“أنا مجرد كاتب، يرفض أن يتحوّل إلى قهوجي عند القُرّاء أو سفرجي عند الحكومة، أنا صعلوك عابر سبيل، ابن الحارة المصرية، ليس لي صاحب، لذلك كما ظهرت فجأة سوف أختفى فجأة، فحاول تفتكرني”.. كلمات لخّص بها الكاتب الراحل جلال عامر مسيرته المهنية.
اتخذ الكاتب الصحفي الراحل جلال عامر، السخرية أسلوبًا في الكتابة، وعبّر بها عن حال الشعب وأوضاع المصريين، السياسية، والاجتماعية، بطريقة مختصرة ومُميّزة، ولقّبه الكثيرون بـ”أمير الساخرين”، و”جنرال النكتة و”فيلسوف الكوميديا السوداء”.
حياته
يحل اليوم 12 فبراير، ذكرى وفاة الكاتب جلال عامر الـ12، الذي وُلد في 25 سبتمبر عام 1952 بمحافظة الإسكندرية، وتخرّج في الكلية الحربية، وعمل ضابطًا في القوات المسلحة المصرية، وشارك في 3 حروب، وبعد ذلك غيّر الوجهة منذ ثمانينيات القرن الماضي نحو العمل الصحفي.
كان آخر الحروب التي شارك فيها “عامر” هي حرب 1973، كان وقتها ضابطًا ضمن الفرقة 18 مشاه، بقيادة اللواء فؤاد عزيز غالي، والتي قامت بتحرير مدينة القنطرة شرق.
قصته مع الكتابة والصحافة
كان لجلال عامر طريقة في الكتابة الصحفية، ميّزته عن غيره من الكُتّاب الصحفيين؛ فانتقد الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية في مصر بكل وضوح وجرأة، وبأسلوبه الساخر، كان يدفع القارئ إلى الضحك على الواقع، للتخفيف من ضغطه.
وعمل ككاتب صحفي في جريدة القاهرة، التي صدرت عن وزارة الثقافة المصرية، وأشرف على صفحة مراسلات القرّاء وكتاباتهم، ودرس القانون في كلية الحقوق، والفلسفة بكلية الآداب، وكتب أيضًا في جريدة الأهالي، الصادرة عن حزب التجمع، كما كتب في جريدة المصري اليوم مقالًا أسبوعيًا تحت عنوان “تخاريف”، بالإضافة إلى المقالات، وألّف كتابين، هم: “استقالة رئيس عربي”، و”مصر على كف عفريت”.
ثورة 25 يناير
خلال أحداث ثورة 25 يناير، تمهّل الكثير من المثقفين في إعلان موقفهم منها، إلا أن جلال عامر كان له رد فعل آخر؛ فانحاز إلى شباب الثورة منذ اللحظة الأولى، وإلى قضيته الرئيسية، وهي الفقراء والبسطاء.
وعن ثورة 25 يناير قال: “كنت بحب مصر من ورا مراتي، وبعد 25 يناير صارحتها بالحقيقة”.
وفاته
حتى عندما توفّى، فقد صعدت روحه يوم 12 فبراير 2012 بأحد مستشفيات الإسكندرية، عن عمر ناهز 60 عامًا، بعد عملية جراحية إثر إصابته بأزمة قلبية أثناء مشاركته في تظاهرة بحي السيالة بالمحافظة.
عندما شاهد “عامر” مجموعة من البلطجية يهاجمون المتظاهرين، سقط وهو يردد عبارة “المصريين بيموّتوا بعض”، وقد كرّمته محافظة الإسكندرية، بإطلاق اسمه على شارع بمنطقة بحري بحي “الجمرك”، حيث مسقط رأسه.
أشهر مقولات جلال عامر
مشكلة المصريين الكبرى أنهم يعيشون في مكان واحد، لكنهم لا يعيشون في زمان واحد.
الفساد له ناس عارفينه وعارفهم.. إن ماتت الناس يقعد لخلايفهم .
عبر التاريخ يموت المواطن من أجل الوطن وليس العكس.. وسوف يعبر الوطن هذه المحنة لأنه “مصر”!
أصبحت مهمة المواطن صعبة، فعليه أن يحافظ على حياته من البلطجية، وأن يحافظ على عقله من السياسيين.
يقول “إسحاق نيوتن”: إن لكل فعل، رد فعل ونحن نعاتب “رد الفعل”، ولا نحاسب “الفعل”؛ بسبب وجود أخوات “كان” المنتشرين في كل مكان.
قالوا للمصري سمعنّا صوتك.. فغنى “ألحقوني”ّ
المشكلة ليست في أنه لا يوجد حل، ولكن المشكلة أنه لا أحد يريد الحل.
ترقد الطيور على بيضها ليفقس، ويرقد الحُكّام على شعوبهم لتفطس.
إذا الشعب يومًا أراد الحياة، فلابد أن يهاجر فورًا.
إننا شعب مغلوب على أرضه، وبين جماهيره.
الكلام رخيص وإن غلا، والفعل غالٍ وإن رخص.
مجتمع لا يهمه الجائع إلا إذا كان ناخبًا، ولا يهمه العاري إلا إذا كانت امرأة.
نحن ديمقراطيون جدًا.. تبدأ مناقشاتنا بتبادل الآراء في السياسة والاقتصاد، وتنتهي بتبادل الآراء في الأم والأب.
غياب الأمن يصنع الفوضى، وغياب العدل يصنع الثورة.
قبل أن تعرف أوروبا الأحزاب، عرفنا نحن “التعدد” لكن في الزواج.
الدنيا مثل التاكسي، لا تقف لأحد مهما ناداها، وإذا وقفت لا تذهب به إلى حيث يريد.
الأموال المُهرّبة مثل الأسلاك المُكهّربة، ممنوع الاقتراب أو التصوير.
العلم هو الباب الملكي لعبور بحر الظُلمات الذي نعيش فيه.
كان نفسي أطلع محلل استراتيجي، لكن أهلي ضغطوا عليّ لأكمل تعليمي.