بروفايلسلايدر رئيسي

ليلى عبدالباسط.. حكاية عشق للصحافة بدأت منذ الطفولة

 

 

في الخامسة من عمرها، كانت ليلى عبدالباسط تستخدم أدوات منزلية كميكروفون لتطرح الأسئلة على والديها. الطفلة الصغيرة التي وجدت شغفها في الإذاعة المدرسية منذ الصف الأول الابتدائي وحتى نهاية المرحلة الإعدادية، لم تكن تعرف أن تلك البداية البسيطة ستقودها إلى عالم الصحافة بكل تحدياته وأمجاده. المسلسلات والأفلام التي تناولت قصص الصحفيين، مثل “ضمير أبلة حكمت”، و”بطل من ورق”، و”جاءنا البيان التالي”، كانت تلهمها بفكرة كشف الفساد، ونصرة المظلومين، ومنح صوت للضعفاء.

 

تشجيع عائلي وحلم بدأ يتحقق

تلقت ليلى دعمًا كبيرًا من أسرتها، التي كانت دائمًا فخورة بخطواتها في الصحافة. منذ التحاقها بكلية الآداب، قسم الإعلام، شعبة الصحافة بجامعة حلوان، بدأ الطريق يتضح أكثر فأكثر. أولى خطواتها العملية كانت في عام 2009 كمتدربة في جريدة “الدستور”، تحت قيادة الصحفي الكبير إبراهيم عيسى. وقتها، كان “الدستور” يمثل مدرسة للصحافة الحرة والمعارضة، مما ساهم في تشكيل وعيها المهني مبكرًا.

بعد تجربة غنية في “الدستور”، انتقلت ليلى بين أقسام الحوادث والتحقيقات والأخبار، وشاركت في اعتصامات الصحفيين دفاعًا عن حرية الصحافة. ثم التحقت بـ”الشروق” بعد تخرجها في 2012، حيث بدأت في قسم المجتمع المدني، لتكون قريبة من الناس، وتتحدث عن احتياجاتهم ومطالبهم. لم يكن لديها مصادر في البداية، فكانت تخرج إلى الشارع، تُغطي الوقفات الاحتجاجية، وتنقل صوت الشارع بأخبار صغيرة لا تتعدى الـ50 كلمة.

تقول للمرصد عن هذه التجربة: “قامت ثورة يناير في 2011 وغيرت في شكل الخريطة الإعلامية الصحفية، وظهرت بعدها جرائد وقنوات ومواقع صحفية جديدة وقتها كان في انفراجة وفتح المجال العام والإعلامي والسياسي، 

وبعدما تخرجت عام 2012 والتحقت بجريدة الشروق التي اعتبرها بيتي الصحفي الأول، فهي مدرسة مهنية مختلفة تعلمت فيها الدقة والتوازن، وكيف تقدم محتوى خبري وتحليلي محايد قدر المستطاع”.

وتضيف: “أول يوم لي في المقابلة مع أستاذ عماد حسين رئيس التحرير، سألني تحبي تشتغلي في قسم إيه؟ وأجبته مجتمع مدني، وقد كان”. 

تخصصت ليلى في ملفات حقوق الإنسان، المرأة، والطفل، بين عامي 2013 و2016، حيث كان المناخ العام أكثر انفتاحًا. شاركت كتابة تقارير عن السجناء السياسيين، التعذيب، والاختفاء القسري، مما ساهم في تسليط الضوء على قضايا إنسانية حرجة. كما ساهمت تغطياتها لمبادرات مناهضة التحرش في تحسين المشهد العام للشارع المصري تدريجيًا.

قصص إنسانية وتحديات الصحافة الميدانية

تعتبر ليلى أن العمل الميداني في العشوائيات، مثل رملة بولاق ومثلث ماسبيرو، من أهم محطات حياتها الصحفية. أما الحدث الأبرز في مسيرتها، فكان تغطية أزمة اقتحام نقابة الصحفيين في مايو 2016. هذه التغطية عززت إيمانها بأن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل رسالة للدفاع عن الحق والحرية.

مع تقلص حرية الصحافة خلال السنوات الأخيرة، وتأثير السوشيال ميديا، أصبحت صناعة القصة الصحفية أكثر تعقيدًا، وبات التحدي يكمن في تقديم محتوى صحفي قوي وسط مناخ يخشى فيه الناس الحديث، وتُقيّد فيه المصادر الرسمية نفسها بالبيانات فقط.

التطور المهني في عصر الصحافة الجديدة

منذ عام 2020، ومع انتشار جائحة كورونا، تغيرت أدوات الصحافة بشكل جذري. عملت ليلى على تطوير نفسها، فكتبت قصصًا إنسانية، وانضمت لتجارب جديدة في كتابة الـ”سكربت” مثل برنامج “زاوية تانية” الذي تناول قضايا اقتصادية اجتماعية، وبرنامج “موقف السلام” الذي ركز على الصحة النفسية.

حاليًا، تكتب وتقدم محتوى لمنصة “سلامي” المتخصصة في الصحة النفسية، حيث تركز على كيفية التعامل مع الضغوط الحياتية وتحقيق توازن نفسي.

تقول: “من 2020 وخصوصًا فترة وباء كورونا وبالتزامن مع قلة العمل الميداني تغير شكل السوق الإعلامي، وأدوات الصحفي مع ظهور الـ AI، وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي تنافس الجرائد والمواقع الخبرية، ومعها طورت أدواتي، واتجهت للاهتمام بالملفات الفنية والمتخصصة بالمرأة بالكتابة في مواقع ليالينا، وتاجك، كما مررت بمحطات مؤثرة في مواقع وجرائد أعتز بها، رغم قصر وقت التجربة مثل الجريدة الكويتية، وموقع مصر 360 وموقع الرئيس نيوز، وموقع المنصة، هذا بجانب العمل في موقع أخبار ميتر المتخصص في تدقيق المعلومات وسط الكم الهائل من الأخبار المغلوطة والشائعات وسط زحمة التريند”. 

أحلام لا تنتهي

رغم الإحباطات، لا تزال ليلى ترى في الصحافة مهنة سامية ومؤثرة. تطمح إلى الاستمرار في تطوير أدواتها، سواء في الصحافة التقليدية أو الجديدة. هدفها الأساسي هو تحقيق الاستقرار المجتمعي، وتمكين الناس من الحصول على حقهم في المعرفة، وكشف الشائعات، وتسليط الضوء على القضايا التي تمس حياتهم اليومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى