رضا عبدالسلام.. أول متحدِ للإعاقة يترأس إذاعة القرآن الكريم

رضا عبدالسلام.. أول متحدٍ للإعاقة يترأس إذاعة القرآن الكريم

 

يحب الحياة ما استطاع إليها سبيلًا، تجاوز بصبره وعزيمته الكثير من العقبات التي حرمته من الالتحاق بالإذاعة في بداية مشواره، حتى نجح لاحقًا عام 1987 في الالتحاق بها مذيعًا، واستمر عمله كمذيع ربطٍ طوال هذه السنوات، عُرف بين زملائه بصبره واجتهاده، حتى بات أول إذاعيٍ من ذوي الهمم، يترأس إذاعة القرآن الكريم.

 

حياته


الإذاعي رضا عبدالسلام، رئيس شبكة إذاعة القرآن الكريم، من مواليد محافظة المنوفية، الذي عانى منذ مولده من ضمور الذراعين، وبدأ مشواره بالكتابة بقدمه، وعندما وصل إلى سن المدرسة، أصرّ والده على دخول المدرسة، وذلك رغم القرارات التي كانت تُعيق التحاقه بالتعليم في تلك الفترة بسبب ظروف إعاقته، بدأ تعلّم الكتابة بأسنانه، حتى أصبح بعد فترة من أحسن الخطوط.

 

“يارب أنت خلقته وأنت كفيل به”، دعاء طالما ردده والده في طفولته، كلّما استصعب عليه أمرًا من مراحل حياة ابنه الصغير، فما كان من الصغير رضا إلا أن تجاوز كل الصعاب بعزيمته، وبفضل دعاء والديه، واجتاز مراحل التعليم بنجاح، ولكن ظلّت إعاقته سببًا رئيسيًا في معاناته، وكانت سببًا في حرمانه من الالتحاق بالإذاعة المصرية في بداية الأمر.


شغف بالإعلام والإذاعة


رغم دراسته بكلية الحقوق، كان شغوفًا بالإعلام وبالإذاعة على وجه التحديد، دعمه في حُلمه أحد أساتذته بالجامعة؛ حيث آمن بموهبته، وتوافر شروط الإذاعة به، من حيث اللغة، والأداء الصوتي، والصوت، والمعلومات العامة، ومخارج الألفاظ السليمة.

ساعدته موهبته على لقاء الإذاعي فهمي عمر،  وحينها كان رئيسًا للإذاعة المصرية؛ حيث يقول في حديثه للمرصد: “دخلت امتحان المُذيعين حينها، وبمجرد أن شاهده أعضاء لجنة اختبار المذيعين لم يمتحنوني، ولم يسألوني إلا أسئلة بسيطة، واستغرق امتحاني فقط خمس دقائق، رغم أن باقي المُتقدمين للإذاعة استغرقوا نصف ساعة في الاختبار تقريبًا.

 

صدمة كبيرة ولكن متوقعة، تلقّاها عبدالسلام، حين تم إبلاغه باستبعاده من اختبارات المذيعين بسبب إعاقته، وعلى الرغم من كفاءته، لكنه لم يستسلم، وتوجّه للالتحاق بإذاعة وسط الدلتا عام 1987، واستمر بها لمدة عامين كمذيع ربط ومُقدّم للبرامج، ولكن كان يضع نصب عينيه هدفًا واحدًا، وهو الالتحاق بإذاعة القرآن الكريم.


لم تأتِه الفرصة على طبق من ذهب؛ فكان في الكواليس محاولات متكررة وإخفاقات كثيرة، حتى وجد الفرصة على يد الإعلامي حلمي البلك، رئيس لجنة اختبار المذيعين، ورئيس شبكة صوت العرب في تلك الفترة، وطلب منه فرصة اختبار حقيقية للانضمام للإذاعة، فأعطاه فرصة دخول الامتحان مرة أخرى، وبالفعل كان امتحان حقيقي من قراءة نشرة، وقرآن، ومعلومات عامة، وقراءة شِعر.


أولى خطواته الحقيقية


دعوات الوالدين لم تذهب سُدى، تحقق الحلم الذي طال انتظاره، وأوصى الإعلامي حلمي البلك بقبول رضا عبدالسلام مذيع هواء في إذاعة القرآن الكريم، بعد اجتيازه للاختبارات، وكان أول من وضعه في خط مذيع الهواء.

أربعة وثلاثون عامًا مرت على دخول الإذاعي رضا عبدالسلام أروقة إذاعة القرآن الكريم، قدّم خلالها كل البرامج التي يمكن أن يُقدّمها إذاعي في القرآن الكريم.
يقول عبد السلام، إنه نجح في تقديم نحو خمسة آلاف ساعة على الهواء، وقدّم البرامج على جميع أنواعها، والحديث المباشر، وبرامج الخدمات، أبرزها برنامجه الشهير سيرة ومسيرة، ثم توالت البرامج التي قدّمها، منها برنامج الصحابة، و وحي القلم، وشخصيات ومواقف، وغيرها من البرامج التي وصفها بأنها جزء من روحه وحياته.

بنجاحه واجتهاده استطاع الإذاعي رضا عبدالسلام أن يتولّى رئاسة إذاعة القرآن الكريم منذ عامين وعدة أشهر، وأصبح أول إذاعي من ذوي الهمم يتولّى رئاسة الشبكة.


مسيرته المهنية في إذاعة القرآن الكريم لم تقتصر على جلوسه خلف الميكرفون داخل الاستديو، بل نجح في نقل مراسم الحج قبل 17 عامًا تقريبًا من مكة المكرمة، ونقل المسابقة الدولية للقرآن في دبي قبل أكثر من 15 عامًا، ولكن يظل برنامجه سيرة ومسيرة، من أبرز برامج إذاعة القرآن الكريم، وأقربها إلى قلبه.


الإذاعة والتطوّر التكنولوجي


رغم التطوّر التكنولوجي الهائل، يرى عبد السلام أن الإذاعة ستظلّ صديقًا للمستمع في السيارة، وفي البيت، وقبل النوم، ومن الصعب أن تختفي بتطوّر وسائل الإعلام؛ حيث أن سهولة الوصول إلى الإذاعة، هو ما يجعلها باقية وحاضرة دائمًا في أذهان الناس، وقريبة من آذان الجمهور.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى