نجوى مصطفى.. نجمة الصحافة الرياضية

منذ سنوات وضعت الصحافة المرأة داخل قالبٍ ضيق من الاختيارات؛ فهي إما متخصصة في ملف المرأة، أو المنوّعات، أو الفن، إلا أن بعض الصحفيات غرّدن خارج السِرب، ونجحن في خلق طريقٍ مختلفٍ لأنفسهن، ووضعن في نهايته نورًا، وهو النجاح الذي استطعن تحقيقه.

نجوى مصطفى إحدى الصحفيات اللاتي قررن خوض غِمار العمل في مجالات لا تتواجد فيها النساء كثيرًا، مثل الملف الرياضي؛ فمن المعروف أن هذا الملف هو اهتمامٌ بالغٌ للصحفيين الشباب، إلا أن عددٍ من الصحفيات نجحن في خوض هذه التجربة.

بداية القصة

ابنة الـ33 عامًا، وُلدت وعاشت في محافظة السويس، ثم انتقلت إلى محافظة القاهرة، وحصلت على ليسانس اللغات والترجمة الفورية، ليبدأ معها رحلة كبيرة من العمل الصحفي والإعلامي في بلاط صاحبة الجلالة.

كانت الصحافة حُلمًا ليس بعيدًا عن “نجوى”، كَبُر معها منذ أن كانت طفلة صغيرة، والتي حلُمت بدراسة الإعلام، ولكن لم تحالفها الظروف، والتحقت بكلية أخرى، ولكنها حاولت مواجهة الظروف، واجتهدت حتى التحقت كباحثة ماجستير بكلية الإعلام جامعة القاهرة.

أولى الفرص

حصلت “نجوى” على فرصتها الأولى لتحقيق الحُلم الذي طالما حلمت به، حينما كانت طالبة في الجامعة؛ حيث عملت في إذاعة مونت كارلو الفرنسية، وقناة الحدث الإخبارية العراقية، بالإضافة إلى فرصة للتدريب في الإذاعة المصرية، سواءً إذاعة الشباب والرياضة، أو إذاعة البرنامج العام.

كانت ثورة 25 يناير مرحلة فاصلة في حياة “نجوى”، حينما انتقلت للعمل في جريدة الفجر بعدها، والتي عملت فيها بشكل احترافي، ومنها انطلقت للعمل بعددٍ من كُبرى وكالات الأنباء العالمية، والقنوات المحلية، والعالمية أيضًا، منها وكالة رويترز للأنباء، ووكالة الأناضول، ووكالة الأنباء الألمانية، ووكالة الأنباء الفرنسية.

تدرّجت “نجوى” بعد ذلك في الوظائف، من مُعدّة حتى رئيس تحرير في قنوات: “TEN، النهار، المحور، CBC، MBC، الحياة، العاصمة، الجديد اللبنانية، ON TV”، حتى وصلت إلى محطتها النهائية كـContent Producer بوحدة الأفلام الوثائقية في قناة الأهلي.

التخصص في الصحافة الرياضية

نشأت “نجوى” في بيت كروي بامتياز، وعشقت وتابعت الرياضة، خاصة كرة القدم على وجه التحديد، وبزغ مع طفولتها حُلم أن تكون صحفية متخصصة في الشأن الرياضي.

تقول في حديثها للمرصد: “كانت بدايتي بالصحافة في القسم السياسي؛ وذلك نظرًا لزخم الأحداث السياسية الواقعة بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وما أعقبهما من أحداث، ومع اقتراب أول فرصة، عدت إلى شغفي الحقيقي للعمل بالصحافة الرياضية، وحصلت على جائزة أفضل تغطية صحفية من جامعة الدول العربية”.

الدعم الأُسري

كانت أسرة “نجوى” هي بطل قصّتها، والتي قدّمت لها كل أوجه الدعم خلال عملها بالصحافة، خاصة مع زيادة حِدة الاشتباكات، وتغطيّتها لأحداث كبيرة.

تضيف: “جيلي من الصحفيين كان يتوجّه لتغطية أي حدث ميداني، دون أن يعلم هل سيعود سالمًا إلى بيته أم لا، كانت أسرتي فخورة بي طوال الوقت، وبانتمائي لهذا الجيل من الصحفيين، وعلى الرغم من خوفهم على حياتي، إلا أنهم قدّموا ليه كل أوجه الدعم الممكنة”.

التوفيق بين الأسرة والعمل

هي أم بامتياز، وعلى الرغم من ذلك لم يؤثّر هذا على عملها، وتميّزها وتفوّقها الدائمين، وكانت دائمًا مؤمنة بأن إدارة الوقت بشكلٍ صحيح هو الطريق لتحقيق النجاح، واستطاعت أن تحوّل أسرتها لأكبر داعمٍ لها طوال الوقت، وهو ما حقق التوازن في حياتها، وأعطاها الفرصة لمزيدٍ من النجاح في العمل والدراسة.

أشخاص مُلهمون

“كنت محظوظة بأساتذتي وزملائي في المهنة، تعلّمت منهم الكثير، وأثقلوني مهنيًا، لولاهم ما كنت أنا”، هكذا قالت “نجوى” التي عاهدت العديد من كِبار الكُتاب الصحفيين والإعلاميين، وتعلّمت منهم فنون الصحافة والإعلام، وخاصة الصحافة الرياضية.

وعلى مستوى الحياة الشخصية، قالت: “دائمًا كانت أسرتي وأمي أشخاصًا مُلهمون في حياتي، وأيضًا زوجي المهندس محمد مغربي، أنا مدينة لهم بفضلٍ عظيم، وقدّموا لي الدعم الدائم، خاصة في لحظات ضعفي”.

بداية قصتها مع قناة الأهلي

كانت لحظة فارقة حينما انتقلت “نجوى” إلى قناة الأهلي بعد تطويرها وإعادة انطلاقها عام 2020، وعملت كـContent Producer لوحدة الأفلام الوثائقية، وتمكّنت مع زملائها من إنتاج عددٍ من الأفلام الوثائقية والتسجيلية، التي توثّق حقب وأشخاص تاريخية عظيمة في تاريخ النادي الأهلي، ومنهم أفلام: “مؤمن زكريا.. ابن الكيان، محمد عبدالوهاب، ثابت البطل، أهلي الوطنية، جعفر والي باشا، صالح سليم، الحُلم، طائرة الأهلي.. أجيال للتاريخ”، بالإضافة إلى عددٍ من الأفلام الأخرى.

الفصل بين الانتماء الرياضي والعمل المهني

الفصل بين انتمائها الرياضي وعملها المهني، هو أبرز ما يميز “نجوى” في عملها، والتي حرصت دائمًا على تحقيق ذلك رغم صعوبته، خاصة وأن هذا ما تربّت عليه مع كِبار الكُتّاب والإعلاميين وأساتذة المهنة.

المرأة والملف الرياضي

على الرغم من أن الصحفيات المتخصصات في الملف الرياضي لسن كثيرين، إلا أن “نجوى” ترى كونها مرأة وتعمل في هذا الملف هو تميّز كبير، والذي لا يحتاج سوى الكفاءة فقط، سواءً من سيدة أو رجل.

ووجّهت رسالة للصحفيات المتخصصات في هذا الملف قائلة: “تحتجن فقط الإيمان بقدراتكن بعيدًا عن الهوية، مهنة الصحافة والإعلام تحديدًا لا تعترف سوى بالكفاءة في العمل، وقتها فقط سنشاهد عددًا أكبر من الصحفيات الرياضيات يتصدرن المشهد”.

تحدّيات واجهتها

كانت الأحداث الميدانية الصعبة التي عاشها الصحفيون خلال الثورة وبعدها، أبرز التحدّيات التي واجهت “نجوى”، حتى أنها فقدت العديد من زملائها أمام عينها، وذلك أثناء تغطيتها الصحفية والإعلامية، ما خلق داخلها شرخًا لا يمحوه النسيان.

مواجهة التعصّب في الإعلام الرياضي

ترى “نجوى” أن أبرز المشكلات التي تواجه الصحافة الرياضية في مصر، هو محاولة تصدّر “التريند” على حساب أخلاقيات المهنة والعمل الصحفي والإعلامي، حتى لو وصل الأمر لشحن الجمهور، وإشعال نيران الفتنة، وهو ما يحتاج إلى أن يتذكّر الصحفيون والإعلاميون آداب الصحافة وميثاق الشرف الصحفي والمهني.

طموح

لم يكن التحاقها بكلية الإعلام جامعة القاهرة كباحثة ماجستير هو نهاية المطاف، ولكن تحلُم “نجوى” بأن تحصل على الدكتوراه أيضًا، ليتوّج حبها وعشقها لدراسة الإعلام والصحافة والعمل فيهما.

كما تحلُم بخروج برنامجها الخاص للنور، تقدّم من خلاله إعلام رياضي مهني وأخلاقي، متميّز ومختلف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى