رانيا هلال.. صحفية تتنقل بخفة الفراشة بين فنون الإبداع
بطلة هذا الأسبوع، هي الصحفية والكاتبة رانيا هلال، واحدة من الصحفيات اللواتي يغردن خارج السرب، لتبتكر أفكارًا جديدة تضيف إلى المهنة الكثير.
في طفولتها كانت رانيا تهوى تصفح المجلات والجرائد، تقص ما يعجبها من صفحات وصور، وتقوم بلصقها بعناية شديدة جنبًا إلى جنب في دفتر أشبه بمجلة مصنوعة لا زالت تحتفظ بها حتى اليوم؛ وبجانب ذلك مارست الأنشطة الإعلامية، فانضمت إلى الإذاعة المدرسية ومجموعة الإلقاء والسرد القصصي، بخلاف مداومتها على القراءة.
أما دخولها المجال الصحفي كان صدفة، حين أرادت الحصول على عمل إضافي لسد مصروفات دبلومة أرادت دراستها عن تنمية ذوي الاحتياجات الخاصة، لتطوير مهاراتها في عملها الأساسي كمسؤولة عن النشاط الثقافي في مركز قصر الأمير طاز.
وقتها كان الصحفي والإعلامي الراحل عبد الله كمال يبحث عن سكرتيرة لتقابله رانيا التي وجدها مشروع صحفية وأديبة، فطلب منها تعمل كمحررة بالقسم الثقافي في جريدة روزاليوسف مايو عام 2007، ثم تثبت الأيام رؤيته الصائبة، وتصبح رئيسة القسم الثقافي في الجريدة.
جذبتها دراسة التراث الثقافي في قسم الحضارات بكلية الدراسات الآسيوية، ووجدت فيها خطاً جديداً لم تكن تعرف بالتحديد كيف سيفيدها، لكنها استكملت رحلتها، تقول لـ “المرصد”: “لم تكن لديَ خطة واضحة تجاه كل ما أحبه وأعمله، لكنني استمريت على كل حال في اتباع شغفي وهواياتي”.
بدأت مع الوقت تربط خيوط دراستها واهتماماتها، إذ دفعها ولعها بالفن المعماري والتراث لكتابة تقرير صحفي تتبع فيه سيرة فنان معماري إيطالي اسمه أنطونيو لاشياك، جاء إلى مصر وأنشأ محطة الرمل القديمة وشارع شامبليون في وسط البلد، ولم يكن له أي ذِكر في المراجع المصرية، ما دفعها للبحث والاستقصاء عنه في أكثر من محافظة إلى أن كتبت سيرته بالفعل على صفحات روزاليوسف.
كما كتبت تحقيقًا مُدعمًا بالصور عن مدرسة تدعى “القربية” للبنين في حي باب اللوق، وكانت إحدى القصور القديمة؛ صورت رانيا مباني المدرسة وأسقفها الأشبه بالتحفة المعمارية، ثم خاطبت وزارة السياحة والآثار، التي ردت عليها من خلال مكتب زاهي حواس، وزير الدولة السابق لشؤون الآثار، بأن المدرسة لم تكن منضمة بعد إلى الوزارة، ثم تأتي أحداث الثورة وبالتحديد في واقعة محمد محمود وتُحرق المدرسة فيصبح تحقيق رانيا وثيقة عن القربية.
طعم الكلام
محطة أخرى نقلت رانيا في مكانة مميزة بين هواة الكتابة والصحفيين المهتمين بالإبداع، وهي محطة ورشة “طعم الكلام”، تقول عنها: “كنت أحب من صغري قناة فتافيت، أول قناة أكل مصرية، كانت تتحدث برامجها عن الأكل بشكل فلسفي ونفسي كوثيق الصلة بالإنسان ونمط حياته وأفكاره، وحين أردت ربط حبي للتراث مع الكتابة الأدبية والقصصية، تذكرت هذه القناة، وأردت تأسيس ورشة كتابة هي الأولى من نوعها في مصر تربط هذا الخليط بين المطبخ كفعل إنساني والكتابة كعمل إبداعي.
تقول: ” الطعام ليس ممارسة سطحية أو عابرة، الطبخ كفعل مرتبط دائمًا بالأفراح والأحزان، والمناسبات كافة، وكذلك التعبير عن الحب منذ القدم، حتى أن المصريين القدماء صنعوا نحو 300 نوع من الخبز، متعددة الأسماء والمناسبات، وكل هذه التفاصيل يمكن صناعة الحكايات منها”.
تستكمل حالياً رانيا دراستها بدرجة الماجستير في كلية الدراسات الآسيوية كباحثة عن التراث الثقافي الذي تهواه، وتستمر في كتابة القصص القصيرة مع الورش التدريبية بشكل احترافي، فهي بخلاف عملها الصحفي كاتبة قصة قصيرة حصلت على جائزة ساويرس الثقافية ولها عدد من الكتب والمجموعات القصصية ذات خط إنساني تمزج فيه خبراتها المتنوعة.
وفي الوقت نفسه هي أم وزوجة، وهنا تحكي رانيا: “أن تكوني صحفية مهتمة بتطوير أدواتك ولديكِ أسرة ومنزل فهذا ضغط كبير جداً، فالأمومة كثيراً ما تتعارض مع الاستمرار في البحث والمعرفة، وهي أمور أساسية للعمل الصحفي، ما يعني أن تستغني عن أشياء في مقابل أخرى مع كل خطوة جديدة”.
وتختتم حديثها: “الأمر أشبه بلاعب سيرك، يسير على اﻷحبال بخفة وحذر شديدين لمحاولة اتباع حلمه، وعدم التقصير نحو واقعه في نفس الوقت”.