بروفايلسلايدر رئيسي

“عبد الحليم حفينة”.. صحفي مُحقق وباحث من طراز رفيع

صحفي متعدد المواهب والمهام، يهتم بتغطية القضايا الثقافية والعلمية، لا يكتفي بلون واحد من الصحافة بل لديه شغف بالبحث عن أصل المعلومة، ما كان بوابته لدخول مجال التحقيقات التلفزيونية المصورة، ليجد في البحث “متعة” تُنسيه متاعب المهنة نفسها.

البداية

بدأت علاقة الصحفي “عبد الحليم حفينة” مع الإعلام مبكرًا رغم طبيعة دراسته الجامعية البعيدة عن تخصص الإعلام، حيث حصل على بكالوريوس في الإرشاد السياحي، إلا أنه منذ طفولته كان لديه شغف بالصحافة بسبب والده الذي كان يُحضر أغلب الصحف إلى البيت يومياً، اعتاد قراءة الصحف منذ أن تعلّم القراءة، وحينها بدأ يغوص في عالم الصحافة و الاطلاع على المدارس الصحفية، وبحسب روايته في حديثه مع مؤسسة المرصد المصري للصحافة بدأت علاقته بالكتابة الصحفية بمنشورات حماسية عندما كان يكتب منشورات حماسية يوزعها على زملائه في مدرسته الابتدائية أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ثم دخل عالم المدونات الصحفية على الإنترنت لممارسة الكتابة الصحفية التي يحبها.

أول مقال صحفي

في عام 2012، نُشرت أول مقالة لـ”حفينة” في موقع العرب اليوم تحت عنوان “أحسبها بألفٍ مما تعدون”، تتحدث المقالة عن صلابة النساء المصريات في أحداث الخامس والعشرين من يناير، ومنها انطلق إلى عالم الكتابة الصحفية ثم نشر مقالات عديدة بعد ذلك في عدد من المواقع المستقلة واستمر في هذه التجربة حتى عام 2017.

تدرج مهني

على عكس الكثيرين، لم يسعى “عبد الحليم” إلى العمل داخل مؤسسة إعلامية أبدًا؛ حيث كان مكتفيا بالكتابة الحرة واعتبر الإعلام مجال هواية فقط وليس مهنة أساسية، لكن في عام 2017 كانت نقطة التحول في مسيرته المهنية، اقترح عليه أحد الأصدقاء الانضمام إلى مؤسسة صحفية بعد أن قرأ تقريرًا كتبه في موقع “إضاءات” عن رجل الأعمال أشرف مروان، لعبت الصدفة دورًا كبيرًا في مسيرته، حيث كانت مؤسسة روز اليوسف تنظم حينها تدريبًا صحفيًا، وأعلنت أنها ستختار صحفييّن اثنين من بين المتدربين للعمل في المؤسسة.

وبالفعل كان “حفينة” أحد الاثنين المختارين للعمل في “روز اليوسف” وكانت هذه البداية الفعلية في العمل داخل مؤسسة صحفية، بعيدًا عن الصحافة المستقلة وكان عمره حينها 26 عاماً، ومع دخوله مجال الإعلام كان الصحفي الشاب حريصا على التعلم المهني والأكاديمي، وحصل على دبلومة الإعلام الرقمي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.

خطوة جديدة

بعد العمل في روز اليوسف فُتحت أمام “حفينة” نوافذ صحفية أخرى في مصر، ثم دخل سريعًا إلى عالم الصحافة العربية، وساعده في تلك المرحلة دعم إيمان عزام، رئيسة تحرير دار الإعلام العربية للصحافة والنشر، في إدارة مشاريع صحفية والإشراف على فرق عمل، وعملت في هذا الإطار على إدارة فريق ينتج المحتوى لمنصة الرياض توداي وهو إصدار رقمي يتبع صحيفة الرياض السعودية، ومنه انتقل إلى تجربة جديدة في مجال الإعلام كمراسل لتغطية الشؤون الثقافية في صحيفة البيان الإماراتية.

تجارب متنوعة

تشعّب “عبد الحليم حفينة” في العمل الإعلامي، وكان حريصا على تنمية مواهبه الصحفية ولم يكتف بلون صحفي واحد، فمن مراسل لصحيفة البيان الإماراتية انتقل للعمل كمحرر علمي في موقع سكاي نيوز عربية ومراسلًا لهم من القاهرة، وبحسب قوله، كل تجربة أضافت إلى رصيده خبرات متنوعة أهلته إلى مرحلة بعدية.

بعد ذلك التحق “حفينة” بالعمل في مؤسسة النهار اللبنانية العريقة، في نوفمبر عام 2021 وهي أحد أقرب التجارب الصحفية إلى قلبه، مهنيًا وإنسانيًا، بكل من فيها؛ حسب تعبيره، لا سيّما مدير التحرير، الأستاذ حسين جرادي، وكبير المراسلين في القاهرة الأستاذ ياسر خليل، وقال الصحفي الشاب عن تلك التجربة، إنها مدرسة مختلفة في الصحافة، فالنهار مؤسسة عريقة واستفاد منها على المستوى المهني بل والإنساني حيث تراعي المؤسسة القيم الإنسانية في بيئة العمل، حسب تعبيره.

موضوعات صحفية متميزة

لدى الصحفي الشاب عبد الحليم حفينة شغف خاص بالتاريخ والعلوم، ويعتبر المزج بينهما في المواد الصحفية متعة خالصة، ومن موضوعاته الأبرز والأقرب إلى قلبه في هذا الشأن، تقرير تتبع فيه النهج العلمي الذي اتبعه العلماء في استعادة مومياء رمسيس السادس المفتتة لـ187 قطعة، نُشر في موقع سكاي نيوز عربية، وقد أهّله هذا التقرير للوصول إلى المرحلة الأخيرة لبرنامج الصحافة والعلم بمعهد جوته، ضمن أفضل الموضوعات التي كتبها 10 صحفيين على مستوى الشرق الأوسط.

 

كما يعتز “حفينة” بحواره في سكاي نيوز عربية مع “كلارك لارسن”، أستاذ الأنثروبولوجي الشهير بجامعة ولاية أوهايو بالولايات المتحدة، حول نظريته التي يعتقد فيها أن الزراعة أضرت بالبشر.

 

إلى جانب عدد من التقارير والقصص في النهار العربي، أهمها، تقرير لتغطية خاصة مشروع استكشاف أصل نشأة الكون الذي تجريه جامعات عالمية، وتحدث فيه إلى عالم الفيزياء الفلكية السويسري ديدييه كيلوز، الحائز على جائزة نوبل.

 

وتقرير آخر بعنوان: “الوجه الآخر لـ”قرية الياسمين”… فلاحو “شبرا بلولة” يأكلهم الشقاء والغضب”، وهو تقرير ميداني يتناول المشكلات التي تعرض لها سكان قرية الياسمين الشهيرة من تشغيل عمال الأطفال وتسعير الياسمين بسعر متدنٍ إلى جانب ظروف العمل القاسية.

وقصة أخرى حول فتاة تسكن مقابر الشافعي كتب سيرتها بالألمانية، كاتب ألماني، ثم ترجمت للبولندية والبرتغالية.

هناك تقرير معمق آخر من الأرشيف رصد فيه الصحفي الشاب أسباب صعود قصة بطولة أدهم الشرقاوي إلى مؤسسات الدولة الرسمية، بعد أن اعتبرته الدولة مجرمًا لسنوات طويلة، وفي موقع المنصة يعتز بتقرير كتبه يرصد التغيرات الثقافية والاجتماعية والعمرانية التي ضربت واحة سيوة، وفي روز اليوسف نشر تحقيقًا مصورًا عن فساد منظومة براءات الاختراع في مصر.

تجربة التلفزيون

من مؤسسة النهار اللبنانية انتقل “حفينة” إلى تجربته الأولى في التلفزيون، وتحديدا في التلفزيون العربي، انضم إليه بعد اختبار طويل ساعده في اجتيازه خبرته في العمل الصحفي إلى جانب المهارات التي تعلمها من المشاركة في الورش والتدريبات المختلفة.

نُشر هذا الشهر تحقيقه التلفزيوني الأول عبر شاشة التلفزيون العربي، والذي تتبع العلاقة بين شركة “إم إس سي” للشحن البحري وإسرائيل بعد تكرار استهداف الشركة من جماعة الحوثيين)، وبحسب حديثه لمؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، يعتز بهذا التحقيق لأنه تحقيقه التلفزيوني الأول، إلى جانب أنه اختبر فيه قدراته ومعرفته بالأدوات الرقمية.

الفرق بين الصحافة والتلفزيون

من وجهة نظر “حفينة” العمل التلفزيوني -خاصة في القنوات الإخبارية الدولية- أكثر صعوبة من الصحافة في شكلها الورقي أو الرقمي؛ لأنه بالأساس قائم على دوائر عمل متداخلة ومعقدة، ويلزمه عوامل كثيرة مثل اليقظة والسرعة والدقة، إذ إن تدارك الخطأ وتصحيحه أكثر صعوبة من الصحافة، ناهيك عن أن تأثير الصورة التلفزيونية أعمق أثرًا من المادة الصحفية التقليدية، لذا فالعمل على إنتاج مادة إعلامية عبر وسيط له مثل هذا التأثير يضعك أمام مسؤولية كبيرة، وبالتالي ضغط أكبر من المعتاد في الصحافة، حسب قوله.

شخصيات مؤثرة في مسيرته

باعتبارها أول محطة مهنية له لا يغفل “حفينة” دور الأستاذ حمادة حسين -أحد أنبل صنايعية الإعلام في مصر، حسب وصفه له، حيث ساعده كثيرا في بدايته المهنية في روز اليوسف، إلى جانب فنان الكاريكاتير اللامع والشغوف بالصحافة العلمية الأستاذ عماد عبد المقصود، الذي حفزه وشجعه على الكتابة في مجال العلوم.

نظرة إلى المهنة

على مستوى الأفراد؛ يرى “حفينة” أنه يعاني الصحفي المصري على وجه الخصوص من سياق عمل قاسٍ للغاية؛ حيث يبدأ السلم الوظيفي بوضع قانوني مرتبك، ودخل مادي هزيل، بالإضافة إلى بيئات عمل يغيب عنها الهيكل المؤسسي المحترف الذي يضمن جودة المنتج، وسلامة الصحفي النفسية وكفايته المادية. هذا الوضع يُلقي بمعظم الزملاء في دوامة من السعي المتواصل، عمل ليل نهار، ليحققوا الأمان المادي من ناحية، إلى جانب التحقق المهني في اتجاه آخر، وفي أحيان كثيرة يتعارض هذا مع ذاك، وربما يتوقف كلا المسارين، ليجد الصحفي نفسه في دوامة البحث عن عمل من جديد.

أما وضع المهنة على المستوى العام، يرى أن الإعلام لم يعد يقوم بمهمته الأساسية، وهي إخبار المجتمع بما يجري دون تزييف أو تضليل، فضلاً عن نشر وبث مواد ذات جودة تعزز المعرفة والثقافة، وتقديم وجبة للتسلية من دون ابتذال أو إسفاف.

تدريبات هامة

منذ التحاقه بالعمل الصحفي، وضع أمام عينه مسارين؛ الأول العمل المهني واكتساب خبرات مهنية جديدة ومتنوعة، أما المسار الثاني فهو التدريب والدراسة، لذا حصل على دبلومة الإعلام الرقمي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، وعدد من الدورات التعليمية، منها: دورة الكتابة الصحفية بالإنجليزية المقدمة من منصة كورسيرا وجامعة بنسلفانيا الأمريكية، فضلاً عن برنامجي الصحافة والعلوم، والصحافة الثقافية في معهد جوته بالقاهرة، إلى جانب أنه يستعد الآن لدراسة الماجستير في الإعلام بإحدى المؤسسات التعليمية الأوروبية.

طموحات مستقبلية

يحلم الصحفي الشاب بالإسهام بعمله في بناء إعلام محترف يؤدي وظيفته الأساسية، ويرى أن هذا الشعب يستحق أن يكون لديه إعلام حقيقي يكون صوتاً له ومرآة لمشاكله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى