إعلام الكراهية.. آليات تغطية نزاعات الهوية
تشهد الساحة العربية والدولية أحداثًا مُلتبسة تشكل مادة ثرية لإعلامنا الذي يلاحق الأخبار، ويُنتج للتو عشرات القصص اليومية مقروءة، ومسموعة، ومرئية، وبخاصة من تلك الأحداث المصحوبة بالتوترات الطائفية، والعرقية، والإثنية، والمناطقية، لكن تظل العقبة الأساسية والمستمرة، هي كيفية تناول الحدث، سواء عن طريق الإعلام الحكومي أو الخاص، فكلاهما يبتعد جزئيًا عن الموضوعيَّة في نقله للحدث.
ويرجع هذا البعد عن الموضوعية لأسباب عدة، إما أن الوسيلة الإعلامية ترفع شعارات مثل الوحدة الوطنية والسلام المجتمعي، فتنقل الحدث بشكل مجتزأ عن سياقه، أو لأن القائمين على النقل الخبري يقعون بشكل أو بآخر في فخ الانحياز سواء كان واعيًا أو غير واعٍ محملًا بأفكار مسبقة تجاه إحدى الأطراف، بابتعاده عن الموضوعيَّة أو حتى مراعاة المسؤولية الاجتماعية تجاه الجماهير، أو جهلًا بالأدوات والمعايير الصحيحة التي يجب اتباعها لتناول الأحداث بشكل يستعرض الأحداث دون خلل وانحياز.
من هنا عمل الكاتب الصحفي مايكل فارس، على مشروعه كتاب “إعلام الكراهية.. آليات تغطية نزاعات الهوية”، الذي ضفر فيه حزمة من العلوم مثل علم النفس والمنطق والفلسفة كدراسات بينية لسد الثغرات الموجودة بالدراسات الإعلامية الموجودة حاليًا في هذا المجال، مع دمجها بممارسات ونماذج عملية من الأخبار والتقارير الصادرة عن المنطقة العربية، وتحليلها وتفنيدها، ووضع نصوصًا بديلة للأخطاء المرتكبة بالصحف.
كما قام “فارس”، بتصميم 4 أدوات علمية جديدة مبنية على خبرات وممارسات مهنية، مثل أداة WANTS والتي تضم 5 معايير مهمة لفهم النزاع بين الأطراف وآليات تحليله، وأداة باسم FACT لاكتشاف دوافع المصادر خاصة المُجهلة منها، حال رغبتهم في تسريب معلومات معينة أو رغبتهم في عدم الإفصاح عن هويتهم، مع أمثلة عملية من المواقع الخبرية، وكذلك صمم أداة Be Smart، للتحقق مع مدى مصداقية المصدر، وصلاحية المعلومات للنشر في ضوء الصحافة الحساسة للنزاعات، كما صمم أداة FXTH والتي تحدد 4 أنواع تُشكل العِلاقة بين الصحفي والمصدر.
ويعد الكتاب تأصيلًا عمليًا وعلميًا لتغطية نزاعات الهُوِيَّة الدينية والعرقية والإثنية، لتفهم وإدراك الأخطاء التي نقع بها خلال تغطية الأزمات عمومًا والنزعات المبنية على الهُوِيَّة على الأخص، سواء الدينية أو العرقية أو الإثنية في إعلام الدول العربية، فمن يتأمل المشهد الإعلامي يكتشف جليًا مدى الارتباك في تناول الأزمات حين تتصدر الساحة.
كما يحوي نظريات علمية وتطبيقات عملية وتفاعلية بتقنية الـ QR، يمكن استخدامها في كل الوسائل الإعلامية الناطقة باللغة العربية.
ويقول المؤلف مايكل فارس، للمرصد المصري للصحافة والإعلام: إن “الكتاب بمثابة “دستور” يضم قواعد وأدوات محددة يستطيع كل من هو معني بتغطية تلك الأحداث مدمجًا في ذلك والكتاب يتضمن 8 فصول تتكامل مع بعضها البعض لتُشكل خريطة إدراكية لآليات تغطية النّزاعات.
محتويات الكتاب:
الفصل الأول بعنوان “أُخْطُبوط النزاع وذراع الطائفية”، ويناقش مفاهيم الهُوِية والنزاع والصراع، والطائفية كأحد أذرع النزاعات المبنية على الهُوية، وأسباب نشوئها وطرق معالجتها إعلاميًا.
الفصل الثاني بعنوان “الصِّحافة الحساسة للنزاعات”، ويتناول معنى الصِّحافة الحساسة للنزاعات وآليات التغطية الإعلامية وفق هذا المفهوم، وعدة محاور مثل الفرق بين الموضوعيَّة والمسؤولية، وهو ما يطلق عليه صراع الالتزامات في تناول نزاعات الهُوِيَّة خاصة الدين بين الأفراد والجماعات، مع وضع أمثلة من مواقع خبرية لشرح الأخطاء وآليات علاجها وتداركها.
والفصل الثالث جاء بعنوان “سيكولوجيا الانحياز وأنماط التجسد”، ويتناول فهمًا معمقًا لأهم الانحيازات الواعية التي تسمى أيديولوجية، وهي المُدركة ونمارسها بوعي عن طريق إجراءات واضحة، والانحيازات المعرفيَّة اللاواعية التي نمارسها عن جهل دون إدراك، نتيجة أفكارنا المسبقة العالقة في أذهاننا.
كما يتناول الباب أهم التحيزات المعرفيَّة التي تتشكل في ذهنية القائم بالاتصال كإنسان، التي تنعكس مباشرة على عمله، مع عرض لـ 7 تحيزات أهمها “الانحياز التأكيدي”، وتحيز خطأ الإسناد، وتحيز تأثير الهالة، وأخطرها تحيز النقطة العمياء.
أما الفصل الرابع بعنوان “ألفاظ الاستهلال وقواعد التنصل” ويناقش أهم قواعد استخدام ألفاظ الاستهلال في الأخبار والتقارير، خاصة المٌفخخ والمشحون منها، والفروق بين استخداماتها ودلاله كل منها، وكذلك قواعد التنصل خاصة خلال النّزاعات، وأهم الفروق في استخدامات بعض المصطلحات مثل إرهابي، ضحية، شهيد، قتيل.
والفصل الخامس “أدوات تحليل النزاع”، آليات التعامل مع أطراف النّزاعات، وطرق وأدوات تحليلها.
والفصل السادس بعنوان “خطاب الكراهيَة في الإعلام”، ويناقش آليات عملية لمواجهة ذلك الخطاب في الإعلام عمومًا والصحافة خصوصًا، وتوضيح الفرق بينه وبين حرية التعبير، مع وضع معايير لأهم قواعد التغطية الصحفية، مثل متي يجب ذكر الهُوِيَّة الدينية أو العرقية أو الإثنية في العناوين والمتون؟ مرفقة بأمثلة ونماذج واقعية، كما يتطرق الفصل لـ 7 قواعد هامة لاختيار اللغة وضبط المصطلحات خلال كتابة الأخبار أو التقارير أو التحقيقات لتجنب خطاب الكراهيَة، مع إرفاق أمثلة عملية لكل قاعدة.
والفصل الثامن والأخير بعنوان “المغالطات المنطقية في التغطية الصحفية”، ويستند هذا الفصل على علم المنطق كمدخل جديد لفهم الأخطاء التي نقع بها خلال التغطية الإعلامية والصحفية على حد سواء، حتى لا نقع بها من جهة وألا نقع في شباكها حين تُمارس ضدنا من جهة أخرى، مع شرحها بنماذج وأمثلة من أخطاء العناوين والمتون في المواقع الصحفية، وتناول خلاله أهم 11 مغالطة من المغالطات المنطقية غير الصورية، من أبرزها مغالطة سرير بروكرست ورجل القش، والإحراج الزائف، وتجاهل المقيدات، والتفكير الرغبوي.
وكانت أعلنت الدراسات العليا بكلية الإعلام جامعة القاهرة عبر صفحتها الرسمية بالفيسبوك، في منشور للباحثين/ات في الإعلام العربي بأن كتاب “إعلام الكراهية..” من قائمة الكتب المضافة حديثًا للمكتبة كمرجع علمي.
كما شارك الكتاب بمختلف المعارض الدولية للكتاب في مصر والمغرب والعراق والإمارات.
عن الكاتب مايكل فارس:
صحفي مصري عمل بالعديد من المواقع والجرائد المصرية منذ عام 2006 منها الدستور وصوت الأمة واليوم السابع، والعديد من القنوات الفضائية مثل قناة ON live وعمل العشرات من الموضوعات التفاعلية والـ Cross Media وتدقيق المعلومات وأدوات تحليل الصور ومقاطع الفيديو.
- حصل على ماجستير ” الإعلام الرقمي والأمن المعلوماتي”.. كلية الإعلام جامعة القاهرة 2023.
- دبلوم “مفاوضات دولية”.. كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة..2013.
- دبلوم الإعلام الرقمي والأمن المعلوماتي كلية الإعلام جامعة القاهرة.
- زمالة “صحافة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات من منظمة الحوار العالمي للحوارKAICIID
- خريج كلية آداب إعلام شعبة صحافة جامعة سوهاج.