8 أغسطس.. ذكرى إطلاق سراح الصحفي البريطاني جون مكارثي (بروفايل)
تحل اليوم الذكرى التاسعة والعشرين، لإطلاق سراح الرهينة البريطاني، والمصور الصحفي، جون مكارثي، الذي تم تحريره عام 1991، بعد قضائه أكثر من 5 سنوات، في أسر جماعة الجهاد الإسلامي.
*كواليس الاختطاف*
في أبريل 1986، اختُطف المصور الصحفي البريطاني، جون ماكارثي، تحت تهديد السلاح، من بيروت الغربية، وكان حينها في طريقه إلى المطار؛ إذ طُلب منه العودة إلى وطنه الأم، حفاظًا على سلامته، بعدما قصفت طائرات F-111 الأمريكية، للأراضي الليبية، من قواعد عسكرية بإنجلترا.
شاهد شخصًا استعدادات “مكارثي” للمُغادرة، فأبلغ الخاطفين، وبينما كانت قافلة “جون” المُكونة من سيارتين، على بُعد دقائق فقط من الرحلة إلى المطار، تم اعتراضها، وأُسِر “مكارثي”.
* من هو ؟ *
جون باتريك مكارثي، هو صحفي بريطاني، من مواليد 27 نوفمبر 1956، كان يبلغ من العمر 29 عامًا، عندما تم اختطافه، وكان يعمل حينها لصالح “United Press International Television News”، وقد اتجه “مكارثي” إلى لبنان، في هذا التوقيت، بغرض تنفيذ أول مهمة خارجية له كمنتجٍ تليفزيوني.
*ظروف الاحتجاز*
وصف جون مكارثي المكان الذي احتُجز به، بهذه الكلمات: “احتُجزت في الحبس الانفرادي لأشهر، في زنزانة رطبة، وبوابة حديدية، لا ترى ضوء النهار، كنت مرعوبًا، أخذوني لاحقًا إلى سجنٍ آخرٍ؛ حيث احتُجزت مع رجل لديه عيون ثاقبة، ولحية ضخمة مجنونة، لقد كان بريان كينان وقد احتُجزنا معًا في سجون مختلفة، على مدار السنوات الأربع التالية، لا يُمكنني تخيل أي شخص على هذا الكوكب كرفيقٍ أفضل، خلال ذلك الوقت”.
*شريك الزنزانة صحفي*
وبالإضافة إلى “كينان”، تم احتجاز الصحفي الأمريكي، تيري أندرسون، في زنزانة واحدة مع جون مكارثي أيضًا، لكن لفترةٍ أطول منه؛ حيث أمضى “أندرسون” 2454 يومًا في الاحتجاز، منذ مارس 1985، وحتى نوفمبر 1991.
ويقول “أندرسون” عن رفيق زنزانته: “جون لديه حس دعابة حاد، وحيوي للغاية، لقد جعلنا نضحك”.
*أصدقاء جون مكارثي*
عقب اختطاف “مكارثي”، أدارت صديقته، جيل موريل، حملة “أصدقاء جون مكارثي”، من أجل الدعوة إلى إطلاق سراحه، والمُساهمة فيها، وأوضحت هدف الحملة، من خلال تصريحاتٍ، خصت بها راديو “BBC”، قالت فيها: “علمنا أن وزارة الخارجية، كانت تُخبر الصحفيين بأن (جون) قد مات، لكن كنا نعتقد اعتقادًا راسخًا أنه كان على قيد الحياة”، كما قالت في تصريحاتٍ أخرى لها: “كانت هناك أوقات بدا فيها الأمر، وكأنه سيستمر إلى الأبد، لكننا كنا نعلم جميعًا أن (جون) سيُطلق سراحه يومًا ما”.
وأثناء احتجازه، سمع “جون” عن هذه الحملة، عبر خدمة “BBC World Service”، وذلك عندما كان يستطيع الوصول إلى الراديو، وبعد استرداده لحريته، وصف تلك الحملة بأنها كانت “لقطة مذهلة”، لإدراك أنه لم يتم نسيانه.
*الإفراج عنه*
في عام 1987، سافر مبعوث الكنيسة الإنجليزية، تيري وايت، إلى لبنان، في محاولةٍ لتأمين إطلاق سراح “مكارثي”، وثلاثة رهائن آخرين، لكن تم اختطافه هو نفسه، فقبع في الزنزانة المجاوِرة لزنزانة “جون”، وهو الأمر الذي مكنه من التواصل معه، ولم يُفرج عن “وايت”، حتى نوفمبر 1991.
لكن في أغسطس 1991، وعقب مفاوضات، قادها جياندومينيكو بيكو من الأمم المتحدة، انتهت أزمة الصحفي جون مكارثي، بإعلان حركة الجهاد الإسلامي، إطلاق سراحه، في بيانٍ وصفته فيه بأنه “مبعوث”، نُقل “جون” بعده تحت حراسة الجيش، إلى العاصمة السورية دمشق، وهناك التقى بوالده وشقيقه، وأدلى ببيانٍ صحفي.
*وسام الإمبراطورية البريطانية*
حصل جون مكارثي على وسام الإمبراطورية البريطانية، برتبة قائد “CBE”، عام 1992، كما حصل عليه الرهينة الأيرلندي، بريان كينان.
وكذلك نال ذات الرتبة، تيري وايت، صاحب أولى محاولات تحرير “جون”؛ ورتبة الإمبراطورية البريطانية، هي منظومة فروسية، للتشريف بالأوسمة والألقاب، أنشأها الملك البريطاني، جورج الخامس، في 4 يونيو 1917.
*تجربته كتابًا*
بعد إطلاق سراحه، كتب “جون” مع صديقته “جيل” كتابًا، تناولا فيه تجربتهما، وواقعة اختطاف “مكارثي”، والسنوات التي قضاها أسيرًا، تحت عنوان “بعض من قوس قزح آخر”، وكان هذا الكتاب، من أكثر الكتب مبيعًا، على مستوى العالم.
ويقول “مكارثي” عن تجربته الصعبة، إنه لا يشعر بالمرارة، لخسارته 5 سنوات من حياته، مُعللًا: “شعرت أنه إذا استمريت في الشعور بالمرارة، فسأظل رهينة فعليًا”.
*موت والدته قبل معرفة مصيره*
رغم تصالُح جون مكارثي مع قصة احتجازه، إلا أن هناك جانبًا من تلك القصة، كان من الصعب أن يتصالح معه؛ وهو وفاة والدته قبل إطلاق سراحه، وقبل معرفة هل كان نجلها حيًا أم ميتًا، بعد أن طالت مدة اختطافه.
ويُشير “جون” إلى هذا الجانب، ساردًا: “لم ينشروا صورة لي أبدًا، كانوا يعلمون أن والدتي تحتضر، كان بإمكانهم فقط أن يقولوا؛ انظري، لقد حصلنا عليه، وهذا ما يتطلبه الأمر لإطلاق سراحه، وحينها كان من الممكن أن تموت -على الأقل- وهي تعلم أنني كنت على قيد الحياة”.
*قصته فيلمًا*
في عام 1993، خرج فيلم “Hostages” إلى النور، واستلهم هذا الفيلم أحداثه من أزمة رهائن لبنان، الذين كان الصحفي جون مكارثي واحدًا منهم.
وفي 2003، أُنتج فيلم “Blind Flight”، الذي روى قصة اختطاف “مكارثي”، وأخرج ذلك الفيلم، المخرج البريطاني، جون فورس، بينما قام بلعب دور “مكارثي” فيه، الممثل لينوس روش.
*محنته أغنية*
كما اتخذ فريق الروك “The Stiff Little Fingers”، من محنة جون مكارثي إلهامًا، صنع به أغنية “Beirut Moon”، التي انتقدت الحكومة، بسبب عدم تحركها لتحرير المصور الصحفي، لذا تم سحب هذه الأغنية لاحقًا من الأسواق.
*صاحب أطول فترة احتجاز*
كان جون مكارثي أصغر الرهائن، في أزمة رهائن لبنان، وتم تحريره، بعد أن قضى 1943 يومًا، في الأسر، لذا يُعتبر صاحب أطول فترة احتجاز لرهينة بريطاني في لبنان.
ومنذ أن استعاد “مكارثي” حريته، استعاد عمله الإعلامي معها، فواصل عمله كصحفي، وكاتب، ومذيع، وصانع أفلام وثائقية، وفضلًا عن ذلك، أصبح أحد رعاة منظمة “التحرر من التعذيب”، وهي مؤسسة خيرية، تساعد وتقدم العلاج، للناجين من التعذيب.