بروفايلسلايدر رئيسي

هاجر هشام.. صحفية شغوفة بالعصر الرقمي والذكاء الاصطناعي

هاجر هشام.. صحفية شغوفة بالعصر الرقمي والذكاء الاصطناع

أدركت سريعًا التغيرات المتتابعة التي تلاحق مهنة الصحافة وتجعل العاملين/ات فيها قاب قوسين، إما أن يستوعبوا معطيات التطور التكنولوجي ومفرداته المؤثرة بشكل مباشر على صناعة التحقيقات والتقارير الصحفية، أو تنهار مهنتهم/ن أمامهم/ن بلا رجعة، لذا قررت الصحفية الدؤوبة هاجر هشام مواكبة التغيير بالتعلم الذاتي.

 

 

 

الدراسة وأولى الخطوات المهنية:

 

درست هاجر هشام بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وأنهت دراستها الجامعية عام 2014، وتخصصت في قسم الإذاعة والتليفزيون، ثم أكملت الدراسة الأكاديمية بالتحضير للماجستير من خلال العام التمهيدي، لكنها لم تكمل لمتابعتها العمل الإعلامي بشكل أكثر واقعية وفهم ما تحتاجه اللحظة الآنية من تدريبات تتعلق بالتطور التكنولوجي، والأنماط الصحفية الرقمية المرتبطة بهذا التغير، لتنطلق نحو دراسة علوم البيانات والذكاء الاصطناعي وإنتاج مواد صحفية رقمية.

 

تدرس في الوقت الحالي دبلومة في “الذكاء الصناعي وتحليل البيانات” من الجامعة الأمريكية في بيروت، وتصف التجربة: “ممتعة لي على عدة أصعدة، وتدفعني للتفكير بشكل مختلف فيما يتعلق بإدخال الذكاء الاصطناعي للصحافة”.

أصبحت التدريبات التي تحصلت عليها هاجر مجال عملها فيما بعد، فعلى مدار أكثر من 10 سنوات في الصحافة متعددة الوسائط وصحافة البيانات، ركزت على صناعة القصص المعمّقة بألوانها المختلفة “الفيتشر، التحقيقات، التقارير الخبرية..” كما تعمل حاليًا أخصائية مشروعات مع شبكة أريج في الأردن، لا سيما القائمة على إدخال الذكاء الاصطناعي في الصحافة.

 

البداية:

 

يدفع الفضول هاجر إلى القراءة والبحث عن كل جديد، ولديها رؤية عن الصحافة تصفها بـ: “مهنة الأبطال الخارقين”، وتفسر هذه النظرة في حديثها للمرصد، تقول: “يمكن للعاملين/ات في الصحافة تغيير حكومات وواقع نظن أنه لن يتغير بمعلومات دقيقة عن أزمة ما، لديهم/ن روح المغامرة والإقدام، طالما كنت مبهورة بمراسلي التليفزيون في طفولتي، وشعرت أنها مهنتي المفضلة وحلم سأسعى لتحقيقة يومًا ما”.

 

شجعتها أسرتها على تحقيق حلمها، فبعد إنهائها المرحلة الثانوية العامة في سلطنة عمان، وحصولها على مجموع يؤهلها لكليات واختيارات كثيرة، قررت الالتحاق بالإعلام بدعم المقربين.

 

أثناء دراستها الجامعية قامت ثورة 25 يناير، ومعها خرجت تجارب شبابية للنور في مهنة البحث عن المتاعب، انضمت وقتها هاجر مع مجموعة زملاء/زميلات لإنشاء موقع إلكتروني اسمه “تاكسينا نيوز”، تقول: “كنا نقوم بتغطية أحداث الاشتباكات والمظاهرات وقتها، ومعها أخبار الحراك السياسي من انتخابات الرئاسة والبرلمان، وكل ما يمكننا كطلبة/طالبات الوصول إليه”، وتروي عن هذه التجربة: “كانت بإمكانيات صفرية وجهود ذاتية، ومع ذلك كانت واحدة من أفضل التجارب الصحفية التي مررت بها”.

 

تنقلت بعدها هاجر بين العديد من المواقع الإلكترونية وصحافة الديجيتال، مثل الوطن، ومصر العربية، والمنصة، وساسة بوست، وقدمت تحقيقات وتقارير للتلفزيون عن طريق شركات إنتاج عرضت في التلفزيون العربي، كما عملت كمحررة وسائط متعددة لصحفية الشرق الأوسط اللندنية لأكثر من عامين، ذلك قبل انضمامها لمؤسسة أريج للصحافة الاستقصائية.

 

وتوضح هاجر أهمية خطوتها الأخيرة، تقول: “كانت أريج خطوة فارقة، من خلال برامج متنوعة تحصلت عليها، ومنها دبلوم صحافة البيانات التي حصلت عام 2020، بخلاف فرص أخرى مثل زمالة أريج عام “2022، كلها فتحت أبوابًا جديدة أمام هاجر، وساعدتها على التعلّم واكتساب مهارات وخبرات مختلفة، ومنها تحولت من صحفية لديها معرفة بسيطة للغاية بلغة البرمجة بايثون، ومبادئ إحصاء تعلمتها من دراستها في إعلام القاهرة، إلى محققة استقصائية قادرة على بناء أشكال صحفية مختلفة، واستخدام مفاهيم متطورة لتحليل البيانات، في أقل من عامين”.

 

 

موضوعات فارقة وإنجازات:

 

قدمت هاجر موضوعات دون الالتزام بقالب صحفي محدد، لتتنوع أعمالها بين المكتوب، والمصور، ومتعدد الوسائط، والمدفوع بالبيانات، وتهتم بشكل أساسي بتسليط الضوء على أشكال التمييز السلبي الموجود في مصر والعالم العربي، سواء الاقتصادي والاجتماعي أو المرتبط بالجندر، تقول: “طالما ركزت على أشكال الظلم والتهميش والتطبيع معهما مثل قصتي عن الصرف الصحي في المناطق الريفية في مصر بعنوان: “الصرف الصحي: تبرع لتحصل على حقك الدستوري”، والتي فازت بالمركز الثاني لأفضل قصة مدفوعة بالبيانات من شبكة صحفيين البيانات العرب ArabDJN، في عام 2019، وأسسها الصحفي عمرو العراقي”.

وفي 2016 فازت هاجر في مسابقة بجائزة أفضل تحقيق من منصة Checkdesk Awards، عن قصة حول الأطفال المصابين بالهيموفيليا ومعاناتهم مع التأمين الصحي “أطفال الهيموفيليا: نخاف نكبر نموت”، والقصتين أنتجتهما لصالح موقع المنصة.

وأخيرًا، تحقيق “مراكز الشباب تخرج الرياضيات من حساباتها” ترشح لفئة صحافة الديجيتال بجائزة “New Media Writing Prize Journalism Award” للعام 2021.

كما قدمت العديد من التحقيقات والقصص الصحفية التي لاقت رواجًا كبيرًا مثل قصتها المدفوعة بالبيانات اللي أنتجتها للمنصة عن القيمة الاقتصادية لتعويضات ضحايا القطارات، بعنوان: “حوادث قطاراتنا وتعويضاتهم: حياة تشبه الموت” والتي أشاد بها الحساب العربي للشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية، وأيضًا قصتها الأحدث بعنوان: “فُسح القاهرة تضيق على فقرائها” والتي تفاعل معها العديد من رواد منصات التواصل الاجتماعي بالتزامن مع موجة الحرارة في مصر، وأشاد بالقصة إعلاميون/ات وشخصيات عامة ومسؤولين/ات سابقين/ات.

 

صناعة القصة الإنسانية:

 

تسعى هاجر إلى الوصول لمشكلات الناس والمساهمة في حلها بتوضيح أثر المشكلة التي تتناولها، كما تحاول خلق خط درامي من أول القصة الصحفية لآخرها دون إغفال المعلومات، والاستعانة بالوسائط المتعددة من الصورة والفيديو والبيانات.

ولديها رؤية خاصة في التعامل مع أصحاب الحكايات، تقول: “أحياناً اتركهم يتحدثون بحرية عن تفاصيل ليست لها علاقة بالقصة، فهذا مهم جدًا في التعامل مع الحالات الإنسانية كي لا نتحول إلى آلات أو أشخاص نمطية غير مبدعين/ات”.

 

وتضيف: “علينا تذكر أن المصادر الإنسانية بشر، ولهم عيوبهم ومميزاتهم، ممكن مصدر يقول كلمة عنصرية، أو يتهم أحد أو جهة أو طائفة باتهام معين، التعامل مع هذه النقطة في غاية الحساسية وهنا على الصحفي/ة الموازنة بين أمانة النقل وفي نفس الوقت التدقيق من خطابات الكراهية أو العنصرية”.

 

تحديات مهنية:

ترى هاجر أن المجال حاليًا أمامه تحديات كبيرة، لكن في الوقت نفسه مليء بفرص التطور، تقول: “أحاول تطوير أدواتي سواء من خلال دراسة جديدة، أو استخدام أدوات تحليل البيانات التي أصبحت جانب مهم من الصحافة الحديثة”.

 

أحلام وطموحات:

تعيش هاجر في الوقت الحالي، جزء كبير من أحلامها التي سبق وأن سعت إليها فيما يتعلق بصحافة البيانات والذكاء الاصطناعي تحديدًا، سواء في عملها أو الخبرة والمواد التي تنقلها وتساهم في توفيرها للصحفيين/ات، ولديها أحلام أخرى، أهمها استخدام المهارات التي اكتسبتها لصناعة قصص عربية مدفوعة بالبيانات أكثر تطورًا، تشرح ذلك: “أحلم أيضًا بنقل المعرفة والمهارات التي تعلمتها إلى المزيد من الصحفيين/ات حتى يمكنهم/ن توفير الكثير من الجهد والوقت، والقيام بتحليل المزيد من البيانات بطريقة تساعدهم/ن على الوصول إلى زوايا وقصص ومخرجات أفضل وأقوى، ومن ثم أساهم في بناء صحافة قوية تعتمد على مفردات التكنولوجيا والعصر الحديث”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى