نهى وجيه.. أيقونة الصحافة الحلوة والمؤثرة

بطلة الأسبوع الحالي، صحفية موهوبة تتميز بأسلوب فريد فى صناعة التحقيق الصحفي.. أسلوب يعتمد على توصيل الفكرة بتجربه عمليه أو مغامرة صحفية.. منذ اليوم الأول لها فى مهنة البحث عن المتاعب وهى تنتج تحقيقات “مهمة”.. “حلوة”.. “مختلفة”.. إنها نهى وجيه الصحفية بجريدة الفجر، فتعالوا بنا نتعرف على السيرة الذاتية لها.

البدايات وأبرز المحطات

وُلدت نهى وجيه، فى منطقة شبرا الخيمة التابعة لمحافظة القليوبية، وعاشت طفولة عادية، كانت تحرص فيها على قراءة مانشيتات الصحف فى الإذاعة المدرسية، ومتابعة البرامج التليفزيونية الجادة، فتسرب عشق الصحافة إلى مخيلتها منذ كانت صغيرة دون أن تشعر.

لم يساعدها مجموعها في الثانوية العامة فى الالتحاق بكلية الإعلام، لذا التحقت بكلية التجارة جامعة القاهرة، وبعد تخرجها خاضت تجربتين لهما علاقة بالحسابات، لم تستمر طويلًا فى هاتين التجربتين، لكونها من شخصية تعشق المغامرة، وتكره العمل الروتيني الممل.

عملت نهى فى مهنة البحث عن المتاعب عام 2013، وكانت البداية فى كيان صحفي مغمور اسمه “إرادة نيوز” ل-م يكتب له الاستمرار -، وفي عام 2014 انتقلت إلى جريدة “الفجر”، أحد أبرز محطاتها المهنية.

وفي “الفجر”، تعلمت بطلتنا فنون الكتابة الصحفية، ووقعت فى غرام فن التحقيقات، وانتجت لنا عشرات التحقيقات الصحفية التى أحدثت صدى كبيرًا في المجتمع المصري، لتحفر اسمها بحروف من نور فى مهنة البحث عن المتاعب.

وبجانب “الفجر”، عملت أيضًا فى جريدتي “الدستور”، و” صوت الأمة”، لفترة قصيرة، وكذلك عملت فى العديد من البرامج التلفزيونية على شاشات “التلفزيون المصرى”، و”النهار”، و”الحياة”، و”أون تي في”، و”القاهرة والناس”، و”دريم”، ولكن تظل جريدة “الفجر” بقيادة الكاتب الصحفي عادل حمودة بيتها الأول الذى تعلمت فيه أصول المهنة، وتدين للعاملين فيه بالشكر والامتنان.

تتحلى نهى وجيه، بروح المغامرة، والسعى لاقتناص المعلومات والحصول عليها دون الخوف من الفشل أو الوقوع في ورطة ما، أو حتى من ردة فعل مهينة من الطرف المقابل، لذا حرصت منذ اليوم الأول لها فى عالم الصحافة على مغادرة مكتبها والابتعاد عن وسائل صناعة الأخبار التقليدية، وأدركت أنها لكي تحجز مقعدًا لها بين الكبار من أبناء المهنة، لابد أن تغامر لتصنع حكاية يرويها عنها مئات الأشخاص بعدها.

مغامرات صحفية
خاضت نهى أول مغامرة صحفية لها في أواخر عام 2014، عندما لفت انتباهها ملصقات إعلانات “زواج المطلقات” في وسائل المواصلات العامة، فتوقعت وجود عمليات نصب تتم من خلالها، فعرضت الفكرة على زميلتها “هند خليفة” التى رحبت بها، والتقت نهى وهند، مالك مكتب الزواج، باعتبارهما فتاتين تبحثان عن الزواج من ثري عربي، فعرض عليهما العمل معه من خلال كتابة عقود زواج بأسماء وهمية، وأحدث التحقيق بعد نشره صدى كبيرًا فى مصر وقتها.

وتوالت مغامرات بطلتنا بعدها، فذهبت إلى تاجر أعضاء بشرية، وكشفت الكثير من الأسرار عن عالم تجارة الأعضاء البشرية في مصر، كما ذهبت إلى مكاتب تزوير شهادات الماجستير والدكتوراه، لإزاحة الستار عن مافيا المؤهلات المضروبة، واخترقت عالم مافيا الإجهاض واستعادة العذرية في مغامرة داخل إحدى العيادات الطبية، كما أخفت هويتها الحقيقية لتعمل في جمعية متخصصة للنصب على الشباب بدعوى توفير فرص عمل.

وفي يوليو 2016، تعاونت مع زميلتها فاطمة الزهراء محمد، وزميلها محمد صلاح الحج، في مغامرة صحفية داخل إحدى صالونات الحلاقة، التى تجرى عمليات الختان للإناث، بمنطقة السيدة عائشة، وفى عام 2017، ادعت الإلحاد.

وذهبت إلى “كشك الفتوى” الذى كان موجودًا فى بعض محطات مترو الأنفاق، لمعرفة كيف يفكر شيوخ الأزهر، وحصلت من وعاظ الأزهر، على إجابات صادمة، وأحدثت المغامرة بعد كتابتها ونشرها رد فعل كبير، وربما كانت هذه المغامرة أحد أسباب إغلاق أكشاك الفتوى، وعدم تجديد بروتوكول التعاون الموقع بين شركة المترو، ومجمع البحوث الإسلامية.

وفى عام 2018، رأت نهى إعلانًا لشيخ سلفي عن إنشاء حضانة رياض أطفال، فخطر لها أن تبحث عن المناهج التى يعلمها هؤلاء للأطفال، وذهبت إلى 3 حضانات، وتحدثت مع المسئولين والعاملين فيها عن الزي المناسب والمناهج التى تُدرس للأطفال الصغار، وفى النهاية أنتجت تحقيقًا كشفت فيه خطورة هذه الحضانات على المجتمع المصري.

وعلى إثر هذا التحقيق تقدم عدد من نواب البرلمان بطلبات إحاطة، واضطرت وزارة التضامن الاجتماعي إلى عمل منهج موحد لحضانات رياض الأطفال في مصر.

في العام ذاته، قررت خوض جولة ميدانية في دور تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة القاهرة وضواحيها، للوقوف على حقيقة أصحاب تلك الدور والممولين لها والمسئولين عنها، من إداريين ومُحفِّظين، وكشفت في تحقيق لها بعنوان “تفسيرات متطرفة فى دور تحفيظ القرآن.. تربي الأطفال على العنف”، سيطرة السلفيين على أغلب هذه الدور تقريبًا.

وفى عام 2019، أطلقت الأمانة العامة للصحة النفسية، التابعة لوزارة الصحة والسكان، مبادرة «حياتك تستاهل تتعاش»، للحد من حالات الانتحار، ودشنت خطًا ساخنًا للرد على المواطنين الذين يفكرون في الانتحار ومساعدتهم وحل مشاكلهم، بدورها قررت نهى وجيه خوض تجربة صحفية مختلفة، إذ اتصلت على رقم الخط الساخن، وأخبرتهم أنها فتاة لديها ميول انتحارية، وترغب فى العلاج.

ومن خلال تحقيق “مغامرة صحفية.. نصائح مستشفى العباسية لراغبي الانتحار: هتخش النار”، كشفت أن تعامل الخط الساخن ومستشفى العباسية للحالات النفسية التي تتواصل مع تلك الحالات، لم تعط أى حلول لمواجهة الاكتئاب الحاد الذى غالباً ما يؤدى للإقدام على الانتحار.

وفي عام 2021، أجرت جولة على بعض المكتبات بشارع الجمهورية بمنطقة وسط البلد، لرصد المؤلفات ذات الصبغة الدينية المتداولة فى السوق، وأنتجت ملفًا عن “الكتب الخادعة” التى تدعو إلى نشر الأفكار المتطرفة.

وفى العام ذاته، لاحظت نهى انتشار صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم “شيخ العمود”، تعلن عن كورسات لتعليم المواد الشرعية، وكورسات للمقبلين على الزواج، فتواصلت مع القائمين على هذه الصفحة، وحصلت على عنوانهم وزراتهم في مقرهم، وتبين لها وجود إقبال كثيف على هذه الكورسات، وأن الشهادات التي يمنحها هذا المركز غير معتمدة من الأزهر الشريف، ولكن يدرس به أزهريون.
وانتهت إلى أن هذا المركز ما هو إلا لوكر يساهم في إنتاج إرهابيين جدد، وبعد نشر تحقيقها، أغلقت السلطات المصرية هذا المركز وألقت قوات الأمن القبض على مؤسسه، وتعرضت بطلتنا لوابل كبير من السباب من الإعلام المعارض للنظام المصري فى تركيا.

جوائز
خلال مشوارها المهني شاركت نهي في مسابقة جوائز الصحافة المصرية مرتين فقط، فازت فيهما، المرة الأولى: كانت في عام 2020 ، وفازت بجائزة الصحافة المصرية فرع الحملات الصحفية، عن حملتها “اللعب في الدماغ”، وهي سلسلة حلقات أطلقتها في عام 2018 لعدد من الشخصيات والمؤسسات التي تبث سمومها العقائدية في عقول المواطنين بما يضر بثوابت المجتمع المصري والأمن القومي.

كما فازت للمرة الثانية بجائزة الصحافة المصرية من نقابة الصحفيين لعام 2022، فئة الحملات الصحفية عن حملة بعنوان “أكاديمية زاد مصنع الإرهابيين”، و “زاد” هى أكاديمية افتراضية، يقدم برنامجا تعليميا يهدف إلى تقريب العلم الشرعي للراغبين فيه، عن طريق شبكة الإنترنت، وعن طريق قناة زاد ZAD TV.

وعملت نهى على هذا الموضوع، بعدما أخبرها صديق عن صديقة له كانت مليئة بالبهجة والحيوية، تعشق الرسم وماهرة فى رسم «البورتريهات»، وتتميز بتدين وسطى وترتدى الحجاب، وفجأة ودون مقدمات ارتدت هذه الصديقة النقاب، وأصبحت متطرفة فى أفكارها، وترى المجتمع «كافرًا»، وعلم صديقها بعدها أنها كانت تدرس فيما يسمى “أكاديمية زاد” المتخصصة فى تدريس العلوم الشرعية.

ومنذ هذه اللحظة، بدأت بطلتنا رحلة للبحث عن هذه الأكاديمية، لمعرفة ما تدرِّسه وتقدمه لطلابها، ما يجعل فتاة مثل ملايين عاديين تتحول إلى هذه الصورة من التطرف فى فترة وجيزة جدًا… وبالإضافة إلى مغامرة “أكاديمية زاد” خاضت نهي وجيه العشرات من المغامرات الصحفية التى أثبت أنها صحفية من العيار الثقيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى