صلاح البيلي.. أديب فى محراب صاحبة الجلالة

بطل الأسبوع الحالي، صحفى متدفق يتمتع بحصانة الشعر والنقد والصحافة، هو كاتب، وأديب، وشاعر مُلهم بالمعنى الحرفي للكلمة، يكتب في موضوعات غاية في الأهمية، حاز على العديد من الجوائز والتكريمات، آخرها كان جائزة الصحافة الثقافية من نقابة الصحفيين.. فتعالوا بنا نتعرف على السيرة الذاتية للكاتب الصحفي صلاح البيلي مدير تحرير مجلة المصور، وعضو اتحاد الكتاب، وعضو نادي القصة، وعضو رابطة الأدب الإسلامي.

النشأة
وُلد صلاح علي محمود البيلي في قرية تابعة لمركز شربين محافظة الدقهلية، يوم 22 يناير 1968، ونشأ في بيت محب للقراء والعلم، فاكتشف العالم من خلال الكتب والقراءة، ففي طفولته كان يرى في بيته مجلدات الأغاني للأصفهاني، وديوان المتنبي، والمعلقات السبع لشعراء الجاهلية، ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري بتحقيق بنت الشاطئ عائشة عبد الرحمن، وديوان عمر بن الفارض وغير ذلك، وخلال المرحلتين الإعدادية والثانوية كان يداوم على شراء الصحف من البائعين فى “شربين”، وكانت “الجمهورية” جريدته المفضلة لاهتمامها بالأقاليم.

وخلال هذه المرحلة أيضًا، بدأ يكتب خواطر، ونصوص شعرية، يقلد بها من يقرأ لهم، وكان له محاولات في كتابة القصص القصيرة والروايات والمسرحيات، لذا عندما حصل على الثانوية العامة سنة 1986، بمجموع جعله أحد أوائل الجمهورية، لم يتردد لحظة في الالتحاق بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وعاش بالجامعة أسعد أيام حياتي مع نخبة من الأساتذة الكبار والعمالقة أمثال جيهان رشتي، وخليل صابات، وإجلال خليفة، ومحمد عناني، وعبد المحسن طه بدر، وسيد البحراوي وغيرهم الكثير، وكذلك مع زملاء أصبحوا اليوم نجوم الإعلام في كل مكان.

هؤلاء أثروا في البيلي
كانت مرحلة الجامعة بالنسبة لصلاح البيلي، فترة تعرف على كل مجهول، حيث زار كل آثار القاهرة، وعرف شوارعها عن سكانها الأصليين، وأحب العاصمة بكل ما فيها، وخلال هذه المرحلة قرأ لأحمد مطر، ونزار قباني، والشاعر العراقي بَدْر شاكِر السيَّاب، الشاعر الكبير محمد العبدالله نازلٌ، وإحسان عبد القدوس، ويوسف إدريس، وطه حسين، وأنيس منصور، ومصطفى محمود، و الكاتب المسرحي رشاد رشدي، والناقد سمير سرحان، وأمل دنقل ، وفاروق جويدة، ومحمد إبراهيم أبو سنة، وطاهر أبو فاشا.

كما كان متيما بعباس محمود العقاد، ونجيب محفوظ، ، ولما لا فقد دخل بطلنا مجال الصحافة كأديب، وكان يتابع ما يكتبه مصطفى شردي، وجمال بدوي في الوفد، كما تابع بهاء الدين، وموسى صبري، وأحمد بهجت، وسلامة أحمد سلامة، وغيرهم من كبار مشاهير الصحافة.

وفي مرحلة لاحقة من حياته، انفتح صلاح، على الأدب العربي والأجنبي، وقرأ لأحلام مستغانمي، والطاهر وطار، والطاهر بن جلون، ومحمد الكون، ومحمد جابر الأنصاري، و محيي الدين اللاذقاني وأورخان باموق، و شكسبير، وتشارلز ديكنز وجوته، وإرنست همينغوي، وألبيرتو مورافيا، وغيرهم الكثير ممن أثروا في مسيرة تكوين فكره وثقافته.

محطات مهنية
وخلال فترة الدراسة، شارك فى إصدار صحيفة “صوت الجامعة”، بالتعاون مع زملائه الطلبة، وكان أول حوار له فيها مع نجيب محفوظ قبل حصوله على جائزة نوبل، وقتها ذهب البيلي إلى بيت محفوظ فى العجوزة، فطلب منه الأخير أن يكون اللقاء في مقهى “على بابا” بميدان التحرير الساعة السابعة صباحًا، أو فى مكتبه بالأهرام بالدور السادس، وقد كان وقابله فى الدور الثاني بالمقهى، وهو يقرأ الصحف ويشرب قهوته، وخلال مشواره المهني حاور بطلنا، “صاحب نوبل” أكثر من 7 مرات في مكتبه في الأهرام، وكان فتحي العشري الناقد المسرحي هو من يحدد مواعيده، وقد نُشرت هذه الحوارات في وقتها في صحف مصرية وعربية متعددة.

 

وحصل صلاح البيلي، كطالب على فرص تدريب فى العديد من الصحف الكبرى، كـ”الأهرام” على يد الكاتب الصحفي عزت السعدني،(كان مشهورًا بتحقيق السبت في الصفحة الثالثة في الأهرام)، وفى سنة 1990 تخرج فى قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، و قضى خدمته العسكرية في سيناء، وأثناء الخدمة العسكرية حصل على ترقية استثنائية، وشهادة تقدير من قوات الدفاع الجوي بسيناء سنة 1991.

 

بعد انتهاء فترة الخدمة العسكرية، عمل البيلي في وظيفة غير حكومية كمشرف ليلي في مؤسسة أحداث لأكثر من عامين، وفى الصباح كان يبحث عن جريدة يعمل بها، وكانت البداية بصحيفة “رأي الشعب”، و “السياسي المصري”، الصادرة عن دار التعاون، ثم “الأحرار”، و”العروبة”، كما عرف الطريق إلى مكاتب الصحف العربية في مصر فنشر بـ”الشرق القطرية”، و”السياسة الكويتية”، و”الوطن الكويتية”، و”الأيام البحرينية”، و”الخليج الإماراتية”.

دار الهلال
وتعتبر مؤسسة دار الهلال، أبرز المحطات المهنية فى مسيرة صلاح البيلي، إذ عمل قرابة عامين مع إقبال بركة في مجلة “حواء”، وبعد إصداره لكتاب عن “عبد الناصر وثورة يوليو”، سنة 1994، طلب منه الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، العمل فى جريدة “المصور”، وكان وقتها مكرم رئيسًا لتحرير المصور، ورئيسا لمجلس إدارة الهلال، ونقيبًا للصحفيين.

 

في المصور زار صلاح البيلي، مصر كلها، وقام بتغطية العديد من الأحداث الهامة، كحادثة الكشح بسوهاج التى راح ضحيتها 21 مسيحيًا مصريًا، وزيارة البابا يوحنا بولس لدير سانت كاترين، ومهرجانات مثل الهجن بالشرقية والعريش، كما التقى بالكثير من رموز مصر السياسية مثل عزيز صدقي، ومصطفى خليل، وعلي لطفي، وإسماعيل صبري عبدالله، وحسن عباس زكي، والفنية مثل عادل إمام، وسعيد صالح، وصلاح السعدني، وأمينة رزق، وهدى سلطان، وكمال الشناوي، وحسين فهمي، وعزت العلايلي، ومحمد رضا، ومحمد عوض، ونور الشريف، وأحمد زكي، ومحمود عبد العزيز، ومن تلاهم من أجيال مثل جيل محمد هنيدي، وأشرف عبدالباقي، وعلاء ولي الدين، كذلك التقى عشرات الشعراء والأدباء.

 

في عام 1997 حصل البيلي على عضو نقابة الصحفيين المصرية، وفى سنة 2003 تولى إدارة مكتب مؤسسة دار الهلال في الإسكندرية، لمدة ثلاث سنوات، تعرف خلالها على المجتمع السكندري من أدباء، ورجال أعمال، ومسئولين، وغيرهم، وكانت يغطي لمجلات المؤسسة الصحفية كلها “المصور”، و “حواء”، و” الكواكب”، و “الهلال”، ومجلة “سمير” .

 

تجربة الوطن العربي
بجانب “المصور”، عمل البيلي، مع اللبناني وليد أبو ظهر في مؤسسته ومجلته “الوطن العربي”، وتولى رئاسة مجلة ” أموال الإقتصادية”، وكان يصدر عددين كل شهر من المجلة، الأول لمصر، والثاني للخليج العربي، وكانت تجربته مع الصحفيين اللبنانيين ثرية للغاية، ونذكر من هؤلاء الحسيني وإبراهيم البرجاوي، ووليد أبو ظهر وأولاده خالد وغادة وعفاف ونادين، وانتهت هذه التجربة عام 2011 مع قيام ثورة 25 يناير.

 

خلال مشواره، حصل صلاح البيلي على العديد من الدورات التدريبية، أبرزها دورة أكاديمية ناصر العسكرية العليا في الأمن القومي، كما نال عضوية جمعية الهلال الأحمر المصرية فرع القاهرة، وعضوية اتحاد كتاب مصر، وعضوية نادي القصة، بالإضافة إلى عضوية أكثر من جمعية أهلية مثل جمعية ( البيلي أبو غنام ) وغيرها لحبه للعمل التطوعي.

مؤلفاته
وله العديد من المؤلفات، هي حسب الترتيب الزمني: “مالا يعرفه التاريخ عن قطز” – ديوان شعر فصحى صادر سنة 1992، و “ناصر بين عامر وبرلنتي – مذكرات سياسية عن ثورة 23 يوليو 1952″، عام 1994، و “سقوط الفانتوم – بطولات وأسرار الطيران المصري في حرب أكتوبر” طبعة أولى سنة 2000، وطبعة ثانية سنة 2020م، و”همس العيون” ديوان شعر فصحى سنة 2017، و “من وحي اللقاء” – ديوان شعر فصحى سنة 2018، و “لا تنتظري” – ديوان شعر فصحى سنة 2019، و رواية ( العائدون من الموت ) سنة 2020، و مجموعة قصصية ( عقول للبيع ) سنة 2020، ورواية ( مذكرات فلاحة مصرية ) سيرة ذاتية سنة 2020، ورواية تاريخية ( طومان باي ) سنة 2022م ، وله تحت الطبع رواية ومجموعة قصصية ومسرحية.

جوائز
في العام الماضي (2022) فاز صلاح البيلي بجائزة الصحافة المصرية، فرع الحوار الصحفي، وفي العام الحالي (2023) فاز جائزة الصحافة المصرية فرع الصحافة الثقافية عن حوارين نشرها في الأهرام العام الماضي مع كل من الناقد الأدبي الكبير د. محمد عبد المطلب أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة عين شمس، والحوار الثاني مع الشاعر والكاتب الكبير شوقي حجاب، إلى جانب هذا جرى تكريمه فى العديد من المناسبات.

 

33 عامًا قضها الكاتب الصحفي صلاح البيلي فى محراب صاحبة الجلالة، لايزال حتى يومنا هذا يمارس عمل بجد ونشاط، يعمل كما لو كان صحفيًا في بداية مشواره المهني.. لازال يمارس هوايته المفضلة (القراءة) باحثًا في كل قصة أو رواية أو قصيدة شعرية يتصفحها، عن متنفس لروحه، وشعورٍ بالمتعة والسعادة، بعيداً عن صخب الحياة، وضجيج البشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى