بروفايلسلايدر رئيسي

أحمد شوقي علي.. صحفي بدرجة مبدع

كانت الكتابة الأدبية بوابة دخوله إلى الصحافة، تلك المهنة التي امتهنها مصادفة، لكنه أخلص لها واستجاب لندائها حتى أصبح واحدًا من الصحفيين القادرين على الجمع بين الكتابة الصحفية المنضبطة، والإبداعية شديدة الاحترافية.

الدراسة والعمل:

درس الصحفي أحمد شوقي علي، تخصص بعيد عن الإعلام، فلم يكن طموحه العمل بالصحافة، حيث انضم بالمرحلة الجامعية إلى قسم “اللغة العربية” ما أهله لكتابة القصص بشكل احترافي.

أما الصحافة جاءته صدفة، حين أطلقت ساقية الصاوي عام 2006 مجلة نوعية، وطلبت الإدارة من الفنانين النشطين في الساقية التقدم بأعمالهم إن كانت قصص أو لوحات فنية؛ يحكي أحمد لمؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام: “تقدمت بقصة ثم فوجئت من تعاملهم معي كصحفي ضمن فريق عمل المجلة، وأوكلت لي مسؤولية التحرير والإشراف على المجلة والكتابات، حتى أحببت مهنة البحث عن المتاعب، وقررت استكمال مسيرتي فيها”.

تعامل أحمد مع المهنة الجديدة بشكل احترافي، فتنقل بين العديد من المواقع المصرية والعربية ومنها جريدة المصري اليوم، والدستور مع الإعلامي إبراهيم عيسى، وبوابة القاهرة، والراي الكويتية. 

وبعد ذلك، عمل كواحد ضمن مؤسسي بوابة الأهرام الإلكترونية منذ انطلاقتها الأولى في 6 أكتوبر عام 2010، وتدرج فيها من محرر إلى رئيس قسم الثقافة، ومازال في البوابة بجانب عمله كمطور ومدرب لفريق من الصحفيين/ات الشباب والشابات فوق سن 18 عامًا بموقع باشكاتب، المهتم بإعداد جيل جديد من الصحفيين/ات القادرين/ات على مواكبة التطورات التكنولوجية، والإلمام بكافة فنون الصحافة. 

كما عمل لمدة 3 سنوات في موقع المنصة، وهو موقع صحفي مستقل له توجه أكثر تحررًا من الصحف القومية، وقدم خلاله العديد من الموضوعات التي تناقش قضايا اجتماعية وثقافية جادة، بخلاف هذا فهو مراسل لعدد من المواقع العربية والدولية ومنها موقع جوته، والمدن. 

صعاب مهنية:

في البدايات لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، فقد جمع “شوقي” بين أكثر من مهنة لعدم كفاية الدخل المادي من الصحافة على مدار سنوات كثيرة عمل خلالها كاشير ومساعد عمال بناء، حتى يستطيع تغطية مصروفاته في الصحافة التي أحبها ولا سيما وأن أسرته لم تكن مرحبة بامتهانه لها لتعارضها مع مهنة معظم رجال وشباب عائلته العاملين في مجالات مثل المحاسبة والهندسة، وأيضًا لعدم وجود مستقبل واضح للصحافة، ما أعطاه تحد إضافي للسعي وراء حلمه ومحاولة إثبات قدرته على العمل الصحفي. 

بقي الحال على هذه المشقة، إلى أن استقر بالأهرام الإلكتروني، وتحصل منه على دخل ثابت ساعده في التركيز على العمل الصحفي دون غيره. 

محطات مهنية فارقة: 

يعتبر شوقي كتابته في موقع “المدن” بمثابة نقلة حقيقية، لما يقدمه الموقع من مساحة حرية رحبة، وقد عمل فيه عام 2015 تزامنًا مع تراجع الصحافة وغلق جميع الفرص أمام الشباب للعمل فيها بشكل احترافي بعيدًا عن التضييق المالي والأمني، كجزء من التضييقات العامة التي حدثت في مصر على الحريات والمجال العام.  

منذ هذا الوقت، قدم شوقي العديد من الموضوعات والحوارات الفارقة، والتي أثار الكثير منها جدلًا في الأوساط الثقافية، ومنها حواره مع أورهان باموق، وهو روائي تركي، وأول روائي باللغة التركية يفوز بجائزة نوبل للآداب، وكان الحوار أثناء زيارته الثانية لمصر، ورصد فيه “شوقي” نمط الحياة العادية لأديب نوبل التركي، وتحدث معه عن يومه وعاداته في الكتابة والقراءة، ومواعيد طعامه، وغيرها من الجوانب المجهولة لدى جمهوره حول العالم. 

كما أجرى حوارًا مع نافيد كيرماني، كاتب حر وباحث وأستاذ في الدراسات الاستشراقية، وكان عضوًا لفترة طويلة في المعهد العالي للعلوم في برلين. وفاز بجوائز دولية عديدة؛ كان أهمية الحوار نابعًا من ثراء الشخصية ذاتها، فهو مسلم دارس لعلوم القرآن واللغة، وكان مرشحًا لرئاسة ألمانيا، ما جعل الأعين والصحافة العالمية تترقبه، وتترقب حواراته في كل مكان ومنها حواره مع شوقي. 

وأيضًا أجرى حوارًا مع إبراهيم الكوني، كاتب ليبي وله دراسات أدبية ونقدية ولغوية في مجالات التاريخ والسياسة، اختارته مجلة لير الفرنسية أحدَ أبرز خمسين روائيًا عالميًا معاصرًا، وأثار الحوار ضجة كبيرة حتى تناولته بالتحليل والرصد تقارير في جريدتي المدن والشرق الأوسط، لكشفه جوانب خفية في شخصية “الكوني” وفي وقت حرج سياسيًا في ليبيا، كما أعيدت قراءة الحوار بعد 6 سنوات من نشره، وعاد ليثير جدلًا كبيرًا في ليبيا وبين المهتمين بالشأن السياسي والثقافي، لأن الكوني عرف نفسه كسويسري وليس ليبيًا. 

هذا بخلاف العديد من الملفات الفنية التي تناولت زوايا ورؤى جديدة لمشاهير السينما والفن في مصر، منها تقرير عن الفنانة أسمهان، وآخر عن راقية إبراهيم، من خلال تقصي المعلومات عن كل منهما وتتبع الأرشيف الخاص بهما. 

وشهد عام 2013 بداية خطوة فارقة مع الصحفي الشاب أحمد شوقي علي، حين عمل في مؤسسة “الحرية” للتعايش مع الإيدز والتعافي من الإدمان، وشارك في كتاب صادر عن المؤسسة يرصد تاريخها كأول مكان أدخل مجال العلاج النفسي للمدمنين/ات والمتعايشين/ات مع الإيدز في مصر، يقول شوقي عن هذا المشروع: “سجلت 36 ساعة مع عاملات بالجنس، ومع متعافين/ات من الإدمان ومتعايشين/ات مع الإيدز، وأشرفت فيه بشكل حصري على تحرير الجزء الخاص بالشهادات، ومن المنتظر صدور الكتاب قريبًا عن دار الشروق”.

طموحات مهنية: 

يرى شوقي أن الصحافة تمر بأزمات عديدة منها ظهور تعريفات وهمية، مثل مصطلح “التحقيقات الاستقصائية”، وكأن التحقيقات السابقة على هذا المصطلح لم تكن استقصائية، يقول: “في الأساس مهنة الصحافة هي مهنة التقصي عن الحقيقة، ولا أعرف لماذا كل هذه الضجة والمسابقات والتدريبات التي تقام لتعلم الصحفي/ة شيء بديهي للغاية لكن يروج له كأنه مستحدث”.

ويرى أن التحديات تتجاوز ما اعتبره “فوضى المصطلحات”، فهناك توجه عام بالتضييق على الصحافة ما يجعل فرص العمل فيها محدودة للغاية، ويزيد من هشاشة الإنتاج الصحفي نفسه الذي لا يتجاوز أكثر من بيانات تصدر عن الجهات الرسمية، ويتم نشرها في الجرائد والمواقع المختلفة، ما يحد العمل الصحفي ككل ويهدد استمراريته.

ويطمح شوقي في توسع عمله بمجال التدريبات لمساعدة أجيال جديدة من الصحفيين/ات في بداية مشوارهم/ن المهني، يختتم حديثه: “أتمنى أن أساعد الجميع، وأساهم في تأسيس جيل يعمل ضمن إطار مؤسسي قائم على المنهجية والتدريب، لأنني كنت واحدًا ممن شقوا طريقهم بشكل فردي، وهذا له كلفته كبيرة، ولا أريد للأجيال القادمة المرور بنفس المشقات، فيكفيهم ما سيلاقوه من تحديات المهنة الجديدة وصعابها النفسية والاقتصادية”. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى