الحبس الاحتياطي للصحفيين في مصر.. أزمة تشريعات أم تطبيق قانون؟

 

لقراءة الورقة كاملة: الحبس الاحتياطي للصحفيين في مصر (1)

 

تدفع هذه الورقة بأن التحدي الرئيسي المتعلق بالحبس على ذمة التحقيقات، لا يرجع بشكل أساسي إلى الصعوبات التي يفرضها القانون، إنما يرجع إلى عدم التزام الجهات المختصة بقانون الإجراءات الجنائية؛ وتمسكها باستمرار حبس الصحفيين على ذمة قضايا قيد التحقيق لفترات تتجاوز بشكل سافر المدد التي أقرها  قانون الإجراءات، فما يحتاجه قانون الإجراءات الجنائية بشكل أكثر إلحاحًا، أن يحتوي ضمانات تلزم أجهزة تطبيق القانون بالإفراج عن الصحفيين والإعلاميين مما تخطوا مدد الحبس المقررة.

ففي الوقت الذي يقرر فيه قانون الإجراءات الجنائية، في الفقرة الأخيرة من المادة 143 منه، أنه “في جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح، وثمانية عشر شهرًا في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام“؛ نجد عدد من الصحفيين تجاوزت مدد حبسهم ما يقرره القانون؛ ما يعني أن الأمر لا يتعلق فقط بالتشريعات القانونية رغم التشديد على أهميتها، إنما يتعلق أيضًا بوجود إرادة سياسية؛ فالإرادة السياسية هي العامل الحاسم في نجاح أي تعديل قانوني، فالقوانين هي أدوات لتحقيق العدالة والتنظيم، ولكن من دون إرادة سياسية

تدعمها، تبقى هذه الأدوات غير فعالة وتظل مجرد حبر على ورق يظل الأثر المرجو منه بعيد المنال؛ فلا يكفي الاعتماد فقط على تعديل النصوص القانونية؛ يجب أن يصاحبه التزام سياسي قوي وجاد لتحقيق التغيير الفعلي والمستدام.

ومن ثم فإن أية تعديلات في قانون الإجراءات الجنائية يقود إلى تقليص مدد الحبس على ذمة التحقيقات خطوة مهمة يجدر الاحتفاء بها؛ حتى لا يتحول الحبس الاحتياطي إلى عقوبة، كما جاء في البيان الصادر عن مؤسسة الرئاسة، لكن يدفعنا هذا في الوقت نفسه إلى تسليط الضوء على حالات لصحفيين تجاوزت مدد حبسهم الحد الأقصى للحبس الاحتياطي المنصوص عليه بقانون الإجراءات الجنائية، بصورة غير مبررة قانونًا، ولا تتفق مع قانون الإجراءات القائم، وبالتأكيد لا تتفق مع الدستور الذي كفل الحرية الشخصية، وحدد الحالات التي يجوز فيها المساس بالحرية الشخصية، واشترط لذلك أن تصدر عن جهة قضائية، كما اشترط أن يسبقها تحقيق.

  

 

Back to top button