هالة شيحة.. صحفية صنعت حضورها في قلب الأحداث العربية

بخطوات بدأت من مدارس دمنهور وصولا إلى اجتماعات القمم العربية صنعت الصحفية هالة شيحة لنفسها مسارا لا يشبه سوى يقينها الداخلي بأن الصحافة قدر لا مفر منه، جعلت من الصدفة بابا ومن الاجتهاد طريقا.. وهكذا أصبحت إحدى أبرز الأصوات المصرية في ملف الشؤون العربية والدولية.
ولم تكن نشأة هالة في مدينة دمنهور مجرد محطة طفولة عابرة بل كانت البذرة الأولى لرحلة مهنية قادتها لاحقا إلى الصفوف الأمامية في تغطية القمم العربية وأحداث الدول العربية والإفريقية، ففي مدرستها بدأت علاقتها تتوطد بالكتابة وانضمت لأنشطة عديدة فحجزت مقعدها بين أوائل المدرسة وشاركت في مسابقات على مستوى محافظة دمنهور ووجدت تشجيعا من معلميها الذين رأوا فيها قدرة لافتة على التعبير.
وفي الثانوية العامة، ومع وصولها إلى لحظة إعلان نتيجة التنسيق واجهت قرارا حاسما في حياتها فقد قُبلت في كلية الإعلام جامعة القاهرة إلا أنها حاولت التحويل إلى كلية الصيدلة، ورغم أنها حملت أوراقها في الموعد الأخير لتغيير الرغبات لكنها فوجئت بأنها نسيت أوراقها ولم تستطع استخراج غيرها أو استكمال إجراءات التحويل عندها أدركت كما تقول إنها شعرت أن القدر يوجهها إلى أن تكمل طريقها في الصحافة.
وانتقلت بعد ذلك إلى كلية الإعلام جامعة القاهرة، حيث اختارت قسم العلاقات العامة والإعلان ودرست على يد أساتذة كبار تركوا/ن في شخصيتها المهنية أثرا لا ينسى مثل د. علي عجوة، د. فاروق أبو زيد، د. صفوت العالم، والدكتورة شاهيناز النجار؛ وما إن أنهت دراستها عام 1997 حتى بدأت رحلتها المهنية في مكتب جريدة الراية القطرية، بالقاهرة فأعدت صفحة ثابتة بعنوان أم الدنيا جمعت فيها ما يحدث في مصر من سياسة واقتصاد ومنوعات.
وكانت تلك التجربة نقطة تحول مهمة إذ جعلتها تنضج سريعا فالعمل حمل مسؤوليات كبيرة، وتعلمت مبكرا كيف تدار غرفة الأخبار وكيف تصنع القصة الصحفية من قلب الحدث لا من خلف المكاتب ثم انتقلت إلى مرحلة جديدة بالعمل كمراسلة لوكالة الأنباء القطرية داخل جامعة الدول العربية.
وفي تلك الفترة اقتربت أكثر من صلب الأحداث العربية من خلال عملها مراسلة في قنوات DMC و Extra News فتعاملت يوميا مع دبلوماسيين ووزراء وسفراء، واقتربت من دوائر صنع القرار وغطت اجتماعات القمم العربية والقمم الإفريقية العربية لتبدأ رحلتها مع القمم من قمة دمشق 2008 إلى القمة الاقتصادية بالكويت 2009 إلى قمة عدم الانحياز في شرم الشيخ ثم قمة سرت وبغداد والكويت ونواكشوط والجزائر.
وخلال هذه السنوات أصبحت هالة ضمن الوفد الإعلامي لجامعة الدول العربية وتميزت بقدرة لافتة على الوصول للمعلومات من مصادرها، وكانت غالبا تسبق غيرها في نشر كواليس الجامعة، فخلال انتخابات الأمين العام لجامعة الدول العربية توصلت إلى تأكيدات من مصادرها بأن أحمد أبو الغيط سيفوز بالمنصب فنشرت الكواليس قبل الجميع في سبق صحفي أظهر دقة مصادرها وقوة علاقاتها. وتدرجت في المناصب داخل جريدة النهار المصرية التي تعمل بها حتى صارت نائب رئيس تحرير، ورئيس قسم الشؤون العربية.
وفي موقف مهني آخر، أجرت أول حوار صحفي في مصر مع المبعوث العربي إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي، ووجدته كما تصف شخصية إنسانية بسيطة تضع جهدا كبيرا لخدمة القضايا العربية.
أما زيارتها للسودان فكانت علامة فارقة في وعيها المهني والإنساني إذ رافقت وفد جامعة الدول العربية، وزارت الفاشر والخرطوم وجوبا في فترة كانت فيها المشروعات تفتتح في المدينة خلال رئاسة عمرو موسى لجامعة الدول العربية، ثم تابعت بعد سنوات ما آلت إليه الأوضاع هناك من دمار فظل المشهد محفورا في قلبها كجرس يذكرها أنها كانت شاهدة على التحولات الكبرى.
ولم تكتف بالعمل الصحفي بل أصبحت مستشارا إعلاميا لعدد من الاتحادات والمنظمات العربية، وساعدت في صياغة رسائل إعلامية ترتبط بالتنمية المستدامة والعمل الإنساني وتمكين الشباب والمرأة. كما حصلت على دورات تدريبية مكثفة من الأمم المتحدة لتطوير مهارات التغطية في مناطق النزاع ونالت تكريمات وأوسمة عديدة من بينها جائزة ملهم التي كانت اعترافا بدورها المؤثر في الإعلام العربي.
وعلى الجانب الإنساني، كانت والدتها تتابع كل خطوة لها بفخر كبير فسجلت مداخلاتها التلفزيونية واعتبرت نجاحاتها منجزا عائليا يخصهم جميعا، فبينما كانت هالة تشارك في قمم وفعاليات كبرى كانت تعرف أن هناك من يتابعها من بعيد ويكتب لها في كل ظهور صفحة جديدة من الفخر.
وبعد سنوات طويلة في عالم الصحافة تقدم هالة نصيحة للجيل الجديد تؤكد فيها أهمية اكتساب الخبرة أينما كانوا والتحقق من المعلومات وتطوير الذات دائما فهذه المهنة لا ينجو فيها إلا من يستمر في التعلم.



