اليوم العالمي لحرية الصحافة
بينما يحيي العالم اليوم الموافق ٣ مايو ذكرى “اليوم العالمي لحرية الصحافة”، لا يزل العديد من الصحفيين/ات المصريين/ات الحبس الاحتياطي على ذمة تحقيقات تمتد بعضها لسنوات، وإما ينفذون أحكامًا بالحبس في قضايا نشر.
في الوقت ذاته يتعرض الصحفيون/ات إلى جملة من الانتهاكات أثناء قيامهم بمهام عملهم، بعضها يطال الصحفي/ة نفسه/ا كالتعدي عليه/ا بالضرب أو القول، وانتهاكات أخرى تطل المحتوى الصحفي والإعلامي إما بالحجب أو حذف المحتوى الصحفي أو المنع، وقد تطول المؤسسات الصحفية نفسها سواء بالغلق أو الترصد أو المصادرة.
فضلًا عن ذلك، فإن تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للصحفيين/ات، وتدني مداخيل المؤسسات الصحفية؛ يزيد من حجم التحديات والعراقيل التي يواجهها الصحفيين/ات المصريين/ات، ويحول دون تحقق الاستقلال والاستقرار المادي للعاملين/ات في بلاط صاحبة الجلالة، ما يعيق معها الضمانة الأساسية لوجود صحافة حرة مستقلة.
ويتابع المرصد المصري حالة الصحافة والإعلام في مصر، وتتناول إصداراته الدورية مشكلات الصحافة والإعلام أفرادًا ومؤسسات بالتوثيق والتحليل، وقد كشفت هذه المتابعة أن الفترة الأخيرة شهدت حالة من استمرار، وبل وتزايد حجم الانتهاكات بحق المجتمع الصحفي والإعلامي في مصر، فقد شهدت الفترة من مايو 2023، وحتى مايو 2024، بحسب ما وثقه فريق المرصد، 359 انتهاكًا؛ وهو رقم كبير مقارنة بالسنوات السابقة؛ حيث لم تتجاوز أعداد الانتهاكات خلال السنوات الأربعة الماضية حاجز الـ 200 انتهاك، عدا سنة (2020 – 2021) إذ شهدت وقوع 220 انتهاكًا.
ولعل أكثر الانتهاكات تكرارًا خلال هذه الفترة، كانت “حجب حقوق مالية” لصحفيين/ات، حيث تكرر وقوعه 134 مرة، يليه الفصل التعسفي، حيث شهدت السنة وقوع 83 حالة فصل تعسفي، كما شهدت الفترة نفسها وقوع 36 حالة تجديد حبس على ذمة التحقيقات، معظم هذه الحالات تخطت مدة الحبس الاحتياطي المقررة في قانون الإجراءات الجنائية، وشهدت وقوع 9 حالات قبض تعسفي بحق صحفيين/ات وإعلاميين/ات، فضلًا عن وقوع 26 حالة “منع التغطية الإعلامية”.
إذ يحيي المرصد المصري للصحافة والإعلام جهود الصحفيين والإعلاميين/ات في سبيل تأدية رسالتهم وإيصال مشاعل الحقيقة للجميع، على الرغم ما يلاقوا في سبيل ذلك من مخاطر، خاصة في مناطق الحروب والصراعات كما في غزة والسودان.
فإن المرصد يدعو إلى:
ضرورة تفعيل واحترام الآليات التي تضمن سلامة الصحفيين/ات خلال تأدية مهامهم، والتعامل بحزم مع الذين يرتكبون جرائم ضد الصحفيين/ات والإعلاميين/ات، وتقديم كل الدعم لضحايا هذه الانتهاكات من العاملين/ات بالصحافة والإعلام.
ضرورة العمل على إنهاء مِلف الحبس الاحتياطي للصحفيين/ات وأصحاب/صاحبات الرأي، مع إطلاق سراح سجناء الصحفيين والإعلاميين/ات ممن جرى احتجازهم على ذمة قضايا نشر، مع حتمية التوقّف عن توقيع عقوبات سالبة للحرية في قضايا النشر، إعمالًا للدستور المصري، الصادر في 2014، الذي حظر توقيع أية عقوبات سالبة للحرية في القضايا المتعلّقة بالنشر، وكذلك العمل على إتاحة المجال العام ودعم الحريات.
شهدنا خلال الفترة الماضية، اتساع رقعة الانتهاكات التي ترتكبها المؤسسات الصحفية والإعلامية نفسها، بحق الصحفيين والإعلاميين/ات لديها، وعليه يستلزم على المؤسسات الصحفية والإعلامية أن تبحث عن حلول أكثر عدالة، وأقل إيذاء للعاملين/ات لديها.
إنجاز قانون حرية تداول المعلومات، وتسهيل إجراءات الحصول على تراخيص للمواقع الإلكترونية، وفتح الطريق أمام انضمام صحفيو الإصدارات الإلكترونية إلى نقابة الصحفيين، عطفًا على رفع الحد اﻷدنى للأجور في المؤسسات الصحفية، وفتح المجال بشكل كامل أمام حركة النشر وحرية التعبير للمؤسسات الصحفية… وغيرها من مستلزمات وضرورات العمل الصحفي الحقيقي.
إتاحة مناخ أكثر حرية لتسهيل العمل الصحفي، والنظر إلى الصحافة كحلقة وصل لا فصل بين المواطنين من جهة والجهات الرسمية من أخرى.
تقدير الصحافة المستقلة والصحفيين/ات العاملين/ات بشكل مستقل بعيدًا عن المؤسسات الرسمية، فهم جزء لا يتجزأ من تاريخ المهنة وسطوعها، حيث يتطلب الاستمرار في العمل الصحفي -أي كانت المؤسسة أو الجهة المنظمة- الكثير من السعي والجهد والتطور، وما دون ذلك سيفقدق قدرته على العمل مع الوقت.