمجلات التي تحضرها إليها والدتها لإشباع شغف طفلتها ناحية القراءة والاطلاع، ومع الوقت باتت الصحافة حاضرة في منزل مي، وبات العمل الصحفي حلم واجب التحقيق. 

كانت البداية المهنية من خلال العمل في جريدة اقتصادية شهيرة، وهو لون الصحافة كان رائجًا قبل عام 2010، ومنها تنقلت بين الأقسام إلى أن وصلت لرئاسة أحدها، ثم تنقلت بين العديد من المواقع والجرائد المصرية ومنها الدستور والشروق، وغيرها، ومع كل الخطوات كانت تجد  دعمًا كبيرًا من أسرتها التي آمنت بالصحافة رغم أنها استمرت سنوات لا تتحصل على مقابل مادي مجزي مقابل عملها. 

هذا التحدي على وجه التحديد دفع مي للابتعاد فترة عن الصحافة، ثم عادت مرة أخرى وقررت مواصلة العمل لكن بعد الحصول على تدريبات محلية ودولية تؤهلها للانطلاق نحو خطوات أهم، وللعمل بطريقة فريق العمل أي فهم كل ما يحيط بمهارات الصحافة من تصوير ومونتاج وطرق البحث وتدقيق المعلومات وغيرها من التدريبات التي عرفت فيها فنون الصحافة الحديثة، من صحافة البيانات والتحقيقات الاستقصائية، للإلمام بالمهارات المطلوبة لسوق العمل. 

خطوات مهنية وقضايا فارقة

أنتجت مي تحقيقات استقصائية معمقة مع موقع شريكة ولكن، ووجدت شغفها في ملفات القضايا الجندرية، والاجتماعية، والاقتصادية، ومن هنا بدأت تبحث عن فرص تؤهلها لخطوة جديدة، إلى أن حصلت على منحة وتدريب مشترك بين مؤسسة هيكل ونقابة الصحفيين، حول تغطية الحروب والنزاعات في عصر الصحافة الرقمية، ومن نتاجه إنهاء تحقيق عن الأطفال في اليمن، الذين يعيشون في ظروف الحرب القاسية. 

تحكي مي للمرصد المصري للصحافة والإعلام، أن التحقيق الفائز بالمركز الأول انطلق من حالة طفل أصيب بشلل أطفال وبسبب نقص الخدمات توفي قبل نشر التحقيق، لكن ثمة تحدٍ آخر واجه مي وهو الوصول إلى المصادر خاصة المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، وتضيف: “التحقيق تسبب لي في أزمة نفسية بعد وفاة الطفل قبل نشره، لكنني شعرت بعد ذلك بقيمة الصحافة الإنسانية التي تسلط الضوء على قضايا الفئات المهمشة والبعيدة عن الإعلام وبخاصة مثل قضية اليمن التي لا تجد زخمًا إعلاميًا حولها مقارنة بقضية غزة على سبيل المثال”. 

قضية أخرى تناولتها مي بالتحقيق مؤخرًا، حول عمال الخردة والصعوبات التي تواجههم،  تقول: “التحقيق استمر قرابة 6 أشهر، قابلت خلالها 50 عاملًا وكان من الصعب إقناعهم بالحديث إلى الصحافة”، وتوضح مي أن هذه الفئة تتعرض لكوارث صحية، رغم أن صورة وردية تنقل لنا عنهم تتعلق بالثراء الفاحش ومكاسب مادية تلاحقهم، أما الجانب القاسي من الصورة فهي معاناتهم من الفقر والتعرض للوفاة أو فقدان أحد الأطراف أو أي عضو من جسدهم نتاج عمليات البحث عن الخردة، وما يصل للثراء هم التجار وأصحاب المخازن، أما العمال يعيشون ظروفًا غاية في الصعوبة. 

تأمل مي أن يحقق هذا التقرير المعمق النتائج المأمولة منه من التأثير على صناع القرار لتحسين أوضاع وظروف بيئة العمل لهذه الفئة من العمال. 

ومن التحقيقات المؤثرة أيضًا والتي تعتبرها مي قريبة من قلبها، كان تحقيق حول سبب هجرة الأطباء من مصر، أنتجته بطريقة صحافة البيانات بعد حصولها على تدريب مع مؤسسة دفتر أحوال، وقدمت فيه استبيان مع أكثر من 25 طبيبًا/ة مصريًا/ة وأكثر من 100 حالة أجمعوا على أن سبب هجرتهم/ن خارج مصر التعامل السيء من المواطنين/ات المرضى وذويهم معهم، بحيث تعرض أطباء/طبيبات إلى اعتداءات أودت بإصابات بعضها حرجة. 

تقول: “تفاعلت نقابة الأطباء مع هذا التحقيق، وطالبت في وقت لاحق بتحسين بيئة العمل والحماية القانونية التي توفر الردع لكل من يتعدى على طبيب/ة أثناء تأدية عمله”. 

طموحات مهنية: 

تؤكد مي على ضرورة حصول الصحفي/ة على تدريبات، وعدم الاكتفاء بالمعرفة بل السعي دائمًا نحو تطوير الأدوات والبحث عن مزيد من الفرصة، تقول: “الصحافة مهنة لا تتوقف عند الموجود، هي مهنة البحث عن الجديد وبالتبعية علينا مواكبة كل ما هو جديد من تقنيات وأدوات تخدم عملنا الصحفي وتصل به إلى جمهور أكبر من خلال دعم أفكارنا بالتسجيلات الصوتية والبيانات والصور وكل الوسائط الممكنة”.

واخيرًا تحلم مي بالبحث عن فرص ومنح جديدة تزيد معرفتها وخبرتها المهنية، وتحصل على المزيد من الجوائز سواء المحلية أو الدولية. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى