حكاية صورة.. نور فتاتين يضيء طريق الأقصر المظلم 

عقارب الساعة تجاوزت التاسعة من مساء أحد أيام الأسبوع الماضي في قرية نجع الطويل بمركز الطود في محافظة الأقصر، تضاعفت أزمة تخفيف أحمال الكهرباء حيث اقتربت درجات الحرارة في الصعيد من الخمسين درجة مئوية، وبينما غطى الظلام شوارع القرية البسيطة التي تكاد تنعدم من مظاهر الترف وتخلو من مولدات الكهرباء التي قد تتوافر في المدينة، كسر  مشهد الصمت صوت أقدام فتاتين عائدتين إلى منزلهما بخطوات حثيثة على ضوء كشافات هواتفهن المحمولة، في مشهد عفوي وثقته عين المصور الصحفي “محمود بكار” الذي أبدع في نقل “معاناة” يلمسها الجميع حاليا.

 

كواليس الصورة

 

عقب عودته من عيادة الطبيب إلى منزله الكائن بقرية نجع الطويل، ورغم حالة الإعياء الشديدة التي عانى منها في ذلك اليوم، لفت مشهد عفوي لفتاتين عائدتين إلى منزلهما بالقرية نفسها يسيران على ضوء كشافات هواتفهن المحمولة أثناء انقطاع الكهرباء، انتباه المصور “محمود بكار”، بينما كان جالسًا مع أصدقائه أمام منزله، فاستخرج هاتفه المحمول من جيبه وبدأ يحاول ضبط الإضاءة و”كادر” الصورة التي حققت انتشارًا واسعًا في الوسط الصحفي وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد أن نشرها عبر حسابه الشخصي على “فيس بوك”.

 

عدسة الموبايل بديلًا عن الكاميرا

 

التقط “بكار” الصورة دون أي تعديل باستخدام أسلوب معين من التصوير يعرف بـ”السيلويت” وهو متاح أيضًا على الهواتف المحمولة، ويعتمد على استعمال اللون الأسود على خلفية بيضاء لإظهار الحدود الخارجية للشكل، وبحسب روايته لمؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، فإنه راعى عدم الكشف عن هوية أو  ملامح الفتاتين حفاظًا على خصوصيتهن.

 

صورة الفتاتين السائرتين على كشافات الهواتف المحمولة، عكس بها “بكار” وضع عام في الدولة بأكملها في ظل تطبيق قرارات قطع الكهرباء لساعات محددة من  اليوم لتخفيف الأحمال وترشيد استهلاك الطاقة، وعكس بها أيضا، بحسب تعبيره، كيف أصبح المواطن/ة البسيط/ة يتعايش/تتعايش مع الوضع القائم، حيث أن الظلام الدامس لم يمنع الفتاتين- وغيرهم من المواطنين/ات- من ممارسة حياتهم/ن اليومية لحين عودة الكهرباء.

 

عن المصور

المصور الصحفي “محمود عبد اللطيف” الشهير بـ “محمود بكار” يعمل في مجال الصحافة منذ أكثر من عشر سنوات، وخلال الفترة من 2011 وحتى يومنا هذا، التقط الصحفي الأقصري مئات الصور الصحفية المميزة، ونال العديد من الجوائز الصحفية والتكريمات، من شعبة المصورين الصحفيين، منها الجائزة التشجيعية الأولى في مسابقة “صور فرحة مصر بالتأهل لكأس العالم” التي نظمتها شعبة المصورين بنقابة الصحفيين برعاية مؤسسة “أونا” للصحافة والإعلام، وحصل على المركز الأول فى مسابقة “أول يوم مدارس”.

 

 وفي يناير 2022 حصل على جائزة أفضل مصور صحفي متعاون مع زملائه فى بيئة العمل من شعبة المصورين الصحفيين، ليكون أول صحفي مصري يفوز بهذه الجائزة، وجاء هذا التكريم تتويجًا لسنوات عديدة احترف فيها محمود مهنة التصوير.

 

زر الذهاب إلى الأعلى