نقل “رصد” لتصريحات المحامية عزيزة الطويل دون إذنها.. هل هو مخالفة مهنية؟
نشرت شبكة رصد الإخبارية -التي تبث من خارج مصر- فيديو تحت عنوان “كيف تعمّدت الحكومة إهانة المصريات في قرار السفر الجديد؟”، بتاريخ 28 أكتوبر 2024، ناقشت فيه قرار منع سفر النساء من الفئات الدنيا إلى السعودية إلا بتصريح مُسبق، ورصدت ردود الأفعال حوله.
استعانت “رصد” بتصريح حول الموضوع ذاته، للمحامية الحقوقية عزيزة الطويل، سبق وأدلت به لموقع “المنصة”، والذي نشر بتاريخ 28 أكتوبر 2024، ولم يذكر رصد موقع “المنصة” كمصدر للتصريح، وزاد عليه إضافة لوجو “رصد” بشكل يوحي بأن المحامية عزيزة الطويل أدلت بالتصريح للشبكة، وليس للمنصة، كما احتوى الفيديو على عدد من لقطات الشاشة أو “سكرين شوت” لتدوينات مواطنين/ات حيال القضية المطروحة.
الأمر تناولته المحامية عزيزة الطويل، في منشور لها عبر صفحتها على فيسبوك قائلة: “أنا لم أُدلي بأي آراء لشبكة رصد، أمس هاتفني الصحفي محمد الخولي من موقع المنصة، حول قرار تصريح أمني للفئات الدنيا، وفوجئت أن الشبكة أخذت صورة قديمة، واقتطعت من كلامي لموقع المنصة، وقدّمتن كأنه تصريح لها، رأيي لا أخجل منه ولا أتراجع عنه، ولكن تصرفات الشبكة مرفوضة لاستخدام صورة ورأي بدون موافقتي”.
مخالفة مهنية وقانونية وأخلاقية
تُعتبر المهنية في الإعلام مبدءًا أساسيًا، وأحد أهم عوامل المصداقية التي يرتكز عليها الإعلام في نقل الأخبار والتصريحات؛ نظرًا أن التزام المؤسسات الإعلامية بالنزاهة والموضوعية عند نقل المعلومات، له تأثير مباشر على جودة الأخبار وثقة الجمهور، لذا يأتي التزامها بنسب المحتوى لمصدره الأصلي، هو أحد أهم المبادئ التي ينبغي مراعاتها؛ إذ يعزز ذلك من دقة المعلومة، ويرسّخ الثقة للعلاقة بين الوسيلة الإعلامية وجمهورها، ويتحتّم ذلك مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، كأحد المصادر الهامة للأخبار العاجلة؛ حيث تتزايد أهمية الانتباه إلى استخدام التصريحات المنشورة على هذه المنصات، لاسيما التغريدات والمنشورات الخاصة بالمدونين/ات والمشاهير، مع ضرورة الانتباه للجوانب القانونية المتعلّقة بنقل المحتوى.
ويساعد نسب المصدر عند نقل المعلومات، إلى تقديم المعلومة كما هي، والإشارة إلى صاحبها الأصلي، ويساعد المتلقّي على التحقق منها، أو الاطلاع على المزيد من التفاصيل -إذا رغب في ذلك- وعندما تنقل وسائل الإعلام التصريحات أو الأخبار دون توضيح المصدر، فإنها تٌعرّض المتلقّي لتضليل محتمل، بل وتفتح الباب أمام الشكوك حول مدى دقة تلك المعلومات؛ حيث أن غياب المصدر يُعتبر في المقام الأول سرقة وتعدٍ على الملكية الفكرية بشكل واضح، وفقًا لقانون حماية الملكية الفكرية رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢، يقصد بحماية الملكية الفكرية “نسب الحقوق لأصحابها ومالكيها؛ كبراءات الاختراع، أو حقوق النشر، أو العلامات التجاريّة، والسماح لهم باحتكار استخدامها لمدةٍ محدَّدة، وتُعتبر حقوق الملكية الفكرية حقوقاً قانونيّة تحفظ الابتكارات، والاختراعات الفكرية، في كافة المجالات منّها الصناعيّة، والعلميّة، والأدبيّة، إلى جانب المجالات الفنيّة من الانتهاك.وتندرج حقوق الملكيّة الفكريّة تحت أي ابتكارٍ إنساني أصلي؛ كالإبداع الفني، والأدبي، أو الاختراع التقني، إلى جانب الاختراع العلمي، كما أنها تُعنى بالحقوقِ القانونيّة المقدمة للمخترع، أو المبدع، أو المتنازل له؛ بهدف حماية اختراعه، أو ابتكاره، ومنحه الحق بالانتفاع به لفترةٍ من الوقت” وهي المخالفة التي ارتكبتها مؤسسة رصد الإخبارية بحق المحامية الحقوقية عزيزة الطويل، وبحق موقع المنصة.
وفيما يخص استخدام المنشورات والتدوينات دون الحصول على إذن أصحابها، فإن الأفراد يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم، أو التعليق على أحداث معينة، من هذا المنطلق، تتجه المؤسسات الإعلامية بشكل متزايد إلى نقل التصريحات المنشورة على هذه المنصات، خاصةً من حسابات المشاهير والمدونين/ات المؤثرين/ات أو المواطنين/ات، كرصد لردود الأفعال، هذا التوجّه يحتّم على الإعلام أن يتخذ الحذر عند نقل هذه التصريحات، وأن يتحقق من دقتها وصحتها قبل النشر.
وبالإضافة إلى دقة المعلومة، يبرز هنا التساؤل حول الناحية الأخلاقية في استخدام التغريدات أو البوستات، دون إذن مُسبق من صاحب/ة المحتوى، فقد يُنشر تعليق عفوي على حدث معين ليصبح بعد دقائق عنوانًا رئيسيًا على مواقع الأخبار، وفي هذا السياق، فإن نقل التصريحات أو التعليقات من وسائل التواصل الاجتماعي يتطلّب من المؤسسة الإعلامية النظر في بعض الجوانب الأخلاقية والقانونية، التي تحمي حقوق أصحاب المحتوى أو التدوينات السريعة.
القوانين الرقمية في العديد من الدول، تهدف إلى حماية حقوق الأفراد على الإنترنت، ومن ضمنها حقوق الملكية الفكرية للمحتوى الذي ينشره الأفراد على منصات التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من أن منصات مثل “تويتر” و”فيسبوك” تُعتبر عامة، وتسمح لأي شخص بالاطلاع على ما يتم نشره فيها، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أنه يمكن لوسائل الإعلام استخدام محتوى المستخدمين/ات دون استئذان؛ فحتى لو كان الحساب عامًا، ويمكن لأي شخص الوصول إلى محتوياته، إلا أن الأخلاقيات المهنية تفرض على المؤسسات الإعلامية الحصول على إذن صاحب/ة المحتوى قبل نشره، خصوصًا إذا كان التعليق شخصيًا، أو يتناول قضايا حساسة، يمكن أن تعرضه/ا لأي خطر.
فمثلاً، قد ينشر شخص ما تغريدة يعبّر فيها عن رأيه بشكل شخصي حول موضوع سياسي أو اجتماعي حساس، ويصبح استخدام هذه التغريدة في إطار تقرير إخباري دون إذنه/ا تعديًا على خصوصيته/ا، وعلى الرغم من أن ذكر اسم صاحب/ة التغريدة قد يُعتبر شكلًا من أشكال النسب، إلا أن نشرها خارج سياقها، أو توظيفها بشكل يغير معناها، قد يكون غير منصفٍ.