دينا حاتم.. نجمة البرامج الثقافية في ماسبيرو

دائمًا ما تحلّق نجومٌ لامعة في سماء ماسبيرو، قلعة الإذاعة والتلفزيون في مصر والوطن العربي، والنافذة التي أطلّ منها المصريون على العالم، والتي خلقت جيلًا من الإعلاميين وروّاد العمل الإعلامي المصري، الذين قدّموا إعلامًا مهنيًا متميّزًا، أسهم بشكل كبير في تشكيل ثقافة المجتمع، وتنمية وعي المواطنين.

أبرز تلك النجوم التي لمعت في ماسبيرو، هي دينا حاتم، ابنة القاهرة، التي تخرّجت من كلية الإعلام جامعة القاهرة، بقسم الإذاعة والتلفزيون.

بداية القصة

تدرّبت “دينا” أثناء الدراسة في قناة النيل المنوعات، والتي كانت وقتها قناة “لايف”، ثم بدأت رحلتها مع ماسبيرو من عام 2003، وأول من وجهها كان الدكتور والإعلامي الكبير جمال الشاعر، والذي كان رئيسًا لقناة النيل الثقافية آنذاك.

أحبّت “دينا” البرامج الفنية والثقافية، واهتمّت بها حتى قبل التحاقها بمبنى الإذاعة والتليفزيون، وعلى الرغم من أنها عملت في أنواع أخرى من البرامج، إلا أن تلك الفنية والثقافية ظلّت هي الأقرب لقلبها.

نجاحات وإضاءات لامعة

على الرغم من أنها بدأت في سنٍ صغير، إلا أن “دينا” نجحت في تحمّل المسؤولية، وساعدها في ذلك أيضًا حافظ هريدي رحمه الله، وهو واحد من كِبار مُعدّي قطاع القنوات المتخصصة والتلفزيون المصري، والذي وصفته بأنه كان له الفضل في توجيهها، خاصة وأنها كانت تخشى من مسؤولية إعداد برامج ثقافية وتنويرية، بحجم ما كانت تقدّمه القناة الثقافية آنذاك.

أسند الإعلامي جمال الشاعر لـ “دينا” في البداية، برامج تغطيات خارجية لحفلات الموسيقى والباليه بدار الأوبرا المصرية، و لمراكز الثقافية المختلفة في القاهرة، و”برنامج سهرة فنية” وبرنامج “تعال معي إلى الكونسير”، بالإضافة إلى إعداد برنامج “لقطة”، وهو برنامج كان يهتم بالفوتوغرافيا، ونجحت في تنظيم عشرات الحلقات مع المصورين الفوتوغرافيين، والصحفيين المصريين، والعرب، والأجانب.

ونجحت “دينا” في إعداد برنامج توك شو بعنوان “شارع الكلام”، والذي كان معنيًا بكل قضايا الساعة السياسة والثقافة والفنية والمجتمع، داخل مصر وخارجها، والذي كان يتمتّع بسقف كبير من الحرية والتنوّع في موضوعاته، وكان يرأس تحريره حافظ هريدي.

ولسنواتٍ طويلة، كانت “دينا” مسؤولة عن تحرير نشرات الأخبار الثقافية والفنية، ومنذ عام 2009، تخصصت في البرامج الفنية، وقامت بإعداد برامج “ليلة فن”، و”أهل الفن”، و”فنون وموسيقى”، و”ياللي بدعتوا الفن”، و”الطلة”، وهو البرنامج الذي تقوم بإعداده الآن.

الهدف من البرامج الفنية

كشفت دينا حاتم في حديثها لـ”المرصد”، عن الهدف الرئيسي من إعداد وإذاعة تلك البرامج الفنية، وهو “التوثيق” للمبدعين والفنانين، ولأهم محطات مشوارهم وتاريخهم، والتعريف أكثر بمُبدعين وفنانين لم يُسلّط عليهم الضوء بشكل كافي، وتصحيح أي معلومات مغلوطة عن تاريخهم أو مشوارهم الفني.

أبطال قصّتها

والدة دينا حاتم هي بطلة قصّتها، فتأثّرت بها بشكل كبير، والتي كانت تهتم بعملها، واهتمّت بزراعة حُب الكتابة داخلها منذ الصِغر، وحصولها على التدريب الكافي على موضوعات التعبير، واختيار الموضوعات المميّزة لها، لتقدّمها في الإذاعة المدرسية، وأيضًا تغذّيتها الدائمة بحصيلة لُغوية كبيرة، وهو ما ساعدها فيما بعد على كتابة الاسكريبت الخاص بكل برنامج بشكل مختلف.

البطل الثاني في حياتها، كان الدكتور والإعلامي الكبير جمال الشاعر، وأيضًا طارق حبيب، الذي التقتهم في بداية عملها، وتعلّمت منهم الكثير، وحرصت بعد اللقاء بهم على مشاهدة معظم برامجهم، خاصة طارق حبيب، الذي كان يُعد برامجه بنفسه، قائلة: “أستطبيع القول أن هذه هي مدرستي المُفضّلة في إعداد الحلقات، وتحديدًا حوار الشخصية”.

التحدّيات التي واجهتها

على الرغم من نجاحها، مرت دينا حاتم بالعديد من التحدّيات، كانت هي الدافع الأول لتميّزها، حيث قالت: “دايمًا يكون التحدّي الأكبر هو البحث عن الفكرة، وطريقة تقديمها، ومحاولة تقديم معادلة تجمع بين الإفادة والإمتاع للمشاهد، وفي ماسبيرو أيضًا يواجهنا جميعًا تحدّي رئيسي، هو الإمكانيات، ولكننا نحاول التحايل عليها بالإجادة قدر الإمكان”.

ماسبيرو الأصل

دائمًا ما كان ماسبيرو هو الأصل، وهو المصدر الأول للمُبدعين في كل المجالات، وصاحب الفضل في خلق الكثير من الأسماء اللامعة في تاريخ العمل الإعلامي بمصر والوطن العربي.

كان نجاح دينا حاتم جزءًا من نجاح ماسبيرو؛ حيث تقول: “ماسبيرو هو الأصل والأساس، وفيه تعلّمنا أصول المهنة، حتى الذي لم يدرس الإعلام دراسة أكاديمية، تعلّم فيه أصول المهنة من وجوده داخل هذا الصرح، الذي يورِّث أخلاقيات المهنة إلى أبنائه، وأعتقد أن هذا أكثر ما يميّز إعلام ماسبيرو عن غيره من القنوات الخاصة”.

وعن أبرز التحدّيات التي تواجه ماسبيرو، قالت دينا: “حتى وإن اختلفت الإمكانيات المُتاحة حاليًا عن بدايات عملي، أعتز كثيرًا بانتمائي لهذا المصرح العظيم الذي انتمى له عمالقة أساتذة المهنة”.

تراجع دور ماسبيرو

وحول إذا شهد ماسبيرو تراجعًا في دوره التنويري والثقافي خلال السنوات الماضية، تقول دينا حاتم: “إذا اعتبرنا أن هناك تراجعًا لدور ماسبيرو، فربما يكون بسبب انشغال المسؤولين عنه، أرى أن إحياء دوره أمر لن يكون بالصعب، إذا كان هناك قرار بذلك”.

وعن استغلال تراث ماسبيرو البرامجي والفني، أكدت دينا حاتم أنه صرح وكيان لا يوجد شبيه له في الوطن العربي وربما العالم، ولا ينافسه على الساحة أي أحد، مع ضرورة الحفاظ على هذا التراث بطريقة أو بأخرى، وتعريف الأجيال الجديدة به.

وأضافت: “في مشروعنا الإعلامي بقناة النيل الثقافية، نحاول تقديم جهد موازي لهذا الجهد في التوثيق، والتعريف بتراثنا، وثقافتنا، وقوتنا الناعمة أكثر وأكثر”.

تكريمات

كان التكريم الأكبر الذي حصلت عليه دينا حاتم، هو رضا ضيوفها عن إعداد حلقاتها، من أسئلة، ومحاور، وتدقيق، ومعلومات، ومواد فيلمية، وكلمات الاستحسان التي تتلقّاها من ضيوفها، وتحديدًا القامات الكبيرة منهم، والتي تسعدها وتدفعها للاستمرار.

أيضًا ردود فعل المشاهدين على حلقات القناة خاصة على يوتيوب، أو على صفحة البرنامج، والتي تجل “يدنا” تشعر بنجاحها في تحقيق معادتلها المُفضّلة وهي “الإفادة والإمتاع”، وإحساسها بأنها أعطت لمبدع حقيقي حقه، والذي لم يأخذه بما يكفي.

نصيحة ورسالة

ووجّهت دينا حاتم رسالة لمن يلتحق حديثًا بالمجال الإعلامي، قائلة: “لا تلاحق التريند، حاول أن تفيد الناس، وتسعدهم”.

وعن طموحها تمنّت “دينا” أن يعود ماسبيرو إلى سابق عهده، رائدًا ومختلفًا، ويتصدّر المشهد، وأن تُساهم ولو بجزء بسيط في ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى