131 عامًا على ميلاد جُرجي زيدان مؤسس دار الهلال
131 عامًا على ميلاد جُرجي زيدان مؤسس دار الهلال
چُرجي حبيب زيدان هو كاتب، شاعر، صحفي، مدرس وروائي من لبنان، وهو مؤسس مجلة الهلال عام 1892.
ولد جُرجي زيدان في ديسمبر عام 1861 في قرية عين عنب بجبل لبنان، وكان من أسرة فقيرة إلى حد ما، حيث والده يملك مطعماً صغيراً يتردد عليه الأدباء والمثقفين من بيروت، وكان يسعى والده لتعليمه قدر بسيط من التعليم ليساعده في إدارة المطعم وحسابه.
-تعلم زيدان في مدرسة ببيروت وعرف أمور الحساب والكتابة وأصبح يساعد والده في إدارة المطعم، غير أن لوالدته رأي آخر وهو أن يتعلم چُرجي صنعة آخرى يكسب منها أفضل من رزق المطعم القليل، وبناء عليه عمل لفترة في صناعة الأحذية لكن لم يروق العمل له فتركه.
-بعدها التحق بمدرسة الشوام فتعلم اللغة الفرنسية، ثم بمدرسة مسائية فدرس الأنجليزية وبرع فيها.
-وقتها نمى شغف جُرجي تجاه الأدب والمعرفة فبدأ يسعى للتقرب من المثقفين والشعراء والكتاب أمثال يعقوب صروف و فارس نمر و إبراهيم اليازجي و سليم البستاني، وكانوا يدعونه لحضور احتفالات الكلية.
-التحق بالكلية السورية البروتستانتية (الجامعة الأمريكية) ونجح في امتحان القبول لتعلم الطب ولكن درس لمدة عام واتجه بعدها لدراسة الصيدلة إلا أنه قرّر أن يرحل لمصر لدراسة الطب فاقترض مبلغ ستة جنيهات من جار له في بيروت.
-سافر زيدان للقاهرة وألتحق بكلية الطب وبسبب ظروفه المادية أخذ يبحث عن عمل بجانب دراسته، حتى عمل في جريدة الزمان، ثم عمل بعدها مترجما في مكتب المخابرات البريطانية بالقاهرة كذلك رافق الحملة الإنجليزية التي توجّهت للسودان لإنقاذ القائد الإنجليزي “غوردن” من حصار جيش المهدي، واستغرقت رحلته في السودان حوالي ١٠ أشهر عاد بعدها لبيروت.
-وانضم للمجمع العلمي الشرقي الذي أُنشئ عام 1882 وتعلّم اللغة العبرية واللغة السريانية وهو ما مكّنه من تأليف أول كتاب في فلسفة اللغة العربية عام 1886 ثم أصدر منه طبعة جديدة في عام 1904 بعنوان تاريخ اللغة العربية. ثم زار إنجلترا وعاد إلى مصر منقطعاً إلى التأليف والصحافة
-ثم عاش في القاهرة وعمل في التأليف والترجمة، وأدار مجلة المقتطف واستقال منها بعدها بفترة واشتغل بتدريس اللغة العربية بالمدرسة العبيدية الكبرى لمدة عامين ثم تركها واشترك مع نجيب متري في إنشاء مطبعة إلا أن الشراكة بينهما انفضّت بعد عام واحتفظ جُرجي زيدان بالمطبعة وأسماها مطبعة الهلال بينما نجيب متري أنشأ مطبعة مستقلة أسماها مطبعة المعارف.
-أسس زيدان مجلة الهلال وتعتبر من أعرق وأقدم المجلات في مصر، وصدر العدد الأول منها عام 1892 وكتب بها العديد من الكتاب الكبار.
-برع جرجي في الرواية التاريخية وقد ألف العديد من الروايات التاريخية التي تتناول الحقبة التاريخية منذ دخول الإسلام مصر وحتى المماليك، ومن مؤلفاته، العرب قبل الإسلام، تاريخ التمدن الإسلامي، تاريخ مصر الحديث، ابن طولون.
-وعلى الرغم من اتهام البعض لجرجي زيدان بتشويه التاريخ الإسلامي بسبب ديانته المسيحيه إلا إن الكتاب أجمعوا إنه كان دائم الأستناد للمعلومات التاريخية اليقينية.
ولا فارق بين أنواع مؤلفات زيدان في الانتشار، فرواياته عن تاريخ الإسلام تتساوى ومؤلفاته الأخرى في تاريخ الحضارة العربية وفي آدابها وفي لغتها، لكن رحلاته لم تحظ باهتمام الناشرين كغيرها من الأعمال. زيدان كاتب شعبي، بمعنى الانتشار لا بمعنی قلة المسؤولية، وهو ذو تأثير في الأجيال العربية في القرن العشرين، خصوصا في نظرته إلى التمدن الإسلامي وفي رسمه أجواء الاجتماع العربي والإسلامي عبر رواياته التاريخية.
وكتب مصطفي لطفي المنفلوطي، واصفًا شخصية زيدان: كان خير ما يعجبني منه ترفعه عن مجاراة المتکبرین و تناوله في كثير من مواقفه إلى منازل العامة ليجدهم بما يفهمون، لأنه كان من كتاب المعاني لا من كتاب الألفاظ، وأنه كان يؤثر أن يتعلم منه
الجاهلون على أن يرضي عنه المتحذلقون.
وعن جرجي زيدان صحفياً قال يوسف الخازن: المزايا الصحافية التي امتاز بها زيدان وكانت السبب في هذا النجاح الباهر هي حسن الإدارة واختيار المباحث وسهولة الإنشاء، والإدارة تنطوي تحتها أمور كثيرة مادية و أدبية كضبط المواعيد وحسن الطباعة وإتقان الوجه التجاري و حفظ النسبة اللازمة بين واجبات الصحافي وأميال ميول الجمهور، فلا يجاريها مجاراة عمياء ولا يصدمها صدمة تبعد القراء عنه وتورثهم النفور، وتاريخ الهلال يدل على أنه برع في هذا الوجه، فإن الهلال ما تأخر يومًا عن ميعاده ولا جاء سقيًا في حروفه أو رثًا في ورقه، ولا وقع بينه وبين الرأي العام نفور.
وقد توفي جرجي زيدان بين كتبه وأوراقه عام 1914.