أندرو بندقي: كيف نستطيع أن نستثمر الجيل الجديد من الصحفيين نحو الإعلاء من شأن الصحافة المصرية؟
يشارك معنا الأستاذ أندرو بندقي معيد بكلية الآداب قسم الإعلام شعبة العلاقات العامة والإعلان – جامعة الإسكندرية بتدوينة بمناسبة يوم الصحفي المصري.
– نص التدوينة:
يتخرج سنوياً آلاف الطلاب في كليات وأقسام ومعاهد وأكاديميات الإعلام بمجالاتها المختلفة، علي مستوي جامعات جمهورية مصر العربية، إلا أن نسبة ممارسي الصحافة منهم تعتبر ضئيلة جداً، لكثرة المشقات والمعوقات والمجهودات الهائلة المبذولة مع غياب الرؤية لمستقبلها وندرة الموارد المادية، ذلك خاصةً في بادئ مشوارهم المهني. وفي حقيقة الأمر، تتصاعد المخاوف التي تنتابني كلما فكرت في مستقبل الصحافة المصرية، حيث تفقد مع كل تحدي يطرأ عليها، إحدي مميزاتها، فضلاً عن ارتفاع أسعار تكاليف الطبع والنشر وقلة الطلب علي شراء الصحف وقراءتها، واستبدالها بمنصات ومواقع إلكترونية وغيرها، وإغلاق مقرات الصحف لترشيد وتوفير النفقات، بخلاف عهدها السابق.
أما بالنسبة لطالب أو خريج قسم الصحافة والنشر الإلكتروني، إذا لم يدرك الصورة كاملةً من كل جوانبها، فسوف يضطر أن يرغب عن المجال، إما أن يبحث عن أي صحيفة أو موقع إلكتروني، يمارس فيه شغفه الصحفي، وهنا مربط الطُعم. حيث انتشرت أكاديميات ومراكز كثيرة وهمية تمنح درجات علمية من ماجيستير ودكتوراه مهنية وفخرية، لا نعلم إذا كان لها جهة اعتماد من عدمه، كذلك شهادات تقديرية ودروع وكارنيهات مزاولة المهنة بألقاب متعددة وغريبة ومحافل تكريم في قاعات خمس نجوم….إلخ. ويحدث هنا التضارب بين اختيار الصحفي المتدرب، الطريق المزيف، الذي بمقدوره أن يقع به حال ارتكابه خطأ ما -لبساطة خبرته- تحت طائلة القانون، أو الطريق الحقيقي المثقل بالصبر والاجتهاد والألم، الذي يكلل صاحبه بالنجاح والتقدم مهما بلغ شدته ووقته.
كل ذلك يدعونا للتفكير الجاد والعميق في ماهية الصحافة والصحفي المصري، وسط هذا الخضم الهائل من المشتتات التي تضرب المعايير وأخلاقيات العمل الصحفي بعرض الحائط،، فيصبح من العسير علي المتدرب الصحفي المبتدئ أن يسعي في أرض غريبة غامرة بالأشواك والشكوك. فالصحافة ليست مهنة البحث عن المتاعب أو مجرد درباً للشهرة، بل هي حياة تكريس، تحمل في طياتها أسمي الرسالات، يحملها رسولها وهو الصحفي بكل أمانة ومصداقية وموضوعية، وعلينا أن نعي حق معرفة أن سلاحنا هو الكلمة الشريفة.
والإشكالية هنا، كيف نستطيع أن نستثمر الجيل الجديد من الصحفيين نحو الإعلاء من شأن الصحافة المصرية في ثوبها الحالي والقادم؟ أليس من الأجدر أن يعملوا في مجالهم الذي درسوه خلال 4 سنوات بالجامعة، بالإضافة إلي عملهم الميداني، كمَن يحرث أرضه ويسقيها كل يوم وهو يثق أنها ستُثمِر في يومٍ كا، بدلاً من أن تبور وتتلاشي كل أحلامهم وشغفهم في المجال.
فالرؤية ضرورية للغاية لكي يخططوا أين ومتي وكيف يسلكون طريقهم، وكنت ومازلت أنادي بضرورة تبني وتأهيل رعيل جديد من الصحفيين المصريين، وليس فقط مجرد دورات تدريبية سواء كانت مدفوعة أم مجانية، بل نضعهم علي أرضٍ ثابتة وخطوات سليمة، وتعيين مَن يستحق ليكون عضواً نقابياً فيما بعد. فالإرث الصحفي الذي تسلمناه من رواد الصحافة المصرية من خلال إسهاماتهم الجليلة عبر السنوات الكثيرة الماضية، فهذا يقع علي عاتق مسؤولية الجيل الحالي من الصحفيين تجاه الجيل الجديد الذي يعاني من اختراق وتشتيت وتسطيح لبواطن الأمور وتدفق المعلومات مع غياب المصدر أو تجهيله وغيرها من العراقيل والتحديات، في محاولة كل منهما لتقليل الفجوة بين الأجيال المتلاحقة وإنقاذ صحافتنا المصرية من غارات الشائعات والحروب النفسية في ظل العولمة والرأسمالية.