هند خليفة.. من مجلة حائط المدرسة إلى احتراف صحافة التحقيقات والإعداد التلفزيوني

- بين دفاتر الطفولة كانت تكتب وهي لا تدري أنها ترسم ملامح مستقبلها.. هند خليفة لم تدخل عالم الصحافة من أبوابه التقليدية، حيث درست علم النفس، لكن صناعة الكلمة كانت الأقرب لقلبها.
امتدت تجربة هند من مواقع صغيرة إلى مؤسسات كبرى، من التحقيقات الورقية إلى إعداد البرامج التلفزيونية، ومن الكتابة عن الاقتصاد رغم رهبتها من الأرقام إلى أن أصبحت اسمًا بارزًا في هذا المجال.. وفي كل محطة تركت أثرًا.
السيرة المهنية:
هند خليفة، خريجة كلية الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة. تعمل حاليًا صحفية متخصصة في الاقتصاد بموقع “سكاي نيوز عربية”.
بدأت رحلتها مع الصحافة منذ الطفولة، حين اكتشفت حبها للكتابة في المدرسة، رغم أنها لم تكن تفقه الكثير عن أصول الصحافة آنذاك.
تتذكّر جيدًا أول موضوع صحفي كتبته في مجلّة الحائط بالمرحلة الثانوية، وكان بعنوان “دور الشباب في تنمية المجتمع”، لم تكن تتوقّع أن يتحقق هذا الحلم يومًا، خاصة وأن دراستها الأكاديمية كانت بعيدة تمامًا عن المجال.
بدأت حياتها المهنية عام 2012، مثلها مثل كثيرين من الصحفيين، من مواقع صغيرة غير معروفة، وهي تجارب كانت حقيقية ومليئة بالدروس التي صاغت شخصيتها المهنية.
الخطوة الأولى كانت بإعداد تحقيقات اقتصادية، وفي فترة من الفترات غطت أخبار البرلمان في عهد الإخوان، وهي تجربة وصفتها بالمهمة، تعلمت خلالها الكثير من الزملاء الأكبر منها سنًا وخبرةً، دون أن تطلب المساعدة، بل كانت تراقب وتتعلم من خلال العمل نفسه.
عام 2013، انتقلت للعمل في موقع “الفجر” الإلكتروني، حيث اشتغلت في أقسام المتابعات، والتحقيقات، والفيتشر، كمحررة، وفي عام 2015 تقريبًا، تم تصعيدها لتتولى منصب رئيس قسم التحقيقات، بتكليف من رئيس التحرير د. مصطفى ثابت.
تصفها بـ”المهمة المرهقة” إذ كانت مسؤولة عن تأسيس القسم والسعي لاستمراريته ونجاحه، لكن التجربة منحتها الكثير من الخبرة، وعلمتها كيف تكون قائدة قادرة على تحمل المسؤولية.
كما عملت أيضًا في جريدة “الفجر” الورقية بقسم التحقيقات، وهي مرحلة اعتبرتها فاصلة في مسيرتها، ساعدتها على اكتساب الثقة، وأن تكون معروفة كصحفية تحقيقات “شاطرة”.
بعدها، انتقلت إلى “البوابة نيوز” لفترة قصيرة، أعقبتها إجازة قصيرة من الصحافة، عملت خلالها في مجال الدراسات والأبحاث.
ثم عادت إلى الساحة من خلال مجلة “روزاليوسف”، مع رئيس التحرير أ. هاني عبد الله، الذي دعمها كثيرًا، خاصة في مجال التحقيقات.
لاحقًا، انضمّت إلى موقع “مصراوي”، ثم إلى “سكاي نيوز عربية”، حيث تخصصت في الصحافة الاقتصادية، رغم أن الاقتصاد لم يكن من اهتماماتها، وكانت تكره الأرقام، لكنها خاضت التجربة بشجاعة، بدعم من أ. محمد خالد، الذي آمن بقدرتها وأعطاها الفرصة لتتعلم، فتمكنت من تطوير نفسها وأثبتت جدارتها في هذا التخصص.
كما كانت لها تجربة مهمة في الإعداد التلفزيوني من خلال برنامج “أهالينا”، الذي يعتمد على الفيتشر والقصص الإنسانية، وهو نوع صحفي تحبه جدًا.
تقول للمرصد المصري للصحافة والإعلام: “أفتخر بأن البرنامج ناجح ومستمر منذ أربع سنوات”، وخلال هذه الفترة تطور أداؤها بشكل كبير، حتى أصبحت رئيسة تحرير للبرنامج.
دعم الأسرة:
تتذكّر أول مرة نُشر اسمها في جريدة، حين كان والدها، رحمه الله، فخورًا جدًا بها، لدرجة أنه تمنى أن يُنشر اسمها بالكامل “هند أحمد خليفة”، ومن بعده، كانت والدتها وأشقاؤها دائمًا داعمين لمسيرتها، رغم قلقهم في البداية من مغامرات العمل الميداني، خصوصًا في التحقيقات التي تتطلب مجهودًا ومخاطرة.
الجوائز والتكريمات:
لم تسعَ هند للحصول على جوائز، لكنها حصلت على تكريم من الكاتب الكبير أ. عادل حمودة عام 2016، وكان ذلك في فترة بذلت فيها مجهودًا هائلًا في عملها، وسعت لإثبات نفسها بكل طاقتها.
أبرز التحقيقات والملفات التي عملت عليها:
تجربة شخصية لمحررة «الفجر» تكشف: سوق الجواري على الإنترنت
«مأذون تحت الطلب».. يحلل الحرام وكله بما يرضي الله
رحلة مريض بـ”الفشل الكلوي”.. تكشف عن مافيا الاتجار بـ”الأعضاء البشرية”
من هنا يبدأ طريق الانتحار.. شباب يواجهون قسوة الحياة بموضة “الكاتينج”
الصدفة تقود “الفجر” لكشف لغز “بلطجية العشوائيات” في “عمومية الصحفيين”
“الفجر” تفتح الملف الشائك.. إيدز الأطفال
وعن أكثر الموضوعات تأثيرًا في حياتها، فكانت التحقيقات التي أجرتها داخل المستشفيات الحكومية تركت الأثر الأعمق في شخصيتها، خاصةً تجربتها مع مستشفى قصر العيني، حيث قضت وقتًا طويلًا في غرف المرضى أثناء إعداد التحقيقات، ثم قادتها الظروف لأن يدخل شقيقها نفس المستشفى ويظل في غرفة الرعاية حتى وفاته، شعورها بالقلق والخوف عليه كان مضاعفًا، لأن ما كانت تراه من إهمال صار يُطارِدها كأسوأ كابوس حتى بعد رحيله.
أبرز الأحداث التي غطتها: تعتبر تغطية “جمعة الأرض” من أبرز المحطات في مسيرتها المهنية، حيث نالت تغطية “الفجر” إشادة واسعة، وكانت فخورة بكونها جزءًا من فريق عمل التغطية الذي اتسم بالمهنية.
تحديات واجهتها:
من أكبر التحديات التي واجهتها كان فقدان التوازن بين الحياة الشخصية والعمل، خاصةً في فترة كانت تعمل وتدرس فيها في آنٍ واحد، هذا الضغط أثّر عليها نفسيًا، لكنها تجاوزته لاحقًا حين بدأت تحقق نجاحات متتالية، وتمكنت من استعادة توازنها.
ولدى هند أكثر من قدوة إعلامية، لكنها تأثّرت كثيرًا بالإعلامي القدير محمود سعد، منذ أيام برنامجه “البيت بيتك”. وتعتبره قدوة في كيفية تقديم القصص الإنسانية والتعمق في تفاصيل الشخصيات التي تحاورها أو تكتب عنها.
طموحات المستقبلية:
تطمح هند لأن تطور نفسها بشكل أكبر، وأن تُصبح يومًا ما معروفة بأنها تنقل صوت الناس بصدق. كما تأمل أن يشهد المجال الصحفي والإعلامي انفتاحًا يتيح العمل بحرية على مختلف القضايا.
وترى أن السعي لصناعة اسم يرتبط بالاجتهاد والصدق، مؤمنة بأنه البوابة التي تقود إلى النجاح ثم التوفيق من الله.