من الفلسفة إلى الإعلام.. رحلة الصحفية فيولا فهمي لإعلاء قضايا العدالة والمساواة
من الفلسفة إلى الإعلام.. رحلة الصحفية فيولا فهمي لإعلاء قضايا العدالة والمساواة
تخرجت من قسم الفلسفة بكلية الآداب، جامعة عين شمس، حاملة معها شغفًا دفينًا بالمعرفة والنقد، ثم سعت بخطى واثقة إلى دراسة دبلوم المفاوضات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة القاهرة. لم تتوقف عند ذلك، بل واصلت دراستها الأكاديمية في الإعلام، حيث حصلت على دبلوم وتمهيدي ماجستير من معهد البحوث والدراسات العربية، وهي الآن باحثة ماجستير في الإعلام.
البداية.. شغف يُولد من رحم الكلمات
نشأت فيولا في أسرة ترى القراءة جزءًا من الروتين اليومي، حيث كانت الجرائد الضيف الصباحي الدائم والقصص والروايات تُمنح على سبيل الهدايا الثمينة كـمكافأة للالتزام أو النجاح الدراسي، وهذه العوامل ساهمت في تشكيل الحلم الأول بالمرحلة الإعدادية وهو العمل في الصحافة واستمر هذا الحلم دون تغيير حتى تدربت في مجلة “الشباب” بالأهرام في العام الثاني من الدراسة الجامعية، ولذلك فالعمل بالصحافة لم يكن مفاجئًا أو مستغربًا على الأسرة، والتي لعبت دورًا حيويًا ومشجعًا على مواجهة التحديات المهنية اليومية، تمثلت حينها في العمل لعدد ساعات طويلة وتحت ضغوط مختلفة، وهذا الدور ساهم في الشعور بالأمان والاستقرار النفسي والقدرة على الاستمرار.
البداية المهنية.. خطوات على طريق شاق
بدأت رحلتها الصحفية بالتدريب في جريدة “وطني” الأسبوعية أثناء سنواتها الجامعية الأولى، حيث تفوقت ضمن أوائل الدفعة الأولى بمركز التدريب الصحفي. تولت لاحقًا منصب مساعد رئيس القسم السياسي بالمركز، وأسهمت في إعداد برامج تدريبية للصحفيين/ات الجدد، مع التركيز على التفكير النقدي والإبداع.
في عام 2005، كانت ضمن فريق مكون من 9 صحفيين/ات أسسوا موقع “Copts United”، وهو أول منصة إخبارية تناقش قضايا الأقليات الدينية في مصر والمنطقة العربية. منذ ذلك الحين، عملت في مؤسسات صحفية مرموقة مثل صحيفة “الأهالي”، وجريدة “المال” حيث شغلت منصب نائب رئيس القسم السياسي، ومنصة “أصوات مصرية” التابعة لتومسون رويترز كرئيسة لقسم التحقيقات. كما عملت في وكالة “الأناضول” ومسؤولة قسم اتجاهات في “Jusoor Post”.
قضايا حقوقية وإنجازات مهنية
اختارت الصحفية فيولا التركيز على القضايا الشائكة؛ بدءًا من قضايا المواطنة والنزاعات الطائفية إلى التمييز ضد النساء والعنف الأسري. كانت تغطية حادث تفجير الكنيسة البطرسية عام 2016 ونزوح الأسر المسيحية من شمال سيناء عام 2017 من بين التجارب الأكثر قسوة.
حققت نجاحًا كبيرًا عندما فازت بالجائزة الثالثة لأفضل تحقيق استقصائي ضمن شبكة “أريج” عن تحقيق “حُكم القوي”، الذي فضح ظلم الجلسات العرفية في حل النزاعات الطائفية بمصر، تقول في حديثها للمرصد: “التحقيق سلط الضوء على الجلسات العرفية التي تتُشكل لإنهاء المنازعات والاحتقانات الدينية بين مسلمين ومسيحيين بعيدًا عن ساحات القضاء النظامي بمصر، والتي تقضي معظمها بأحكام جائرة تخالف الدستور المصري والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مثل الإجبار على دفع غرامات مالية، أو التنازل عن الممتلكات والأصول العقارية، والتهجير القسري للفئات المهمشة والأقل عددًا”.
لم تقف فيولا عند هذه المحطة، بل سعت لتوسيع دائرة الفئات التي تتبنى الحديث عنهم مدفوعة بمشاعر المسؤولية والثقة في قلمها، تقول: “من القضايا التي ركزت اهتمامي على ملف الصحفيين المحبوسين، وكثفت جهدي بالتنسيق مع نقابة الصحفيين والتعاون مع تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، لتحسين الأوضاع المعيشية للسجناء، ودمج وتأهيل المفرج عنهم من المحبوسين على ذمة القضايا السياسية، وقضايا الرأي بصفة خاصة، لتقديم الدعم النفسي والصحي لهم ولذويهم، وإعادة تعيين الصحفيين المفرج عنهم في المؤسسات الصحفية”.
طموحات ورسالة أمل
تطمح فيولا إلى إنتاج تحقيقات تسلط الضوء على قضايا المهمشين، بكسر تابوهات مجتمعية، وتأسيس برامج تدريبية تعزز التبادل المهني بين الصحفيين محليًا ودوليًا. كما تسعى إلى تبني “مدونة سلوك” في المؤسسات الصحفية لضبط العلاقات ومكافحة التمييز.
وتختتم حديثها قائلة: “بعد 20 عامًا من العمل في بلاط صاحبة الجلالة أجد أن فكرة توجيه نصائح للأجيال الجديدة في الصحافة أمرًا غير منطقي، لأن هذه المهنة قائمة بالأساس على الحوار وتعزيز التفاهم والتواصل بين الفئات العمرية المختلفة، وتبادل الخبرات والتجارب والمعارف بين الأجيال، خاصة وأن الصحافة مهنة شديدة الديناميكية والتطور وتستحق أن يبذل العاملون/ات بها جهودًا لبناء مستقبل مهني مستدام”.