محمد الكاشف: صحفي يجمع بين الكلمة المبدعة والكاميرا الصادقة
يجمع بين عدسة توثّق التفاصيل الصغيرة بروحها الكبيرة وقلم ينسج الحكايات بعمق وإحساس. ولد في الفيوم بأكتوبر 1985، ونشأ في بيت بسيط وعظيم في دعمه، حيث تعلم معنى الاستقلالية وملاحقة الشغف. حاصل على ليسانس الآداب والعلوم الاجتماعية من جامعة المنيا، قسم التاريخ عام 2006، لكن حبه للتاريخ لم يبقَ بين دفتي الكتب، بل انطلق به إلى الميدان، حيث وثّق الحياة بكل تناقضاتها وصراعاتها وجمالها. بطل الأسبوع هو محمد الكاشف، شاعر ومصور صحفي مستقل.
بين الأدب والصورة
بدأ الكاشف مسيرته في بيت ثقافة إطسا بالفيوم كعضو نشط في نادي الأدب، ومن هناك فتح نافذته على المشهد الثقافي، مشاركًا في فعاليات ثقافية مثل المؤتمر الأدبي لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد. لكن الشِعر لم يكن كافيًا للتعبير عن رؤيته؛ فجاءت الكاميرا لتضيف بعدًا جديدًا لصوته الإبداعي.
من الثورة إلى الميدان الصحفي
علاقته بالصحافة بدأت بالقراءة ومتابعة تفاصيل الثورة المصرية، حيث حمل كاميرته لتوثيق أحداث الفيوم. كانت البداية مع محاولة رصد مشاهد من الحياة اليومية في مصانع السكر، مرورًا بمشروعات تصوير اجتماعية وفلكلورية أثمرت عن قصص صحفية مميزة نشرها عبر منصات مثل رصيف22، والعربي الجديد.
انطلق كمصور صحفي نحو رحلة احترافية واسعة النطاق، متنقلًا بين العديد من المؤسسات الصحفية والفعاليات الإعلامية والفنية، ومنها:
– ملتقى القاهرة الأدبي Cairo Literature Festival – الدورة السادسة 2024.
– مهرجان أسوان لدولي لسينما المرأة AIWFF – الدورة الثالثة 2019/الدورة الرابعة2020.
– كما عمل في مواقع وصحف: جريدة وموقع الأهرام المصرية، والأهرام المسائي، ومجلة أخبار النجوم المصرية، ومجلة الثقافة الجديدة، ومجلة فنون، وموقع رصيف22-Raseef22، وموقع مصريات، وموقع العربي الجديد، ووكالة الأنباء اليابانية KYODO، ومشروع مجلة وموقع Egyptian Geographic.
موضوعات لا تنسى:
أصبحت الكاميرا والكتابة أصدقاء مقربين لـ محمد، يصور الطبيعة والبشر والحياة اليومية في مصر، لكن أكثر ما يتذكره تلك القصص الصحفية المصورة التي تحدثت بلسان حال المقهورين، ومنها القصص التالية:
– الشقيانين.. أبناء الصمت: توثيق لحالات عمالة الأطفال في مناطق القاهرة/الجيزة/الفيوم.
– الفاعل: العاملون بالأجر اليومي في مصانع الطوب الأحمر وصناعة الفخار.
– الآخرون: ركاب قطارات الدرجة الثالثة في محطات: الجيزة/الواسطى/الفيوم.
– الليلة الكبيرة: توثيق الموالد الشعبية بالأقاليم.. الفيوم كمثال.
– مدد.. توثيق زيارات الأضرحة الدينية الشهيرة بالقاهرة.
– سِفر عنخ – تفاصيل من المتحف المصري.
– نصف ملعقة سكر: توثيق المدن في محافظات مصر برؤية عين الطائر.
– غية الرجال.. توثيق فن ورياضة التحطيب في صعيد مصر.
– نوت: عن توثيق إنتاج الغذاء من المحاصيل الزراعية والمنتجات المنزلية بمنطقة شمال الصعيد (الفيوم/بني سويف/المنيا).
– العصافير التي استولت على مفاتيح قلبي: عن أول أيام العام الدراسي لطلاب المراحل الأساسية وذكرياتها.
وقدم موضوعات أخرى في فن تصوير الشارع street photography والحياة اليومية daily life photography.
وفي حديثه مع المرصد، يشير إلى واحدة من أكثر الموضوعات التي أثرت في شخصيته، كانت عن العاملين بالأجر اليومي في الأراضي الزراعية سواء أطفال أو سيدات، يقول: “كم المأسي والقهر في قصصهم يصعب نسيانها”.
إنجازات بالكتابة الأدبية:
لم يتوارى حب الكتابة خلف الكاميرا، بل أصبح لكل منهما وقت وإنجاز جديد عند “الكاشف”؛ فأصدر ثلاثة دواوين شعرية باللهجة العامية المصرية، تعكس رحلته الإنسانية:
-يمكن تحن السما (2016)،
-نُص ملعقة سكر (2023)،
-ولد مشاكس وغير لئيم (2024).
التحديات والخبرة
لم تكن رحلة الكاشف سهلة؛ فثقافة العداء للكاميرا والمواقف الصعبة في أماكن مثل مولد أبو الحسن الشاذلي بصعيد مصر منحته دروسًا لا تُنسى في التفاني والصبر، يقول: “المواقف كثيرة لكنها أكسبتني خبرات وتجارب هامة في المعاملات اليومية والعلاقات الإنسانية ولعل أبرزها كان في رحلة توثيق مولد القطب الصوفي أبو الحسن الشاذلي بحميثرة جنوب الصحراء الشرقية بصعيد مصر”.
إنجازات وجوائز
رغم عزوفه عن المسابقات المحلية بسبب قناعته لافتقارها للنزاهة، حقق إنجازات منها:
- الميدالية البرونزية في مسابقة التصوير العالمية “ورتل القرآن ترتيلا” (2024).
- تكريم من كلية الإعلام بجامعة بني سويف عن إسهاماته في الفوتوغرافيا وتعاونه مع الكلية.
يمكن تلخيص رحلة محمد الكاشف، في صوره وكلماته، فهو شاعر اللحظة وقاصّ الضوء، يسعى دائمًا لأن يمنح من لا صوت لهم فرصة للظهور، ومن لا حلم لهم فرصة للأمل.