بروفايلسلايدر رئيسي

علي فرجاني.. إعلامي استثنائي في صحافة الذكاء الاصطناعي

 

نجح بالتعلم والمثابرة في مواكبة متغيرات العصر، وملاحقة ما آل إليه التطور، واستطاع أن يجمع بين أكثر من مجال على المستوى الأكاديمي أو المهني،  فهو باحث وأكاديمي في صحافة الذكاء الاصطناعي والفضاء السيبراني، وعضو لجنة تنمية الثقافة العلمية والتفكير الابتكاري بالمجلس الأعلى للثقافة بوزارة الثقافة المصرية. 

وقبل ذلك، تأثر برموز الصحافة واستلهم منهم العمق والتحليل، مثل محمد حسنين هيكل الذي يعده مصدر إلهامه الأول بأسلوبه العميق والدقيق في التحليل السياسي، حيث تعلم منه كيفية النظر إلى الأحداث من زوايا متعددة وفهم السياقات المختلفة بشكل شامل. كما تأثر أيضًا بـ إبراهيم عيسى، وعبد الحليم قنديل بأسلوبهما الجريء والصريح في الطرح السياسي.

 

بطل هذا الأسبوع، هو الصحفي والإعلامي علي فرجاني، الذي يعد أول باحث في العالم العربي يتناول إشكالية اقتصاد الانتباه، وهو ملف حديث ومعقد في مجال الإعلام الرقمي.

 

الدراسة والبداية المهنية:

 

بدأت رحلة علي بدراسته الأكاديمية في علوم الحاسب، وهي بداية شكلت لديه قاعدة معرفية قوية في مجال التكنولوجيا، لكنها لم تكن كافية بالنسبة له. فكان لديه دائمًا فضول لفهم العالم من زوايا متعددة، ولذا قرر أن يتوسع في دراسة الإعلام بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، وأثناء دراسته كان يحاول أن يوفق بين الدراسة الأكاديمية والعمل الصحفي، مع اتباع رغبته الملحة لاستكشاف جوانب أخرى من الفنون الإعلام بمفهومه الأوسع. 

 

لذلك التحق بمعهد السينما لدراسة الإخراج السينمائي بقسم الدراسات الحرة، وذلك بالتزامن مع دراسة الإعلام، وصولا باتجاهه للدراسات العليا في معهد النقد الفني بأكاديمية الفنون، والذي تعلم به كيفية التذوق الفني للفنون وكيف يمكن الكتابة عن جوانب العمل الفني للجمهور، وهذا ساعده كثيرًا الآن في التواصل مع الجمهور من خلال مجال التأليف.

 

ويقول عن شمولية مجالاته: “على الرغم من تحديات التنقل بين تخصصات مختلفة كالإعلام، الفنون، والتكنولوجيا، إلا أن هذه الرحلة كانت فرصة لتطوير رؤية شاملة تجمع بين علوم الإعلام والفنون والتكنولوجيا وحتى العلوم السياسية”، ويتابع: “لم يكن الطريق سهلاً؛ فالتوفيق بين الدراسة الأكاديمية، والممارسة العملية، والعمل الصحفي تتطلب جهدًا كبيرًا، لكن إيماني بأهمية التعلّم المستمر دفعني للتغلب على هذه الصعوبات. إلى جانب ذلك، كنت دائمًا شغوفًا بالكتب والصحف المصرية والعربية، مما ساعدني على اكتساب نظرة أعمق لتطورات المشهد الإعلامي”.

 

مع مرور الوقت، أدرك فرجاني أن جميع المجالات التي درسها، سواء في علوم الحاسب أو الفنون والتكنولوجيا، تتكامل بشكل جوهري في مجال الإعلام الرقمي والاتصال السياسي. هذا الإدراك دفعه لاستكمال دراساته العليا في صحافة الذكاء الاصطناعي بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، حيث ينتمي أكاديميًا، ويصف ذلك: “تعمق شغفي الحقيقي أكثر فأكثر، وأيقنت أن كل خطوة قطعتها في الماضي، بما فيها من تعب وتحديات، كانت تُمهد لي الطريق نحو فهم أعمق وأكثر شمولية للإعلام الحديث بجميع 

أبعاده الفنية والتقنية”.

 

الدعم الأسري: 

 

لا شك أن لوالدته، أطال الله في عمرها، وجدته رحمها الله، دورًا محوريًا في تنمية حبه واهتمامه بالمجال الإعلامي؛ يقول: “كنت أقضي الكثير من الوقت مع جدتي، التي كانت تتابع نشرات الأخبار والبرامج الإعلامية بشغف واهتمام استثنائي، حيث كانت تُولي نشرات الأخبار احترامًا كبيرًا وتحرص على متابعتها بانتظام على مدار اليوم. هذا الاهتمام العميق بالإعلام كان له أثر كبير في تعزيز شغفي بما يُقدَّم في الإذاعة والتليفزيون.

إلى جانب ذلك، كان والدي حريصًا على شراء الصحف يوميًا، وهو ما غرَس فيّ عادة قراءة الجرائد، لتصبح جزءًا من يومي. والدتي كان لها الفضل الأكبر، إذ قدمت لي الدعم المعنوي الذي احتجته، وشجعتني باستمرار على تنمية هذا الشغف، مما ساعدني على تحويله إلى مسيرة مهنية في المجال الإعلامي”.

 

مؤلفات وإنجازات مهنية: 

 

على مدار مسيرته المهنية، عمل على تطوير نفسخ باستمرار، وقد أثمر ذلك عن تأليف عدة كتب متخصصة منها:

  • مهارات المتحدث الإعلامي “طريقك للمنصات الإعلامية” والصادر عن دار الفجر للنشر والتوزيع. 
  • مهارات المراسل التليفزيوني وفن صناعة التقارير الإخبارية، والصادر عن دار أمجد في الأردن.
  • العلاقات العامة واستراتيجيات الاتصال والصادر عن دار أمجد للنشر بالأردن. 
  • التقنيات الرقمية وتطبيقاتها في الإعلام، والصادر عن الدار المصرية اللبنانية. 
  • اقتصاد الانتباه في عصر المراقبة السيبرانية، والصادر عن دار بدائل للنشر والتوزيع. 
  • صحافة الذكاء الاصطناعي والبيئة الإعلامية الرقمية الجديدة، والصادر عن دار السحاب للنشر والتوزيع.
  • التزييف العميق وتقنيات الخداع الرقمي، والصادر عن دار السحاب للنشر والتوزيع.

 

“كتابة هذه الكتب لم يكن بالأمر السهل؛ كل كتاب منها جاء بعد دراسة متأنية البحث والاطلاع المستمر، ومحاولة تقديم شيء ذي قيمة للمكتبة الإعلامية التي انتمي لها، ولبلدي التي أصبحت أمثلها في معارض الكتاب والجامعات في الوطن العربي” بحسب ما يقول فرجاني.

 

الاتجاه إلى الصحافة:

 

بدأت رحلة فرجاني مع الصحافة من خلال حبه العميق للصحف المصرية العريقة التي تزخر بجيل من أعظم الكتاب. بدأ عمله كمحرر متدرب في الصحف المستقلة، ولتطوير مهاراته الصحفية التحق ببرامج تدريبية مكثفة في جريدتي “الأخبار” و”الجمهورية”، حيث تعلم فنون الكتابة الصحفية في مختلف الأقسام، من الفني إلى الحوادث والأخبار. يقول: “كنت حريصًا على متابعة كل ما يُنشر في الصحف المصرية والمجلات المتخصصة مثل “وجهات نظر”، و”السياسة الدولية”، و”لغة العصر”، إلى جانب “أخبار الفن” و”أخبار الرياضة”، ما أسهم في تشكيل رؤيتي الصحفية والفنية”.

 

شارك بالكتابة في مجلة “صوت الجامعة”، وكان بجانب عمله كمحرر، راسل جريدة “المصري اليوم” من خلال صفحة خاصة بالمبدعين الشباب. لاحقًا، قام بتأسيس موقع إخباري تحت اسم “مونت كايرو”، الذي ركز على تقديم الأخبار المتنوعة، وحرص من خلاله على تغطية أبرز المهرجانات السينمائية والفنية.

 

كما أطلق مبادرة بالتعاون مع مجموعة من الأصدقاء تحت اسم “مشروع مذيع”، والتي حققت نجاحًا كبيرًا وحظيت باهتمام واسع من الخبراء والمتخصصين، مما جذب اهتمام وسائل الإعلام. بعد ذلك، أصبح يركز بشكل أكبر على تنظيم ورش تدريبية في فنون الصحافة والإعلام، ساعيًا إلى تطوير مهارات الصحفيين الشباب وإعدادهم لمواكبة التغيرات السريعة في هذا المجال.

محطات مهنية:

 

بدأت رحلته واكتساب مهاراته في العمل المجتمعي من خلال التطوع في الجمعيات الأهلية والانخراط في العمل الحزبي، ما ساعده على بناء مهارات التواصل والتفاعل مع المجتمع. لاحقًا، التحق بالعمل في شركات متخصصة في مجال الدعاية والعلاقات العامة، حيث تعمق في فهم استراتيجيات الاتصال المؤسسي وإدارة الحملات الإعلامية.

 

بعد ذلك، عمل كمحرر في جريدة صوت الأمة، حيث طور مهاراته الصحفية، وأتيحت له الفرصة للتعامل مع مختلف الملفات الإعلامية. وفي خطوة لاحقة، التحقت بإحدى الشركات التابعة لقطاع البترول المصري، حيث تولى تدريب كوادر القطاع في علوم الإعلام والاتصال، مساهمًا في تطوير قدراتهم في التواصل الداخلي والخارجي، ومواكبة التحولات الإعلامية الحديثة، وقام بتدريب طلاب بكالوريوس الإعلام الرقمي على أدوات الذكاء الاصطناعي.

 

ويصف هذه التجربة: “تجربتي في هذه المجالات أكسبتني خبرة شاملة تجمع بين الإعلام المجتمعي والصحافة، بالإضافة إلى العمل المؤسسي والتدريب الإعلامي، وهو ما أضاف إلى مسيرتي المهنية عمقًا وتنوعًا”.

 

التكريمات والجوائز:

 

خلال مسيرته المهنية، حظى بتكريمات وجوائز من العديد من المؤسسات الأكاديمية والإعلامية المرموقة، أبرزها جامعة القاهرة، الجامعة الأمريكية بالقاهرة، جامعة الأهرام الكندية، والمركز الديمقراطي العربي. كما شارك في العديد من المؤتمرات والفعاليات التي نظمتها مؤسسات رائدة مثل المنظمة العربية للتنمية الإدارية، المعهد القومي للإدارة، قناة ON TV، وأكاديمية ناصر العسكرية. كما تعاون مع مؤسسات تعليمية وإعلامية مرموقة مثل جامعة عين شمس، معهد الأهرام الإقليمي للصحافة، مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة، مجلس الشباب المصري، الأكاديمية البريطانية للصحافة والإعلام وفنون الاتصال، جامعة الأزهر، والمجلس الأعلى للثقافة، كلية الإعلام جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.

 

أبرز الملفات أو الموضوعات التي عمل عليها:

 

عمل علي فرجاني على مجموعة من الملفات الهامة التي تجمع بين علوم الإعلام والاتصال والتطورات الحديثة في الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي. يقول: “كنت أول باحث في العالم العربي يتناول إشكالية اقتصاد الانتباه، وهو ملف حديث ومعقد في مجال الإعلام الرقمي. كما ركزت اهتمامي على ملفات صحافة الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق وتقنيات الخداع الرقمي، وقد صدر له في هذين المجالين كتابان متخصصان، يسلطان الضوء على تأثير هذه التقنيات على الإعلام والمجتمع.

إلى جانب ذلك، قام بإعداد مادة علمية متخصصة حول مهارات المراسل التلفزيوني وفن صناعة التقارير الإخبارية، التي تُعتبر مرجعًا على مستوى الوطن العربي. كما نشر العديد من المقالات المتخصصة في مجلة السياسة الدولية التابعة لمؤسسة الأهرام، حيث تطرق إلى موضوعات متعددة، منها:

  • صحافة الذكاء الاصطناعي ومواجهة الأخبار الزائفة
  • تحديات الروبوتات العسكرية في سباق التسلح التكنولوجي
  • آليات وتبعات التسلح الجوي باستخدام الروبوتات العسكرية
  • مخاطر تطبيقات الدردشة مثل ChatGPT على أمن المعلومات
  • تحولات نظام الاتصال الدولي وإعادة التوازن الإعلامي في عصر التكنولوجيا الرقمية
  • القوة الإعلامية والمعلوماتية في النظام العالمي الجديد
  • الصراع السيبراني بين الولايات المتحدة والصين
  • التحولات التكنولوجية في الحروب السيبرانية، وحلف شمال الأطلسي كنموذج
  • اقتصاد الانتباه في الفضاء السيبراني
  • تحولات الاتصال السياسي في الفضاء السيبراني
  • التزييف العميق وتقنيات الخداع الرقمي وتأثيرها على الإعلام
  • الروبوتات كأيدي خفية في الفضاء السيبراني.

كما نشر دراسة متخصصة في مجلة الديمقراطية، العدد 88، أكتوبر 2022، بعنوان “استراتيجية دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام”، حيث تناولت الآليات المتطورة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب الصناعة الإعلامية، من إنتاج المحتوى إلى تحسين تجربة المتلقي. 

 

وتطرقت الدراسة أيضًا إلى التحديات التي تواجه المؤسسات الإعلامية في تبني هذه التقنيات، مع التركيز على تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي والحفاظ على المعايير المهنية والأخلاقية في العمل الإعلامي.

بالإضافة إلى ذلك، تناول في إحدى دراساته ملف التحولات السيبرانية في الفضاء الرقمي وتأثيرها على الأمن والإعلام، وهو ملف محوري بحثه عبر عدة دراسات ومقالات تناولت تأثير الحروب السيبرانية والصراع السيبراني بين القوى الكبرى، لا سيما بين الولايات المتحدة والصين، ودور الروبوتات في الصراع السيبراني وسباقات التسلح.

 

ويأخذ فرجاني على عاتقه قضية الذكاء الاصطناعي وربطه بكل مجالات حياتن، حيث يستعرض موضوعه “كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل هويتنا الثقافية”، تأثير الذكاء الاصطناعي على الثقافة المجتمعية، وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تعيد صياغة المفاهيم الثقافية والهويات الفردية والجماعية، ما يطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل الهوية الثقافية في عصر الذكاء الاصطناعي.

يشرح ذلك ويقول: “الموضوعات تُشكّل أساسًا لأبحاثي المستمرة، وتسهم في تقديم رؤية متكاملة للتأثيرات المتزايدة للتكنولوجيا الحديثة على الإعلام، الأمن، السياسة، والثقافة في العصر الرقمي.

 

ويتابع: “أكثر موضوع أثّر في مسيرتي المهنية كان عدم إتاحة الفرص لي في المؤسسات الإعلامية سواء في الإذاعة أو التليفزيون. بدلاً من أن أعتبر هذا العائق نهاية لطموحي، قررت أن أصنع بصمتي الخاصة وأن أشق طريقي من خلال الكتابة العلمية، وهي المجال الذي وجدت فيه نفسي. اكتشفت في هذا المسار أسرارًا علمية فتحت لي آفاقًا جديدة وهائلة، وأتاحت لي فرصة تقديم إسهامات متميزة على الساحة الإعلامية والعلمية، مما ساعدني على تحويل التحديات إلى فرص إبداعية ذات قيمة”.

 

طموحات وتحديات: 

 

لدى فرجاني العديد من التحديات التي يواجهها لاستكمال مشواره في مهنة البحث عن المتاعب، ولعل التحدي الأكبر يتمثل في عدم تعاون بعض المختصين في مشاركة معرفتهم وخبراتهم، مما يحول دون سد الفجوة المعرفية لدى الجمهور في المجالات العلمية والتكنولوجية. إلى جانب ذلك، يرى أن الإعلام المصري يعاني من قلة التركيز على تغطية الملفات العلمية والتكنولوجية بشكل كافٍ، رغم أهميتها المتزايدة في العصر الرقمي. بدلاً من تسليط الضوء على هذه القضايا الحيوية، يتم التركيز غالبًا على موضوعات أقل أهمية.

 

أما طموحه خلال السنوات المقبلة يتمثل في تطوير علوم الإعلام في ظل الثورة التكنولوجية التي يقودها الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، والاستفادة من التقنيات الحديثة التي تغيّر ملامح الاتصال والإعلام. كما يطمح في تأسيس أكاديمية إعلامية متخصصة تهدف إلى تدريب وتأهيل الإعلاميين والصحفيين على أحدث تقنيات الإعلام والاتصال، مما يمكنهم من مواكبة التحولات السريعة في المجال ويعزز قدرتهم على الابتكار في تقديم المحتوى الإعلامي وفقًا لأعلى المعايير التقنية والاحترافية.

 

وأخيرًا.. يستهد على فرجاني بما قاله الأستاذ محمد حسنين هيكل: “الصحافة ليست مهنة لمن ينقل الأخبار فقط، بل لمن يبحث ويفكر ويحلل، ويرى ما لا يراه الآخرون”، وما أكده الأستاذ حمدي قنديل: “الصدق هو جوهر الصحافة، فمن دون صدق تفقد الصحافة معناها وتأثيرها”، ويقول: “على خطى كبار الصحفيين في العالم الذين يؤمنون بأن الصحافة الحقيقية تبدأ من القراءة العميقة والبحث المستمر والتدريب المتواصل، فإن النجاح في هذا المجال يتطلب التزامًا دائمًا بالتعلم والتطور”. 

Related Articles

Back to top button